تعرف على أشهر مواد البناء المستدامة

بالتأكيد سبق ورأيت منازل مصنوعةً من القش، أو الفلين، أو غيرها من المواد الغريبة في قصص الأطفال. لكنك ربما ستستغرب إذ قلنا لك أن هذه المنازل قد تكون مستدامةً، ومريحةً، وتمتلك خصائص حراريةً، وسمعيةً، وهيكليةً جيدةً. حيث تعتبر مواد بناء مستدامة ذات تأثير إيجابي على البيئة، فدعونا نتعرّف سويًا على أشهر مواد البناء المستدامة حول العالم.

دور مواد البناء التقليدية في العمارة المستدامة

تطوّر شكل العمارة بشكل مستقلّ في كل قارّة من العالم. فمثلًا، تشير الأدلّة الأثرية أن أوّل مدينة حضرية في بلاد الرافدين استخدمت الطين لبناء مساكن متواضعة، من ثم استخدمت القرميد المشوي، وسرعان ما تطوّر أسلوب البناء في المنطقة. ومع استمرار نمو المدن وتقدّمها عانت أساليب البناء التقليدية، وانخفضت تدريجيًا بينما ازدهرت المواد الصناعية. لكن أثارت أزمة المناخ، والاحتباس الحراري اهتمامًا متجدّدًا بمواد البناء التقليدية والمستدامة بين المهندسين. إذ تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الاستدامة البيئية العالمية.[1]

اللبن

يعتبر اللبن من أقدم وأشهر مواد البناء المستدامة في العالم، كونه مادةً يسهل الحصول عليها. واعتبره المعماري حسن فتحي الحل لتحسين ظروف فقراء الريف في مصر إذ يتطلّب القليل من المعالجة الصناعية، أو النقل مما يسمح بتوفير الطاقة والموارد. كما يمكن تجفيفه تحت الشمس بدلًا من حرقه في أفران، من ثم نستطيع إعادة تدويره بسهولة. إضافةً إلى ذلك، يمتلك اللبن خصائص حراريةً ممتازةً في المناخات الجافة. أثّرت هياكل فتحي الطينية على العمارة حول العالم، وانتشرت مبادئه في جميع أنحاء أفريقيا، والشرق الأوسط، ونيومكسيكو، وفرنسا.[1]

نموذج بناء طيني من تصميم حسن فتحي.

حزم القش

يصنع القش من بقايا إنتاج الحبوب عادةً القمح، أو الأرز، أو الشعير، وبعد حصاد الجزء الصالح للأكل من الحبوب تلقى السيقان في النهاية، أو تحرق في أغلب الأحيان. لكن بدلًا من تبديدها يمكن ضغط السيقان، وتكديسها، واستخدامها كحشوات أو حتى جدران ذاتية الدعم في تقنية تعرف بأسلوب نبراسكا. والتي استخدمت على نطاق واسع في القرن ال19 في سهول ولاية نبراسكا الأميركية. [2]

منزل مستدام مبني من القش.

من الشائع استخدام القش كمادة عزل إلى جانب المواد الإنشائية الأخرى عوضًا عن استخدامه بمفرده. ولأنه يتكوّن أساسًا من الهواء فهو يوفّر عزلًا حراريًا ممتازًا. ويقدّر أن بيتًا مصنوعًا من القش يوفّر نحو 75% من تكاليف التدفئة والتبريد. لكن يرافق البناء بالقش مشكلتين رئيسيتين وهما الرطوبة، والعفن. فإذا تعرّض القش للماء يمكن أن يمتصّه ويتمدّد حتى يسبّب شقوقًا في الجدار. نتيجةً لذلك يجب ألا يتّصل القش مباشرةً مع رطوبة الأرض، ولتجنُّب ذلك يجب رفعه عن الأرض 20 سم على الأقلّ.[2]

منزل مستدام مبني من القش.

