نظام الكيتو الغذائي بين الفوائد والأضرار

إنقاص الوزن هو هدف الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد عن المعدل الطبيعي (أو المناسب لهم). لكن إنقاص الوزن ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب عدة أمور هامة مثل إتباع حمية غذائية مناسبة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والالتزام بما سبق. ومن الطبيعي لأي شخص يحاول إنقاص وزنه أن يسعى للوصول إلى ذلك بسرعة كبيرة. من هنا نشأت الحاجة إلى البحث في أنواع الحميات الغذائية (بما أن الطعام الذي نتناوله هو المؤثر رقم واحد) ومحاولة الوصول إلي النظام الأكثر تأثيرًا في عملية إنقاص الوزن. من بين تلك الحِميات الغذائية التى ذاع صيتها وانتشرت بشكل كبير هو نظام الكيتو الغذائي-Ketogenic Diet. النظام الغذائي الذي ابتكره الدكتور الإيطالي جيانفرانكو كابيلو-Gianfranco Cappello أستاذ الجراحة العامة. ويُعرف نظام الكيتو الغذائي بكونه نظامًا غذائيًا مُنخفض الكربوهيدرات، إذ يُنتج الجسم الكيتونات في الكبد لاستخدامها كطاقة. سيتناول هذا المقال نظام الكيتو الغذائي.. فوائده وأضراره.

ما هو مصدرالطاقة في الجسم؟

تُعتبر الكربوهيدرات هي المصدر الرئيسي للطاقة في النظام الغذائي للإنسان، إذ تعمل على تخليق الجليكوجين في الكبد والعضلات وتكوين الدهون الكبدية. بعبارة أبسط، عندما تتناول شيئًا غنيًا بالكربوهيدرات، ينتج جسمك الجلوكوز والأنسولين.

– فالجلوكوز جزئ يسهل على جسمك تحويله واستخدامه كمصدر أولي للطاقة.

– يُنتج الأنسولين لمعالجة الجلوكوز في مجرى الدم.

نظرًا لاستخدام الجلوكوز كطاقة أولية. فلن تكون هناك حاجة للدهون، وبالتالي يقوم الجسم بتخزينها.

ما هي الكيتونات؟

عند قراءتك حول موضوع الكيتو، سيقابلك كثيرًا مصطلح الكيتونات، فما هو دورها في عملية إنقاص الوزن؟

الكيتونات هي مواد كيميائية (أحماض) يُصنعها الكبد. حيث ينتج الكيتونات عندما لا يكون لديك ما يكفي من الأنسولين في جسمك لتحويل السكر (الجلوكوز) إلى طاقة. وتلعب الكيتونات دورًا أساسيًا في إنقاص الوزن عن طريق إتباع نظام الكيتو الغذائي، إذ يُجبر هذا النظام الجسم على الاعتماد على الكيتونات كمصدر للطاقة بديلاً عن الكربوهيدرات. فيحول الكبد هذه الدهون إلى كيتونات تُطلق في الدم. يمكن للعضلات والأنسجة الأخرى استخدامها كوقود.

كيف يعمل نظام الكيتو الغذائي ؟

كما ذكرنا، يهدف هذا النظام الغذائي إلى إجبار جسمك على استخدام نوع مختلف من الوقود. إذ يعتمد هذا النظام على أجسام الكيتون الناتجة عن الدهون المُخزنة. يُعتبر النظام الكيتوني غني بالدهون، مع بروتين معتدل والقليل جدًا من الكربوهيدرات. وهو يختلف عن توصيات الغذاء والتغذية العامة. فالعديد من الأطعمة الغنية بالمُغذيات التي تمد الجسم بالطاقة هي مصادر الكربوهيدرات. بما في ذلك الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والحليب والزبادي. في نظام الكيتو الغذائي يُقَيَد استهلاك الجسم بشدة من الكربوهيدرات من جميع مصادرها. بهدف ألا يزيد استهلاك الجسم للكربوهيدرات عن 25 جرامًا يوميًا.

فهناك مِن مُتبعي نظام الكيتو الغذائي مَن يمتنع تمامًا عن استهلاك الخُبز أو الحبوب. وهناك من يقلل (حد الامتناع) تناول الفواكه والخضروات لإنها أيضًا تحتوي على الكربوهيدرات. كما ترى، بالنسبة لبعض الناس يحتاج نظام الكيتو الغذائي إلى إجراء تغييرات كبيرة في نمط الأكل وعاداته.

