ما هي فوائد وأضرار المواد الإباحية؟

(المواد الإباحية-pornography) هي شكل من أشكال الوسائط التي تصور الأفعال والسلوكيات الجنسية، ويمكن تقديمها بأشكال مختلفة مثل: مقاطع الفيديو، والصور، والمواد المكتوبة كالقصص.

وجِدت المواد الإباحية منذ قرون، لكن ظهور الإنترنت سهّل الوصول إليها واستهلاكها. ولقد تلقى موقع Pornhub، وهو أكبر موقع إباحي مجاني في العالم أكثر من 33.5 مليار زيارة خلال عام 2018 وحده. [2]
كما تُشير دراسة في عام 2018 إلى أن حوالي 85٪ من 1036 مشاركًا استخدموا موادًا إباحية على الإنترنت خلال فترة مدتها 6 أشهر. كما ذكر عدد أكبر من الرجال مقارنة بالنساء بأنهم يستهلكون المواد الإباحية على الإنترنت مرة واحدة على الأقل أسبوعيا.[5]

بينما ينظر البعض إلى المواد الإباحية على أنها شكل من أشكال الترفيه. يرى البعض الآخر أنها ضارة وتسبب الإدمان. لكن ما رأي العلم في ذلك؟ هل يمكن أن تكون المواد الإباحية ضارة؟ وهل لها منافع؟ وكيف تتفاعل أدمغتنا معها؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال. 

ما هي أضرار المواد الإباحية؟

أضرار المواد الإباحية الدماغية

ربِط استهلاك المواد الإباحية بعدد من الآثار السلبية على الدماغ. يعتبر نظام المكافأة أحد الطرق الرئيسية التي تؤثر على الدماغ. فحين يشاهد الفرد موادًّا إباحية يطلق المخ طوفانًا من الدوبامين، وهو مادة كيميائية مسؤولة عن شعورنا بالمتعة والمكافأة. وبالتالي يعزَّز سلوك مشاهدة المواد الإباحية كل مرة.
بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي المستويات العالية من الدوبامين إلى انخفاض استجابة الدماغ له، مما يتطلب المزيد والمزيد من المحفزات الشديدة لتحقيق نفس المستوى من المتعة. يمكن أن يؤدي هذا إلى الإدمان وإلى عواقب سلبية أخرى؛ مثل زيادة رغبة وحاجة مستهلكي المواد الإباحية لها رغم عدم حبهم لها. يلعب الدوبامين دورا في هذا الانفصال بين الرغبة والإعجاب، والذي يعتبر سمة مميزة لخلل تنظيم دوائر المكافآت. [2]

تؤثر الإباحية بطريقة أخرى على الدماغ. إذ تحدث تغييرًا في الوظيفة المعرفية، حيث أظهرت الدراسات أن الاستخدام المفرط لهذا المحتوى يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في المادة الرمادية للفص الجبهي في الدماغ، وهي منطقة مسؤولة عن الوظائف المعرفية مثل اتخاذ القرارات، والذاكرة والانتباه. وبالتالي قد يؤدي هذا إلى انخفاض في هذه الوظائف وزيادة في الاندفاع أيضًا.
ويشبه هذا الاندفاع اندفاع الأطفال وقدراتهم المحدودة في اتخاذ القرارات لأن الفص الجبهي لديهم لايزال غير مكتمل النمو. [2]

أضرار المواد الإباحية على الميول والعلاقات

ربط أيضا بين المواد الإباحية وبين تغير الميول الجنسية. أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يشاهدونها بانتظام هم أكثر عرضة لتطوير اهتمامات جنسية غير تقليدية، ومواجهة صعوبة في تحقيق الإثارة مع شركائهم. يمكن أن يؤدي هذا إلى عدم رضًا في العلاقات وزيادة خطر الإصابة بضعف الانتصاب. [2]

ربط أيضا بين الاستخدام المفرط للمواد الإباحية وبين ضعف التفاعلات الاجتماعية. إذ أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يشاهدونها بانتظام هم أكثر عرضة لمواجهة صعوبة في التفاعل مع الآخرين بما في ذلك صعوبة تكوين العلاقات والحفاظ عليها. وقد ذلك يؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة. [2]

من المهم أن تكون على دراية بالآثار السلبية المحتملة للمواد الإباحية، وأن تطلب المساعدة إذا كانت تؤثر على حياتك بشكل سلبي. ولكن يجب أن تعلم أنه لن يعاني جميع الأفراد من هذه الآثار السلبية، وأن شدة هذه الآثار يمكن أن تختلف تبعًا للفرد والظروف الخاصة ونوعية المحتوى الإباحي. 

