سلسلة أهم الفنانين على مر العصور “ليوناردو دافنشي”

سلسة أهم الفنانين على مر العصور “ليوناردو دافنشي”

كان رجل العبقرية الغير مكتملة، سابق لعصره بسنين وقرونٍ طويلة، لم يكن فناناً بشكل أساسي؛ فقد كان كل شيئ مخترعاً، ومهندساً، جيولوجي، مهتم بالتشريح، مهتم بالفلسفة….إلخ. كان ليوناردو مهتم بكل شيئ، وأي شيئ. وعلى الرغم من أن الفن لم يكن اهتمامه الأول إلا أنه ساهم فيه بشكل ضخم، وحفر اسمه كفنان قوي، ومؤثر فى عصر النهضة بل حفر اسمه في صفحات التاريخ إلى ما لا نهاية. وسوف نركز في السطور القادمة على الجانب الفني في حياة دافنشي.

نشأته وحياته :

ولد ليوناردو في عام 1452 في منتصف شهر إبريل، وكان ابن غير شرعي لكاتب العدل «ser piero-سير بيرو» تربى في منزل والده كابنٍ شرعي؛ فحصل على تعليمه الأساسي من القراءة، والكتابة، ولكنه لم يتعلم اللاتينية وقتها بشكلٍ كافي، وكذلك بعض العلوم الأخرى من الهندسة، والحساب.

عندما كان ليوناردو في الخامسة عشر من عمره بدأ في دراسة الفن على يد الفنان الفلورنسي «أندريا ديل فيروتشيو- Andrea del verrocchio» حيث تعلم الرسم، النحت، الميكانيكا. وفي عام 1472 تم قبول ليوناردو في نقابة الفنانين بفلورنسا، ولكنه ظل في ورشة فيروتشيو خمسة أعوام أخرى. بعدها ظل يعمل بمفرده في فلورنسا حتى عام 1481 وخلالها اكتسب معرفة واسعة في الميكانيكا، الأسلحة،وغيرها.

في عام 1482 انتقل ليوناردو إلى مدينة ميلان حتي يعمل بشكل أساسي كمهندس للأسلحة. وقد كانت المدينة محكومة بواسطة الدوق لودوفيكو سفورزا، وعلى الرغم من أن ليوناردو أراد العمل بشكل أساسي في صناعة الأسلحة، ولكنه عمل أغلب الوقت في الرسم والنحت، حيث رسم أجمل لوحاته «السيدة والحمل» والعشاء الأخير، وغيرهم من روائعه.

السيدة والحمل

والمشروع الأعظم على الإطلاق الذي لم ينتهي إلى الأبد هو تمثال ضخم من البرونز لوالد الدوق «فرانسيسكو سفورزا» الذى قضى ليوناردو أعواماً طويلة على العمل عليه حتى أنتج نموذج ضخم من الصلصال للحصان عام 1493، ولكن بسبب خطر الحرب مع فرنسا تم توقف العمل علي التمثال لاستغلال المعدن في صناعة الأسلحة، والمدافع، وتم هزيمة الدوق عام 1499، وتدمير نموذج الصلصال مع كل أسف وقد كنا لنشهد تحفة فنية خالدة لولا تلك الأحداث.

ديسمبر عام 1499 أو يناير عام 1500 انتقل ليوناردو دافنشي إلى فلورنسا حيث تم الترحيب به بحفاوة. وعمل خبير في لجنة تحقيقات عن الأضرار التي لحقت بكنيسة سان فرانسيسكو وقتها، ولكن في عام 1502 ترك ليوناردو فلورنسا مرةً أخرى وذهب في خدمة واحد من أسوأ ، وأبغض رجال عصره وهو القيصر بورجيا ابن البابا ألكسندر السادس كان للقيصر طموح في الاستيلاء على مساحات كبيرة من رومانيا؛ لذلك استغل دافنشي كمهندس عسكري،وظل ليوناردو يعمل معه مدة 10 أشهر. وبعدها عاد لفلورنسا حيث عمل على مشاريع لن يتم تنفيذها أو لم يكملها من الأساس، ولكن تلك الفترة رسم فيها واحده من أجمل أعماله وهي الموناليزا، ودرس حركة الطيور ونماذج للطيران ودرس جسم الإنسان تشريحاً ووظيفة، ودرس حركة المياه، والكثير من الأمور الأخرى. وبعدها انتقل إلى ميلان مرة أخرى لفترة شهد فيها نشاط علمي قوي، ولم ينجز فيها الكثير كفنان. وانتقل إلى روما وأقام هناك فترة ثلاث سنوات. حتى انتقل إلى فرنسا عام 1516 في استضافة الملك فرانسيس الأول الذي لقبه بالرسام، والمعماري، والمهندس الأول للملك. وقد عامله الملك باحترام شديد وقام ببعض الأعمال الفنية، ولكن أغلب اهتماماته كانت علمية في ذلك الوقت كعادته حتى توفي عام 1519.