هل من السهل إجبار الكبد على تصنيع الكيتونات؟

يبدو أن الفكرة رائعة, لكن هل من السهل إجبار الكبد على تصنيع الكيتونات؟ عليك أن تعلم أن الدخول في هذه الحالة ليس أمرًا سهلاُ، يتطلب الأمر أن تحرم نفسك من الكربوهيدرات -تحصل على أقل من 20 جرام يوميًا- لك أن تتخيل أن ثمرة الموز متوسطة الحجم تحتوي على 27 جرامًا من الكربوهيدرات! كما عليك أن تعلم أنه عادةً ما يستغرق الأمر بضعة أيام للوصول إلى حالة الدخول في الكيتوزية (النظام الكيتوني) كما عليك أن تدرك أن هناك العديد من الأطعمة التى يمكن أن تتداخل مع النظام الكيتوني فتُفسده.

ما هي الحالة الكيتونية؟

الحالة الكيتونية هي حالة تكيف أيضي يسمح للجسم باستمرار نشاطه وبقائه على قيد الحياة خلال فترة الحرمان من مصدر الطاقة الرئيسي. بالاستعاضة عنه بمصدر آخر موجود.

وللوصول لتلك الحالة، يتطلب النظام الغذائي تناول 75بالمائة من السعرات الحرارية من الدهون (مقارنة بنسبة 20-35 بالمائة في الطبيعي). كما يتطلب 5 بالمئة من السعرات الحرارية من الكربوهيدرات ما يعادل حوالي 20-50 جرامًا يوميًا. و15 بالمئة من البروتينات. ويستغرق الأمر حوالي 72 ساعة حتى تبدأ الحالة الكيتونية.

تقول راشيل كلاينمان- Rachel Kleinman أخصائي التغذية السريرية:

” إنه نظام غذائي كليًا، أو لا شئ”

Rachel Kleinman

ما هي أبرز أعراض الدخول في نظام الكيتو الغذائي؟

يُمكن لمُتبعي هذا النظام معرفة ما إن أصبحوا في الحالة الكيتونية أم لا عن طريق البول أو شرائط الدم، لكن لتكلفتها العالية هناك قائمة قصيرة ببعض أشهر الأعراض الجسدية التى يراقبها الناس في أنفسهم والتي تُتيح لهم معرفة ما إذا كانوا على الطريق الصحيح، مثل :

 – زيادة التبول للمبتدئين، بسبب زيادة إفراز الكيتونات في الجسم.

 – جفاف الفم، عادةً ما يؤدي زيادة التبول إلى جفاف الفم وزيادة العطش. فيراعي الأشخاص مُتبعي هذا النظام الغذائي الحفاظ على الإلكتروليتات في الجسم (الملح والبوتاسيوم والماغنسيوم)

– رائحة الفم الكريهة، ذلك بسبب اطلاق الأسيتون وظهور رائحة مثل الفاكهة الناضجة أو مزيل طلاء الأظافر. عادةً ما تكون مؤقتة وتختفي على المدى البعيد.

– تقليل الجوع وزيادة الطاقة، بعد أن تتخطى ما يُسمى بـ “إنفلونزا الكيتو” ستشعر بمستوى جوع أقل بكثير، وحالة ذهنية نشطة.

ما هي إنفلونزا الكيتو؟

يمر المبتدئون في نظام الكيتو الغذائي بحالة تُسمى” إنفلونزا الكيتو” وهي عبارة عن مجموعة أعراض قد تظهر بعد يومين إلى سبعة أيام من بدء النظام الغذائي. تشمل الصداع، ضبابية التركيز، التعب، التهيج، الغثيان، صعوبة النوم، يصطحب كل ذلك بعض أعراض الدخول في حالة الكيتو السابق ذكرها.

لكن، ما الذي يسبب إنفلونزا الكيتو؟ هل يرتبط بعامل التخلص من السموم؟ أم هو بسبب انسحاب الكربوهيدرات؟ هل مجرد رد فعل مناعي؟ السبب الصريح غير معروف. لكن مهما كان السبب، يبدو أن الأعراض المنسوبة إلى إنفلونزا الكيتو قد تحدث، فقد تظهر الأعراض غير المرغوبة في الأيام القليلة الأولى بعد تغيير ما تأكله، لنسبة كبيرة من الحالات لكن ليس كلها.

