كيف يمكن لإبهامٍ صغير أن يحمل حضارةً بأكملها؟

كم مرة في اليوم نحمل القلم لنكتب أو نفرقع اصابعنا للفت الانتباه؟ نمسك هاتفنا الذكي لنتصفح بعض المواقع، أو حتى نفتح كيسًا من البطاطس المقرمشة للتسلية؟ كم من مرة نستخدم أصابع أيدينا لنمسك او نصنع الأشياء؟ يقولون إننا لا نعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن نفقدها. لكن في بعض الأحيان تكون هذه الأشياء هي من أعطت قيمة لحضارتنا بأكملها. تطور الإبهام عند البشر منذ ما يقارب مليوني سنة وبعدها غير التاريخ البشري بدون رجعة. فكيف يمكن لإبهامٍ صغير أن يحمل حضارةً بأكملها؟

الإبهام في أيدينا وعلى الرغم من صغر حجمه (مقارنةً بباقي الجسد) ارتكزت عليه حضارتنا الإنسانية بأكملها. هذه المعجزة التطورية سمحت لأسلافنا الأوائل بصناعة الأدوات وزيادة خيارات غذائهم. تقترح دراسة حديثة منشورة في مجلة Current Biology أن الإبهام كما نعرفه اليوم ربما يكون قد ظهر من حوالي مليوني سنة. وفي الغالب قد ظهر مع جنس الإنسان.

مهارة يدوية قديمة

منذ مليوني سنة كان البشر الأوائل يعيشون في شرق أفريقيا. كان يمكن أن نجد بعض الشخصيات التي تشبه الشخصيات البشرية اليوم، عدة أطفال يلعبون بالطين، وبعض الشباب المشغولين في بعض الأعمال، وعدة عجائز كانوا قد شاهدوا هذا كله.  لعب هؤلاء البشر وكونوا صداقات وعملوا وتنافسوا عل السلطة. لكن هذا أيضا ما فعلته حيوانات أخرى كالشنابز والفيلة.. لم يكن هنالك ما يميز البشر بل كانوا حيوانات عديمة الأهمية لا يتجاوز تأثيرهم على بيئتهم تأثير الغوريلات أو قنادل البحر.

تمتلك العديد من الرئيسيات إصبع الابهام لكن القليل منها يشبه إبهام الإنسان. فإبهام الإنسان مواجه ومناسب بشكل دقيق لكف اليد مما يسمح له بالقيام بالعديد من الأعمال الدقيقة. ويرى العلماء أنه من أهم هذه الأعمال التي ساعد فيها الإبهام البشر الأوائل كانت صناعة الأدوات.

تشير 《كاتارينا هارفاتي – Katerina Havarti》  المشاركة في الدراسة، أن المهارة اليدوية المرتبطة مباشرة بصناعة الأدوات كانت تحددها الأبحاث سابقًا فقط من خلال المقارنة التشريحية لعظام يدي الإنسان المعاصر مع أحافير متحجرة لأيدي بشر قدماء. ومدى التشابه بين العظام كان يحدد قدرة البشر القدماء في صنع الأدوات. هذه المهارة اليدوية والتي ربطت سابقًا بتطور يد الإنسان كانت تؤرخ لحوالي 2.5 مليون سنة.

كانت الأبحاث في السابق تنظر إلى 《الأسترالوبثقس – Australopithecus》 بأنهم يمتلكون إبهاما متطورًا بسبب قدرتهم على صنع بعض الأدوات. والأسترالوبثقس ربما كانوا السلف المباشر الذي تطور منه الإنسان.

تذكير

تطور البشر لأول مرة في شرق أفريقيا منذ حوالي 2.8 مليون سنة من جنس أسترالوبثقس والتي تعني الإنسان الجنوبي. وقبل حوالي مليوني سنة ترك بعض هؤلاء الرجال والنساء موطنهم ورحلوا إلى المناطق الشاسعة في شمال أفريقيا وأوروبا وآسيا واستوطنوها. ولأن البقاء في الغابات الثلجية في شمال أوروبا تطلب سمات تختلف عن تلك المطلوبة للبقاء في أدغال أندونيسيا الحارة، فإن المجموعات البشرية تطورت في اتجاهات مختلفة.

في أوروبا وغرب آسيا تطور البشر إلى نوعان: Homo Neanderthalensis والمعروف شعبيًا بالنياندرتال وهو أضخم من الإنسان العاقل وله عضلات أكبر تمكن من التكيف مع مناخ العصر الجليدي البارد. أما في شرق آسيا فسكن نوع بشري يدعى 《الإنسان المنتصب- Homo Erectus》 وبقي هنالك لمدة مليوني سنة. في المناطق الاستوائية عاش 《إنسان سولو- Homo Soloensis》. وبقي البشر يتطورون في شرق أفريقيا أيضًا، وصولًا إلى 300 ألف سنة من يومنا حيث ظهر 《الإنسان العاقل- Homo Sapiens》.

