ما هي البقع الشمسية؟

هذه المقالة هي الجزء 5 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

تلعب الشمس دورًا هامًا في تحديد مناخ كوكب الأرض لا سيما أنها مصدر الطاقة الحرارية الرئيسي له. ولدراسة تأثيرها على المناخ؛ يلجأ علماء الفلك لقياس مستوى النشاط الشمسي عن طريق حساب عدد البقع الشمسية. فما هذه البقع وكيف تتشكل؟ وكيف يُحسب عددها؟

ما هي البقع الشمسية وكيف تتشكل؟

من المعروف أن الشمس لا تدور ككيان واحد؛ فمناطقها الاستوائية تدور أسرع من القطبية. كما تمتلك الشمس مجالاً مغناطيسياً قوياً تتصل خطوط حقله بالقطب الشمالي للشمس من جهة وبالجنوبي من جهة أخرى. إلا أن اختلاف سرعة الدوران تلك تؤدي إلى فتل ولوي خطوط الحقل المغناطيسي فتخرج من سطح الشمس في بعض المواقع مشَكِّلةً أزواجاً من البقع الداكنة تعرف ب«البقع الشمسية-Sunspots».

ونتيجة لقوة الحقل المغناطيسي في هذه البقع؛ لا تنتقل التيارات الحرارية بشكل جيد من داخل الشمس إلى سطحها؛ مما يجعلها أبرد وأقل توهجًا من غيرها من المناطق الأخرى من الشمس، حيث يبلغ متوسط درجة حرارتها حوالي 4500 درجة مئوية (أي أقل ب1500 درجة من متوسط حرارة سطح الشمس). يمكن أن تظهر البقع في أي مكان من سطح الشمس ويمتد ظهورها من عدة ساعات لعدة أشهر، كما تتميز بأنها غير ثابتة الشكل أو الموقع؛ حيث تتوسع وتتقلص أثناء حركتها وقد يصل طول قطرها إلى 80,000 كيلومتر.

أول رصد للبقع الشمسية

في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد، سجّل الصينيون رؤيتهم لبقع داكنة على الشمس. ولكن أول رصد فعلي للبقع الشمسية يعود لعام 1610م، حين قام كل من الإيطالي «غاليليو غاليلي-Galileo Galilei» والهولندي «يوهانس فابريسيوس-Johannes Fabricius» والألماني «كريستوفر شينر-Christopher Scheiner» والإنكليزي «توماس هاريوت-Thomas Harriott» برصدها كل منهم على حدى، فقد رصد كل من الرجال الأربعة بقع على الشمس عن طريق تلسكوباتهم، ورسموا مخططات توضح تغيرات أشكال هذه البقع ومواقعها.

رسم يوضح تغيرات البقع الشمسية من قبل غاليليو غاليلي عام 1612

الدورة الشمسية

تمتلك الشمس في بعض الأحيان عددًا كبيرًا من البقع الشمسية؛ بينما يقل ذلك العدد حتى ينعدم في أحيان أخرى. وفي عام 1843م اكتشف الكيميائي والفلكي الألماني «هنريك شويب-Heinrich Schwabe» وجود نظام دوري لتغير أعداد البقع الشمسية كل 11 سنة وأسماه ب«الدورة الشمسية-Solar Cycle». تسمى الفترة من الدورة الشمسية التي ينخفض فيها نشاط البقع ب «الحد الأدنى من الطاقة الشمسية-Solar Minimum»، بينما تعرف الفترة الدورية ذات النشاط الشمسي المرتفع ب«الحد الأعلى من الطاقة الشمسية-Solar Maximum».

أما حالياً فيحسب عدد البقع من العلاقة:

R=K(10g+s) حيث:

K  عامل التحجيم المتغير (غالباً <1) يشير إلى مجموعة عوامل منها ظروف الرصد وحالة التلسكوب.
G  عدد مجموعات البقع.
S  عدد البقع المنفردة في كل مجموعة.

