هل يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة؟

هل يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة؟

تعرضت فتاة تركية تبلغ من العمر 14 عام للاعتداء الجنسي من قبل صديقها، فأجريت لها 3 فحوصات لغشاء البكارة لتتمكن المحكمة من إثبات الاعتداء وتوجيه الاتهام ضد المعتدي، ولكن نتائج تلك الفحوصات كانت مختلفة عن بعضها تمامًا. [1]

فحص البكارة أو كما يعرف «بفحص العذرية-virginity test» هو اختبار لعذرية الفتاة-أي احتمالية ممارسة الفتاة للجنس المهبلي من قبل-، وتختلف طرق الفحص حسب المنطقة ولكن معظم الطرق تعتمد على الكشف لسلامة غشاء البكارة تُعرف هذه السلامة بقياس التغيرات في شكل وحجم الغشاء وقياس حجم فتحاته.

ما هو غشاء البكارة؟

«البكارة-hymen» كلمة مشتقة من اسم إله الزواج عند الإغريق «Hymenaeus». في المراحل الأولى من تكون الجنين يكون المهبل عبارة عن أنبوب مصمت مليء بالأنسجة مع نمو الجنين تبدأ تلك الأنسجة في التآكل ليصبح المهبل أنبوب مجوف يصل عنق الرحم بالخارج، ولكن تبقى القليل من تلك الأنسجة المتآكلة لتشكل غشاء عند الفتحة الخارجية للمهبل هذا الغشاء هو ما يعرف بالبكارة.

يحتوي غالبًا هذا الغشاء على فتحة واحدة أو عدة فتحات تختلف أشكالها من فتاة لأخرى تسمح هذه الفتحات بنزول دم الحيض، ولكن في حالات نادرة قد لا يحتوي هذا الغشاء على فتحات مما يشكل عائق في نزول دم الحيض فتخضع الفتاة لعملية جراحية يُثقب فيها الغشاء. تُشير بعض الدراسات إلى أنه من الممكن أن تُولد بعض الفتيات بدون غشاء بكارة. كأي جُزء من جسم الإنسان يتغير شكل وحجم ومرونة البكارة مع التقدم في العمر، وتبدأ هذه التغيرات منذ لحظة الولادة. [2]

بعض من الأشكال المختلفة لفتحات غشاء البكارة

هل يجب أن يحدُث تغير في شكل وحجم وتركيب البكارة بعد أول اتصال جنسي مهبلي ؟

تُشير عدة دراسات إلى أنه ليس من الضروري حدوث تغيرات في البكارة عند أول اتصال جنسي مهبلي. على سبيل المثال في دراسة نُشرت في مجلة «JAMA Pediatric» تدرس تغيرات البكارة بعد الاتصال الجنسي المهبلي عند الفتيات المراهقات وجدت الدراسة أن 52% من المراهقات المشاركات في الدراسة واللاتي مارسن الجنس المهبلي سابقًا لم تكن لديهن أي تغيرات في غشاء البكارة تُشير لحدوث اتصال جنسي مهبلي. [3]

كذلك تُشير عدة دراسات أخرى إلى أن التغيرات في البكارة قد تحدث لأسباب أخرى غير الاتصال الجنسي المهبلي كالعمليات الجراحية أو حدوث إصابات أخرى. [2]

هل يجب أن يحدث نزف مِهبلي عند أول اتصال جنسي مهبلي؟

تُشير الدراسات إلى أنه ليس من الضروري أن يحدث نزف مهبلي عند أول اتصال جنسي مهبلي للأنثى، وقد يحدث النزف المهبلي كنتيجة لتمزق غشاء البكارة ولكن قد يتمزق غشاء البكارة بدون حدوث نزف لأنه يحتوي على القليل من الأوعية الدموية التي تجعل هذا النزف غير ملحوظ.

أحيانًا يكون هذا النزف بسبب التقرحات التي تحدث في جدار المهبل أثناء إدخال العضو الذكري داخل المهبل. [2]

هل يتلقى الأطباء تدريب كافٍ لمعرفة التغيرات التي تحدث في غشاء البكارة؟

غالبًا ما يتعلم طلاب الطب القليل حول غشاء البكارة والفحص المهبلي. مثلًا في المملكة السعودية العربية هناك دراسة تشير أن 43% من طلاب الطب لم يتلقوا أبدًا تدريب للفحص المهبلي. هذا ما يجعل الأطباء غالبًا ما يواجهون صعوبة في التمييز بين التغيرات الطبيعية في شكل البكارة وتلك التي تحدث بسبب الإصابات أو الاتصال الجنسي المهبلي. لذلك من الشائع أن يعتبر الأطباء خطأً تغيرات طبيعية كالتضخم في فتحة أو فتحات البكارة علامة على حدوث الاتصال الجنسي المهبلي. [2]

الخُلاصة:

العلم لا ينفي احتمالية حدوث تغيرات للبكارة أثناء الاتصال الجنسي المهبلي، ولكن فحص البكارة غالبًا ما يُخطيء في التعرف على تلك التغيرات لأن تلك التغيرات قد تحدث كنتيجة لأسباب أخرى غير الاتصال الجنسي المهبلي، وكذلك قد يحدث الاتصال الجنسي المهبلي بدون حدوث تغيرات في البكارة، وقد تولد بعض الفتيات بدون هذا الغشاء هذه الأسباب جعلت فحص البكارة غير متخصص ودقيق، وهذا ما جعل نتائج الفحوصات الثلاثة للفتاة التركية تختلف عن بعضها البعض، ولذلك لا يمكننا الوثوق في نتائج فحص غشاء البكارة.