أبرز أعماله :

1. تقديم المجوس الهدايا للطفل اليسوع:

فى عام 1481 تم تكليف ليوناردو برسم لوحة جدارية عن تقديم المجوس الهدايا للطفل اليسوع أو «adoration of magi- حب المجوس» التي بالفعل بدأ العمل بها مستخدماً في ذلك تقنية قد ابتكرها في استخدام الظل والضوء، حيث كان التلاعب بالظل والضوء بالنسبة لليوناردو ليس أمراً فرعية لزيادة واقعية اللوحة، بل غاية في الأهمية في التجسيد وكان باستخدام تلك التقنية المسماه سفوماتو يستطيع أن يضيف الغموض للعمل الفني الذي بدوره يضيف الحياة. وبعد فترة من بداية العمل انتقل إلى ميلان دون أن يكمل اللوحة فتظهر بعض الشخصيات تكاد تكون منتهية وأخرى لم يبدأ فيها حتى، وكذلك الخلفية غير مكتملة، ويظهر بوضوح مباني مقوضة وأخرى يتم العمل على إنشائها، وفي قلب اللوحة يوجد المسيح علي حجر أمه وقد تضرع له من حوله وهي يشير إليهم ليمنحهم البركة.

2. العشاء الأخير :

(يروي الإنجيل حكاية العشاء الأخير حيث يجلس المسيح ومن حوله الحواريين ويقول لهم أن أحدهم سيخونه، فبدأوا بالتجادل والتساؤل عن هوية هذا الشخص) . علي أساس تلك القصة بني ليوناردو لوحته الشهيرة، حيث يجلس المسيح في المنتصف ناظراً للأسفل بعد أن قال كلمته، والحواريين من حوله يتجادلون محركين أيديهم، وأفواههم في صورة تشع بالحركة، والحياة، والملحمية،وقد ركز المشهد علي المسيح وتلاميذه حتى أنه جعل حجم المائدة إصغر من الواقع أصغر؛ من أن تتسع إثنى عشر شخصاً معطياً انطباعا بالتزاحم وكثرة العدد،وقد نجح في تركيز نظر المتأمل على المسيح ليس فقط بجعله فى المنتصف، بل بالمحافظة الموجودة خلفه أيضاً.

3. الموناليزا :

بملامح هادئة وابتسامة غريبة ونظرة غامضة كانت أجمل لوحات ليوناردو دافنشي ومن أعظم الأعمال على مر التاريخ، فباستخدام تقنية السفوماتو التي ذكرناها آنفاً استطاع أن يعطيها تجسيداً بالواقعية، وقد ارتسمت خلفية جميلة وراء الموناليزا وكأنه الأفق الغير منتهي، وأحاط فم الموناليزا، وعيناها بظلٍ خافت مما أعطاها ذلك الانطباع بالغموض فكان هو سر حياة اللوحة فلاتدري أهي تسخر منك، أم تبتسم إليك أم ماذا؟! وقد ظهرت البساطة الشديدة في اللوحة من حيث الملابس وعدم وجود مجوهرات من أي نوع. وإلى الآن غير معروف من هي السيدة بالصورة.

4. القديسة حنة والعذراء والطفل :

فى مشهد معقد، ولكن جميل يحيطه الطبيعة التي لطالما عشقها وولع بها ليوناردو، تظهر العذراء على حجر القديسة حنّة، وكلاهما متشابهتان جداً في الملامح، وقد انحنت العذراء حتي تمسك بالطفل المسيح الذي كان ممسكاً بعنق الحمل الصغير، وأظهرت اللوحة البهجة في وجوههم مشعة بالحياة. وأثّر عشق ليوناردو للجيولوجيا في رسم الصخور بين أقدام القديسة حنّة فريدة المظهر غير المتكررة في لوح غيره.

وبذلك يتضح أن ليوناردو لم يكن اهتمامه الأول الفن بل كان أمرا ثانوياً يجسد من خلاله حبه للتأمل فقد كان ليوناردو عالماً، مهندسا، ومخترعاً من الدرجة الأولى وعلى الرغم من ذلك فبلا سك هو من أهم فنانين العصر.

مصادر سلسلة أهم الفنانين على مر العصور “ليوناردو دافنشي” :

Britannica

Khanacademy

الفنون في عصر النهضة ثروت عكاشة

Uffizi

إقرأ أيضاً :

سلسلة أهم الفنانين على مر العصور رافائيل

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

ملخص كتاب “شربة الحاج داود” للكاتب أحمد خالد توفيق

يحتوي الكتاب على مجموعة من المقالات المتنوعة للدكتور أحمد خالد توفيق، مقالات تتحدث عن العلم وشبه العلم وبعض الخواطر الشخصية، يشرح فيها عقلية الناس وكيفية تعاملهم مع العلم والطب والأحداث العلمية التي تطرأ عليهم من حين لآخر، ويوضح مساوئ الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تضليل الناس وتهويل بعض الأمور ونشر الأخبار الغير صحيحة، وطرق الدولة العقيمة في التعامل مع الكوارث الصحية مثل انتشار وباء معين مثلًا وتهاونهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة، كما يعطينا بعض الأمثلة على جهل الكثير من الناس واستعمالهم بعض الوصفات الشعبية مثل شربة الحاج داود التي تعالج جميع الأمراض تقريبًا حتى أنها تقضي على الأورام الخبيثة وتصديقهم للوهم الذي ينسجه الكثير من مدعي العلم والمعرفة ، وسرد الكاتب تاريخ طب المناطق الحارة واستخدام الأوبئة في الحروب وغيرها الكثير من المعلومات ممثلة في مجموعة من المقالات الشيقة.

ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء وكل جزء يندرج تحته مجموعة من المقالات:

الجزء الأول، حكايات طبية:
يشرح الكاتب خطورة تهاون الطبيب في فحص وتشخيص المريض أو مبالغة المريض في شعوره بالمرض أو وهمه بأنه مريض ووصف الكاتب هذه الحالة بمصطلح الباثوفيليا ومعناه حب المرض، يصعب على الكثير من الناس وحتى الأطباء أن يصدقوا أن هناك من يحب المرض ولكنها حقيقة فبعض الأشخاص يتظاهرون بالمرض في سبيل نيل بعض الشفقة ممن حولهم وأن يكونوا محط الأنظار وموضع اهتمام أو أن يتخذوا المرض كحجة لإسقاط بعض المسؤوليات من عليهم.

كما أن هناك بعض الناس لديهم عشق هستيري للأدوية حتى أنهم يمكن أن يفتعلوا مشاجرة مع الطبيب إذا لم يضع لهم قائمة طويلة من المستخلصات الطبية، ويصل الأمر ببعض الناس أن يتعاطوا أدوية مضادة للأكسدة أو أدوية الكبد والوصفات العشبية فقط ليتجنبوا الأمراض، ويرى الكاتب أن الباثوفيليا دليل على عدم النضج وأن الأشخاص المصابين بالباثوفيليا يتمتعون بجعل حياة من حولهم جحيمًا.

يبدأ هذا الجزء بمقال المرح مع الحميات النزفية:

يسرد الكاتب بعض الحقائق والحكايات عن الحميات النزفية بداية من الحمى الصفراء وحتى حمى لاسا التي انتشرت في غرب إفريقيا، وكيف سببت الحميات النزفية الرعب للبشر في سبعينيات القرن العشرين، كما ذكر بعض الأطباء ودورهم في اكتشاف ودراسة بعض أنواع تلك الحميات مثل والتر ريد الذي اهتم بوباء الحمى الصفراء وطارده في أحراش كوبا وأنيرو كونتية الباسل الذي أفنى حياته في دراسة حمى اللاسا.

خواطر قلاعية:
يتحدث الكاتب عن الحمى القلاعية التي تصيب الماشية ويسببها فيروس يسمى بيكورنا، وكانت تسمى الحمى القلاعية باسم داء الفم والحافر ويذكر الأزمة الاقتصادية التي سببتها في مصر وقت ذروتها وحالة الكساد التي أصابت الجزارين في ذلك الوقت.

وفاة فيروس:
يسرد الكاتب بشكل ساخر سوء الأحوال الاقتصادية والصحية في مصر وتدهور الحالة الصحية للمصريين، وأن فيروس كورونا الذي انتشر وقتها وكان يعرف باسم المتلازمة التنفسية الخاصة بالشرق الأوسط الناجمة عن فيروس كورونا (MERS-CO)، وأن ذلك الفيروس لن يكون هو أكبر المشاكل التي تواجه الشعب المصري لأن أحواله الصحية متداعية من البداية معلقًا أن هذا الفيروس سيصاب بالتسمم ويموت بسبب ما سيجده من ملوثات وأمراض في أجسام المصريين.

حكايات النوم:

يتحدث الكاتب في هذا المقال عن النوم والعادات الغريبة لبعض الناس للتخلص من الأرق، وكثرة تعاطي الحبوب المنومة التي تحتوي على مادة الميلاتونين التي تضبط إيقاعات النوم ولكن يصحو الشخص من نومه بعض تعاطي هذه الحبوب في حالة تامة من الإنهاك الجسدي، وكيف كان أساتذة اليوجا الهنود يشربون كوب من بولهم لأنه يحتوي على كمية هائلة من الميلاتونين بهدف ضبط نومهم والوصل لحالة يسمونها النيرفانا، كما ذكر إحدى التجارب التي أجراها السوفييت على أسرى الحرب والتي كانت نتائجها مروعة.

عن طب المناطق الحارة:

في هذا المقال عرف الكاتب طب المناطق الحارة أو طب الأمراض المتوطنة هو الطب الذي يتعامل مع الأمراض التي تسود المناطق الاستوائية وهذا المصطلح ليس منتشر كثيرًا في مجتمعنا، ولأن المناطق الاستوائية تتميز بجوها الحار وقلة الرعاية بها فقد انتشرت فيها الكثير من الأمراض الغريبة وكان على الطبيب المتخصص في طب المناطق الحارة التعامل مع أمراض مثل الملاريا والإيبولا والكورو (Kuru) وغيرها، وبما أن حركة الطيران جعلت العالم صغير جدا فأصبح من السهل انتشار هذه الأمراض في أماكن أخرى غير المناطق الاستوائية.

ومعظم الاكتشافات في طب المناطق الحارة كانت على يد أطباء بريطانيين، فعندما أرسلت بريطانيا جنودها لاحتلال العالم وانتشروا في رقعة واسعة من إفريقيا وجبال الهند وجزر الكاريبي بدأ الجنود بالشعور بأعراض غريبة مثل انتفاخ البطن أو ظهور دم في القيء أو الإصابة بالعمى المفاجئ أو النوم للأبد، لذا رأت بريطانيا ضرورة إرسال أطباء لفهم ما يحدث.