عندما تتهالك مباني القش وتحتاج إلى هدم تتحلل في التربة دون مشاكل كونها قابلةً للتحلّل بنسبة 100%. لكن من المهم توافرها محلّيًا، إذ تعتبر أكثر ملاءمةً للمناطق الريفية ولا سيما تلك القريبة من مزارع الحبوب.[2]

الخيزران

ينمو الخيزران بوفرة في الغابات الاستوائية المطيرة. واستعمل سابقًا في البيوت التقليدية لكنه أصبح بعد العصر الصناعي في تصوّر الأفراد مادة بناء عفا عليها الزمن. إلا أنه ظهر كمادة بناء مستدامة بعد قضايا الاحتباس الحراري، وازدادت شعبيته بين المعماريين لأنه متجدد وسريع النمو، فيمكن حصاده ما بين 3-4 سنوات. كذلك نستطيع الاستفادة منه بعدّة طرق مثل بناء الأرضيات، والجدران، والأسقف. ويعد مقاومًا للآفات، والرطوبة، وهو خفيف الوزن كما يمكن معالجته لزيادة قوته ومتانته.[3]

على خلاف الشائع، يمكن تقديم هياكل لم يسبق لها مثيل بواسطة الخيزران، مثل الحل الذي قدّمته شركة IBUKU. فبنت قوس في حرم المدرسة الخضراء في إندونيسيا صنع قفزةً في العمارة العضوية، وأصبح مرجعًا في الهياكل خفيفة الوزن.[4]

القوس في حرم المدرسة الخضراء في إندونيسيا.

يعدّ القوس الأوّل من نوعه على الإطلاق، ويتكوّن من سلسلة أقواس من الخيزران المتقاطعة بطول 14م والتي تمتدّ على 19م. وتتداخل مع بعضها بواسطة قشرة شبكية مضادّة للتحلّل، والتي تستمد قوتها من الانحناء في اتّجاهين متعاكسين. يخلق القوس مساحةً كبيرةً مع الحدّ الأدنى من الهيكل، مما يشكّل صالة ألعاب استثنائيةً للمدرسة.[4]

صوف الخراف Sheep’s wool

يعد صوف الخراف مادةً طبيعيةً، ومستدامةً، ومتعددة الاستعمالات، ويمكن الاستفادة منه في مجال مواد البناء. إذ لا تُحدث الألياف الصوفية أي خطر على صحة الإنسان. وينمو الصوف باستمرار، ويلزم قصّه على الأقل مرّةً واحدةً في السنة.[5]

أجرى الخبراء دراسات على صوف الخراف لاستعماله كمادة عزل، وبيّنت النتائج أن العزل الحراري المصنوع من صوف الأغنام يوفّر خصائص مماثلةً للعزل المصنوع من المواد التقليدية، بل ويؤدي أداءً أفضل من بعض المواد. ويتميّز الصوف بقدرته على امتصاص الرطوبة دون خفض الأداء الحراري مما يجعله مادة عزل مثالية. ويقلّل كذلك مستوى الضوضاء، ولا يدعم الاحتراق إذ ينطفئ في حالة نشوب حريق. ويبدو أن استخدام صوف الخراف مع موارد متجدّدة أخرى هو أحسن حل بديل لخفض الاحتياجات الأوّلية من الطاقة لمبنى ما، بالتالي تلبية متطلّبات كفاءة الطاقة، والاستدامة.[5]

خرسانة نبات القنب

يعتبر نبات القنب سهلًا وسريع النمو، ويتطلّب كمّيةً أقل من المياه، والمبيدات الحشرية، والأسمدة مقارنةً مع محاصيل أخرى. يشاع استخدامه كمخدرات، لكنه قد يدخل في صناعات عديدة أخرى كالأدوية، ومنتجات التجميل العضوية، والملابس، وحتى الخرسانة .و«خرسانة القنب-Hempcrete» هي خرسانة ركام حيوي، تُخلط فيها قطع صغيرة من خشب نبات القنب مع الجير، أو الأسمنت الطيني، والماء للحصول على معجون سميك. والذي يتجمّد بدوره، ويخلق مادة بناء متينةً وصديقةً للبيئة.[6]

شكل خرسانة القنب Hempcrete.

تتميّز خرسانة القنب بوزنها الخفيف، ويمكن صبّها إما في الموقع، أو تصنيعها مسبقًا في المعامل، وبمجرد صبها تحتاج معالجتها إلى كمّية مياه أقلّ بكثير من الأسمنت التقليدي. كما تمتلك خصائص عزل حراري فعّال، وتقاوم العفن والآفات.[6]

استخدام خرسانة القنب Hempcrete في البناء المستدام.

