فتح الأندلس ومعركة وادي لكة

فتح الأندلس ومعركة وادي لكة

معظم الناس لا يفهمون أهمية هذه المعركة، والتي كانت بين القوط الغربيين والمسلمين. فهي التي تسببت في حكم المسلمين لـ الأندلس (اسبانيا) منذ قرون طويلة، وقد أدى خطأ طفيف واحد من طموحاتٍ شخصية إلى معركة كبيرة مما تسبب في خلق مشكلة عظيمة للبلدان الأوروبية حينها.

لكن ماذا لو لم يتم ارتكاب ذلك الخطأ وظلت المملكة القوطية قائمة ولم يتم فتح الأندلس؟ وكيف غيرت تلك المعركة مسار تاريخ أوروبا بالكامل؟

كانت تلك الفترة في أوروبا غير مستقرة البتة ، وقد تسبب سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب بفراغٍ كبيرٍ، وتم إنشاء ممالك جديدة وقتها. وقد بنيت تلك الممالك على أساس ممالك أخرى سقطت في العصور الوسطى.

دارت معركة “وادي لكة” بين الخلافة الأموية والقوط الغربيين، والذين كانوا عبارة ألمان بماضٍ مثير؛ والذين قد تسببوا في بعض المشاكل للإمبراطورية الرومانية.

وقد انتقلوا في النهاية إلى شبه الجزيرة الأيبيرية وقاموا بتأسيس مملكتهم الفريدة من نوعها في الأندلس. وقد تأسست مملكة القوط الغربيين عام 418م وانتهت بين عام 718 – 720م.

لكن كيف تغير كل شيء؟

كانت المملكة في حالة جيدة وكان كل شيء راسخًا، ونعمت السلطة المركزية بالاستقرار بشكلٍ كبير، لكن الأمور كانت تتغير طوال الوقت مما عقّد الأمور كثيرًا.

فقد تمت إدارة المملكة من قبل من الأشخاص ذوي سلطةٍ لا بأس بها عبر اسبانيا منهم الحاكم الأصغر والذي يدعى “ويتيسا”، وقد كان يحظى باحترامٍ كبير مع معلومية اكتسابه الكثير من الخبرة لما سبق له من الحكم مع والده.

وكانت الأندلس حينها في وقتٍ سلميّ دون أية حروب بالرغم من وجود هجمات عبر الحدود من بيزنطة والفرنسيين، مع بعض الصراعات الداخلية الطفيفة، لكن عدا ذلك كان كل شيء جيدًا.

ثم فجأة، وفي عام 710 تقريبًا، تم إلقاء الملك الشاب من على العرش لأسباب غير معروفةٍ جيدا، مع احتمالية أنه تم اغتياله.

وعقِب ذلك مجيء نبيل من عائلة كبيرة يسمى “رودريك” تم تتويجه ملكًا، والذي يعرف أيضًا باسم الملك الأخير من القوط، والذي دام حكمه لمدة عامين من 710 – 712م. لكن تم تتويج ملك آخر في الوقت نفسه لوجود أشخاصٍ معارضين، وهو “أخيلا” والذي كان له مطالبة بالمملكة هو الآخر، مما جعل المملكة في طريقها للانقسام.

كانت الأمور تزداد توترًا يومًا بعد يوم، لأن واحدًا منهم كان يحكم الجزء الجنوبي من اسبانيا والآخر كان يحكم الشرق. وكان هناك بالطبع خطر كبير يتمثل في اندلاع حرب أهلية، لكن لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان هناك تهديد آخر لم يكن في الحسبان.

الخلافة الأموية وفتح الأندلس

كان القائد الأموي حينها هو (موسى بن نصير) والي إفريقية (تونس حاليًا) -وهي تختلف عن إفريقيا القارة- وكان يحتل الساحل الشمالي لإفريقيا والتي كانت قريبة جدًا من الأراضي الأوروبية الإسبانية. وقد بدءوا بهجماتٍ صغيرة لرؤية ما إن كان عليهم التخطيط للغزو القادم أم لا.

وقد قام موسى بإرسال (طارق بن زياد) –والي مدينة طنجة- إلى إسبانيا، عن طريق عبور المضيق الواصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، والذي تمت تسميته “مضيق جبل طارق” تيمنًا بذلك العبور.

