لماذا تثير الخلايا الجذعية الجدل ؟

لقد استخدمت الخلايا الجذعية في الطب أول مرة خلال عملية زرع نخاع عظمي للبالغين في عام 1996. وقد أنقذت علاجات الخلايا الجذعية كثيرًا من الأرواح. رغم ذلك، ولّدت الخلايا الجذعية الكثير من الجدل في السنوات الأربعين الماضية. ستتناول في هذا المقال أهم القوانين والنظم السياسية في تنظيم استخدام تلك الخلايا.

النظام الأساسي لتنظيم ومراجعة التجارب على البشر والحيوانات ؟

 في هذا الصدد، يمكن القول أن أبحاث الخلايا الجذعية ليست فريدة من نوعها. إذ يجب أن يسأل باحثو الخلايا الجذعية نفس الأسئلة -حول مسار أبحاثهم-التي يسألها أي باحث طبي حيوي آخر. تبدأ القضايا الأخلاقية التي يواجهها جميع الباحثين أثناء التجارب السريرية بطرح سؤال ذي مغزى، يكون للإجابة عنه قيمة علمية واجتماعية. ويمكن الوصول إليها من خلال الدراسة.

يجب موازنة مخاطر الضرر والفوائد المحتملة للمجتمع من تطوير المعرفة القابلة للتعميم في كل مرحلة من مراحل البحث.  وذلك لدعم الانتقال من المختبر إلى الدراسات على الحيوانات، ومن الحيوانات إلى البشر. إن تقليل مخاطر الضرر، واختيار وتوظيف المرضى المناسبين، وتجنب سوء الفهم العلاجي، كلها أبحاث مهمة، لا سيما في دراسات المرحلة الأولى على الإنسان ودراسات المرحلة المبكرة الأخرى. [١] تم اشتقاق أول خط خلايا جذعية جنينية في عام 1998. مما أدى إلى واحدة من أكثر النقاشات العامة والحيوية والمستعصية في أخلاقيات البحث.

الوضع الأخلاقي للجنين

 من الضروري أولاً تدمير الجنين البالغ من العمر 5 أيام قبل التجربة.  ويجادل معارضو أبحاث الخلايا الجذعية بأنه نظرًا لأن الجنين قادر على النمو إلى كائن بشري، فإنه يتمتع بمكانة أخلاقية مهمة. لذلك، فإن تدميرها غير أخلاقي.

انعكست الآثار الأخلاقية لأبحاث الخلايا الجذعية في الولايات المتحدة على سياسة التمويل الفيدرالية وعلى الإشراف على الأبحاث. ففي عام 2003، أنشأت الأكاديمية الوطنية للعلوم (NAS) لجنة لوضع مبادئ توجيهية للمؤسسات والباحثين الذين يجرون أبحاثا عليها. وأوصت بإنشاء لجان الإشراف على أبحاث الخلايا الجنينية للمساعدة في مراجعة البحث. كما تتضمنت إرشادات المعاهد الوطنية للصحة الصادرة بعد توسيع التمويل الفيدرالي لعام 2009. وأوصت بالإشراف على الأبحاث حول الخلايا البشرية متعددة القدرات. وتناولت أسئلة الموافقة من جميع المتبرعين بالمواد الحيوية، وإنشاء واستخدام الأجنة لأغراض البحث.

أنشِأت العديد من المؤسسات البحثية مثل “ESCROs أو SCROs” لمراجعة أبحاث الخلايا الجنينية والمستحثة. مع تنوع أبحاث تلك الخلايا، أصبح الإشراف الأخلاقي أكثر تنوعًا أيضًا. فقد أثيرت أسئلة بخصوص الحاجة المستمرة للجان المتخصصة مثل “ESCROs و SCRO”.  ومع ذلك، من المرجح أن تستمر إرشادات NAS في تقديم الإرشادات لمجموعة متنوعة من هيئات الرقابة التي تقوم بمراجعة أبحاث الخلايا الجذعية.[٢]

العدل في أبحاث التجارب العلمية وعلاجها

 يعدّ العدل اعتبارًا ضروريًا، لكنه يهمَل في جلّ الأبحاث العلمية. في العديد من التقنيات الحيوية الجديدة، يمكن أن تكون التدخلات والمنتجات القائمة على الجينات والخلية والطب التجديدي مكلفة للغاية وتستغرق وقتًا وعمالة كبيرة في التطوير والاستخدام. وبالتالي، تتطلب العدالة الانتباه إلى تكاليف تطوير علاجات الخلايا الجذعية وإتاحتها، بهدف تقليل الفوارق غير العادلة في الوصول. وتعتبر التكلفة مصدر قلق قياسي بالنسبة للعدالة التوزيعية.

 يتم تناول اعتبارات العدالة في أبحاث الخلايا وعلاجها بعدة طرق. الأول هو سياسة وممارسة البنوك الحيوية. إن الأساس المنطقي للبنك العام للخلايا الجذعية هو توفير مورد لزرع الخلايا الجذعية السرطانية المكونة للدم لأي شخص تقريبًا. من الناحية المثالية، يمكن للجهود المصرفية واسعة النطاق تخزين سلالات مختلفة كافية من الخلايا متعددة القدرات على نطاق واسع، واستخدامها في تطبيقات الطب التجديدي، وذلك لتوفير تطابق جيد لجميع سكان الولايات المتحدة تقريبًا. ومع ذلك، لا تزال الأنظمة الشاملة لجمع وتخزين واستخدام تلك الخلايامن مختلف الأنواع في المراحل الأولى من تطوير التكنولوجيا والسياسات.

تتحدد العديد من التحديات العلمية والعملية والأخلاقية في ضمان التوافر الواسع لمطابقات المحتاجين. فالبنوك الحيوية واسعة النطاق لخطوط الخلايا الجذعية لديها القدرة على زيادة الوصول إلى العلاجات بشكل كبير مع خفض التكاليف. ولكن نظرًا لأن التطابقات المتاحة قد لا تكون مثالية، فإن الموازنة بين أضرار ومزايا البنوك الحيوية تظل أمرًا بالغ الأهمية.

كيف يؤثر السوق علي التجارب السريرية ؟

إن التجارب التي تتم في سياق الخلايا الجذعية متمثلة في أن العمل المهم المكرس لتحسين صحة الجمهور يتم في نظام السوق مع ضغوط المنافسة والتسويق المصاحبة له. فإن الممارسة السليمة في التجارب السريرية، والمناقشة الدقيقة في وسائل الإعلام، وحتى السعي لتحقيق التوازن بين الشفافية العلمية ومشاركة البيانات ومصالح الملكية الفكرية للصناعة كلها لها آثار عدالة مهمة.