مخطط الفراشة

يبين «مخطط الفراشة-Butterfly Diagram» -الذي سمي نسبة لشكله- مواقع توضح البقع لكل دورة شمسية منذ عام 1874م، ويظهر أن تجمعات البقع تنشأ على خطوط العرض الوسطى للشمس، ثم تتوسع وتتحرك باتجاه خط الاستواء خلال فترة الدورة الشمسية.

عندما تصل البقع إلى خط الاستواء تكون الدورة الشمسية في مرحلة أدنى حد للطاقة، وعندها تبدأ بقع جديدة بالتشكل قرب خطوط العرض الوسطى.

مخطط الفراشة

التوهجات الشمسية وآثارها

خلال مدة الدورة الشمسية تحدث انفجارات ضخمة على سطح الشمس تدعى «التوهجات الشمسية-Solar flares»، قد تستمر هذه التوهجات الهائلة لعدة دقائق أو عدة ساعات وتصدر طاقة تعادل انفجار مليار طن من الديناميت! تحدث التوهجات الشمسية قرب البقع الشمسية وغالبًا ما تكون على طول الخط الفاصل بين المناطق ذات الأقطاب المغناطيسية المتعاكسة، أما التوهجات الأكبر فتحدث خلال السنين التالية للحد الأعلى من الطاقة الشمسية.

تعد التوهجات الشمسية هي السبب الأساسي في التشويش الذي يصيب إشارات الراديو الأرضية. فعند انبعاث الطاقة منها إلى خارج الشمس تتحول إلى رياح شمسية. والتي تتكون من جسيمات عالية الطاقة قادرة على اجتياز طبقة الغلاف الجوي الأرضي المسماة «الأيونوسفير-Ionosphere». وبما أن طبقة الأيونوسفير تلعب دورًا هامًا في نقل الإشارات الراديوية عن طريق عكسها لتعود إلى سطح الأرض. فإن التشويش الذي تحدثه الرياح الشمسية يمكن أن يؤدي إلى ضياع الإشارة الراديوية بشكل كامل.  

بالإضافة إلى ما يمكن أن تسببه الرياح الشمسية من تعطيل شبكات الطاقة المغذية للأقمار الصناعية. ففي عام 1979م تعطلت «محطة سكايلاب الفضائية-Skylab space station» ودخلت الغلاف الجوي للأرض نتيجة تعرضها لنشاط شمسي عالي الطاقة، وتناثر حطامها فوق المحيط الهندي وأجزاء من أستراليا الغربية.

وبذلك نرى أن أعظم التكنولوجيا الأرضية قد تتعطل من نشاط نجم يبعد عنا حوالي 150 مليون كيلومتر!

المصدر:

NASA

لماذا سماء الليل مظلمة؟

 نعيش اليوم في كون لا نهائي من النجوم والمجرات، وأينما نظرنا في سماء الليل نرى نجمة أو مجرة منها، يشبه الأمر الوقوف في غابة لا منتهية من الأشجار؛ حتماً سترى شجرة في كل مكان! فلماذا إذاً تكون سماء الليل مظلمة مع كل هذا الحشد من النجوم؟

قد تعتقد أن ضوء المجرات البعيدة يخفت في طريقه إلينا؛ لكن سماءنا تذخر بعدد كبير من المجرات يزداد كلما نظرنا في أعماقها والذي يكفي لإنارة سماء الليل بأكملها.

يعرف هذا التناقض بين المنطق الذي يخبرنا أن سماءنا يجب أن تكون منيرة والواقع المتمثل بظلمتها باسم «مفارقة أولبرز-Olbers’ paradox» نسبة للفلكي الألماني «ه.و.م أولبرز-H.W.M. Olbers»، فما هي حلول هذه المفارقة؟ وما أبرز الفرضيات التي فشلت بحلها عبر التاريخ؟

أبرز الحلول الفاشلة

1.  المسافة

لقد كان «توماس ديغز-Thomas Digges» أول من لاحظ مشكلة أولبرز وكتب عنها عام 1576م، كما اقترح أول حل لها حيث اعتقد أن النجوم بعيدة جداً ويخفت ضوءها في طريقه إلينا لدرجة لا نتمكن من رؤيته نهائياً.