وذكر بعض الأطباء وحكايتهم المثيرة عن اكتشاف الكثير من تلك الأمراض مثل باتريك مانسون الذي درس الكثير من الحالات المصابة بداء الفيل واكتشف سبب انتقال المرض عن طريق لدغات البعوض المتكررة، والطبيب دونالد روس الذي ركز دراسته على الملاريا ووصل فيها لاكتشافات مهمة وأن المرض ينتقل أيضًا بسبب البعوض وأكمل من بعده السنيور جراسي الذي استطاع تحديد البعوضة التي تنقل الملاريا بصورة دقيقة وهي بعوضة الأنوفيليس بالتأكيد.

ثم ذكر دور الطبيب الأمريكي والتر ريد في اكتشاف الحمى الصفراء، وديفيد بروس الذي اكتشف البكتيريا المسببة لحمى مالطة وهي بكتيريا البروسيلا الشهيرة التي سميت على اسمه كما أنه اكتشف الطفيل المسبب لمرض النوم والذي ينتقل بواسطة ذبابة التسي تسي، والطبيب الفرنسي يرسين الذي اكتشف السبب الرئيسي لمرض الطاعون.

الأوبئة في ساحة الحروب:

ذكر الكاتب بعض الأوبئة التي استخدمت قديمًا كسلاح في الحروب وكان أقدم مثال استخدام التتار جثث الأشخاص المصابين بالطاعون كقذائف عند نفاذ مقذوفاتهم أثناء حصارهم لميناء كافا ( فيودوسيا، بأوكرانيا)، واللورد جيفري أمهيرست الحاكم البريطاني الذي كان يحارب الهنود والفرنسيين معًا ورأى ضرورة التخلص من الهنود لأنه اعتبرهم فئة متدنية غير جديرة بالاحترام ولا الحرب فأرسل إليهم بعض المفروشات والأغطية الملوثة بداء الجدري الذي كان مميتًا وقتها، وكرر الجيش البريطاني هذه الحادثة مع الأمريكين.

وفي الحرب العالمية الأولى استخدم الألمان جرثومة الجمرة الخبيثة مع الجيش الروسي، كما استخدم الإسرائيليون بكتيريا التيفود لتسميم مصادر المياة في عكا الفلسطينية.

ذكريات الطاعون:

يذكر الكاتب تاريخ الطاعون من بداية ظهور المرض وحتى انتهاءه على يد يرسين الذي اكتشف البكتيريا المسببة للمرض وبعد أعوام من اكتشافه استطاعوا الوصول إلى لقاح موفق، وقبل هذا كان الطاعون يودي بحياة الكثيرين وكان مصدر تهديد حقيقي للبشرية لذلك سمي بالموت الأسود.

الجزء الثاني، علم الفودوو:

يضم هذا الجزء مجموعة من المقالات يشير فيها الكاتب ساخرا إلى مسألة إرهاب الناس من موضوع معين عن طريق استخدام المصطلحات العلمية المعقدة التي تقوي الحجة وتجعل الكلام منطقيًا أمام الناس فيسهل تصديقه والعمل به وغالبًا ما يكون جملة هذا المنتج أو هذا التصرف يسبب السرطان متصدرة تلك الحجج الوهمية.

وكيف يعرض الإعلام الكثير من الأخبار العلمية الخاطئة والتي تتلاعب بعقول الكثيرين وعرض أخبار عن الاكتشافات الجديدة من وقت لآخر دون وجود شرح مفصل ومنطقي، ورأى الكاتب ضرورة تنمية العقلية النقدية لدى الناس فلا يجب أن نصدق كل شيء، كما عرض الكاتب علامات العالم المزيف السبع التي ذكرها العالم الأمريكي روبرت بارك في كتابه “الفودوو العلمي” وهذه العلامات تشمل:

أن يقدم الباحث أعماله مباشرة إلى وسائل الإعلام والصحافة دون عرضها على المحافل العلمية أولًا.

أن يزعم الباحث أن هناك مؤسسات كبرى تحاول سرقة أعماله واعتماده الكامل على نظرية المؤامرة.

أن العالم أجرى أبحاثه منفردًا دون التواصل مع مؤسسات بحثية كبرى.

اعتماد الكاتب على أدلة شفهية لتدعيم كلامه.

يغير الباحث بعض المفاهيم وقوانين الطبيعة حتى تتناسب مع أبحاثه.

النتائج التي يدعيها ثابته لا تتغير مع الوقت.

الرجوع للتقاليد والأفكار القديمة وادعاءه أنه يطور فكرة قديمة كانت موجودة مسبقًا.

الجزء الثالث، بعيدًا عن الطب:

يضم مجموعة من المقالات الفلسفية والخواطر الشخصية للكاتب، فيبدأ بمقال عنوانه أنت وقطة شرودنجر:
يتحدث فيه عن القرارات التي يتخذها الإنسان وكيفية تأثيرها في مجرى حياته وكيف لتصرف بسيط أن يغير حياتك بالكامل.