مع تقلص تمويل الأبحاث وتنامي الضغوط التنافسية. قد يصبح من الصعب بشكل متزايد التحرك بشكل متعمد نحو التجارب السريرية وتخصيص موارد البحث بحكمة. يتم تعلم المزيد حول كيفية تقليل مخاطر الضرر الناجم عن إنشاء واستخدام الخلايا الجذعية مع استمرار زيادة تكاليف التقدم الدقيق. كلما قل عدد الموارد التي نمتلكها، زادت أهمية تخصيص الأموال لزيادة احتمالية تطوير المعرفة في المجالات التي تتسم بأكبر قدر من الآمال والحاجة السريرية.[٣]

إن تحسين صحة الإنسان مسعى اجتماعي وليس مجرد هدف علمي. ويقدم الباحثون مساهمات حيوية في وجهات النظر المجتمعية حول قيمة التقدم العلمي وأفضل اتجاهاته. من المفيد للباحثين أن يضعوا في اعتبارهم التطبيقات على مستوى السكان لأبحاث الخلايا الجذعية. بالإضافة إلى تأثيرات العلاج باستخدام تلك الخلايا على صحة الفرد.

في جميع مجالات أبحاث الخلايا الجذعية وعلاجها، ستلعب الدراسة والمناقشة الدقيقة لأفضل المسارات الانتقالية، كما تراها الأخلاق والعلم دورًا حيويًا في تحقيق التوازن بين الأمل والضجة في المستقبل، حيث يواصل هذا المجال التقدم السريع.

المصادر

  1. Bioethical Issues – Stem Cells (bioethics.org.au)
  2. Acid-bath stem-cell study under investigation | Nature
  3. Ethical issues in stem cell research and therapy | Stem Cell Research & Therapy | Full Text (biomedcentral.com)

كيف استخدمت الخلايا الجذعية لعلاج الضمور البقعي؟

ما هو الضمور البقعي؟

الضمور البقعي هو فقدان رؤيتك المركزية. لا يمكنك رؤية التفاصيل الدقيقة، سواء كنت تنظر إلى شيء قريب أو بعيد. لكن الرؤية المحيطية (الجانبية) ستظل طبيعية. على سبيل المثال، تخيل أنك تنظر إلى ساعة بعقارب، قد ترى أرقام الساعة ولكنك لن ترى  العقارب. يعد الضمور البقعي السبب الأكثر شيوعًا لفقدان البصر الشديد بين الأشخاص الذين يبلغون من العمر خمسين  عامًا أو أكثر.

أنواع الضمور البقعي 

أولاً الضمور الجاف 

 هذا النوع هو الأكثر شيوعًا. فحوالي 80 ٪ من المصابين بالضمور البقعي لديهم الشكل الجاف. سببها الدقيق غير معروف، على الرغم من أنه يعتقد أن كلا من العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا في الإصابة به. يحدث هذا عندما تتحلل الخلايا الحساسة للضوء في البقعة ببطء، بشكل عام في عين واحدة في كل مرة. عادة ما يكون فقدان الرؤية في هذه الحالة بطيئًا وتدريجيًا. 

ثانياً الضمور الرطب 

على الرغم من أن هذا النوع هو الأقل شيوعًا، إلا أنه غالبا  ما يؤدي إلى فقدان البصر لدى المرضى أكثر من الضمور الجاف، فالسبب الأكثر شيوعًا لفقدان البصر الشديد. يحدث الضمور الرطب عندما تبدأ الأوعية الدموية غير الطبيعية في النمو تحت الشبكية. تتسرب السوائل والدم -من هنا جاء اسم الضمور البقعي الرطب- ويمكن أن تخلق بقعة عمياء كبيرة في وسط المجال البصري.[١]

أعراض الضمور البقعي المرتبطة بالعمر

  1. رؤية ضبابية.
  2. صعوبة التعرف على الوجوه المألوفة.
  3. تبدو الخطوط المستقيمة مموجة.
  4. تظهر منطقة مظلمة فارغة أو بقعة عمياء في مركز الرؤية.
  5. فقدان الرؤية المركزية الضرورية للقيادة والقراءة والتعرف على الوجوه.
  6. وجود البراريق وهي رواسب صفراء صغيرة في شبكية العين، أحد أكثر العلامات المبكرة شيوعًا للضمور البقعي المرتبط بالعمر. قد يعني ذلك أن العين معرضة لخطر الإصابة بمزيد من الضمور.

تشخيص الضمور البقعي المرتبط بالعمر

  1. اختبار حدة البصر؛ يقيس اختبار مخطط العين المشترك قدرة الرؤية على مسافات مختلفة.
  2. اتساع حدقة العين؛ يتم توسيع حدقة العين بقطرات للعين للسماح بفحص شبكية العين عن قرب.
  3. تصوير الأوعية بالفلوريسين؛ يستخدم هذا الاختبار التشخيصي للكشف عن الضمور البقعي الرطب المرتبط بالعمر. ويتضمن حقن صبغة خاصة في وريد الذراع، ثم يتم التقاط الصور أثناء مرور الصبغة عبر الأوعية الدموية في شبكية العين. مما يساعد الطبيب على تقييم نسبة تسرب الأوعية الدموية وما إذا كان يمكن علاج التسرب أم لا.
  4. «شبكة أمسلر _Amsler grid»؛ يستخدم هذا الاختبار للكشف عن الضمور البقعي الرطب المرتبط بالعمر. ويستخدم شبكة تشبه رقعة الشطرنج لتحديد ما إذا كانت الخطوط المستقيمة في النمط تبدو متموجة أو مفقودة للمريض.  قد تشير كل الأدلة إلى احتمال الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالعمر.[٢]

كيف تم استخدام الخلايا الجذعية لعلاج الضمور البقعي؟ 

عادةً ما تستخدم بنوك العيون القرنيات فقط، متجاهلة الجزء الخلفي من العيون المتبرع بها والتي تحتوي على خلايا RPE و”هي طبقة من الخلايا الصبغية خارج شبكية العين الحسية العصبية التي تغذي الخلايا البصرية للشبكية والتي تحتوي على  المستقبلات الضوئية “، لذلك كان هذا النسيج متاحًا لمجموعة التجارب التالية.

قام الفريق بتشريح الطبقة الظهارية للشبكية، واتبع البروتوكول لخلايا دماغ الفأر، ووفر لها  عوامل النمو لمساعدتها على الانقسام، وتابعها  بعناية. مندهشين ، وجد الفريق  أن حوالي من ثلاثة إلى خمسة بالمائة أنتجت  مستنسخات هائلة تحتوي على ذرية جديدة جميلة من RPE. ونظرًا لقدرتها على التجدد،  يجب أن تكون هناك طريقة لاستخدام هذه الخلايا الجذعية RPE البالغة لتعويض تلك المفقودة في البقعة قبل موت المستقبلات الضوئية. فزرعت  الخلايا الجذعية RPE لمدة أربعة أسابيع قبل حقنها. أظهرت التجربة أن استخدام هذه الخلايا التي تبلغ مدتها أربعة أسابيع يمكن أن يمنع العمى لدى الفئران، وعلى أساس هذه البيانات قدمت إلى منظمة الغذاء والدواء الأمريكية لإجراء التجارب على البشر.[٣] ومن هنا يمكننا القول إن  الخلايا الجذعية تمكنت من علاج الكثير من الأمراض التي كان علاجها يبدو مستحيلاً. 