وبسبب الوضع والانقسامات التي كانت تحدث في المملكة، قام باحتلال جزءٍ كبيرٍ من أراضي الحدود الجنوبية لإسبانيا. ولعلمهِ أن هناك وضعًا متزعزعًا  داخل المملكة يجعل الأمور لصالحه بنسبةٍ كبيرة؛ فقد أرسل المزيد من القوات إلى (طارق) للاستيلاء على المزيد من الأراضي.

رد الفعل

كان يعلم (رودريك) أن هناك دخلاء كانوا يعبرون ويحتلون حدود مملكته، وقام بما يفعل به كل ملك من تجهيز واستعداد وتجنيد القوات للدفاع عن مملكته، وكان الاجتماع على دفع الغزاة مثيرًا للاهتمام حتى أن “أخيلا” الملك الآخر والعدو قام بإعطائه القوات كمساعدة للدفاع عن مملكتهم، بالإضافة لمساعدة النبلاء أيضًا. وبشكل ينم عن كامل الاستعداد اجتمعت جميع القوات في المملكة للدفاع.

عندما جمع رودريك قواته كان على استعداد للتحرك جنوبًا لبدء المعركة، وكانت قواته تبلغ حوالي من 25000 – 35000 حين بلغت قوات المسلمين من 6000 – 000 14.

خسارة القوط

كان معظم جنود رودريك غير جاهزين للمعركة، ولم يكن لديهم تدريب وخبرة بالإضافة إلى أنهم كانوا من الطبقة الاجتماعية المنخفضة، والذي يمكن أن يكون عاملا في خسارة المعركة. ولكن ما الذي حدث بالفعل؟

قام الجيشان بالالتقاء وجهًا لوجه بالقرب من نهر وادي لكة، وكان كل شيء جاهزًا وكانت المعركة على وشك البدء.

وعندما سارت القوات نحو بعضها، انقسم جيش القوط الغربيين وراء 3 أوامر في نفس الوقت بشكلٍ مفاجئ، فقد قام الجزء الأوسط من الجيش بالهجوم والذي كان بقيادة (رودريك) -وكان ذلك الشيء المنطقي والذي ينبغي القيام به- لكن لم يشترك الجناح الأيمن والأيسر معهم وتحرك أوسط الجيش بمفرده.

ولم يكتفِ الجناحان بعدم الاشتراك في الهجوم فقط، بل قام الجنرالات بأمرهم بالابتعاد والرجوع إلى الوراء، مما شكّل ذلك خيانة واضحة وصريحة ومدبرة!

وقد أدرك (رودريك) حينها بأن تلك الخيانة وتدبير قتل قواته بدخولهم وحدهم داخل وحدات الأمويين؛ كانت لعقد الجنرالات صفقة بالتأكيد مع الأمويين، لكن كان الأوان قد فات لإدراك ذلك.

وقد ارتكب ذلك الجزء المنسحب خطأً فادحًا ولم يهزموا العدو عندما أتيحت الفرصة، فقد تقدم جيش الخلافة إلى إسبانيا وقام بقهرهم، وقاموا بتدمير مملكة القوط  الغربيين في 718 – 720م.

وقد أدرك النبلاء بالتأكيد فداحة الخطأ الذي ارتكبوه عندما قاموا بخيانة (رودريك)، ومن الممكن أن يكونوا قد حصلوا على شيءٍ في المقابل، لكن هذا الخطأ والغباء كان له تأثير كبير على تاريخ أوروبا وآسيا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد: دينا الخطيب

المصدر: About History

كيف زُجت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى؟

 كيف زُجت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى؟

كانت الدولة العثمانية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى تحت سيطرة الإتحاديين أي حزب الإتحاد و الترقي، فكان أنور باشا وزير الحربية أعظم رجال الدولة نفوذاً حتى أطلق عليه بعض المؤرخين لقب “دكتاتور الحرب”، ويليه في النفوذ طلعت باشا وزير الداخلية الذي صار فيما بعد رئيس الوزراء ثم يأتي بالدرجة الثالثة جمال باشا وزير البحرية الذي كان القائد العام للقوات العثمانية في بلاد الشام، وكان هؤلاء الثلاثة هم المتحكمين الحقيقيين في الدولة العثمانية.