حتى يغادروا البيت:
يوضح التطور الذي تشهده صناعة السينما مع مرور الوقت، واستخدامهم عنصر الإبهار لحث الناس على الخروج ومشاهدة الأفلام والعروض في دار السينما بدلًا من مشاهدتها في المنزل.

لا تكن ساذجا:
يذكر الكاتب بعض الشائعات التي انتشرت في المجتمع وكيف صنعها مجموعة من البشر وصدقها آخرون حتى أصبحت شبه حقيقة عند بعض الناس.

جورج الوحيد:
يقول الكاتب أن البشر يتميزون بالتفرد واختلاف الشخصية وأن لكل إنسان نسخة واحدة فقط ولا أحد يشبه الآخر، كما ذكر رحلة العالم داروين إلى الإكوادور وانبهاره بكل أشكال الحياة التي توجد على جزيرة جالاباجوس.

المتلصص وسيد القراصنة:

مقالان يتحدث فيهم الكاتب عن بعض أنواع القرصنة، في الأول يتحدث عن قراصنة الكومبيوتر وبداية الأمر في الإعلام وفي السينما ويحكي قصة حدثت معه شخصيًا، وفي المقال الثاني يتحدث فيه عن قرصنة الأفلام الحديثة وتأثيرها على صناعة السينما.

في مصر لا تكن… المهم أن تبدو:

يسخر الكاتب من انتشار حمى المظاهر التي أصابت المجتمع المصري بداية من الأشخاص العاديين وحتى أنها وصلت لمؤسسات الدولة فلا يهم كفاءة العمل ولكن يهم أن يكون المظهر العام مبهر.

اختبار “رورشاخ” ألعاب حواة أم علم محترف؟

من الأساليب التي انتشرت في التحليل النفسي أن يضع المحلل النفسي أمامك بطاقة عليها صورة لبقعة حبر متناثرة ثم يسألك عما ترى وعادة ما تكون الأسئلة لها اجابات منطقية ومعروفة لدي المحلل النفسي، فيحاول الكاتب في المقال أن يحلل هذا الاختبار ويبين هل هو خرافة ولعب بعقول الناس أم أنه قائم على أساس علمي.

فتنة انفلونزا الخنازير وامرح مع انفلونزا الخنازير:

يضم المقالان معلومات عن وباء انفلونزا الخنازير من بداية انتشاره وطريقة تعامل الدولة مع الوباء وتهاونها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على الكارثة.

ويستكمل حديثه عن تقصير الدولة في مثل هذه الحالات في مقال بعنوان “تعرف ما سيحدث؟” وينتقل في هذا المقال إلى الماضي ليوضح أثر الأوبئة على المجتمعات ويحكي كيف تعامل عمر بن الخطاب مع الأمراض الوبائية.

هبوط حاد:
يحلل فيه الكاتب وضعية الطبيب المصري التي تعتبر مأساة ويتحدث عن وفاة العديد من الأطباء في المستشفيات بسبب العدوى أو انهيارهم بسبب الضغط النفسي والجسدي وقلة الإمكانيات، وحتى عدم حصولهم على مقابل مادي مجزي.

وأخيرًا، الأستاذ مزروع هو الحل:
يذكر فيه الكاتب أستاذه للغة العربية في المرحلة الثانوية الأستاذ محمد مزروع ويحكي بعض ذكرياته معه، وكيف أثر هذا الأستاذ في شخصية طلابه وغير الكثير من مفاهيمهم، ووضع مقارنة بين التعليم قديمًا وحديثًا وكيف تحول التعليم إلى تجارة بعدما كان رسالة يؤديها المعلم، ويرى الكاتب أن الاهتمام بالتعليم وتحسين المنظمة العلمية هو الحل لمعظم المشاكل السابقة.

للمزيد من ملخصات الكتب

مترجم: أفضل طريقة لمساعدة الأطفال على تذكر الأشياء؟

عندما نلقي نظرة للوراء وتحديدًا إلى أيام المدرسة. من المحتمل أن تكون أقوى ذكرياتنا مزيجًا من المناسبات الهامة كالرحلات والمسرحيات والأيام الرياضية إلى جانب الكثير من الأحداث الشخصية المليئة بالعواطف القوية.
أشياء حدثت وكانت مضحكة حقًا أو حزينة، أو جعلتنا نشعر بالحماس أو الاهتمام أو البهجة أو الغضب. نحن لا نتذكر عادة الأمور بوضوح، خصوصًا إن كان ذلك تعلمًا فعليًا لمادة الرياضيات أو اللغة الإنجليزية أو تكنولوجيا التصميم. قد نتذكر الحكايات المسلية التي مرّت أثناء الدروس، أو قد يستمر شعورنا بالضيق من مظالم الماضي، أو قد نُكوّن انطباعًا غامضًا عن الجلوس في مختبر العلوم، مع مقتطفات عابرة من ذكريات هذه التجربة أو تلك.
كل هذا يقودنا إلى وضع فرضية معقولة تمامًا مفادها أنه إذا أردنا أن يتذكر الطلاب ما نعلمهم إياه، فإننا نحتاج إلى جعل دروسنا أشبه بأحداثٍ مميزة. أو على الأقل، اختيار شيء ما مثيرٍ أو غير معتاد وتضمينه في الدروس. في هذا العرض، ستجد نموذجا لإنشاء دروس لا تنسى.