هل يُعتبر نظام الكيتو الغذائي آمنًا ؟

أشارت أخصائية التغذية الصحية ماري كوندون-Mary Condon أن نظام الكيتو الغذائي قد يؤدي إلى فقدان الوزن وخفض نسبة السكر في الدم. وعلى الرغم من أنه حل سريع جدًا مع بعض الحالات، إلا أن الحالات تعود في كثير من الأحيان لزيادة الوزن. واكتساب أكثر مما فقدته.

كما يمكن أن يتسبب نظام الكيتو الغذائي في انخفاض ضغط الدم وحصوات الكلى والإمساك ونقص بعض العناصر الغذائية الهامة. كما يزيد من معدل الإصابة بأمراض القلب.

يمكن للأنظمة الغذائية الصارمة مثل الكيتوجينيك أن تتسبب أيضًا في العزلة الاجتماعية أو اضطراب الأكل. فهذا النظام الغذائي ليس آمنا لمن يعانون من أي اضطرابات أو عِلل في البنكرياس أو الكبد أو الغدة الدرقية أو المرارة.

فالثابت هنا، أنه إذا لم تكن مُصابًا بمرض السكري, فلن تصبح هذه العملية مشكلة. ولكن إذا كنت مُصابًا بداء السكري، واتبعت نظام الكيتو الغذائي دون رقابة طبية أو متخصصة -بكل الحرص- ، فمن الممكن أن تتراكم الكثير من الكيتونات في الدم! مما يُشكل ذلك خطرًا قد يُهدد حياتك.

مشاهير وتجاربهم مع نظام الكيتو الغذائي

سواء تحبهم أم لا، فلا أحد يستطيع إنكار دور المشاهير من الممثلين والمغنيين وعارضين الأزياء في توجيه الناس نحو أي شئ، عندما تُفضل إحداهن ذات القوام الممشوق والجسد المعتدل نظامًا غذائيًا بعينه، لا شك من أنه سيكون هناك فئة كبيرة من الشباب والشابات ستتبع ذلك النظام، والعكس.

أما عن علاقة المشاهير بنظام الكيتو الغذائي، فنجد:

هالي بيري-Halle Berry

الممثلة هالي بيري البالغة من العمر55 عامًا، تُبهر متابعيها دائمًا ببنيتها البدنية المُذهلة وبشرتها الشابة المشرقة. تُشير هالي دائمًا إلى تدريبات اللياقة البدنية المُفضلة لديها، بالإضافة إلى انتظامها على نظام الكيتو الغذائي، مُشيرة إلى أنها تتبعه لإدارة الوزن وكذلك لإدراة مرض السكري. الذي شُخصت به في سن الثانية والعشرين من عمرها. مشددة على أن نظام الكيتو أسلوب حياة. فهو تغيير في نمط الحياة وليس مجرد نظامًا غذائيًا. فمن خلاله تستطيع فقدان الوزن، والتحكم في الشهية، والحصول على المزيد من الطاقة، وتحسين الأداء العقلي. وتعتقد أيضًا أنه كان المسئول إلى حد كبير عن إبطاء عملية الشيخوخة.

كيم كارداشيان-Kim Kardashian

تتبع الممثلة والعارضة الأزياء الأمريكية كيم كارداشيان ذات ال41 ربيعًا، نظام الكيتو الغذائي وتنسب إليه الفضل في مساعدتها على خسارة 27 كيلوجرامًا من وزنها بعد أن أنجبت طفلها الثاني.

أدريانا ليما-Adriana Lima

 الممثلة وعارضة الأزياء البرازيلية أدريانا ليما ذات ال 40 عامًا هي أحد أفضل الأوجه الإعلانية لشركات كُبرى مثل فيكتوريا سيكيرت وشركة مايبيلين وشركة BMW  وشركة جيفانشي وشركة دوريتوس وغيرها من الشركات الكبرى العالمية ولفترات طويلة.

أما عن علاقتها بنظام الكيتو الغذائي، فتُشير أدريانا إلى أنها اختارت التخلص من جميع الكربوهيدرات من نظامها لغذائي. إذ زعمت أن هذا النظام الغذائي جعلها تشعر بصحة أفضل، مُضيفة إلى أنها لديها اختصاصي تغذية يتأكد من أنها لا تزال تحصل على جميع العناصر الغذائية الذي يحتاجها جسمها.