ما هي فوائد المواد الإباحية؟

يمكن للاستخدام المفرط لهذا المحتوى أن يكون له آثار سلبية على دماغ الفرد وسلوكه. مع ذلك، فإن الاستخدام المعتدل بتراضٍ مع الشريك قد يكون مفيدا. مثل: أن يكون هذا المحتوى مصدرًا لبعض الأشخاص للتعلم حول الجنس، ووضعياته المختلفة. وسنناقش هذا الموضوع لاحقًا بالتفصيل.
كما قد يساهم المحتوى الإباحي في إزالة الوصمة الملاصقة للجنس عند بعض الناس، وجعله أقل ترويعًا، خاصة للأشخاص الذين قليلاً ما يتعرضون للجنس والمواد الجنسية. 
كما تقدم الإباحية للشخص فرصة للبحث عن خيارات أكثر شمولاً حول الجنس. [5]

يمكن أيضًا للمواد الإباحية أن تخفف التوتر. فقد وجدت دراسة في عام 2017 أن العديد من الأشخاص يستخدمون المواد الإباحية كنشاط ترفيهي لتخفيف التوتر وإلهائهم عن المشاعر السلبية.

كما وضح بعض الأزواج الذين يستهلكون المواد الإباحية معًا أنه يحسن التواصل الجنسي والحميمية، ويساعد على تعزيز علاقاتهم. [5]

ولكن من المهم ملاحظة أن فوائد المواد الإباحية فردية للغاية، وتعتمد على الظروف المحددة. علاوة على ذلك، يجب مراعاة مصدر ومحتوى المواد الإباحية المستهلكة.

هل إدمان المواد الإباحية حقيقي؟

يعتبر مفهوم “إدمان المواد الإباحية” موضوع نقاش كبير في الأوساط العلمية والطبية. يجادل بعض الخبراء بأن الاستهلاك المفرط لها يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في الدماغ مماثلة لتلك التي تظهر في إدمان المخدرات، وأنه يمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية مماثلة كتلك التي تظهر في أشكال أخرى من الإدمان. حيث وجدت دراسة أجرتها جامعة كامبريدج أن أدمغة مستخدمي الإباحية تشبه أدمغة مدمني المخدرات ومدمني الكحول. [4]

من ناحية أخرى، يرى بعض الخبراء أنه في حين أن الاستهلاك المفرط للمواد الإباحية يمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية، إلا أنه ليس إدمانًا حقيقيًا مثل الإدمان على المخدرات أو الكحول، و يجادلون بأن مصطلح “إدمان المواد الإباحية” ليس تشخيصًا سريريًا معترفًا به، وأن مفهوم الإدمان ليس الطريقة الأكثر فائدة لفهم العواقب السلبية للاستهلاك المفرط لهذا المحتوى. علاوة على ذلك، لا تصنف الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) إدمان المواد الإباحية على أنه اضطراب عقلي، كما لم يتم تضمينه في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5).

استخدام الإباحية كمصدر للمعلومات

في استطلاع تمثيلي على المستوى الوطني في أمريكا، وجد أن 25% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا اعتبروا المواد الإباحية مصدر المعلومات “الأكثر فائدة” حول كيفية ممارسة الجنس. مما جعلها المصدر الأكبر للمعلومات. وتفوفت حتى على سؤال الشريك.[6]

تتمثل إحدى الفوائد المحتملة لهذا المحتوى في كونه مصدرا للمعلومات حول الممارسات والتقنيات الجنسية كما ذكرنا سابقًا. ومع ذلك من المهم ملاحظة أنه ليست كل المعلومات الموجودة في المواد الإباحية دقيقة أو صحية. كما يجب مراعاة مصدر المعلومات المستهلكة.

غالبًا ما تصور المواد الإباحية توقعات غير واقعية وغير صحية حول الجنس، وصورة الجسد، والعلاقات. [6] علاوة على ذلك؛ يمكن أن يكون مصدر معلومات مضلل حول الصحة. على سبيل المثال، لا يظهر استخدام الواقي الذكري، أو تحديد النسل مما يؤثر على السلامة الجنسية. كذلك وجود العنف في هذا المحتوى يمكن أن يشكل خطرًا حقيقيًا. ففي فحص تحليلي حديث لأكثر من 4000 مقطع فيديو على مواقع إباحية مجانية نُشرت نتائجه في مجلة Archives of Sexual Behavior، وجِد أن ما بين 35٪ و 45٪ من الفيديوهات تحتوي على صور للعنف كلها تجاه النساء.