يحدث التباس لدى الناس بسبب ارتباط نبات القنب بالماريجوانا، والمخدرات، ويتساءل الكثيرون حول ما سيحدث في حال اشتعال خرسانة القنب. بخلاف ما قد تتخيلون، أظهرت الاختبارات سلوكًا ممتازًا للمادة ضدّ النار. على سبيل المثال؛ وُثّق اختبار في أستراليا لمحاكاة هجمات الجمر خلال حرائق الغابات -التي تحدث كثيرًا في المنطقة- ولم يلاحظ أي ضرر على جدران الخرسانة القنب والتي يبلغ سمكها 20 سم عندما تعرّضت للهب يبلغ ارتفاعه 60سم ويحترق مباشرةً أمام الجدار لمدة 60 دقيقةً. وتشير البيانات إلى إمكانية زيادة مقاومة الحريق إلى 90 أو 120 دقيقة عند إحداث تغييرات في المواصفات. بالرغم من ذلك، لا يزال القنب نباتًا موصومًا بالعار في العديد من المجتمعات، وتحيط به العديد من التحديات كالقوانين والرقابة مما يفرض قيودًا على زراعته ومعالجته.[7]

أسمنت الحديد Ferrock

يطلق مقابل صناعة كل طن من الأسمنت أكثر، أو أقلّ من 8 أطنان من ثاني أكسيد الكربون نتيجةً لذلك يدرس الخبراء صناعة أسمنت بوسائل مستدامة. ويجري اليوم تطوير مادة تدعى «فيروك-Ferrock» كبديل للأسمنت، ويعد غبار الحديد العنصر الرئيسي لصناعة الفيروك. وهو نفايات مطحون الحديد التي تذهب عادةً إلى مكبّ النفايات من دون إعادة تدويرها، لأن عملية استعادة الحديد من المسحوق غير اقتصادية ومكلّفة إلى حدّ ما. ويتفاعل غبار الحديد مع ثاني أكسيد الكربون، والصدأ مما يخلق مصفوفة كربونات الحديد، والتي تجفّ لتصبح الفيروك. يستخدم أيضًا مواد مثل الميتاكوالين، والحجر الجيري، والرماد المتطاير مع غبار الحديد من أجل الربط المناسب.[8]

تظهر التجارب أن عيّنات الفيروك المعالجة هي سلبية الكربون، على عكس الأسمنت البورتلاندي الذي يعد مصدرًا رئيسيًا لتلوث الهواء. كما أظهرت التجارب على خرسانة الفيروك نسبًا جيدةً لمقاومة الانضغاط، والشد، والثني عند مقارنتها مع الخرسانة التقليدية. ويمكن الاستفادة منها في تطبيقات مماثلة للخرسانة التقليدية، أي في المباني، والجسور. كما تعتبر مفيدةً جدًا في المواقع الصناعية الملوثة.[8]

الفلين

«الفلين-Cork» هو لحاء شجرة البلوط الخارجي، ويتكون من طبقات من خلايا صغيرة غير منتظمة الشكل مغلّفة بالشمع. ينمو شجر البلوط بكثرة في البرتغال، وإسبانيا، ويبلغ طوله حوالي 18م. ونحصل على الفلين بإزالة اللحاء الخارجي للشجرة فهو لا يلعب دورًا مهمًا في بقاء الشجرة، بل يحميها فقط من الحر والرياح الجافة في فصل الصيف. من ثم يصنع اللحاء الداخلي نسيجًا جديدًا، فيتشكّل 2.5-5 سم من غمد جديد في فترة بين 3-10 سنوات. بسبب ذلك يعد الفلين مادةً مستدامةً. ويستمدّ الفلين تفرٌده بفضل تركيبة خلاياه المملوءة بالهواء، فكل خلية تعمل كحجرة مرنة مانعة للماء. وتشكّل الخلايا وسيطًا عازلًا فعّالًا للغازات والسوائل، إضافةً إلى عزلها للحرارة، والصوت، والاهتزازات. ويعد الفلين بين المواد الأخفّ وزنًا حيث لا يزيد ثقله عن خمس ثقل الماء.[9][10]

Cork study في لندن.