المصادر 

  1. What Is Macular Degeneration? – American Academy of Ophthalmology (aao.org)
  2. Age-Related Macular Degeneration (AMD) | Johns Hopkins Medicine
  3. Retinal Pigment Epithelium Culture;a Potential Source of Retinal Stem Cells – PMC (nih.gov)

كيف أدى استنساخ النعجة دوللي إلى فتح أبواب الهندسة الوراثية؟

نجح العلماء في استنساخ «دوللي_Dolly» عام 1997 من خلال عملية نقل نووي من خلية متمايزة من نعجة أخرى. افترض علماء الأحياء -حتى ذلك الحين- أن الخلايا البالغة تفتقر إلى القدرة على النمو لتصبح كائنًا حيًا جديدًا يعمل بكامل طاقته. وعندما تتمايز الخلايا بشكل لا رجعة فيه إلى خلايا جلد أو كبد أو دماغ، فإن العديد من الجينات تتوقف عن العمل بشكل فعال. ومع ذلك، فإن العديد من تلك الجينات المعطلة ضرورية في الواقع لنمو كائن حي جديد. لهذا السبب فشلت تجارب الاستنساخ السابقة مع الحمض النووي من الخلايا المتمايزة. لكن تمكن العلماء الآن من ذلك، عن طريق نقل الحمض النووي البالغ إلى خلية بويضة منزوعة النواة، حيث تحدد بروتينات الأم وجزيئات الإشارة القطبية “الطرف الأمامي” للجنين وتحفز التعبير عن مجموعات أخرى من الجينات في مناطق محددة. بدون هذه البروتينات والجزيئات، لن يبدأ الجنين في النمو، ومن هنا فتح باب جديد في العلم وهو الهندسة الوراثية. [١]

ما هي الهندسة الوراثية؟

الهندسة الوراثية هي عملية قطع ولصق للحمض النووي من مصادر مختلفة إلى داخل الخلية. ويمكن أن تكون هذه الخلايا جزءًا من كائن حي متعدد الخلايا مثل النبات، أو داخل خلية واحدة، مثل البكتيريا.

إمكانات هائلة للهندسة الوراثية في الطب

1. تطوير عقاقير جديدة

 قبل دوللي بفترة طويلة، تمت هندسة العديد من الحيوانات وراثيًا لأغراض طبية مختلفة، إذ صمّمت الأغنام والماعز لتنتج البروتينات البشرية في حليبها، مثل عوامل التخثر لعلاج أمراض الدم مثل الهيموفيليا. وعُدِّلت أجهزة المناعة لدى الخنازير لتشبه تلك الخاصة بالبشر بحيث يمكن زرع أعضائهم في البشر دون رفض مناعي. وغُيِّرت الفئران وراثيًا لتصبح سمينة أو لتطوّر أمراضًا معينة للسماح للعلماء بدراسة الاضطرابات ذات الصلة في البشر.

التجارب على هذه الحيوانات معقدة وتستغرق وقتا طويلاً. عندما تتكاثر بشكل تقليدي، فإن نسبة من النسل تفقد الصفات المرغوبة. وعلى الناحية الأخرى، تحتفظ الحيوانات المستنسخة بصفاتها الخاصة لأجيال عديدة. كما أن اختبار العقاقير على كميات كبيرة من الحيوانات المتطابقة قدر الإمكان يساعد الباحثين على استخلاص إحصائيات أكثر موثوقية.

2. تربية الماشية

 يمكن استنساخ الماشية أو الخيول أيضًا. وقد تحول منتجو لحوم البقر والألبان إلى شركات خاصة مثل Advanced Cell Technology لاستنساخ أفضل سلالات حيواناتهم، ويتوقعون أن ينتج النسل نفس الإنتاج الضخم من لحم البقر والحليب.

3. الحفاظ على التنوع البيولوجي

استخدم العلماء الاستنساخ بالفعل للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. حيث استنسخ الغور الآسيوي (Bos gaurus) وهو نوع ضخم من الماشية البرية، عام 2001 باستخدام بقرة منزلية (Bos taurus) كأم بديلة. وولد الجور بصحة جيدة، لكنه مات من الزحار الشائع بعد 48 ساعة فقط.  

4. إنتاج الأنسولين

 الأنسولين هو بروتين ينظم نسبة السكر في الدم ويفرزه الجسم البشري بكميات مناسبة في الأشخاص الأصحاء. ويفتقد الأشخاص المصابون بمرض السكري من النوع الأول لما يكفي من الأنسولين. لذلك يظل سكر الدم مرتفعًا، إلا إذا قاموا بحقن الأنسولين الخارجي بأجسادهم. يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى تلف أعضائنا، مثل الكلى والجهاز القلبي الوعائي.

 يُصنَع الأنسولين عادة بواسطة خلايا في البنكرياس، ولكن يصعب نمو هذه الخلايا في المختبر. لهذا السبب، قرر العلماء إيجاد طريقة أسهل لصنع الأنسولين. فقطعوا جزيئًا من الحمض النووي المنتج للأنسولين من خلايا البنكرياس وألصقوها في الخلايا البكتيرية. وبالطبع تنمو البكتيريا بسرعة كبيرة في المختبر عند توفير البيئة المناسبة لها. وبذلك أصبحت البكتيريا المعدلة تنتِج الأنسولين، الذي يمكن عزله بسهولة ثم إعطاؤه للمرضى. باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، وجد العلماء علاجًا مناسبًا لمرض السكري وبتكلفة زهيدة.

5. اللقاحات

تعد اللقاحات إحدى أهم تطبيقات الهندسة الوراثية، حيث تستخدَم تقنية الحمض النووي معاد التركيب في إنتاج اللقاحات ضد الأمراض. وتحتوي اللقاحات على شكلٍ من أشكال الميكروبات المعدية غير القادرة على التسبب بالأمراض، ولكنها تمكن جهازنا المناعي من تكوين أجسامٍ مضادة واقيةٍ ضد الميكروبات المعدية.