كما أعيدت صياغة هذه الفكرة بشكل أكثر تعقيداً في نظريات الضوء المنهك.

2.  الضوء المنهك

تعود الفكرة إلى «رينيه ديكارت-Rene Descartes»، إلا أنها اقترحت كحل للمفارقة لأول مرة من قبل «نيكولاس هارتسويكر-Nicolaas Hartsoeker»، الذي حاجج أن ضوء النجوم يمكن أن يخف ويصبح «منهكاً-Tired» في طريقه إلينا حتى يختفي تماماً عند وصوله للأرض.

وقد أعيد ذكر هذه الفكرة في القرن العشرين عند محاولة بعض الفيزيائيين تفسير الانزياح الأحمر للمجرات دون اعتبار تمدد الكون.

3. الامتصاص

كتب «جان فيليب لويس دو شيزو-Jean-Philippe Loys de Chéseax» عام 1744م أن طاقة الضوء قد تتناقص بمعدل أكبر مما ينص عليه قانون التربيع العكسي إذا كان الفضاء مكوناً من مائع قادر على امتصاص مقدار قليل من طاقة الضوء.

أعجب أولبرز بهذه الفكرة وتبناها عام 1823م كحل محتمل لمفارقته، إلا أنها فشلت في ذلك لأن الوسط المائع سترتفع حرارته بعد امتصاص الضوء وسيبدأ بالتوهج بنفس مقدار الضوء الذي امتصه سابقاً بحسب قانون «حفظ الطاقة».

 *قانون فيزيائي ينص على أن كمية أو قوة فيزيائية معينة تتناسب عكسيًا مع مربع المسافة إلى مصدر هذه الكمية الفيزيائية 

4. التوزيع التجزيئي

نشر «هرشل-Herschel» نظريته عن الكون التجزيئي عام 1848م، والتي وصفت كوناً منظماً بمجموعات تجزيئية؛ فالنجوم منظمة ضمن مجرات والمجرات ضمن عناقيد مجرية وهكذا.. 

يمكن لفكرة هرشل عن الكون أن تفسر كون سماء الليل مظلمة؛ فيمكن افتراض أن المادة موزعة بشكل معين في الكون بحيث تكون بعض الاتجاهات فارغة ومظلمة تماماً.

قد تبدو الفكرة صحيحة نظرياً ولكنها تتعارض مع الواقع؛ فالكون يبدو متناظر بشكل مثالي تقريباً على المقياس الكبير (أي نفسه في كل الاتجاهات).

5. الفضاء المنحني

في عام 1872م اقترح «ج.ك.ف زولنر-J.K.F. Zöllner» حلاً مهماً للمفارقة افترض فيه أن أبعاد الفضاء الثلاثة كلها منحنية بحيث يمكن للخطوط المتوازية أن تلتقي، فالفضاء غير محدود ولكن مصادر ضوئه محدودة.

يفشل هذا التفسير عملياً لأن أمواج الضوء قد تنحرف بسبب الجاذبية وتصل إلينا من كل الجهات.

وعلى رغم فشل فكرة زولنر في حل مفارقة أولبرز؛ إلا أنه توقع خلالها انحناء الفضاء قبل أينشتاين بـ 43 عام!

6. الفراغات الأثيرية

وفي عام 1878م قدم «س. نيوكام-S. Newcomb» حلّه الجديد للمفارقة، حيث افترض أن الأثير الكوني* غير موزّع بشكل متساوً في أنحاء الكون؛ بل يتخلله في بعض الأماكن فراغات خالية منه تدعى «الفراغات الأثيرية-Ether voids»، والتي تشكل حواجز تمنع مرور الضوء.