في حين أن الاهتمام بتصوير الجنس الخشن لا يمثل بالضرورة مشكلة في حد ذاته إلا أن هذه المشاهد نادرًا ما تُظهر قيام المشاركين بالتفاوض على الموافقة، أو اتخاذ احتياطات السلامة الأخرى. وبالتالي لا ينبغي استخدامها كدليل إرشادي. بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المعلومات المقدمة في المواد الإباحية غالبًا ما تستند إلى الخيال وليس على الواقع. ففي الحقيقة يتم إنشاء المواد الإباحية للترفيه وليس للتعليم . وقد لا تعكس واقع التجارب الجنسية مما يجعلها في كثير من الأحيان معلومات مضللة. [6]

من المهم أن نفهم أن المواد الإباحية ليست بديلاً عن التربية الجنسية الشاملة والدقيقة، كما يوصى بالبحث عن المعلومات الجنسية من مصادر موثوقة، كالمهنيين الصحيين، أو وضع معلمي الجنس بموازاة الإباحية لتكوين معرفة شاملة وحقيقية حول الجنس.

خلاصة

كما ذكرنا، إن للمواد الإباحية أضرارا عديدة كما لها بعض الفوائد، ولكن هذا يعتمد على ظروفك وعلى الطريقة التي تستهلك بها هذه المواد و كذا على نوعيتها. وتذكر أن هذا المحتوى محتوى ترفيهي وليس تعليميا لذا لا يمكنك الاعتماد عليه.

بالإضافة إلى ما هي فوائد وأضرار المواد الإباحية؟ اقرأ أيضًا: أهمية الحديث عن الجنس.

مصادر ما هي فوائد وأضرار المواد الإباحية؟:
1. psychologytoday.com
2. neurosciencenews.com
3. merriam-webster.com
4. cam.ac.uk
5. medicalnewstoday.com
6. livescience.com

وهم الإباحية بين الإدمان والمرض النفسي

في الثانية الواحدة، هناك أكثر من 28 ألف شخص يشاهدون المواد الإباحية، وأكثر من 3 ملايين دولار تُصرف على هذه الصناعة. أكثر من 65% من إجمالي عدد الذكور البالغين وحوالي 18% من الإناث، أقرّوا بأنهم يشاهدون المواد الإباحية، على الأقل مرة واحدة في الأسبوع. وإذا استمررنا في طرح مثل هذه الإحصائيات المرعبة، فلن يسعنا الوقت للإحاطة بها.

وصلت مشاهدة المواد الإباحية إلى مستويات لم يعد بالإمكان السيطرة عليها. فبمرور الأيام يصبح الأمر أكثر خطورة. تَوفُّر الإنترنت في كل مكان وسهولة الوصول إلى كل ما يخطر على البال عجّل من الانحدار إلى الهاوية، وإذا استسلمنا للأمر الواقع، فقد تُدَمر أجيالٌ قادمة بالكامل.

ما هو إدمان المواد الإباحية؟

تتواجد هذه القاذورات المُسماة بالأفلام الإباحية في كل مكان على الإنترنت ويستطيع أي شخص أن يصل إليها مجانًا، لكنها قد تكلف ما لا يُعوّض بالمال. لا يعد كل من يشاهد المواد الإباحية مدمنًا عليها وإلا لكان الوضع أسوأ بكثير. فالمدمنون المرضيون هم حوالي 6% من البالغين حول العالم.

تعريف الإدمان على المواد الإباحية يختلف حسب الأشخاص، بل وحتى بين الأطباء النفسيين. ولكن بشكلٍ عام، يمكننا أن نضع أُطرًا واضحة نُعرّف من خلالها بالإدمان بشكل عام، وإدمان المواد الإباحية بشكل خاص.

فالإدمان Addiction هو أكثر من مجرد اهتمام بشيء ما. إنه مرضٌ طبي يغير من فسيولوجية العقل والجسد. ويجبر الشخص على الاستمرار في فعلٍ ما حتى وإن كان هذا الاستمرار يضره. تخبرنا معظم الأبحاث العلمية بأن الإدمان يحدث لأنه يعمل على نظام الحافز والمكافأة في الجسم، وهذا عن طريق إفراز الهرمونات المسؤولة عن ذلك مثل الدوبامين.