 ميزة تطورية

بالعودة إلى الدراسة فإن المهارة اليدوية لجميع أنواع الإنسان الذي سكن العالم القديم وصولًا لنوعنا اليوم كانت أكثر تطورًا من باقي أنواع الرئيسيات مثل الشمبانزي. فقد اعتمدت هذه المهارة على حركة إبهام فعالة ودقيقة مكنت الإنسان من صناعة واستخدام أدوات أكثر تعقيدًا.

من أجل التوصل إلى هذه النتيجة درس الباحثون أيادٍ بشرية حديثة مع أيادٍ لشمبانزي وعدد كبير من أحافير نوع الإنسان منهم هومو نياندرتالينسيس وهومو ناليدي وثلاث أنواع من الأسترالوبثقس وقد اعتمد الباحثون على عنصرين لتحليل هذه العظام هما تشريح عظام الكف والأنسجة الهشة.

صورة تبين شكل العضلات المستعملة لاحتساب فعالية حركة الإبهام
Image: Katerina Harvati, Alexandros Karakostis, Daniel Haeufle

ولأن العضلات تتحلل في الأحافير بشكل طبيعي، فقد ركز الباحثون مجهودهم على تحديد المكان الذي كان مهيئ لها على سطح الطبقة العظمية. هذه العضلة كانت مسؤولة عن حركة الإبهام. وقد تم احتساب نسبة المهارة اليدوية التي امتلكها كل نوع عبر المقارنة التشريحية لعظام اليد بالإضافة إلى انشاء تمثيل افتراضي ثلاثي الأبعاد لليد البشرية .

بينت النتائج أن جميع أنواع الجنس البشري ومن مليوني سنة قد أظهروا تطور بحركة الإبهام بشكل فعال. وهذا الأمر يدل على الأهمية العظيمة لهذه الميزة التطورية في التطور الثقافي الحيوي لجنسنا. فقد ظهرت هذه الميزة في ذات الفترة تقريبًا التي ازداد فيها مستوى صنع واستعمال الأدوات الحجرية في أفريقيا. وفي ذات الفترة التي تميزت بزيادة مستوى التعقيد الثقافي في العالم القديم. ومع أن نوع 《الهومو ناليدي- Homo naledi》 الذي كان يعيش في ذات الفترة تقريبًا في جنوب أفريقيا امتلك دماغًا صغيرًا نسبيًا إلا أن هذه الميزة التطورية قد وجدت في أحافير تعود له أيضًا.

نرشح لك أيضا: الفينيقيون الجدد .. كيف ترسم السياسة حدود الحضارات؟

ثقافة مبنية على حركة إصبع

هذا التطور في صناعة واستعمال الأدوات الحجرية أدى إلى استغلال متزايد وتدريجي للموارد الغذائية الحيوانية. فقد تمكن الإنسان عبر أدوات أفضل من صيد حيوانات أضخم ومن محاربة الحيوانات الأشرس. وبعد أن كان الإنسان ينتظر دوره ليأكل ما تبقى من الفريسة بعد الأسود والضباع أصبح على رأس الطابور. فقد ظهر الإنسان المنتصب وهو من اشباه البشر ذوي الأدمغة الكبيرة والأجساد الضخمة وقد سكن في أفريقيا وأوراسيا.

بالطبع لم يكن من الممكن أن تبنى هذه الثقافة على حركة الإبهام فقط. فهي كانت بحاجة لتفكير أكبر ولحجم دماغ يساعد على ذلك. وهذا ما حصل بعد أن ازدادت الخيارات الغذائية للإنسان عبر تناول لحوم أكثر.

بعد هذا البحث يسعى الفريق اليوم للنظرعن كثب إلى مجموعات أخرى محددة منها النياندرتال. ليرسم صورة أكبر لمدى تطور المهارة اليدوية للبشر القدماء. ومدى اختلاف مهارتهم عن المهارة التي نمتلكها اليوم. ويأمل الفريق أن التحقيقات الأبعد ستظهر نتائج جديدة لانتشار الاستعمال المنظم للأدوات بين اقاربنا القدماء. أما أنت وفي المرة القادمة التي تمسك فيها هاتفك لتصفح موقع الأكاديمية أو لطلب ديلفري للغداء تذكر أن إبهامك قد ساعدك على ذلك.

ملاحظة:

استعان الكاتب الى جانب البحث المنشور في مجلة  Current Biology  عل كتاب “العاقل تاريخ مختصر للنوع البشري” للكاتب يوفال نوح هراري.

المصادر

  1. الدراسة المنشورة في مجلة Current Biology

عالم يكرم محمد صلاح بإطلاق اسمه على فصيلة جديدة من النمل

عالم يكرم محمد صلاح بإطلاق اسمه على فصيلة جديدة من النمل.

عالم يكرم محمد صلاح عن طريق إطلاق اسمه على فصيلة جديدة من النمل، أستاذ علم النمل المصري د.مصطفى شرف يكرم مهاجم ليفربول محمد صلاح بطريقة غريبة بعد اكتشافه نوع جديد من النمل في عمان و أطلاق أسم «Meranoplus mosalahi» عليه.