يتم تحضير اللقاحات عن طريق عزل المستضد أو البروتين الموجود على سطح الجزيئات الفيروسية. كما ينتَج عدد قليل من اللقاحات عن طريق استنساخ الجينات، كاللقاحات المصنوعة ضد التهاب الكبد الفيروسي، وفيروس الهربس البسيط، ومرض الحمى القلاعية. 

6. الاستنساخ العلاجي 

يستخدم الاستنساخ لأغراض التكاثر والعلاج بنفس الأساليب. لكن يدمر الاستنساخ العلاجي الجنين بعد بضعة أيام من النمو من أجل حصاد الخلايا الجذعية الجنينية. إذ لديها القدرة على النمو كأي نوع من الخلايا في الجسم. على سبيل المثال، يمكن زرع الخلايا الجذعية لتحل محل الأنسجة التالفة في أدمغة المرضى الذين يعانون من أمراض غير قابلة للشفاء مثل مرض باركنسون أو ألزهايمر، أو في كبد الأشخاص الذين يعانون من فشل الكبد. ولكن ما زال هناك جدل حول استخدام الخلايا الجذعية الجنينية في هذه التجارب، لذا تم استبدالها بخلايا أخرى. [٢]

كيف استبدل العلماء الخلايا الجنينية بالخلايا الجذعية المستحثة؟ 

اكتشف الباحثون في السنوات الأخيرة بدائل محتملة للخلايا الجذعية الجنينية. ففي عام 2006، تمكن الباحثون لأول مرة من تحويل خلايا الفئران الجسدية البالغة إلى خلايا جذعية متعددة القدرات، مما يعني أن الخلايا البالغة يمكن أن تتحول إلى أي نوع آخر من الخلايا. كان هذا إنجازًا علميًا عظيمًا بحق! فبعد فترة وجيزة، نجح الأسلوب نفسه مع الخلايا البشرية، مما أدى إلى إنتاج ما يسمى بالخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPS).  وقد صنع الباحثون خلايا iPS عن طريق إدخال أربعة جينات في جينوم الخلايا الجسدية. وترمز هذه الجينات الأربعة لعوامل النسخ وهي المفاتيح التي يمكنها تشغيل أو إيقاف نشاط الجينات الأخرى. ومن المدهش حقًا أن أربعة جينات فقط يمكن أن يؤدوا مثل هذا التغيير الجوهري في أجسادنا.

ما هي مخاطر استخدام الخلايا المستحثة؟

لا تزال هناك مخاطر وتحديات كبيرة، فتوصيل الجينات إلى الخلايا يمثل تحديًا. وقد استخدم العلماء الفيروسات لإدخال الجينات الأربعة، لكن تسبب تلك الفيروسات السرطان في بعض التجارب على الحيوانات. فطُوِّرت طرق أخرى أكثر أمانًا منذ ذلك الحين. وأظهرت تجارب أخرى أنه يمكن استبدال اثنين من الجينات الأربعة بجينات أخرى، ويمكن حذف البعض كذلك.

يمكن أن تؤدي الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات iPS إلى ظهور العديد من أنواع الخلايا المختلفة، ولكنها تختلف عن الخلايا الجذعية الجنينية بشكل كبير، كموقع العلامات فوق الجينية (الإبيجينية) الخاصة بها. من الصعب أيضًا إنتاج حيوانات حية مثل الفئران باستخدام الخلايا الجذعية المستحثة مقارنة بالخلايا الجذعية الجنينية. ويحمل البحث في الخلايا المستحثة آمالا كبيرة للطب التجديدي. ومع ذلك، لن يكون قادرًا -كما يشير بعض العلماء- على استبدال الدراسات على الخلايا الجذعية الجنينية بشكل كامل حتى الآن، فهناك حاجة إلى مزيد من البحث. [٣]

المصادر 

  1. Scientists Made 4 Clones of Dolly The Sheep – Here’s What Happened to Them All : ScienceAlert
  2. genetic engineering – Process and techniques | Britannica
  3. Stem cells: past, present, and future | Stem Cell Research & Therapy | Full Text (biomedcentral.com)

النعجة دوللي والاستنساخ في ميزان العلم والأخلاق

يعرف الاستنساخ بأنه عملية إنشاء نسخة متطابقة وراثيًا من خلية كائن حي. غالبًا، يحدث الاستنساخ في الطبيعة حين تنسخ الخلية نفسها دون أي تغيير جيني. إذ تصنع الكائنات بدائية النواة (الكائنات الحية التي تفتقر إلى نواة الخلية)، مثل البكتيريا، نسخًا متطابقة وراثيًا من نفسها باستخدام الانشطار الثنائي أو التبرعم. فالكائنات حقيقية النواة (الكائنات التي تمتلك نواة للخلية) مثل خلايا البشر، تخضع جميع خلاياها للانقسام الخيطي، كخلايا الجلد والخلايا المبطنة للجهاز الهضمي. لكنّ هناك استثناءا واحدا هو الأمشاج أو الخلايا التناسلية كالبويضات والحيوانات المنوية، والتي تخضع للانقسام الاختزالي.

ما هو تعريف الاستنساخ في الطب الحيوي؟

في الطبي الحيوي، يُعرّف الاستنساخ على نطاق واسع؛ بأنه تكرار أي نوع من المواد البيولوجية من أجل الدراسة العلمية، كاستنساخ قطعة من DNA. على سبيل المثال، يتم نسخ أجزاء من الحمض النووي أضعافًا مضاعفة من خلال عملية تعرف بالبلمرة، أو PCR. والبلمرة هي تقنية تستخدم على نطاق واسع في البحوث البيولوجية الأساسية وتحدث بسبب صغر حجم العينات من أجل مضاعفتها لتستخدم في التحاليل المختلفة. لكنّ قضية الاستنساخ التي هي محور الكثير من الجدل الأخلاقي محصورة فقط في توليد أجنة مستنسخة، لا سيما تلك الخاصة بالبشر. تتطابق تلك الأجنة وراثيًا مع الكائنات الحية الأبوية التي اشتقت منها. وتستخدم لاحقًا في البحث عن علاج أو لأغراض الإنجاب.

الاستنساخ التناسلي

 هو طريقة تستخدم لعمل نسخة متطابقة كاملة من كائن حي متعدد الخلايا. وتخضع معظم الكائنات متعددة الخلايا للتكاثر بالوسائل الجنسية، والتي تتضمن اتحاد الحمض النووي لفردين (الوالدين)، مما يجعل إنتاج نسخة متطابقة أو استنساخ أيٍّ من الوالدين أمرًا مستحيلًا في الطبيعة. ولكن سمحت التطورات الحديثة في التقنيات الحيوية باستنساخ الثدييات في المختبر بعد أن كان خيالًا علميًا في أفلام هوليوود.