أولئك هم بعض الأمثلة من المشاهير ولعل أبرزهم المؤيدين لنظام الكيتو الغذائي.

أما عن أولئك الذين خَيَّب نظام الكيتو الغذائي ظنهم وآمالهم، بل وأضر بوضعهم الصحي، نذكر منهم:

جيليان مايكلز-Jillian Michaels

فقد وصفته المدربة جيليان بأنه يُحفز عملية التمثيل الغذائي عن طريق الكيتونات، لكنه خطير جدًا. ونصحت متابعيها بألا يتجهوا إلى تيار الكيتوجينيك، بل عليهم أن يمارسوا الرياضة ويتناولوا الطعام بشكل متوازن ونظيف، فبكل بساطة، عليهم ألا يأكلوا أكثر من اللازم.

سافانا غوثري- Savannah Guthrie

الإعلامية والصحافية سافانا التي أشارت إلى اتباعها نظام الكيتو الغذائي لمدة سبعة أسابيع لكنه لم يؤد إلى أية نتائج.

ويتني كارسون-Witney Carson

الفنانة الشابة ويتني كارسون محترفة الرقص الأميريكية، بعد أن خاضت تجربة الكيتو الغذائية أشارت إلى أنها فقدت وزنها بالفعل، لكن تدهورت بشرتها وعانت من مشكلات ومضاعفات جلدية سيئة. فتقول أنها تعاني من الأكزيما، وتدهورت حالتها بعد اتباعها نظام الكيتو الغذائي. وأضافت أنها قررت التمسك بالأطعمة الكاملة بشكل متوازن.

 الخلاصة

لا يوجد هناك نظام غذائي واحد يناسب الجميع، فاستشر طبيبك واختصاصي التغذية وتأكد من سلامة ما ستتبع، وراقب سلامتك بعد إتباع أي حِمية غذائية.

المصادر

pubmed

webmd

webmd

harvard

harvard

uchicagomedicine

من وضع قواعد الجسم المثالي؟ ولماذا أصبح هوس الجميع؟

ما المقصود بالحصول على جسم مثالي؟ ولماذا يوجد سباق للتكيف مع نوع معين من الجسم؟ ولماذا يوجد ضغط كبير على النساء للحصول على أجساد مثالية؟ والسؤال الأهم، لماذا نسعى دائمًا للحصول على موافقة المجتمع؟

نظرًا لأن المجتمع قد أعطى تعريفه لـ”الكمال”؛ فهناك العديد من النساء يواجهن مشاكل التنمر الجسدي، تدني احترام الذات، فقدان الشهية والشره العصبي.

تأثير ثقافة المجتمع على المرأة

في إطار الرغبة في الظهور بمظهر “مرغوب فيه” و “مثالي” وفقًا لمعايير المجتمع؛ فإن ثقافة المثالية كانت ولازالت قاسية على النساء. مثلاً، منذ الحقبة الفيكتورية، كان من المفترض أن تكون المرأة تافهة، حساسة، سهلة الانقياد ومطيعة دائمًا إلى حد الخضوع لأي تعديل. فالمرأة المثالية هي التي يمكن أن تتحمل الألم والمعاناة. منذ الطفولة كان من المفترض أن تكون الفتيات مُقيدات بأربطة ضيقة، مرتديات أقفال كذلك. كما كان من المفترض أن ترتدي النساء أو الفتيات الأكبر سنًا “الكورسيهات” لتحصل على الشكل الممشوق “المرغوب”. إذ أصبحت النساء ذوات الخَصر الصغير موضع إعجاب واعتبارهن جميلات.

قد يكون للسنوات الأخيرة بعض الإختلافات في نمط الملابس، لكن الحقيقة تظل كما هي حتى اليوم. يتم الضغط على النساء للحصول على أجساد مثالية لنيل إعجاب المجتمع والوصول للجمال.

معايير المجتمع القاسية على النساء

يُعتبر الجسم مثاليًا إذا كان نحيفًا، منغمًا، أبيضًا وطويلا. بسبب تعريفات كهذه، تبدأ الفتيات في سن صغيرة جدًا بالتفكير في زيادة وزنهن وحجمهن، والاهتمام المبالغ في مظهرهن. في حين أنهم في عمر من المفترض أن يميلن أكثر للعب واللهو.