ثم اقترح «ج.ي غور-J.Y. Gore» أن مجرة درب التبانة محاطة كلياً بفراغ أثيري لجعلها مناسبة أكثر لتفسير كون سماء الليل مظلمة.

فشلت هذه الفكرة في حل المفارقة لأنها لو كانت صحيحة فالفراغ الأثيري المحيط لدرب التبانة سيمنع الضوء الموجود فيها من الخروج جاعلاً إياه يرتد عن الحاجز الأثيري مضيئاً السماء بأكملها.

*مادة كان يُعتقد أنها تملأ كل الفضاء الكوني

الحلول الجديدة

1. العمر والطاقة المحدودة

بما أن سرعة الضوء محدودة فإن ضوء النجوم والمجرات البعيدة يحتاج لوقت كبير ليصل إلى الأرض، بالتالي تكون السماء مظلمة لأن غالبية النجوم بعيدة بشكل كبير بحيث لم يصل ضوءها لنا بعد. أعجب «جون مادلر-Johann Mädler» بهذه الفكرة وربطها مع فكرة عمر الكون المحدود لتقديم حجة أقوى؛ فكوننا ونجومه صغيرة في العمر بحيث لم يحصل ضوءها على الوقت الكافي لينير سماءنا بعد!

ومن جهة أخرى طاقة النجوم أيضاً محدودة ولا تملك الطاقة الكافية لإنارة كامل السماء، وقد دعم «هاريسون-Harrison» هذا الحل حسابياً عندما أثبت أن النجوم تحول 0.1% من كتلتها إلى طاقة، ولكن حتى لو حولت كامل كتلتها لن تسطيع إضاءة السماء أكثر مما يفعل القمر.

2. توسع الكون

وأخيراً قدم «ه. بوندي-H. Bondi» و«ت. غولد-T. Gold» و«ف. هويل-F. Hoyle» حلاً للمفارقة عام 1948م، حيث اعتقدوا أن الكون يبدو متماثلاً في كل الأوقات وكل الجهات «نظرية الحالة المستقرة-Steady State Theory»، كما أنه يتوسع بشكل مستمر جاعلاً الأمواج الضوئية تمتط ومُبعِداً فوتونات الضوء عن بعضها البعض، كلا التأثيرين يقللان من شدة الضوء الذي يصلنا من النجوم البعيدة بنسبة 40% مما يجعل السماء مظلمة.

رغم دحض نظرية الحالة المستقرة؛ إلا أن توسع الكون لا يزال مقبولاً كأفضل حل لمفارقة أولبرز.

وفي الختام نرى كيف يكمن وراء ظاهرة بسيطة كظلام الليل أحد أكبر أسرار الكون!

المصدر:

Towson university

كيف تُكتشف الكواكب الخارجية؟

كيف تُكتشف الكواكب الخارجية؟

ما هي الكواكب الخارجية؟

يطلق مصطلح «الكواكب الخارجية-Exoplanets» أو «الكواكب غير الشمسية-Extrasolar planets» على الكواكب المختلفة الموجودة خارج مجموعتنا الشمسية. يدور كل منها في نظامه النجمي الخاص باستثناء «الكواكب المشرّدة-Rogue planets»؛ التي تدور حول مركز المجرة دون أن تتبع نظاماً نجمياً محدداً.