يتضمن التكاثر الجنسي الطبيعي اتحاد الحيوانات المنوية والبويضة أثناء الإخصاب. حيث كل الأمشاج أحادية العدد من الكروموسومات، أي أنها تحتوي على مجموعة واحدة من الكروموسومات، 23 كروموسوم، في نواتها. وتتكون الخلية الناتجة عن الإخصاب_ أو الزيجوت_ ثنائية الصبغة أي تحتوي على مجموعتين من الكروموسومات، 46 كروموسوم وهو عدد كروموسومات الإنسان. ثم تنقسم الخلية البويضة المخصبة لإنتاج كائن متعدد الخلايا.

هناك مكونات ضرورية في سيتوبلازم خلية البويضة للنمو المبكر للجنين خلال الانقسامات الخلوية القليلة الأولى. وبدون هذه المكونات لن يستمر نمو الجنين. لذا، يلزم لإنتاج فرد جديد وجود مكمل جيني ثنائي الصبغة وسيتوبلازم يحتوي على تلك المكونات. وبناءًا على ما يحدث طبيعيًا، يمكننا شرح الاستنساخ الصناعي. حيث ينتج فرد مستنسخ صناعيًا عبر أخذ خلية بويضة لأحد الأفراد (متبرع أول)، ثم إزالة نواتها أحادية العدد. ثم يتم وضع نواة ثنائية الصبغيات، أي كاملة الكروموسومات، من خلية جسم الفرد الثاني (متبرع ثان) في خلية البويضة. ثم يتم تحفيز البويضة للانقسام حتى يستمر النمو. قد يبدو الشرح بسيطًا، ولكنه يتطلب في الواقع عدة محاولات قبل إكمال كل خطوة بنجاح. [١]

أمثلة على الاستنساخ

كانت دوللي أول حيوان زراعي مستنسخ، وهي شاة ولدت عام 1996. وكان معدل نجاح الاستنساخ لأغراض التكاثر في ذلك الوقت منخفضًا للغاية. عاشت دوللي لمدة 6 سنوات وتوفيت بسبب ورم في الرئة. واعتقد البعض أن سبب وفاتها هو الحمض النووي للخلية المتبرع بها الذي جاء من فرد أكبر سنًا. أي أن عمر الحمض النووي ربما قد أثّر على متوسط عمرها المتوقع. ومنذ دوللي، تم استنساخ العديد من أنواع الحيوانات كالخيول والثيران والماعز بنجاح.

حاول بعض العلماء إنتاج أجنة بشرية مستنسخة كمصدر للخلايا الجذعية الجنينية. وفي هذا الإجراء، يتم إدخال الحمض النووي من إنسان بالغ في خلية بويضة بشرية، ويتم تحفيزها بعد ذلك للانقسام والنمو إلى جنين. وتشبه هذه التقنيةُ التقنيةَ التي تم استخدامها لإنتاج دوللي نظريًا.

الاستنساخ العلاجي

يهدف الاستنساخ العلاجي إلى استخدام الأجنة المستنسخة لغرض استخراج الخلايا الجذعية منها، دون زرع الأجنة في الرحم. إن زراعة خلايا جذعية متطابقة وراثيًا مع المريض لهو حل مثالي لزراعة أعضاء ناجحة لا يرفضها جسد المريض. ويمكن تحفيز الخلايا الجذعية على التمايز إلى أكثر من 200 نوع من الخلايا في جسم الإنسان. كما يمكن بعد ذلك زرع الخلايا المتمايزة في المريض لاستبدال الخلايا المريضة أو التالفة دون التعرض لخطر الرفض من قبل الجهاز المناعي . وقد تستخدم هذه الخلايا لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك مرض ألزهايمر ومرض باركنسون، الشلل الرعاش، وداء السكري والسكتة الدماغية وإصابة الحبل الشوكي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الخلايا الجذعية في الدراسات المختبرية لدراسة نمو الجنين الطبيعي وغير الطبيعي أو لاختبار الأدوية لمعرفة ما إذا كانت سامة أو تسبب تشوهات خلقية بدلًا من اختبارها على بشر حقيقيين غير مستنسخين. [٢]

الجدل الأخلاقي حول الاستنساخ

لا يزال الاستنساخ البشري التناسلي مدان عالميًا، وذلك، في المقام الأول، بسبب المخاطر النفسية والاجتماعية والفسيولوجية المرتبطة بالاستنساخ. يتطلب الجنين المستنسخ المخصص للزرع في الرحم اختبارًا جزيئيًا شاملاً لتحديد ما إذا كان يتمتع بصحة جيدة، وما إذا كانت عملية الاستنساخ قد اكتملت. كما لا يمكن ضمان الحمل، إذ يوجد ما يزيد على 100 محاولة فاشلة لتوليد نسخ أجنة بشرية في عام 2007 فقط. ليس رقمًا كبيرًا لكنه نظرًا لقلة المقبلين على الاستنساخ له اعتباره. كما ترتفع المخاطر المرتبطة بالاستنساخ التناسلي لدى البشر، حيث توجد احتمالية عالية لفقدان الأرواح، لذلك وصفها البعض بأنها عملية غير أخلاقية. كما أثيرت قضايا فلسفية أخرى، فيما يتعلق بطبيعة التكاثر والهوية البشرية التي قد ينتهكها الاستنساخ لأغراض التكاثر.

المخاوف بشأن تحسين النسل

كان تحسين النسل مفهومًا شائعًا في الأدبيات سابقًا، ويقصد به أن الجنس البشري يمكن تحسينه من خلال اختيار الأفراد الذين يمتلكون الصفات المرغوبة. وجاء الاستنساخ بأحلام لإنتاج بشر “أفضل”، وهو ما ينتهك مبادئ الكرامة الإنسانية والحرية والمساواة.

ويعترض بعض الأفراد والجماعات على الاستنساخ العلاجي، لأنه يعتبر تصنيعًا وتدميرًا لحياة المستنسخ، على الرغم من أن تلك الحياة لم تتطور بعد المرحلة الجنينية. ويعتقد أولئك الذين يعارضون الاستنساخ العلاجي أن هذه التقنية تدعم وتشجع على قبول فكرة أن الحياة البشرية يمكن منحها وسلبها لأي غرض نفعي. بينما يعتقد أولئك الذين يدعمون الاستنساخ العلاجي أن هناك واجبًا أخلاقيًا لعلاج المرضى والسعي لمزيد من المعرفة العلمية. يعتقد العديد من هؤلاء المؤيدين أنه لا ينبغي السماح بالاستنساخ العلاجي والبحثي فحسب، بل يجب أيضًا تمويله في القطاع العام، على الأنواع الأخرى من الأمراض والأبحاث العلاجية. ويجادل معظم المؤيدين أيضًا بأن الأجنة المستنسخة تتطلب اعتبارًا أخلاقيًا خاصًا، وتنظيمًا وإشرافًا من قبل وكالات التمويل. بالإضافة إلى ذلك، فمن المهم للعديد من الفلاسفة وصانعي السياسات ألا يتم استغلال النساء والأزواج لغرض الحصول على أجنة أو بويضات لأي أغراض دون موافقتهم.