وفقًا للجمعية الوطنية لفقدان الشهية العصبي والاضطرابات المصاحبة- National Association of Anorexia Nervosa and Associated disorders، تبدأ الفتيات في سن السادسة في التفكير في إجراء جراحة تجميلية لتلائم معايير الجمال التى سمعت عنها. فتنتبه لما حولها في ذلك الشأن، إذ تبدأ النساء في بروزة أجسادهن. وعند الاحساس بعدم الرضا عن الجسد؛ يأتي النقد.

والجدير بالذكر أيضًا أن هذا النقد يطال الرجال أيضًا! فأصبحوا يتعرضون للضغط للحصول على جسم مرغوب فيه. الفرق فقط – في الواقع- هو أن النساء يُظهرن أنفسهن بمظهر الضحايا المغلوبين لجذب الانتباه أو الحصول على الدعم والمساعدة.

إذًا، يمكننا القول بأن جميع الأجساد تقريبا تمر بالإحباط أو تتعرض للنقد. لكن في حالة النساء، فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة أو ربما أهمية. فهناك فكرة عامة -في أغلب الثقافات على الأرجح- عن ضرورة اختيار زوجات جميلات من قِبل كل أسرة لأبناءها. ولأن الجسد هو موضوع التباهي والتفاخر، فمن المفترض أن يتم الاختيار بناءً عليه لأنه أكثر ما يُرضي العيون. بناءً على ذلك، ينتاب بعض الأُسر القلق حيال فتياتهم الصغيرات من أن يخالفن المعايير السالفة، فيُصبحن في نظر المجتمع بدينات، قبيحات وغير مرغوبات! كما يعتبر تزايد وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير أيضًا في تفاقم تلك المشكلة، فزاد الضغط أكثر من ذي قبل.

الخجل من الانحراف عن معايير الجسم المثالي

السخرية من الجسد هي ممارسة إذلال الناس أو ممارسة التنمر عليهم واهانتهم بسبب شكل أجسامهم أو مظهرهم.

في الواقع، لقد أصبح البشر وقحين للغاية غير مبالين وغير إنسانيين منذ الثورة المعرفية. فعلى الرغم من قلة الناس الذين يتناسبون حقًا مع تعريفات الجمال التي وضعها المجتمع؛ إلا أنها أصبحت معيارًا يتبعه الجميع. إذ تبدأ الفتيات والنساء في القلق إذا لم يتناسب جسمها مع قِطع الملابس أو العلامات التجارية المشهورة.

لا تعتقد أن الأمر يتعلق بشكل الجسم والملابس فقط؛ بل هناك أشكال أخرى من الضغط تخضع لها الفتيات في سن صغيرة. مثل وضع مساحيق التجميل لتبدو جميلة وخالية من العيوب. إذ يُضغط على الفتيات بشدة فتلجأ لجميع الوسائل الممكنة لتظل في حالة جيدة ومقبولة”في نظر المجتمع” فأصبح هناك هاجسًا في الحصول على جسم مثالي، ببساطة لأن هناك شعور بالخوف من الرفض من قِبل المجتمع.

على من يقع اللوم؟

لا يوجد شخص يمكن إلقاء اللوم عليه في التشهير والتلاعب بجسد المرأة أو الضغط عليها للحصول على جسد مثالي، بل يجب إتهام المجتمع بأسره بذلك.