اعتمدت منظمة الصحة العالمية سنة 2018 مفهوم السلوك الجنسي القهري compulsive sexual behavior كمرض نفسي. وعلاج هذا المرض يكون بالعلاج المعرفي السلوكي أو CBT.

مشاهدة الأفلام الإباحية تجعل عقلك يفرز هرمون الدوبامين، وهذا بدوره ما يوصلك إلى الشعور بالنشوة. ومع التكرار، يعتاد جسدك على هذه الحالة “الإكستاسية” المُبهجة التي تحدث عندما يفرز الدوبامين بغزارة. وبما أن العقل يعتبر المواد الإباحية مصدرًا لإفراز الدوبامين، نجده يُقلل إفراز هذا الهرمون، فيجعلك تلهث وراء مصدره ـ الإباحية ـ حتى يُفرز بغزارة مرةً أخرى وهكذا دواليك.

كيف تعرف أنك مدمن على المواد الإباحية؟

الأغلبية الساحقة ممن يشاهدون المواد الإباحية لديهم رغبة جامحة في ممارسة الجنس، وهذا سببٌ يجعلهم يجدون في الأفلام الإباحية متنفسًا لهم. تجدهم يعانون في أوقات فراغهم وحتى في عملهم. وهذا الأمر ينعكس على من حولهم، خاصة على أحبائهم والمقربين منهم.

 كما قلنا، تعريف الإدمان على المواد الإباحية يختلف من شخص لآخر. ولكن هناك أُطرا عامة تبين إدمان الشخص أو عدمه. فإذا كانت المواد الإباحية تؤثر على أنشطتك اليومية المعتادة، فقد تكون مدمنًا. والتأثير على الأنشطة اليومية هنا يعني تخليك عن فعل أشياء أخرى تستمتع بها لكي تشاهد المزيد من الأفلام الإباحية.

دفعة الدوبامين التي تحصل عليها من المواد الإباحية تفقدك شغفك تجاه الأشياء التي تهتم بها. وهذا من أكثر المؤشرات خطورة ووضوحًا. ويعتبر العجز من الناحية الاجتماعية مؤشرا جديدا، خصوصا إذا أصبح تواصلك الاجتماعي يتراجع.

لا تصدق كل ما تراه

الأفلام الإباحية ليست سوى وهم بعيد كل البعد عن الواقع. فهي “أفلام” إباحية، وهذا يعني أن هنالك طاقمًا مختصًا وراء صناعتها. طاقم من الممثلين والمخرجين، مع تواجد نص مكتوب يسيرون عليه. زوايا التصوير وساعات التعديل والمونتاج يوهمانك بما هو ليس موجوداً في الحقيقة. وهذا الإيهام هو أحد أهم أسباب تحطم العلاقات الحميمية الطبيعية.

يجب أن تعرف أن النشوة الجنسية التي تراها على وجوه هؤلاء الممثلين ليست حقيقية، ويكمن وراءها الكثير من الاستغلال والتعنيف. يجب أن تعرف أيضًا أن هؤلاء الممثلين يمتهنون صناعة المواد الإباحية، وأنهم لا يفعلون ذلك لمجرد المتعة.

علاج إدمان المواد الإباحية

الطريقة الأمثل لبدء العلاج هي الذهاب إلى طبيبٍ نفسي واستخدام العلاج المعرفي السلوكي. يصعب على المجتمعات العربية تفهم هذا النوع من الإدمان. لذلك، ورغم أنها الطريقة المباشرة باعتبار الإدمان على المواد الإباحية مرضاً نفسياً. لكنها ليست الخيار الوحيد.

حاول أن تشغل جُل وقتك قدر المستطاع، ولا تجلس بمفردك إن امتلكت خيارات أخرى. اصنع لنفسك هوايةً وشغفاً واجعلهم يلتهمون وقتك التهامًا. تحدث إلى الأصدقاء المقربين. احجب جميع المواقع الإباحية من خدمة الإنترنت الخاصة بك وصعّب على نفسك الوصول إليها؛ فسهولة الوصول هي أحد أهم مسببات الإدمان.

ختاما، يبدأ التعافي بالمعرفة. معرفتك بأن ما تشاهده هو مجرد وهم غير موجود في عالمنا المعيش. إدراكك للجُرم الذي ترتكبه بحق نفسك ومن حولك قد يحرك وازعك الأخلاقي ويجعلك تنفر من المواد الإباحية. سماعك عن الحيوات التي انتهت على يد الأفلام الإباحية سيشكل فارقًا.

المصادر:
1. MedicalNewsToday

2. WebMD

3. The Recovery Village

Exit mobile version