يستخدم الفلين في تطبيقات متعددة، لعل أشهرها سدادات زجاجات النبيذ والمشروبات الكحولية. لكنه يدخل في المجال الإنشائي كذلك مثل تغطية الأرضيات المصنوعة من خلال ربط جزيئات الفلين مع روابط مختلفة. ويدخل أيضًا في العزل الصوتي أو عزل الاهتزازات فيستعمل بكثرة في استديوهات التسجيل، وغرف الآلات. ويدرس الخبراء إدخال حبيبات الفلين في صناعة الأسمنت لبناء سقائف خفيفة الوزن، وبيّنت نتائج الدراسات قدرة الفلين على خفض الضجيج الناتج عن الارتطام. يدرس كذلك الخبراء استخدام جزيئات الفلين لزيادة الخواص الميكانيكية لمادة الإيبوكسي اللاصقة. والتي تعمل على منع انتشار الشقوق، ويمكن الاستفادة منها في عمليات الترميم غير الهيكلية.[10]

بالطبع لم ننته من ذكر أشهر مواد البناء المستدامة لكثرتها، فيوجد الخشب، والكتّان، والقصب، والقرميد، وغيرها الكثير أيضًا. وأنت أي المواد تفضّلها أكثر لبناء منزلك؟

المصادر

  1. Archdaily
  2. Archdaily
  3. environment behaviour proceedings journal
  4. Archdaily
  5. MDPI
  6. Archdaily
  7. Archdaily
  8. Research Gate
  9. Britannica
  10. National library of medicine

ما هي فوائد العمارة الخضراء؟

تزداد شعبية العمارة الخضراء بين المعماريين شيئًا فشيئًا، فصمم البعض مبانٍ تُغطّيها النباتات تمامًا. ويقع أحد هذه المباني في مدينة ميلانو الإيطالية، ويدعى الغابة العمودية. ويتكوّن من برجين بطول 80، و112 م، ويحتويان على 780 شجرة بمختلف الأحجام، و11 ألف نبتة معمرة ونباتات تغطية، إضافةً إلى 5 آلاف شجيرة. إلى جانب الفوائد البيئية يعزّز البرجان التفاعل الاجتماعي بين السكان، وتعد الغابة العمودية معلمًا دائم التطوّر، والذي تتغير ألوانه اعتمادًا على الموسم، والطبيعة المختلفة للنباتات المستخدمة.[1] فما الفوائد البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية التي ترافق العمارة الخضراء؟

أهمية العمارة الخضراء للمدن

مع ازدياد توسّع المدن تصبح التنمية الحضرية المستدامة أداةً متزايدة الأهمية لمواجهة الآثار الضارّة للزحف الحضري العشوائي. وهنا يأتي دور العمارة الخضراء التي تدمج المواد المستدامة، وأنظمة كفاءة الطاقة، والمساحات الخضراء. من أجل تحويل البيئات الحضرية إلى أماكن أكثر جاذبيةً، وصحيةً، ومرغوبةً للعيش فيها، فضلًا عن الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي توفرها.[2]

مبنى الغابة العمودية في مدينة ميلانو الإيطالية.

الفوائد البيئية للعمارة الخضراء

تقليل استهلاك الطاقة

تُصمم المباني الخضراء لتكون موفرةً للطاقة، مما يعني أنها تستهلك طاقةً أقل للتدفئة، والتبريد، والإضاءة. ويتحقّق ذلك من خلال مجموعة متنوّعة من خطط التصميم مثل تصميم المبنى وفقًا لطبيعة منطقته المناخية وتوجيهه بالشكل الأمثل للاستفادة بأقصى حد من الطاقة الشمسية في فصل الشتاء، والتقليل منها في فصل الصيف ويمكن استعمال الكاسرات الشمسية لهذا الغرض. عندما نقلّل من كمية الطاقة اللازمة لتشغيل المبنى تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وينعكس ذلك بدوره على مشكلة التغيُّر المناخي.[3] والكاسرات الشمسية هي ألواح خارجية ثابتة أو متحرّكة تتوضّع بشكل رأسي أو أفقي، وتوضع على فتحات المبنى (الأبواب، والنوافذ) لتسمح بدخول أشعة الشمس في الشتاء، وتمنعها من الدخول في الصيف.

مبنى The Selcuk Ecza Headquarters في تركيا، وتظهر على الواجهة الكاسرات الشمسية.
مبنى The Selcuk Ecza Headquarters من الداخل.