تتنوع مكونات الكواكب الخارجية فتتدرج من كواكب صخرية كلياً تشبه الزهرة والأرض، وصولاً إلى كواكب غنية بالغاز أمثال المشتري وزحل، فلا يوجد تركيب محدد لها، رغم أن العناصر المكونة لها شبيهة جداً بتلك المكونة لمجموعتنا الشمسية؛ إلا أن طريقة تمازج هذه العناصر وتكوينها لمركبات متنوعة تختلف من كوكب لآخر. [1]

كيف تُكتشف الكواكب الخارجية؟

قام العلماء بتطوير طرق غير مباشرة لرصدها أهمّها:

 1. «السرعة القطرية-Radial velocity»

تؤثر قوة الجاذبية بين كل من النجم والكوكب؛ فيدور الكوكب حول نجمه لأنه أثقل منه وحقل جاذبيته أكبر، بينما يكون تأثير الكوكب على النجم ضئيل كَونَ حقل جاذبيته أضعف بكثير، ولكن إذا ما أخذنا هذا التأثير الضئيل بالحسبان نجد أنه يسبب تمايلاً في حركة النجم يتناسب طرداً مع كتلة الكوكب المؤثر؛ فالكواكب الصغيرة كالأرض مثلاً تملك تأثيراً ضئيلاً جداً يكاد لا يُلاحظ..

يتم الكشف عن تمايل النجم عن طريق رصد «تأثير دوبلر-Doppler effect»، الذي يعرف بأنه تمدد أو انضغاط الأمواج نتيجة حركة مصدرها؛ حيث تصبح الأمواج الضوئية أكثر تمدداً (تميل للأحمر) بابتعاد المصدر، وتنضغط (تميل للأزرق) باقتراب المصدر.

تعد هذه الطريقة إحدى أكثر طرق الكشف عن الكواكب الخارجية فعالية فهي تساعدنا في التعرف على كتلة الكوكب وخصائص مداره.

2. «القياسات الفلكية-Astrometry»

يمكن رصد التمايل النجمي السابق بطريقة أخرى تعرف باسم القياسات الفلكية؛ حيث يظهر التمايل بشكل تغيرات في موضع النجم الظاهري في السماء، تعتمد هذه الطريقة بشكل أساسي على تصوير النجم المراد دراسته ومقارنة الصور بشكل مستمر للكشف عن أي تغير في المسافات بينه وبين النجوم القريبة منه، ثم تحليل بيانات هذا التغير -إن وجد- في سبيل البحث عن الكواكب الخارجية التي سببته.  

تتميز هذه الطريقة بصعوبتها؛ فالنجوم تتمايل بمقادير صغيرة جداً صعبة الملاحظة خاصةً إذا كان الكوكب المؤثر على النجم صغير الكتلة، إضافة لأنها تتطلب عدسات فائقة الدقة عند التصوير. ويزداد الأمر صعوبة عند التنفيذ من الأرض؛ لأن الغلاف الجوي يقوم بتشويه الضوء وحنيه.

3. «التصوير المباشر-Direct imaging» 

تعتمد هذه الطريقة بشكل أساسي على التقاط صور النجوم، ثم إزالة الوهج الشديد المنبعث منها بحثاً عن الكواكب التي قد تكون بجوارها، فرغم أن الكواكب الخارجية البعيدة خافتة جداً مقارنة بنجومها الساطعة والتقاط صور لها شبه مستحيل؛ إلا أن التقنيات الحديثة جعلت ذلك ممكناً. حيث يستعمل الفلكيون تقنيتين رئيستين لتخفيف وهج النجوم المرصودة وهما:

1. «الكورونجراف-Coronagraph»:

جهاز يوضع داخل التليسكوب لحجب وهج النجم قبل وصوله إلى حساس التلسكوب. 

2.«ستارشيد-Starshade»:

جهاز يوضع بحيث يحجب وهج النجم قبل وصوله إلى التليسكوب. 

4. «ظاهرة العبور الفلكي-Transit»

يشبه العبور الفلكي إلى حد كبير ظاهرة الكسوف؛ حيث يمر القمر بين الأرض والشمس بشكل يحجب ضوء الشمس عن الأرض مؤقتاً، أما في العبور الفلكي يمر الكوكب أمام نجمه حاجباً ضوءه بمقدار ضئيل جداً يكون غير مرئي في حالة الكواكب الخارجية البعيدة، ولكن إذا ما قمنا بمراقبة كمية الإشعاع المنبعث من النجم بشكل مستمر نستطيع ملاحظة أي تناقص في كمية الإشعاع؛ والذي بدوره يدلنا على وجود كوكب ما يدور حول النجم.