ما هي القوانين الدولية المنظمة للاستنساخ؟

هناك قوانين واتفاقيات دولية تحاول دعم مبادئ وأنظمة أخلاقية معينة تتعلق بالاستنساخ. ففي عام 2005، أصدرت الأمم المتحدة إعلانًا غير ملزم بشأن استنساخ البشر يدعو الدول الأعضاء إلى:

“اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحظر جميع أشكال الاستنساخ البشري، بقدر ما تتعارض مع كرامة الإنسان وحماية الحياة البشرية”.

نص بيان الأمم المتحدة 2005

كما أصدرت المملكة المتحدة، من خلال هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة، تراخيص لإنشاء خلايا جذعية جنينية بشرية من خلال النقل النووي. تضمن هذه التراخيص استنساخ الأجنة البشرية لأغراض علاجية وبحثية مشروعة تهدف إلى الحصول على المعرفة العلمية حول المرض والتنمية البشرية. وتتطلب التراخيص تدمير الأجنة بحلول اليوم ال14 من النمو،  لأن هذا هو الوقت الذي تبدأ فيه الأجنة في تطوير الخط البدائي، وهو أول مؤشر للجهاز العصبي للكائن الحي. [٣] وبعد ما سردناه، هل أنت من المؤيد أم المعارضين ولماذا؟ يمكنك كتابة رأيك في التعليقات.

المصادر

  1. cloning – Reproductive cloning | Britannica
  2. Cloning humans is technically possible. It’s curious no one has tried – STAT (statnews.com)
  3. Therapeutic cloning – Cell division – AQA – GCSE Biology (Single Science) Revision – AQA – BBC Bitesize

ما هي الخلايا الجذعية وأنواعها وقصة ظهورها؟

تتكون جميع الكائنات الحية من وحدات بنائية وهي الخلايا. وتعتبر الخلايا الجذعية هي المواد الخام لتكوين كل الأنسجة وأعضاء جسم الكائنات الحية، فما هي؟

ما هي الخلايا الجذعية؟

 الخلية الجذعية هي خلية غير متخصصة. وكي تعتبر الخلية جذعية، يجب أن تكون قادرة على القيام بشيئين. أولاً يجب أن تكون ذاتية التجدد، وثانياً يجب أن تكون متعددة الإمكانات. ولكن ماذا نعني بذاتية التجدد؟

التجديد الذاتي يعني أن الخلية يجب أن تكون قادرة على تكرار نفسها في المزيد من الخلايا من نفس نوع الخلية غير المتخصصة. لذا، يمكن للخلايا الجذعية أن تصنع نسخاً من نفسها مراراً وتكراراً. أما متعددة الإمكانات، فتعني أن الخلايا غير المتخصصة يجب أن تكون قادرة على الانقسام إلى العديد من أنواع الخلايا المتخصصة التي تشكل الأعضاء والأنسجة. هذه هي السمات الرئيسية التي تجعل الخلايا الجذعية قوية بحق.[١]

أنواعها

هناك مجموعة متنوعة من الخلايا الجذعية المختلفة المستخدمة في البحوث. ويمكن عزل تلك الخلايا المختلفة في أوقات متباينة أثناء نمو الإنسان. النوع الأول هو خلايا جذعية جنينية. والنوع الجنيني هو نتاج ثانوي للإخصاب في المختبر. أما النوع الثاني، وهو الخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري، فهي تعزل عن الحبل السري بعد ولادة الطفل مباشرة. والنوع الثالث هو خلايا جذعية بالغة.[١]

تاريخ الاكتشاف

بدأت قصة الخلايا الجذعية في القرن السابع عشر مع اكتشاف المجهر. في عام 1665. حيث استخدم العالم الإنجليزي «روبوت هوك-Robert Hooke» المجهر لفحص شريحة صغيرة من الفلين الزجاجي. فلاحظ هوك أن الفلين لديه العديد من المسام الصغيرة.

اعتقد هوك أن المسام تبدو كالخلايا التي يعيش فيها الرهبان، وأدى اكتشاف هوك إلى فتح مجال جديد للعلم المعروف باسم بيولوجيا الخلية. استغرق الأمر من العلماء 200 سنة أخرى بعد اكتشاف هوك للتأكد من أن جميع الكائنات الحية مصنوعة من خلايا. جمع «شلايدن-Schleiden» بيانات من نباتات مختلفة، بينما ركّز «شوان-Schwann» على خلايا الحيوانات بما في ذلك كائنات وحيدة الخلية مثل البكتيريا. بالنظر إلى بعض سوائل الجسم مثل الدم والحيوانات المنوية، فقد دهشوا لرؤيتهم أنها تتكون من خلايا. وأخيرًا، لاحظ Virshow أن كل خلية مستمدة من خلية موجودة مسبقًا. واليوم، نعلم أن هذه العملية هي انقسام خلية واحدة تنقسم فيها لعمل نسختين من نفس الخلية. ولكن ما يجعل الخلايا الجذعية خاصة للغاية هو أنها لا تكرّر نفسها فحسب، بل يمكن أن تصبح خلايا متعددة مختلفة. ولكن كيف تم اكتشافها [٢]

كيف تم اكتشاف الخلايا الجذعية؟

كان اكتشاف الخلايا الجذعية مشترك بين الأطباء والعلماء معًا. فبينما يدرس علماء الأحياء الخلية، بحث الأطباء عن طرق لإنقاذ مرضاهم من النزيف الحاد. وقد جرت أول عملية نقل دم بشرية ناجحة في بداية القرن التاسع عشر من قبل الدكتور «جيمس بلانديل-Dr. James Blundell» في إنجلترا. حيث تمكن من إنقاذ مريضة عانت من نزيف حاد أثناء الولادة بنقل الدم من زوجها إليها. كانت محظوظة، إذ لم تكن جميع عمليات نقل الدم ناجحة حينها. وقد أثارت هذه العملية أسئلة حول سبب نجاح بعض عمليات نقل الدم وفشل البعض الآخر.[٣]

أراد العلماء والأطباء أن يعرفوا، ما الذي يحدد ما إذا كان نقل الدم مقبولاً أو مرفوضاً، فبدؤوا يتساءلون، ماذا كان في الدم الطازج الذي ساعد المرضى على التعافي؟

في أوائل القرن العشرين، طور «بول إرليش-Paul Ehrlich» تقنيات معينة جعلت من الممكن التمييز بين أنواع مختلفة من خلايا الدم تحت المجهر. وفي عام 1905، أنتج «بابنهيم-Pappenheim»  رسم يياني  يشير إلى أن نوع معين من الخلايا يمكن أن يؤدي إلى جميع أنواع خلايا الدم الأخرى. في منتصف هذا الرسم البياني، هي الخلية الجذعية تميزت بدائرة حمراء. واقترح مصطلح «الخلايا الجذعية» لتحديد جميع أنواع خلايا الدم المختلفة.