 

حيث يذكر القائد التركي علي فؤاد بك في مذكراته:

“كانت المملكة العثمانية في قبضة الاتحاديين، وكان الاتحاديون في قبضة المركز العام، وكان المركز العام في قبضة الحكام الثلاثة، وكان الثلاثة في قبضة أنور يسوقهم سوقاً عنيفاً. أما مقام السلطنة والقوة التشريعية وحزب الإتحاد والترقّي والحكومة الرسمية والمطبوعات والرأي العام فلم تكن إلّا أشباحاً ماثلة وخيالات مصورة”

 

كان أنور باشا يميل إلى ألمانيا حيث كان معجباً بجيشها وكان يعتقد إن النصر سيكون من صالح ألمانيا بدون شك فكان يسعى إلى زج الدولة العثمانية في الحرب إلى جانب ألمانيا ولكنه وجد ذلك صعباً في البداية فآثر التريث لحين قدوم الفرصة المناسبة.

 

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في أوروبا أعلنت تركيا الحياد وأعلنت كذلك النفير العام بحجة المحافظة على الحياد، كانت حالة النفير العام والتي يطلق عليها باللغة التركية “سفر برلك” شديدة الأثر على سكان البلدان العثمانية حيث سيق الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخامسة والأربعين إلى التجنيد، وصارت دوائر الإعاشة العسكرية تضع يدها على جميع حيوانات النقل بحجة حاجة الجيش وكانت هذه الدوائر تعطي لمن تأخذ منه شيئاً ورقة ضمان بأنها سوف تسدد الثمن بعد انتهاء الحرب وكان الناس لايثقون بأقوال الحكومة ابداً وكانت الحقيقة أنها وسيلة استعملها العثمانيين لنهب ومصادرة أموال الناس حيث لم تقتصر المصادرة على حيوانات النقل بل شملت المواد الغذائية وكل ما له قيمة!

 

يقول الباحث التركي المعروف أحمد أمين في كتاب له عنوانه “تركيا في الحرب العالمية”

 

“إن حالة النفير العام ضربت الحياة التجارية في البلاد كأنها صاعقة تنزل من سماء صافية، وقد تضررت كل فروع الحياة الاقتصادية كما تضررت الزراعة. فقد لجأت دوائر الإعاشة في الجيش إلى مصادرة كل شئ، ولم تقتصر مصادرتها على المواد الضرورية للجيش، بل أخذت تصادر أشياء من قبيل الجوارب الحريرية وأحذية الأطفال ومكائن الطباعة. وصار التجار يؤثرون بيع بضائعهم بأي ثمن للتهرب من مصادرة الجيش لها. وكان هناك دافع آخر دفع التجار للبيع المستعجل هو أنهم في حاجة إلى النقود لدفع الضريبة الحربية التي فرضت عليهم… وتوقفت الأعمال التجارية التي تعتمد على الدفع المؤجل، وتهافت الناس على البنوك لسحب ودائعهم.. واضطرت الحكومة إلى إعلان تأجيل الديون”

 

دخول الحرب العالمية الأولى:

قبل دخول الدولة العثمانية للحرب تراكمت العديد من الحوادث التي أعطت فرصة لمؤيدي الحرب داخل الدولة العثمانية للحصول على التأييد العام ومن هذه الحوادث هو إن تركيا كانت قبل الحرب قد أوصت أحد مصانع بريطانيا على صنع باخرتين حربيتين، وكانت قد جمعت ثمنها بواسطة الإكتتاب العمومي، وتحمس الأتراك لهذا العمل الوطني وانفقوا اموالهم في سبيل الباخرتين ولكن بريطانيا امتنعت عن تسليم الباخرتين على أثر اندلاع الحرب فهاج الرأي العام وأنتهز السفير الألماني تلك الفرصة الذهبية فأخذ يحرض الصحف التركية ويذكر أن بريطانيا عدوة الإسلام والمسلمين وتسعى للشر دائما بالأتراك.

 

   في أثناء الحرب العالمية حصلت مطاردة قامت بها البحرية البريطانية لإغراق طرادين ألمانيين اسمهما “غوبن” و “برسلاو” كانا في البحر الأبيض المتوسط ، وصل الطرادين إلى مضيق الدردنيل فاحتميا فيه وبذلك تخلصا من المطاردة البريطانية ولكن ما حصل سبب مشكلة سياسية كبيرة إذ إن الحياد يوجب على الدولة العثمانية طرد الطرادين من المياه العثمانية، وكانت هذه الحادثة هي السبب الأساسي في زج الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.