تفيد هذه الطريقة في معرفة بعض خصائص الكوكب المكتشف عن طريق قياس مقدار تناقص الضوء ومدة استمرار الظاهرة للتوصل إلى معلومات متعلقة بحجم الكوكب ومداره وبعده عن نجمه. كما قد نتمكن من معرفة مكونات غلافه الجوي ودرجة حرارته من خلال تحليل «طيف الضوء-Spectrum of light» المنعكس من الكوكب.

5. «التعدس الثقالي الدقيق-Gravitational microlensing»

تتميز الجاذبية بقدرتها على حني نسيج الكون «الزمكان-Spacetime» وتسبب اعوجاجاً فيه، وعند مرور شعاع ضوئي قرب جسم ثقيل يتأثر بجاذبيته فينحرف ويغير اتجاههينتج عن هذا الانحراف تأثيرات عديدة منها التعدس الثقالي؛ حيث تتصرف جاذبية نجم أو كوكب ما كالعدسة المكبرة جاعلةً الضوء القادم من نجم أبعد يتركز ويبدو أكثر سطوعاً لفترة مؤقتة، أما بالنسبة للراصد فيبدو تأثير التعدس كنجمة بعيدة يزداد سطوعها تدريجياً ثم تتلاشى، وإذا ما أثّر التعدس على كوكب سيبدو كومضة سريعة للضوء تسطع ثم تخفت، كما أن غالبية الكواكب المرصودة بهذه الطريقة هي كواكب مشردة تُحدِث ومضات ثقالية سريعة. [2]

تستمر جهود العلماء في البحث وتطوير تقنيات جديدة سعياً وراء اكتشاف حياة فضائية قد تكون مختبئة في إحدى زوايا الكون المظلمة…

المصدر:

[1] NASA

[2] NASA

إشعاع هوكينج | تأثير الكم في الثقوب السوداء

هذه المقالة هي الجزء 9 من 10 في سلسلة رحلة إلى أعتم أجسام الكون، "الثقوب السوداء"

إشعاع هوكينج | تأثير الكم في الثقوب السوداء

في عام 1975 نشر العالم ستيفن هوكينج دراسة صادمة: الثقوب السوداء ليست سوداء حقاً بل تصدر إشعاعاً حرارياً! فما علاقة الكمّ والنسبية وكيف جمعت هذه الدراسة بينهما؟ كيف يحدث الإشعاع؟ وما أهم المشكلات المتعلّقة به؟

النسبية وأفق الحدث

بشكل عام تبدو علاقة النسبية واضحة هنا، فالإشعاع صادر عن الثقوب السوداء التي تُعتَبر إحدى أهم تطبيقات النظرية النسبية، أما بشكل خاص فغالبية الأمر متعلق بأفق الحدث، الذي يعرف بأنه منطقة حول الثقب الأسود تشكل الحد الذي لا يمكن لأي شيء أن يفلت منه؛ حيث تتجاوز سرعة الإفلات سرعة الضوء التي لا يمكن تجاوزها بحسب النسبية الخاصة [3].

ولكن ما علاقة نظرية الكم؟

في الحقيقة إن ادعاء هوكينج يستند بشكل أساسي إلى ميكانيك الكم؛ حيث أثبتت نظرية الكم أن الفضاء الفارغ ليس فارغ حقاً في المستويات دون الذرية، فحتى أكثر المناطق فراغاً في الكون تتذبذب فيها حقول الطاقة مؤديةً لتشكل أزواج من الجسيمات الافتراضية بشكل مستمر، يتكون كل زوج منهما من جسيمين متكافئين في الكتلة ومتعاكسين في الطاقة يشكلان ما يعرف بزوج جسيم-مضاد جسيم؛ ونتيجة لطاقتهما المتعاكسة يُفنيان بعضهما فوراً في حادثة تعرف باسم «الفناء-annihilation»، حتى أن سبب تسميتهم بالجسيمات الافتراضية يعود لنفس السبب؛ فهذه الجسيمات تفنى قبل أن تصبح حقيقية [2].