الحفاظ على الماء

تعزّز العمارة الخضراء ممارسات الإدارة المستدامة للمياه وتستخدم عدّة طرق للحفاظ على الموارد المائية ومنها:

  • تجميع مياه الأمطار، غالبًا ما تتضمّن المباني الخضراء أنظمةً لجمع وتخزين مياه الأمطار لاستخدامها لاحقًا. وقد تشمل براميل المطر، وخزّانات، أو حتى خزّانات تحت الأرض. ويمكن الاستفادة من المياه التي جمعت للريّ، أو لتصريف المراحيض، أو غيرها من الاستعمالات غير الصالحة للشرب.[4][5]
  • تركيبات منخفضة التدفّق، وتشمل المراحيض، والصنابير، ورؤوس الدش التي تستخدم كمّية مياه أقلّ من التركيبات العادية بينما لا تزال توفّر أداءً مناسبًا. [6]
  • إعادة تدوير المياه الرمادية، المياه الرمادية هي مياه الصرف الصحي القادم من مصادر نظيفة مثل الأحواض، والحمامات، والغسالات. والتي يمكن معالجتها وإعادة استخدامها لأغراض غير صالحة للشرب كالري.[4][5]
  • النباتات الخضراء المحلّية، يمكن اعتماد نباتات تتحمّل الجفاف، أو تنمو طبيعيًا في الموقع فتتكيّف مع المناخ المحلي، للتقليل من استهلاك الماء.[5]

تساعد العمارة الخضراء على الحد من الضغط على إمدادات مياه البلدية، وتعتبر هذه الميزة مهمةً على نحو خاص في المناطق التي تعاني ندرة الماء أو الجفاف.[4][5]

تحسين جودة الهواء

يتلوث الهواء داخل المباني من بقايا مواد البناء، والتشطيبات النهائية، والمفروشات. نتيجةً لذلك قد يقلّل البناء بواسطة المواد المتجدّدة من كمية الملوثات المنتشرة في الهواء. كما تساعد التهوية الطبيعية على تحسين نوعية الهواء الداخلي عن طريق جلب الهواء النقي باستمرار.[7]

إضافةً إلى ذلك، يمكن للجدران الخضراء المساعدة على الحد من مستويات ثاني أكسيد الكربون داخل الفراغات. وتساعد النباتات الداخلية في تنقية الهواء الداخلي في نفس الوقت.[8]

تقليل النفايات

تهدف العمارة الخضراء إلى الحد من النفايات عن طريق تصميم المنشآت التي تنتج كميات أقلّ من النفايات أثناء البناء والتشغيل. يمكن تحقيق ذلك باستعمال مكوّنات مسبقة الصنع، أو جعل المكوّنات قابلةً للتفكيك، واستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، لإعادة استخدامها بسهولة في المستقبل. وتسعى كذلك إلى استعمال الموارد بكفاءة من خلال تقليل كمية المواد المستخدمة في البناء، واستخدام المواد المعاد تدويرها أو المتجددة مثل الأسمنت الصالح للأكل.[9]

الفوائد الاقتصادية للعمارة الخضراء

خفض التكاليف

تدمج العمارة الخضراء التقنيات والمواد الموفّرة للطاقة نتيجةً لذلك يقل استهلاك الطاقة، بالتالي تنخفض التكاليف، والفواتير مع مرور الوقت. وتتضمن المباني الخضراء في كثير من الأحيان مصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، أو توربينات الرياح، مما يقلّل أو يلغي الحاجة إلى الكهرباء التي توفّرها الحكومة. علاوةً على ذلك، يعتمد البناء الأخضر على الموارد المستدامة مثل الصلب المعاد تدويره، والخيزران والتي غالبًا ما تكون أرخص من مواد البناء الأخرى فيؤدي ذلك إلى انخفاض التكلفة عمومًا.[9]

تقدّم العديد من الحكومات حوافزَ ضريبيةً للبناء الأخضر مما قد يساعد على تعويض التكلفة الأوّلية للبناء. وقد تشمل الحوافز الإعفاءات الضريبية، والخصومات، والمنح مثل بعض الولايات الأمريكية. [10]

زيادة قيمة العقار

تجذب المباني الخضراء المشترين، والمستأجرين مما يزيد قيمتها في سوق العقارات، وذلك لأنها توفر المال من تكاليف الكهرباء والماء، وتعتمد نظام تهوية وإنارة فعّال وصديق للبيئة. فيتشكّل بسبب ذلك نظام معيشة، أو بيئة عمل أكثر صحّةً، وراحةً.[11]