كيف تعمل الذاكرة؟


بقدر ما يبدو هذا معقولًا، إلا أنه خرافة. فالذاكرة البشرية تعمل بطريقتين مختلفتين، كلتاهما صحيحتان على حد سواء، ولكن إحداهما أفضل بكثير في تمكيننا من نقل ما تعلمناه إلى سياقات جديدة. يعتبر هذا النقل شرطًا أساسيًا للإبداع والتفكير النقدي. يُعرف شكلا الذاكرة بالذاكرة العرضية و الذاكرة الدلالية.

1- الذاكرة العرضية

الذاكرة العرضية هي ذاكرة “حلقات” أو سيرتنا الذاتية هذا الشكل من الذاكرة لا يتطلب جهدًا من جانبنا، إنه يحدث ببساطة. ليس علينا أن نحاول بوعي أن نتذكر ما حدث بالأمس، لأن هذه الذكريات تحدث تلقائيًا.

ولكن هناك جانبٌ سلبيٌ في الأمر، فالذاكرة العرضية “تأتي بسهولة وتذهب بسهولة”. فإذا حاولت تذكر ما تناولته على الغداء بالأمس، فربما ستتذكر. أمّا إذا حاولت أن تتذكر ما تناولته على الغداء قبل عام من اليوم -ما لم يكن ذلك تاريخًا مهمًا للغاية أو وجبة غداء جديرة بالملاحظة بشكل خاص- فلن يكون لديك أي فكرة.

2- الذاكرة الدلالية

تنطوي الذاكرة الدلالية على عمل أكثر صعوبة، إذ علينا بذل الجهد لخلق ذكريات دلالية. هذا هو نوع الذاكرة التي نستخدمها عندما ندرس شيئًا بوعي لأننا نريد تذكره. وذلك على عكس الذاكرة العرضية. ومع ذلك، فالإتجاه تصاعدي إذ إنّ الجهد المبذول ينتج عنه ذاكرة طويلة الأمد.

هل سبق لك أن شاركت في دورة استمتعت فيها حقًا بالاستماع إلى المتحدث؟ ووجدت أن الموضوع مثير للاهتمام و أنّ المقدم مسلٍ وجذاب. ومع ذلك، عندما حاولت أن تشرح لشخص ما في اليوم التالي عمّ دارت الدورة، فإن كل ما تبقى في ذهنك حقًا هو انطباع غامض عن مشاعرك خلال ذلك اليوم، مخلوطًا بالمقتطف الغريب من المحتوى.

أنت تعلم أن الدورة كانت جيدة حقًا ولكن لا يمكنك تفسير ما كانت عليه في الواقع وراء أكثر التأكيدات العامة. وذلك لأن ذكرياتك عند هذه النقطة تكون عرضية بشكل أساسي وتتلاشى بالفعل. من المحتمل أن يحدث هذا على وجه الخصوص إذا استمعت إلى المتحدث فقط دون تدوين بعض الملاحظات! ولم تقم بأي نشاط خلال اليوم ذلك يجعلك تفكر مليًا في المحتوى. وحتى إن فعلت ذلك، إذا لم تعد قراءة الملاحظات في وقت لاحق، أو المدونات التي ذُكرت، أو تخطط لاجتماع فريق عمل لإخبار الآخرين بما تعلمته، إذا لم تبذل بعض الجهد في إعادة النظر في رسالة المتحدث، فإن ذاكرتك الخاصة بالتفاصيل الفعلية ستتلاشى بسرعة مما سيترك لك ذكريات جميلة ليوم ممتع ومثير للاهتمام.

إن الذاكرة العرضية سياقية إلى حد كبير -فالذكريات تأتي مع التجارب الحسية والعواطف التي مررنا بها في وقت التجربة. لذلك عندما نتذكر الدورة، نتذكر تكييف الهواء الرديء والغداء المدهش والقرطاسية الرائعة. وقد يزعجنا أن نتذكر هذه الأشياء بشكل أكثر من أردناه.

.عندما يطلب المعلمون من الطلاب تذكر ما تعلموه في اليوم السابق، يتذكر الطلاب جميع الأشياء: طريقة كتابتك للملاحظات، وتأخر أحد الطلاب، وانسكاب قهوتك، ورواية أحدهم لنكتة مضحكة. أما محتوى الدرس الفعليّ فيكون تذكره أضعف بكثير.

يتم تشغيل الإشارات العاطفية والحسية عندما نحاول استرجاع ذاكرة عرضية. تكمن المشكلة في أن الطلاب يتذكرون أحيانًا العلامات السياقية ولكن ليس التعلم الفعلي. إنّ الذاكرة العرضية مرتبطة بالسياق لدرجة أنها لا تصلح لتذكر الأشياء بمجرد أن يصبح هذا يذهب السياق. وهذا يعني أن لها قيودًا خطيرة من حيث فائدتها باعتبارها الاستراتيجية الرئيسية لتعليم الأطفال، لأن كل ما يتم تذكره مرتبط جدًا بالسياق الذي تم تدريسه فيه. هذا لا يجعل التعلم مرنًا وقابلًا للتحويل ويمكن تطبيقه في سياقات وظروف مختلفة. ومع ذلك، فإن قابلية النقل هذه هي الشرط الأساسي للإبداع والتفكير النقدي.