بعد العديد من المشاورات بين الألمان والعثمانيين اتفق الطرفان على إعلان إن ألمانيا قامت ببيع  الطرادين إلى الدولة العثمانية وتم ذلك حيث قام طاقم الطرادين بخلع ملابسهم العسكرية الألمانية وارتداء الطرابيش والملابس العثمانية لكن ذلك كان على الأغلب حيلة من مناصري الحرب داخل الدولة العثمانية من أمثال أنور باشا وجمال باشا بمساعدة الألمان للزج بالدولة العثمانية في الحرب حيث قام الطرادين فيما بعد بدخول البحر الأسود وضرب أحد الموانئ الروسية وكانت هذه الحادثة هي القشة التي قسمت ظهر البعير وحققت لأنصار الحرب السيطرين على حزب الإتحاد والترقي مثل أنور باشا هدفهم حيث طلب بعد ذلك وزراء روسيا وفرنسا وبريطانيا مغادرة البلاد من رئيس الوزراء سعيد حليم باشا الذين حاول تبرير الموقف حيث كان من معارضي الحرب ولكنه لم ينجح في مبتغاه حيث أعلنت روسيا وبريطانيا وفرنسا الحرب على الدولة العثمانية وكان هذا بداية سلسلة من الويلات التي وقعت على الأقطار العثمانية آنذاك.

 

المصادر:

١) لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث علي الوردي

٢) مذكرات علي فؤاد بك

٣) تركيا في الحرب العالمية 

 

نبذة عن جائزة نوبل في السلام واستحقاق آبي أحمد للجائزة

جائزة نوبل في السلام وجهود رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لنشر السلام

بعد صراع دام لعقود بين إريتريا وإثيوبيا، يأتي دور آبي أحمد علي-Abiy Ahmed Ali -رئيس وزراء إثيوبيا الحالي- لنشر السلام وكسر الجليد بينهما، بعد خسائر مالية وبشرية كبيرة تكبدتهما الدولتان منذ ستينات القرن الماضي وحتى فترة قريبة. ونتيجة لتلك الجهود، تم تقليد آبي أحمد بجائزة نوبل في السلام لعام 2019 كناشر للسلام بين الأمتين.

جائزة نوبل في السلام

وقع ألفريد نوبل -مخترع الديناميت- السويدي وصيته الثالثة والأخيرة في النادي السويدي النرويجي في باريس؛ معلناً خلالها منح جوائز دولية سنوياً في 5مجالات (الأدب، السلام، الكيمياء، الفيزياء والطب) وتم إضافة الاقتصاد لاحقاً. ومرت 5 سنوات حتى مُنحت الجوائز للمرة الأولى في عام 1901، بعد اعتراضات عديدة من عائلته بتنفيذ الوصية ورفض ممن عينهم على تنفيذها.
وبمناسبة الإعلان عن جائزة نوبل في السلام لعام2019، يجوز تقديم ترشيح لجائزة نوبل للسلام من قبل أي شخص يستوفي معايير الترشيح، دون الحاجة إلى تقديم  خطاب دعوة. وتحتفظ اللجنة المعنية بقبول الترشيحات وأسماء المرشحين ولا يمكن الكشف عن أسمائهم وغيرها من المعلومات إلا بعد مرور 50 عاماً.

أما الشروط الواجب تحققها في المرشح يجب أن تتوافر فيما يلي:

1- أن يقع الشخص ضمن أعضاء المجالس الوطنية والحكومات الوطنية (أعضاء مجلس الوزراء / الوزراء) في الدول ذات السيادة وكذلك رؤساء الدول الحاليين.
2- أعضاء اللجنة التنفيذية للمجلس الدولي للرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية.
3- أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجية.
4- الحاصلين على جائزة نوبل للسلام من قبل.
5- المستشارون السابقون للجنة نوبل النرويجية.
6- رؤساء الجامعات، مديري الجامعات أو ما يعادلها من: مديري معاهد أبحاث السلام ومعاهد السياسة الخارجي.
7- أساتذة الجامعات والأساتذة الفخريون والأساتذة المساعدون للتاريخ والعلوم الاجتماعية والقانون والفلسفة والدين.

وفيما يلي الترشيحات، تقرر لجنة نوبل النرويجية الفائزين بجائزة نوبل للسلام سنوياً.