في دراسة أجراها د. مصطفى شرف بقسم وقاية النبات في كلية علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود في الرياض والأستاذ الزائر في المتحف العالمي في ليفربول مع د. عبد الرحمن سعد الداود بإسم:

«مراجعة جنس النمل (Smith-1853) المسمى (Meranoplus  (Hymenoptera: Formicidae في شبه الجزيرة العربية مع وصف نوع جديد باسم (موصلاح – M. mosalahi) في عمان»

لماذا الأسم؟

د. شرف احد ملايين معجبين مهاجم ليفربول محمد صلاح وجد في هذه الطريقة تكريمًا كبيرًا لصلاح، لكن غير معروف حتى الآن ما رأي صلاح في هذا التكريم، وكتب د. شرف تحت صفحة المجلة العلمية المنشور فيها هذا الاكتشاف

«نهدي هذا النوع لمحمد صلاح (مو صلاح)، لاعب كرة القدم المصري المحترف في نادي ليفربول الإنجليزي والمنتخب المصري».

انجازات د. شرف

اكتشف د. شرف أكثر من 30 نوعًا من النمل في مصر واليمن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، كما أوضح د. شرف أن تسمية هذا النوع بعد لاعب تشيلسي السابق هو وسيلة لإبراز مسيرة صلاح ولم يكن المقصود بها إهانة، كما تمت تسمية معظم النمل الذي اكتشفه شرف باسم شخصيات مشهورة كوسيلة لتكريمهم.

محمد صلاح

محمد صلاح الذي انضم إلى ليفربول في انتقال دائم من روما في عام 2017 ، مر بموسم مذهل، محطمًا العديد من الأرقام القياسية، بما في ذلك تسجيل 32 هدفًا في الدوري الممتاز، وقاد فريقه الإنجليزي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا UEFA 2017-18 ضد ريال مدريد، وقاد صلاح البالغ من العمر 26 عامًا المنتخب المصري إلى مرحلة المجموعات في كأس العالم 2018 FIFA.

تاريخ وتوثيق الميرنوبلس

تم اكتشاف وتوثيق جنس النمل Meranoplus من قبل «سميث، عام 1853» بناءً على النوع M. bicolor وهو جنس كبير في فصيلة Myrmicinae به 90 نوعًا موزعة في جميع أنحاء المناطق الاستوائية في العالم القديم بما في ذلك مناطق أفريقيا الاستوائية و مدغشقر وأستراليا والشرق.

العديد من تلك الأنواع تبني أعشاشًا في الأرض أو بين جذور النباتات وتصنف أنواع هذا الجنس على أنها حيوانات آكلة اللحوم، أو آكلات جرثومية اختيارية أو متخصصة

يتم توصيف أنواع Meranoplus من خلال الجمع بين الصفات التالية في الطبقة العاملة، منها:

  1. هوائي مكون من 9 أجزاء ومضرب طرفي مكون من 3 أجزاء
  2. هوائيات ذات بثور متطورة
  3. قواطع الفك السفلي ب 4-5 أسنان؛ يشكّل البروميسونوتوم
  4. الرؤية الظهرية ذات هيكلًا مدرعًا عريضًا ملحوظًا يتسع بشكل أفقي وفي بعض الأنواع درع بروتيني مع العمود الفقري الجانبي و / أو الخلفي petiole sessile.

بحث د. شرف

يصف التقرير الأولي لجنس Meranoplus من شبه الجزيرة العربية (Sharaf, Al Dhafer & Aldawood, 2014) فصيلة جديدة من الـ M. pulcher من مجموعة M. magritte القائمة على طبقة النمل العاملة، في الجبال الجنوبية الغربية، المملكة العربية السعودية.

في الآونة الأخيرة تم اكتشاف طبقة ملكة M. pulcher للمرة الأولى بناءً على عينة تم جمعها من النوع المحلي عن طريق المصائد والفخاخ  (Sharaf & Aldawood, 2017).

وبالبحث ومراجعة للأنواع العربية من جنس Meranoplus تم تقرير وجود جنس جديد اكتُشف لأول مرة في سلطنة عمان بناءً على عينات النمل التي تم جمعها مؤخرًا من محافظة ظفار (Sharaf & Aldawood, 2019)

أين توجد العينات؟

تتوفر عينات من هذا النوع الآن في ثلاث متاحف هي:

  • مجموعة أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية.
  • متحف جامعة الملك سعود للمفصليات، قسم وقاية النبات، كلية علوم الأغذية والزراعة، جامعة الملك سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية.
  • متحف ليفربول العالمي، ليفربول، المملكة المتحدة.

مصادر:

EFE

الورقة البحثية

Sharaf MR, Aldawood AS. 2019Review of the ant genus Meranoplus Smith, 1853 (Hymenoptera: Formicidae) in the Arabian Peninsula with description of a new species M. mosalahi sp. n. from OmanPeerJ 7:e6287 https://doi.org/10.7717/peerj.6287

اقراء ايضًا:

ماذا تعرف عن الـ«الإكسينوبوتات-xenobots»: روبوتات صُنعت من خلايا حية؟

Abstract

Exit mobile version