من حسن الحظ أنّ لدينا أيضًا ذاكرة دلالية، لأن الذاكرة الدلالية ليس لها حدود الذاكرة العرضية، فالذكريات الدلالية خالية من السياق. يتم تحرير الذكريات الدلالية من السياق العاطفي والمكاني/الزمني الذي اُكتسبت فيه لأول مرة. و يتم تخزين المفهوم في الذاكرة الدلالية، وبذلك تصبح أكثر مرونة وقابلية للتحويل بين السياقات المختلفة. لذافإن الذاكرة الدلالية مركزية للتعلم على المدى الطويل: التعلم الذي يمكن استخدامه في سياقات جديدة لحل مشاكل غير متوقعة. إن الذاكرة الدلالية هي ما نستخدمه عندما نحل المشكلات أو نكون في صدد عمل إبداعيّ. يتضمن ذلك تطبيق شيء ما تم تعلمه في سياق محدّد إلى سياق آخر جديد. وعلى النقيض من ذلك، فإن الذكريات العرضية ليست مرنة ولا تنتقل بسهولة، لأنها ترتكز على التفاصيل.

وهذا ما يفسر الإحباط الذي يشعر به المعلمون في بداية كل عام دراسي عندما يبدو أنّ الأطفال -الذين ثبت أنهم أكفاء- ليس لديهم أي فكرة عما درسوه في السابق. ليس الأمر أن معلمهم السابق كان يكذب أو يخادع عندما قال إنهم أكفاء. السبب هو أن المعلم السابق لم يدرك أن هذا الفهم لم يكن آمنًا بعد في الذاكرة الدلالية وأنه كان لا يزال يعتمد بشكل كبير على الذاكرة العرضية.وأنه يعتمد بشكل كبير على الإشارات السياقية القوية التي يجب تذكرها. انقل الطفل إلى فصل دراسي مختلف، مع مدرس مختلف، بجانب زملاء مختلفين، وبدون السياق المألوف، وستجد ببساطة أنه لايمكنه تذكر المعرفة.
عندما ينتقل الأطفال من فصل إلى آخر فهذا أمر سيئ ولكن الأمر يزداد سوءًا عندما يغير الأطفال المدارس، كانتقالهم من المدرسة الابتدائية إلى المدرسة الثانوية. يختلف هنا السياق بشكل كبير: مبنى مختلف، مسيرة مختلفة، زي موحد، الكثير من الأشياء التي لم تعد مألوفة. لا عجب في أن معلمي المرحلة الثانوية يعتقدون غالبًا أن معلمي المرحلة الابتدائية يبالغون في تقدير ما يعرفه تلاميذهم السابقون. فعندما يزول السياق المألوف، يتذكر التلاميذ فقط ما خُزن بشكل آمن في الذاكرة الدلالية، وهو ما يمكنهم نقله إلى الحياة في السنة السابعة.



يتطلب تكوين الذكريات الدلالية العمل والممارسة، على عكس الذكريات العرضية. فإذا كنت تريد أن تتذكر شيئًا ما، فأنت بحاجة إلى التفكير فيه، وليس مجرد تجربته. يشرح عالم النفس المعرفي دانيال ويلينجهام《Daniel Willingham》 أن “الذاكرة هي بقايا الفكر”. كلما فكرت في شيء ما، كلما زاد احتمال تذكره. لذا فإنّ على المدرسين التأكد من أن الدروس تمنح الطلاب الفرصة للتفكير في الأشياء التي نريدهم أن يتذكروها، بدلاً من بعض الأشياء الخارجية الأخرى. نحتاجهم أن يفكروا في رسالة الدرس، بدلاً من الوسيلة التي نستخدمها في الدرس. هذا هو المكان الذي يمكن فيه لدروس “المرح” أن تمنع دون قصد حدوث التعلم. إذا كانت الوسيلة المختارة لتقديم الدرس مزعجة للغاية، فهذا هو ما سيفكر فيه الطلاب، بدلاً من أي شيء نريده بالفعل أن يتعلموه. على سبيل المثال، أتذكر شخصًا يقترح استخدام مسدسات الماء لتعليم الأطفال الزوايا. هذا اقتراح لا يخلو من بعض الجدارة. على وجه الخصوص، أحب الطريقة التي يتم بها تدريس الزاوية هنا عموديًا بدلاً من أفقي فقط كما هو معتاد مع الورق والقلم الرصاص والمنقلة. ومع ذلك، ربما يكون مؤلف هذا الاقتراح معلمًا أكثر مهارة من معظمهم، ولكن لا يمكنني التفكير في أن العديد من الأطفال قد يفكرون في فرص بخ الماء عن طريق الخطأ أكثر من طبيعة الزوايا الحادة. حتى النشاط الأقل مغامرة – لعبة الرياضيات على سبيل المثال – ينطوي على خطر أن يفكر الأطفال بجدية في القواعد بدلاً من الرياضيات الفعلية. هذه ليست مشكلة إذا قرر المعلم التضحية بدرس واحد لتعلم قواعد اللعبة التي سيتم استخدامها بعد ذلك بشكل متكرر على مدار العام. ولكنه يمثل مشكلة كبيرة إذا لم يكن المدرسون متيقظين لإمكانيات أنهم قد يفسدون التعلم عن غير قصد بجعل وسيلة التعلم أكثر بروزًا من الرسالة الفعلية. فعندما يخطط المعلمون للدروس، يجب أن يعوا ما سيفكر فيه الأطفال خلال كل جزء من الدرس، بدلاً من ما سيشعرون به أو يفعلونه. هل قمت بتخطيط أنشطة تضمن للأطفال التفكير بجدية في الأشياء الصحيحة؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فلا تتفاجأ عندما يتذكر الأطفال القليل جدًا حول الدرس المحدد.