نبذة عن آبي أحمد علي الفائز بجائزة نوبل للسلام 2019

ولد آبي أحمد علي -رابع رئيس وزراء لجمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية- في 15 أغسطس 1976 ببلدة بشاشا الإثيوبية غرب البلاد من قبل أب مسلم وأم مسيحية. وترعرع في فترة انقسامات وفقر في سن مبكرة.
وفي ريعان شبابه، التحق آبي أحمد أولاً بالكفاح المسلح ضد النظام الاشتراكي الدرغي. وأثناء خدمته في قوة الدفاع الوطني الإثيوبي،ترقى لرتبة ملازم أول. ومن بين أدواره المختلفة في الحكومة، شغل منصب رئيس أمانة OPDO -المنظمة الديمقراطية لشعوب أورومو، وهو حزب سياسي على أساس عرقي في إثيوبيا وجزء من الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية. وشغل أيضاً نائب رئيس حكومة إقليم أوروميا، وزير وزارة العلوم والتكنولوجيا، المدير المؤسس لوكالة أمن شبكة المعلومات ومؤسس ورئيس معهد البحوث الحكومية ومركز معلومات العلوم والتكنولوجيا.

حصل رئيس الوزراء آبي أحمد -أب لثلاث بنات وابن بالتبني مؤخراً- على ماجستير في القيادة التحويلية، ماجستير في إدارة الأعمال، شهادة دكتوراه من معهد دراسات السلام والأمن بجامعة أديس أبابا. ومنذ أن أدى اليمين الدستوري كرئيس وزراء؛ انفصل عن التقليد – بإطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية أعمق اكتسحت البلاد. حيث أطلق سراح الآلاف من السجناء، عقد مناقشات ومشاورات مفتوحة مع أحزاب سياسية معارضة – وصفت بعضها في السابق بأنها “إرهابية”. وضع خطة لخصخصة بعض من أكبر المؤسسات العامة جزئياً -كجزء من برنامج أوسع لتحرير السوق والإصلاح الاقتصادي. والأهم، إبرام سلام تاريخي مع إريتريا المجاورة وإنهاء حرب استمرت مع الدولتين لعقود. وساهم كوسيط للوصول إلى اتفاق بخصوص انقسام السلطة في السودان، بعد أزمة سياسية أدت إلى اعتقال عمر البشير.

وأوضحت اللجنة النرويجية القائمة على تحديد الفائز والمرشحين مدى أعماله ومساهماتهفي في نشر السلام:

جهوده تستحق التقدير وتحتاج إلى التشجيع

جهود آبي أحمد مع حقوق النساء

اهتم رئيس الوزراء بمساواة المرأة مع الرجل في المجتمع الإثيوبي؛ حيث عين العديد من النساء في وزارته وعين البرلمان الإثيوبي أول رئيسة للبلاد ساهل وورك زويد-Sahle-Work Zewde بالإضافة إلى تأدية ميزا أشنافي-Meaza Ashenafi يمينها الدستوري كأول رئيسة للمحكمة العليا في البلاد.

صراع إثيوبيا وإريتريا

تعود جذور الصراع إلى حرب سابقة بين البلدين. في الستينات، ضمت إثيوبيا إريتريا إليها مما أثار صراعاً دام 30 عاما، حيث بدأت إريتريا الحرب لاسترداد استقلالها. وفي 1991، وافقت حكومة إريتريا الانتقالية تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا وحكومة إثيوبيا الانتقالية تحت قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، على إنشاء لجنة باحثة في المشاكل الناشبة بين الحكومتين في السابق وفي زمن الحرب قبل الموافقة على استقلال إريتريا. ولم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، وخلال السنوات التالية، تدهورت العلاقات بين الدولتين.
أجرت إريتريا عام 1993 استفتاء اختار فيه الناخبون بأغلبية ساحقة الاستقلال، وانقسم البلدان رسميا. ولم تكد تنطفئ النيران حتى اندلعت نزاعات حول الحدود بين البلدين 1997 – 1998 وكان الاختلاف القائم على بلدة حدودية تسمى بادمي-Badme. لم تكن المدينة مهمة بشكل خاص أو مفيدة من الناحية الإستراتيجية  ولم يكن لديها موارد مهمة للحديث عنها؛ مما دفع البعض إلى وصف النزاع بأنه “رجلان أصلعان يتقاتلان على مشط”. واندلعت نيران هذا الخلاف لتطال 80,000 – 100,000 قتيل وتشريد الآلاف. وفي عام 2002، عندما منحت لجنة فض نزاعات المدينة لإريتريا، رفضت إثيوبيا وطالبت بإجراء مزيد من المفاوضات؛ وعلى إثرها رفضت إريتريا التفاوض. وظل البلدان في حالة من الجمود، تميزت بوقوع أعمال عنف من حين لآخر على الحدود، لمدة عقدين من الزمان.