تمتلك العقارات الموجودة بالقرب من الحدائق أو المساحات الخضراء قيم ملكية أعلى من غيرها من العقارات. على سبيل المثال؛ وجدت دراسة في بكين أن قيم العقارات السكنية الواقعة على بعد (850-1604)م من الحدائق حقّقت زيادةً بنسبة (0.5-14.1)% في أسعار المبيعات.[11]

فرص عمل جديدة

قد تخلق العمارة الخضراء وظائف جديدةً لأنها مجال متنامٍ، يتطلّب مهارات متخصّصةً. إذ يستخدم روّاد الأعمال المهتمّون بالاستدامة خططًا مختلفةً، وحديثةً لدفع العمارة الخضراء في صناعة البناء مما قد يخلق فرص عمل جديدة.[12]

الفوائد الاجتماعية للعمارة الخضراء

تحسين الصحة والرفاهية

تحسن العمارة الخضراء بشكل عام جودة البيئة الداخلية مثلما ذكرنا سابقًا. ويعد الحفاظ على العلاقة مع الطبيعة أمرًا أساسيًا لصحة الإنسان ورفاهيته. إذ قد تكون المساحات الخضراء، والزرقاء مصدرًا للترفيه، والاسترخاء في المجتمع. لذلك تمتلك المباني الخضراء تأثيرًا مهدّئًا على شاغليها، وتقلّل مستوى الإجهاد لديهم. فتتحسن بسبب ذلك الصحّة النفسية للسكّان.[2]

تهتمّ العمارة المستدامة بمواد البناء غير السامّة، وتسعى للحد من التعرّض للمواد الكيميائية الضارّة. فينعكس ذلك على الصحة العامة للأفراد، ويقلّل خطر الإصابة بالأمراض. كما تشجّع المباني الخضراء النشاط البدني من خلال دمج ميّزات مثل السلالم، ومسارات المشي. فيؤدي ذلك إلى تقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل السمنة المفرطة، وأمراض القلب.[2]

زيادة إنتاجية العمل

تنعكس فوائد العمارة الخضراء، والمستدامة على الموظفين بشكل كبير. بحثت دراسة في آثار تحسين جودة البيئة الداخلية IEQ على الصحة الجسدية والإنتاجية لدى شاغلي المباني الذين انتقلوا من المباني المكتبية التقليدية إلى المباني الخضراء. ووجدت الدراسة أن تحسين جودة البيئة الداخلية ساهم في خفض غياب الموظّفين، وتقليل ساعات العمل المتضرّرة من الربو، والحساسية التنفسية، والاكتئاب، والإجهاد. وأظهرت الدراسة تطوّر جو العمل، وزيادة إنتاجية الأفراد.[13]

فوائد مجتمعية

تساعد الأسطح والجدران الخضراء على الحد من تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية. والتي تحدث عندما تصبح المناطق الحضرية أكثر دفئًا بشكل ملحوظ من المناطق الريفية المحيطة بها، بسبب امتصاص واحتفاظ المباني والأرصفة بالحرارة. وهنا يأتي دور العناصر الخضراء في خفض الآثار السلبية للجزيرة الحرارية الحضرية من خلال توفير الظلّ، وتبريد الهواء. كما توفّر الجدران الخضراء العزل، وتقلّل كمية الحرارة التي تمتصُّها المباني، وتساعد على إدارة مياه الأمطار. وأوضحت دراسة أنواع النباتات، ومعدلات التغطية الفعّالة للسقف الأخضر الأمثل للحد من تأثير الجزر الحرارية الحضرية. وهي 70% من العشب و30% من الأشجار في المناطق المغلقة. و50% من الشجيرات، و50% من الأشجار في المناطق نصف المفتوحة. و70% من العشب مع 30% من الأشجار، أو 30% من العشب مع 70% من الأشجار في المناطق المفتوحة.[14]

إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام العمارة الخضراء كأداة تعليمية لزيادة الوعي حول القضايا البيئية، وتعزيز المعيشة المستدامة من أجل ضمان مستقبل أفضل لأولادنا.

المصادر

  1. Archdaily
  2. Semantic scholar
  3. Semantic scholar
  4. Research Gate
  5. Semantic scholar
  6. national geographic
  7. Semantic scholar
  8. Research Gate
  9. Semantic scholar
  10. SSRN
  11. Research Gate
  12. sage journals
  13. National library of medicine
  14. MDPI
Exit mobile version