من أين تأتي تلك الخلايا السحرية؟

هناك عدة مصادر للخلايا الجذعية وتختلف باختلاف نوعها. إذ يأتي النوع الجنيني من أجنة بعمر 3 إلى 5 أيام. وتتميز هذه الخلايا بأنها متعددة القدرات، مما يعني إنها يمكن أن تنقسم إلى المزيد من الخلايا الجذعية، أو يمكن أن تصبح أي نوع من الخلايا في الجسم. ويسمح هذا التنوع باستخدام خلايا جذعية جنينية لتجديد الأنسجة والأعضاء المريضة أو إصلاحها.
الخلايا الجذعية البالغة، وتوجد هذه الخلايا الجذعية بأعداد صغيرة في معظم أنسجة البالغين، مثل نخاع العظام أو الدهون. بالمقارنة مع الخلايا الجذعية الجنينية، فإن البالغة لديها قدرة محدودة على إنتاج خلايا مختلفة من الجسم.

حتى وقت قريب، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية البالغة يمكن أن تخلق فقط أنواعًا متشابهة من الخلايا. على سبيل المثال، اعتقد الباحثون أن الخلايا الجذعية الموجودة في نخاع العظام يمكن أن تنتج خلايا الدم فقط. ومع ذلك، تشير الأدلة الأحدث إلى أن الأنواع البالغة قد تكون قادرة على تكوين أنواع مختلفة من الخلايا وليس نوع محدد فقط. على سبيل المثال، قد تكون خلايا نخاع العظام الجذعية قادرة على تكوين خلايا عظمية أو عضلية للقلب.[٤]

لماذا يوجد اهتمام كبير بها؟

 يأمل الباحثون أن تساعد دراسات الخلايا الجذعية في زيادة فهم كيفية حدوث الأمراض، من خلال مشاهدة ذلك النوع من الخلايا وهي تنضج لتصبح خلايا في العظام وعضلة القلب والأعصاب والأعضاء والأنسجة الأخرى. وقد تساعد تلك الخلايا الباحثون على تكوين فهم أفضل عن كيفية تطور الأمراض.

تساعد الخلايا الجذعية في توليد الخلايا السليمة لتحل محل الخلايا المصابة بالمرض بما يعرف بعلم الطب التجديدي. وتفيد الخلايا الجذعية الأشخاص الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي، ومرض السكري، ومرض باركنسون، ومرض ألزهايمر، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والحروق، والسرطان، والتهاب المفاصل. وكما لتلك الخلايا من قدرات تجديدية، يمكن للباحثين استخدام بعض أنواعها أيضًا لاختبار الأدوية من حيث السلامة والجودة.[٤]

ومن هنا بدأت ثورة حقيقة في مجال الطب، عن طريق استخدام تلك الخلايا في العديد من التطبيقات المختلفة في المجال الطبي.

المصادر

  1. What Are Stem Cells? (stanfordchildrens.org)
  2. History of the Cell: Discovering the Cell | National Geographic Society
  3. James Blundell: the first transfusion of human blood – Resuscitation (resuscitationjournal.com)
  4. Stem cells: What they are and what they do – Mayo Clinic

ما هي الذاكرة الثقافية وكيف تؤثر علي العمران؟

تتكون المناظر الطبيعية الحضرية والتاريخية من طبقات من السمات الملموسة وغير الملموسة مثل الذكريات الثقافية، كذكريات جماعية لسكان المدينة. إذ يمكن للذكريات الثقافية أن تؤثر علي تشكيل هوية المكان، ونوعية الحياة الاجتماعية مثل الصحة والرفاهية، وهوية المجتمع، وإدراك المكان، والمشاركة الاجتماعية. ويشير هذا المقال إلى قيمة استدعاء ميزات الذاكرة الثقافية التي يمكن استخدامها لتحقيق التنمية الاجتماعية.

ما هي الذاكرة الثقافية بتعريف الباحثين؟

الذاكرة الثقافية هي عملية تذكر الأحداث التي تتعلق بالأشياء والأماكن والتي يصادفها الأشخاص في إطار اجتماعي. ويُنظر إلى الذاكرة الجماعية على أنها مستودع للثقافة، وأحيانًا تؤدي هذه النظرة إلى استخدام مصطلح “الذاكرة الثقافية” [1]. ظهر مصطلح الذاكرة الثقافية لأول مرة في الأدب على يد «موريس هالبواكس-Maurice Halbwachs» في كتابيه “الأطر الاجتماعية للذاكرة” وكتاب “الذاكرة الجماعية”.

تأسس فهم هالبواكس للذاكرة الثقافية على التمييز بين الذاكرة الفردية والجماعية. فوصف الذاكرة الفردية بأنها “شخصية” و”سيرة ذاتية” للفرد. في حين أن الذاكرة الجماعية “اجتماعية” و”تاريخية” [2]. وبعد تقديم هالبواكس للمفهوم، درس «بيير نورا-Pierre Nora»الذاكرة الجماعية المكانية. وكان نورا مهتمًا بشكل خاص بالبيئة الجغرافية والعمرانية.  وناقش نورا كيف يمكن لأماكن معينة التقاط مشاعر مختلفة وتجسيد الذكريات الوطنية [3].

وبناءًا على مساهمات هالبواكس، أسس «الدو روسي-Aldo Rossi» مفهوم “الذاكرة الحضرية” في كتابه “هندسة المدينة”. وقد سمح روسي بإدخال مفهوم الذاكرة الجماعية في الهندسة المعمارية والتصميم الحضري. ويجادل ألدو روسي في هذا الكتاب بأن الحفاظ على المواقع التراثية يعادل الاحتفاظ بالذكريات الثقافية للناس وحماية هوياتهم الوطنية [4].

أضافت «كريستين بوير-Christine Boyer» إلى هذه المناقشة في كتابها “مدينة الذاكرة الجماعية” أن الهندسة المعمارية للمدينة تعبر عن الذاكرة الثقافية، وهي تحمل آثار الأشكال المعمارية السابقة، إلى جانب التخطيط والمعالم الأثرية للمدينة. وتوضح كريستين أنه على الرغم من أن أسماء المدن قد لا تتغير، فإن عناصرها المادية قابلة للتغيير دائمًا، ويتم نسيانها وتعديلها لتلائم المتطلبات الجديدة، أو حتى قد تختفي في السعي وراء أغراض مختلفة.