كيفية حدوث إشعاع هوكينج

تتشكل الجسيمات الافتراضية السابقة قرب الثقوب السوداء كأي منطقة أخرى في الكون إلا أن الجاذبية الفائقة للثقب الأسود تحدث الفرق. فقد لاحظ هوكينج أنه عند تشكل زوج جسيم-مضاد جسيم قرب منطقة أفق الحدث تقوم قوى الجذب بفصل الجسيمين قبل أن يفنيان بعضهما. يسقط مضاد الجسيم (سالب الطاقة) في الثقب الأسود تاركاً قرينه الجسيم (موجب الطاقة) يغادر الثقب الأسود بشكل إشعاع هوكينج الذي يتكون من الفوتونات وجسيمات «النيوترينو- neutrino» وغيرها من الجسيمات الثقيلة. وتنص قوانين الكم على أن الجسيم الساقط في الثقب الأسود هو دوماً سالب الطاقة. وبالتالي سيقوم بإنقاص كتلة الثقب الأسود الذي سقط فيه فيبدو وكأنه ينكمش بمرور الزمن. [1] [2]

كيف يمكن لجسيم سالب الطاقة أن يكون حقيقاً ليؤثر في كتلة الثقب الأسود؟


رغم أن الجسيمات السالبة الطاقة لا يمكن لها التواجد بشكل حقيقي خارج منطقة أفق الحدث. إلا أنها تصبح حقيقية عندما تسقط في الثقب الأسود، بدايةً ليكون الجسيم حقيقياً يجب أن يملك طاقة موجبة بالنسبة إلى إحداثيات الزمن. أي أن يتحرك إلى الأمام من الحاضر إلى المستقبل لا العكس. وفي الثقب الأسود تجبر جاذبيته الجسيمات على ذلك بغض النظر عن طاقتها. [3]

لماذا الجسيم السالب هو من يسقط وليس الموجب؟

لا يمكن للجسيم الموجب أن يتجاوز أفق الحدث بينما يبقى الجسيم السالب خارجاً، لأن الجسيم السالب الطاقة لا يمكنه التواجد كجسيم حقيقي خارج منطقة أفق الحدث [3].

مفارقة معلومات الثقب الأسود:

وبالعودة إلى ميكانيكا الكم نجد أكبر المشكلات التي تحيط بفكرة إشعاع هوكينج وهي«مفارقة معلومات الثقب الأسود-black hole information paradox». فبحسب قوانين الكم لا يمكن أن تضيع المعلومات. ولا بد من وجود طريقة لاستعادة المعلومات، كمعرفة ما يدخله عبر قياس الحالة الكمية للإشعاع الصادر عنه. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فقد أوضح هوكينج أن الإشعاع الصادر شديد العشوائية بحيث لا يمكننا استخلاص أي معلومات مفيدة منه حتى ولو راقبنا الثقب الأسود يتبخر كاملاً! وقد قسمت هذه المفارقة العلماء إلى مجموعتين. منهم يدعي أن المعلومات ستختفي بموت الثقب الأسود والذي يتعارض مع قوانين ميكانيكا الكم. وحينها على العلماء إيجاد قوانين جديدة أفضل! والمجموعة الأخرى تتمسك بقوانين الكم التقليدية. وما زلنا بانتظار الدراسات أو الاكتشافات الجديدة التي ستثبت خطأ أحدهما وتحدث ثورة في هذا المجال. [1]

المصادر:

[1] nature
[2] nature
[3] springer

Exit mobile version