المصادر:

[1] NCBI

[2] NCBI

[3] JAMANETWORK

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

هل يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

«ريف بريتوريوس» رجل أمريكي يبلغ من العمر 49 عام، تعرض لحادث سير في عام 2011 جعله يعاني من عدة كسور في فقرات الرقبة وضرر بالغ في الأعصاب. يعاني «ريف» من آلام مستمرة في ساقيه، وصفها بأنّها تشبه وقوع الماء الساخن على ساقيه باستمرار. لقد كانت شدة الألم توقظه من نومه كل ليلة. في التاسع عشر من يوليو الماضي أصيب ريف بفيروس كورونا في مكان عمله. لقد خفف المرض من شعور «ريف» بالألم وجعله يختفي تمامًا في كثير من الأحيان. ولأول مرة منذ تعرضه لحادث السير كان «ريف» قادرًا على النوم بشكل متواصل، ولكن سرعان ما عاد الألم مجددًا عندما بدأ «ريف» يتعافى من فيروس كورونا. [1]

كيف يمكن لفيروس كورونا أن يسكّن الألم؟

نُشرت دراسة في مجلة «pain» لمجموعة باحثين من جامعة أريزونا للعلوم الصحية تدرس كيف يُسَكّن الألم، عن طريق تثبيط مسار «VEGF-A/neuropilin-1» بواسطة البروتين الشائك الموجود على سطح فيروس كورونا. لفهم نتائج الدراسة دعونا أولًا نذكر بعض المعلومات المهمة:

1. عندما تُصاب أجسادنا بضرر كوخزة الإبرة أو العدوى مثلًا، هناك بروتين يدعى «عامل النمو البطاني الوعائي_ VEGF» هذا البروتين موجود في أجسامنا وله علاقة بتخليق ونمو الأوعية الدموية كذلك له القدرة على الارتباط بمستقبلات «النيوروبيلين-neuropilin receptors» هذا الارتباط يُحدِث سلسلة من التفاعلات التي تحفز «العصبونات-neurons» فنشعُر بالألم.

2. السطح الخارجي لفيروس كورونا يتكون من بروتين رئيسي يدعى «البروتين الشائك» هذا الذي يُعطي الفيروس المظهر التاجي تحت المجهر، يرتبط هذا البروتين بعدة مستقبلات موجودة في جسم الإنسان أهمها «ACE2 receptor» ليسبب المرض. [2]

نعود من جديد لفهم ما فعله باحثو جامعة أريزونا للعلوم الصحية: عمل الباحثون على اختبار صحة فرضية أنّ «البروتين الشائك» لفيروس كورونا يعمل على مسار الألم «1-VEGF-A/Neuropilin»، فأجروا مجموعة تجارب لحيوانات التجارب عن طريق استخدام بروتين«VEGf-A» كمحفز للعصبونات لخلق الإحساس بالألم ومن ثم أضافوا «البروتين الشائك» لتلك الحيوانات. لقد وجد العلماء أن البروتين الشائك يمكنه أن يرتبط بمستقبلات «neuropilin-1» فيحِل محل بروتين «VEGF-A» ويمنعه من الارتباط، وبالتالي يثبط هذا سلسلة التفاعلات التي تسبب الألم. يقول الباحثون أنّ نتائج الدراسة تدل على أنّ فيروس كورونا يُمكنه أن يسكّن الألم، ولكن هذا لا يلغي احتمالية وجود طريقة عمل أخرى للفيروس يمكن أن يسبب بها الألم. [3]

كيف يمكن أن نستفيد من نتائج هذه الدراسة؟

1. يمكن لهذه الدراسة تفسير سبب عدم شعور البعض بفيروس كورونا رغم الإصابة به، فسر ذلك الدكتور «خانا-khanna» أحد المشاركين في هذه الدراسة بأنه يمكن لحاملي الفيروس ممن لا تظهر عليهم أعراض الإصابة ألّا يشعروا بالمرض لأن الفيروس أخفى الألم، إثبات أن هذا التسكين للألم هو ما يساهم في انتشار الفيروس بسرعة ستكون له قيمة عظيمة.

2. كذلك تكمن أهمية هذه الدراسة في أنّه يمكنها فتح الباب لاكتشاف مسكنات جديدة للألم. رغم النتائج المذهلة لهذه الدراسة، إلّا أنّه لا زلنا نحتاج دراسات أخرى تُجرى على الإنسان، بدلًا من حيوانات التجارب للتأكد ممّا يحدث حقًا.

لا شك أنّ جائحة الكورونا أثّرت سلبًا على البشرية أجمع، ولكن من يدري لربّما هذا الفيروس يعلمنا طريقة جديدة نسكّن بها آلامنا.

المصادر

[1] scientificamerican

[2] The University of Arizona

[3] International Association for the Study of Pain

Exit mobile version