  • الفاعلون الحقيقيون هم قدوة الشعوب، الذين يُظهرون البطلات خاليات من العيوب وإلا فلن تحصل على البطل. يخلق ذلك التصور الرغبة المُلحة في الحصول على شخصية كاملة بدءًا من حجم الثديين إلى أصابع القدمين التي أصبح لها شروطًا أيضًا لتحقق الجمال.
  • وسائل الإعلام وصناعة “الموضة” لها تأثير كبير على حياة الناس “الجمهور”. الأفلام والمسلسلات التي نشاهدها، حيث تظهر الشخصيات الرئيسية تتمتع بشكل جيد، مُعين وثابت طوال الوقت. مما يُنمي ذلك فينا الرغبة المستمرة في الوصول لشكل أجسادهم.
  • الأفلام والبرامج الكوميدية “الساخرة” التي تسخر من “البدينات” و”السمراوات” طوال الوقت، توجه الناس بشكل غير مباشر إلى مسار المعايير الخاطئة.
  • ترويج الإعلانات التلفزيونية إلى منتجات التجميل التي تزعم أنها تحول البشرة تمامًا. أو التي تؤدي إلى الحصول على بشرة نموذجية خالية من العيوب. فتبث الفتاة في الإعلان فكرة أن أكبر مشاكل الحياة هي البشرة وعيوبها وإلى أي مدى يمكن أن تُرفض في عملها أو زيجتها بسبب بشرتها.
  • الأصدقاء ومجموعات الأقران أيضًا مُهمون جدًا، فتعليقاتهم أهم ما يكون. أحيانًا تؤذي الشخص إلى حد كبير. في بعض الأحيان يتسبب التعليق غير المباشر أو حتى النصيحة المستمرة التي تصدر عن صديق باتباع نظام غذائي صحي في جعل الفرد قلقًا و غير راضٍ عن نفسه.
  • أيضًا الأسرة، فهي جزء لا يتجزأ من حياتنا. فالتركيز والإلحاح المستمر من الوالدين على الفتاة بفقدان الوزن أو اكتساب بعضه من أجل الزواج، أمر ضاغط بطبيعته.
  • وفي بعض الأحيان يضغط بعض الأزواج على النساء للحصول على الجسم المثالي، كما يوجد نساء يخشين فقدان شركائهن إذا زاد حجمهن عن ذي قبل، أو إذا بدأن في الظهور بمظهرٍ خارج عن مقياس المجتمع للجمال.

بشكل عام، هناك ضغط على النساء من أغلب فئات المجتمع ليُصبحن مثاليات في الحجم.

تأثير معايير الجمال على الفتيات

نتيجة الضغط المستمر على الفتاة لتبدو جميلة بناءًا على معايير المجتمع، تتأثر النساء سلبًا؛ إذ يؤثر بشدة على المستوى العقلي والنفسي. تبدأ النساء في الشعور بنقص الثقة بالنفس، ويطورون إحساس تدني احترام الذات. بسبب الضغط المستمر من المجتمع؛ فإنهم يمنعون أنفسهم من الأنشطة التي يريدون القيام بها. بالإضافة لتقيدهم بأوضاع محددة في الجلوس، الحديث،الأكل،..

في بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى الاكتئاب لدى العديد من النساء. فيبدأون في إيذاء أنفسهم من خلال اتباع أنظمة غذائية قاسية وغير صحية. أو المبالغة في ممارسة التمارين الرياضية وإرهاق أنفسهم إلى حد كبير. مما يجعلهم عُرضة للإصابة بأمراض مثل فقدان الشهية والشره المرضي العصبي.

ما هو سبيل الخلاص من هاجس الجسم المثالي؟

للتخلص من هذا الضغط، على الناس أن يبدأو في تقبل أنفسهم كما هم. إن قِصر القامة أو البشرة الداكنة ليس خطأهم، بل ليس خطئًا أو عيبًا على الإطلاق. فلا هناك سبب يجعلهم بحاجة إلى الاستمرار والاجتهاد في الترويج لصورتهم الذاتية الجيدة طوال الوقت. حب الذات والرعاية الذاتية أمران مهمان للغاية. فيعتبر فقدان الوزن من أجل التمتع بصحة جيدة علامة إيجابية للرعاية الذاتية. لكن إنقاص الوزن للحصول على موافقة المجتمع هو نهج خاطئ.

يجب أن يساعد كل من المجتمع ككل ووسائل الإعلام والأسرة والأصدقاء الشخص من خلال قبوله كما هو، والتوقف عن تقديم نماذج لأجساد معينة على أنها “مرغوبة” دون غيرها.

الخلاصة

يجب التوقف عن التفكير في الحاجة المُلحة للحصول على جسد مثالي لأي جنس. هناك ضغط من المجتمع لامتلاك أجساد مثالية للجميع، فكيف بعد أن يصيبنا هذا الضغط بالإكتئاب ويجعلنا عُرضة للأمراض أن يؤدي بنا إلى المثالية؟ بل يجب رفض تعبير الجسم المثالي الذي يرغبه المجتمع بشدة. كما لا يُعنى ذلك أن كونك غير لائق أمرًا صحيًا، لكن القلق العقلي والنفسي الذي يأتي من المجتمع بسبب معاييره الظالمة هو الشيء الغير صحي.

المصادر

Exit mobile version