وعلى مر السنين، فر مئات الآلاف من الإريتريين إلى إثيوبيا وأوروبا وأماكن أخرى، مما زاد من أزمة المهاجرين المتزايدة. وفي الوقت نفسه، لم تظهر التوترات بين إثيوبيا وإريتريا أي علامات على التراجع.

جهود آبي احمد في حل النزاع الحدودي وسبب حصوله على جائزة نوبل في السلام

كانت هناك موجة من الاضطرابات الشعبية في السنوات الأخيرة بإثيوبيا، حيث نظم مئات الآلاف من الناس احتجاجات جماهيرية، مطالبين بمزيد من الحرية السياسية، والإصلاحات الاقتصادية، وتوزيع أكثر ديمقراطية للسلطة. ظلت إثيوبيا تحت حكم الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية (EPRDF) لثلاثين عقداً تقريباً، لكن معظم القوة كانت متركزة في أيدي عصابة من مقاتلي التحرير السابقين -جبهة تحرير شعب تيغريان- التي كانت تسيطر على الدولة. ومثلت قوات الأمن مصالح أقلية عرقية صغيرة. وزاد حنق الإثيوبيين العاديين غير راضين عن المستويات العالية من الفساد الحكومي والقوانين القمعية.

نهاية الاضطرابات

ورداً على الاحتجاجات والاضطرابات الجماهيرية، استقال رئيس الوزراء هيليماريام ديسالين-Hailemariam Desalegn في فبراير 2018. وتولى آبي علي في سن 41 عام -الوافد الجديد من مجموعة عرقية أخرى أورومو– زمام الأمور في أبريل. ليصبح أصغر القادة في إفريقيا. وفي غضون بضعة أشهر قصيرة، أطلق آبي سراح الآلاف من السجناء السياسيين، وتمكن من استعادة الوصول إلى المواقع الإلكترونية المحظورة من قبل، ورفع قائمة الإرهاب للعديد من جماعات المعارضة، والتزم بإصلاح القوانين القمعية واعترف بحدوث التعذيب في البلاد. وفي يونيو، أعلن آبي أن إثيوبيا ستحترم قرار لجنة الحدود لعام 2000، والبلدين الآن بصدد إقامة علاقات اقتصادية وتطوير للموانئ. وتم استئناف رحلات الركاب المباشرة بين البلدين. كما أعلنت إريتريا سحب قواتها من الحدود لأول مرة منذ عقود، رغم أن إثيوبيا لم تفعل الشيء نفسه.

وصرح آبي لصحيفة نيويورك تايمز:

لم تعد هناك حدود بين إريتريا وإثيوبيا؛ لأن جسر الحب دمرها

وسعت دول أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بهدوء للتوصل إلى اتفاق سلام لبعض الوقت. حيث استأجرت الإمارات العربية المتحدة ميناءً رئيسياً في إريتريا ولديها مصالح تجارية واضحة في رؤية التجارة متجددة بين البلدين.

حصول آبي أحمد على جائزة نوبل في السلام 2019

صباح اليوم، الجمعة 11 أكتوبر، أعلنت اللجنة النرويجية في بيان لها صباح اليوم عن الفائز بجائزة نوبل في السلام مشيدة بجهوده وطموحاته التي حققت السلام بين إريتريا وإثيوبيا وفض النزاعات على حدود البلدين. وسارع آبي أحمد إلى وضع مبادئ اتفاقية سلام لإنهاء الجمود الطويل وهي: لا سلام ولا حرب بين البلدين، بالتعاون مع إيسياس أفورقي-Isaias Afwerki رئيس إريتريا. وتم إيضاح هذه المبادئ من خلال التصريحات التي وقعها رئيس الوزراء آبي والرئيس أفورقي في أسمرة وجدة في يوليو الماضي. وأوضح رئيس وزراء إثيوبيا عن رغبته غير المشروطة في قبول حكم التحكيم الصادر عن لجنة الحدود الدولية في عام 2002.

المصادر

The Nobel Prize

The Nobel Prize in Peace

CNN

UNESCO

Vox

Exit mobile version