“إن مطالب وضغوط الواقع الاجتماعي تؤثر دائمًا على النظام المادي للمدينة”. 

كريستين بوير

ومع ذلك يمكن لذكرياتنا الجماعية والفردية أن تخبرنا بالتغييرات التي تحدث، وتساعدنا على تمييز مدينتنا عن مدن الآخرين من خلال التعرف على شوارعها ومعالمها وأشكالها المعمارية وآثارها [5].

يشير كل هؤلاء المنظرين إلى الصلة المهمة بين الذاكرة الثقافية والأماكن التي لا تُنسى في المدن، والتي تستحضر صورًا وتصورات جماعية.

مثال يوضح أثر التقدم الحضاري والصناعي على الذاكرة الثقافية

شهدت الإسكندرية “الميناء الرئيسي لمصر” مؤخرًا معدلًا متسارعًا من التحضر والتصنيع لتلبية احتياجات سكانها المتزايدين. وقد أدى ذلك إلى ظهور تهديدات حضرية واجتماعية وبيئية للمناظر الطبيعية الحضرية التاريخية للمدينة. ويعد سوق الشارع التاريخي “زنقة الستات” (المعروف أيضًا باسم “زنة الستات”) أحد أهم الأماكن التي لا تنسى في الإسكندرية، وهي تواجه حاليًا التدهور المادي والتلوث البيئي، وهي قضايا تهدد ارتباط المكان، والذكريات، وصورة المكان، والاستخدام، والتفاعل الاجتماعي لمستخدميه  [6].

زنقة الستات بمنطقة المنشية، المصدر: F. Hussei

كيف تحافظ الذاكرة الثقافية على الهوية؟

 تساهم الذاكرة الثقافية في تحديد الهوية من خلال حماية مواقع الأحداث المهمة (مثل المعالم أو المباني الأثرية). وتعزز تلك المواقع مشاعر الاستمرارية والتميز. وأظهرت تعليقات المشاركين في الدراسة أن تفرد هذا الموقع واستمراريته باعتباره “فريدًا من نوعه” في الإسكندرية، وحقيقة أنه لم يشهد أي تحول تخطيطي كبير، أوجد مشاعر اليقين والمتعة التي حمت هوية المكان وخبرته.  ويدعم هذا فهم «أنطون ولورانس-Anton and Lawrence» للمواقع التي تمتلك هوية مكان، ويقترحا أن الأماكن التي من المرجح أن يتم استيعابها في بنية الهوية هي تلك التي يمكن أن تجعلنا نشعر بأننا فريدون، ومسؤولون، وراضون عن أنفسنا، وتتوافق مع إدراكنا الذاتي لمن نحن [7].

 كان من الملاحظ أن جميع المشاركين كانوا على دراية كاملة بالخلفية التاريخية للسوق، بدءًا من حملة نابليون الفرنسية. حيث أعطت اسطبلات الخيول الخاصة بالجنود اسم السوق الرئيسي (شارع فرانساه). وكان الوجود اللاحق للمدينة التركية منعكس في النسيج العمراني (الأزقة الضيقة). بينما تم استحضار القصص عن جرائم ريا وسكينه. أدى هذا الوعي بتاريخ الموقع إلى تكرار الذكريات الثقافية، وخلق مشاعر جماعية بالمسؤولية والفخر المدني. وتتفق هذه العلاقة بين القيمة التاريخية والذاكرة الثقافية.

“الذاكرة الثقافية تتكون من المعالم القيمة في تاريخ الأمة، فهذه المعالم هي القادرة على تعزيز الشعور بالانتماء على المستوى الوطني، وكذلك التأثير على الحاضر والمستقبل. “[8].

كاريس أنطون وكارمن لورانس

تشير النتائج إلى أن الذاكرة الثقافية، والتعلق بالمكان، والقيمة التاريخية له، جميعها تضيف إلى الإحساس بالمكان من خلال تكوين علاقة تجاهه والارتباط المجتمعي به.

كيف نحافظ على الذاكرة الثقافية؟

نأمل أن تقوم سلطات التخطيط العمراني الوطنية ومصممي ومخططي المدن في العموم بالتعرف على المناظر الطبيعية الحضرية التاريخية كمستودعات للذكريات الثقافية. كما أن التأكد من تطوير تلك الأماكن وإدارتها يعكسان القيم التاريخية من خلال تذكر الأنشطة والأحداث التي حدثت هناك وإحياء ذكراها. ويوصى بشدة بأن تشتمل هذه الأعمال على تمثيل للذكريات الثقافية جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على النسيج المادي التاريخي. ويمكن أن يحدث هذا من خلال التخطيط التشاركي، حيث ستحتاج الحكومات إلى الانخراط مع المجتمع، وتخصيص وقت كافٍ لجمع البيانات الواقعية، مما يجعل من الممكن مراعاة الذكريات والعواطف والآراء الثقافية. كما يمكن أن تشارك المجموعات الاجتماعية بشكل أكبر في التخطيط التشاركي من خلال إجراء مقابلات شخصية مع المستخدمين للموقع. وسيعمل هذا النهج على تحديد الذكريات التي يريدون الحفاظ عليها لهم وللأجيال القادمة، من أجل خلق التماسك الاجتماعي الضروري وحماية هوية الموقع والتجربة والشعور بالمكان.

يمكن للذاكرة الثقافية أن تربط الأجيال بأماكن الأحداث المهمة، بحيث تظل هذه الأحداث في ذهن الأشخاص المرتبطين بالمناظر الطبيعية الحضرية التاريخية. ويعد الحفاظ على التراث الثقافي والمادي للأجيال القادمة أمرًا مهمًا، ويجب التعامل معه بنفس الاعتراف الذي تتمتع به الأجيال الحالية لتعميم الاستدامة والتنمية االاجتماعية.

المصادر

  1. Kate Darian-Smith & Paula Hamilton, Memory and History in Twentieth-Century Australia – PhilPapers
  2. On Collective Memory, Halbwachs, Coser (uchicago.edu)
  3. Between Memory and History: Les Lieux de Mémoire | Representations | University of California Press (ucpress.edu
  4. Methods and Techniques in Using Collective Memory in Urban Design: Achieving Social Sustainability in Urban Environments | Semantic Scholar
  5. The City of Collective Memory: Its Historical Imagery and Architectural … – M. Christine Boyer – كتب Google
  6. Urban Science | Free Full-Text | Cultural Memories for Better Place Experience: The Case of Orabi Square in Alexandria, Egypt | HTML (mdpi.com)
  7. The Image of the City (mit.edu)
  8. (1) (PDF) Home Is Where the Heart Is: The Effect of Place of Residence on Place Attachment and Community Participation (researchgate.net)
Exit mobile version