تتركز بعض أنواع الأنشطة على التفكير الجاد، ولكن ليس دائمًا حول الأشياء المركزية التي نريد أن يفهمها الأطفال. على سبيل المثال، ينطوي إجراء تجارب علمية عملية على الكثير من التفكير في التخطيط، وما يجب القيام به بعد ذلك، ومراقبة ما يحدث. في الواقع، تتطلب العناصر العملية الكثير من الطاقة العقلية لدرجة أنه لا يوجد الكثير من النطاق الترددي المعرفي المتبقي للتفكير فعليًا في المفاهيم التي تهدف التجربة إلى إثباتها. عندما قام Ofsted《المكتب البريطاني لمعاير التعليم ومهارات الأطفال》 بالتحقيق في تدريس العلوم في المدارس الابتدائية، وجد أن العديد من المدارس حاولت عن طريق الخطأ تعليم مفاهيم العلوم بشكل كامل تقريبًا من خلال التجارب العملية: المفهوم الخاطئ هنا هو أن “العمل علميًا” يصبح آلية لتعليم المعرفة والمفاهيم. ومع ذلك، فإن الاقتراب من تدريس العلوم بهذه الطريقة يؤدي إلى مشكلة متكررة وهي أن التلاميذ ينخرطون في تجارب لاتنسى، وبالمقابل ليس لايستطيعون تذكر المعرفة الأساسية المقصود تعلمها من التجارب. على سبيل المثال، عندما استجوب المفتشون التلاميذ خلال زيارات البحث، كان بإمكان التلاميذ تذكر المهمة التي تم تنفيذها بسهولة، لكنهم وجدوا صعوبة في شرح كيفية عمل تلك المهمات.



وهذا لا يعني أنه لا ينبغي للأطفال إجراء تجارب علمية، ولكن يجب على المعلمين أن يدركوا تمام الإدراك أنه من غير المحتمل أن يكتسب الطلاب فهمًا للمفاهيم العلمية ما لم يتم إجراء التجارب بعد تدريس هذه المفاهيم. فبمجرد أن تصبح المفاهيم العلمية مفهومة، يصبح الأطفال أكثر قدرة على “التفكير مثل العلماء” مع الفائدة الإضافية التي مفادها أن النشاط العملي يعزز فهم التعلم السابق.



وينطبق الشيء نفسه على الأنشطة التي تتطلب من الأطفال البحث عن المعلومات بأنفسهم. إذا تم ذلك كوسيلة للحصول على المعلومات في المقام الأول، فمن غير المحتمل أن يترك الجهد المعرفي لتحديد المعلومات الصحيحة مساحة للأطفال ليتذكروا الكثير عما اكتشفوه. سوف يفكر الأطفال في المكان الذي يمكنهم فيه العثور على ما يحتاجون إلى اكتشافه وما إذا كان ما يقرؤونه مناسبًا، بدلاً من التفكير فعليًا في المحتوى. إذا كان تذكر المحتوى أمرًا مهمًا يجب على المعلمين أن يضعوا في الاعتبار أن الوقت الإضافي سواء قبل أو بعد أنشطة البحث، يجب أن يُقضي في التفكير مليًا في المعلومات.

تظهر هذه المشكلة أيضًا في تدريس الرياضيات من خلال حل المشكلات. يعتقد بعض المعلمين أن المهام الغنية مثل التحقيقات حين يقوم الأطفال باكتشاف العلاقات بأنفسهم هي طريقة تعليمية أفضل بكثير من إخبار الأطفال بشكل صريح بكيفية القيام بالعمليات. يُنظر إلى الاكتشاف على أنه أكثر إبداعًا، ويتطلب المزيد من الخيال، وأكثر إثارة للاهتمام، وبالتالي من المرجح أن يؤدي إلى فهم الأطفال حقًا مفاهيم الرياضيات، بدلاً من مجرد إجراء اندفاعي. ومع ذلك، في حين أن المهام الغنية لها مكانها، إلا أنها غير مناسبة تمامًا للمرحلة الأولية من التعلم، عندما يواجه الأطفال مفهومًا للمرة الأولى. فإذا أردنا أن يصبح الأطفال مستقلين لحل المشكلات، فنحن بحاجة إلى تعليمهم بعناية وصراحة حتى تبدأ الذاكرة الدلالية في التشكل. بعكس الحدس كما قد يبدو، لا يصبح الأطفال مستقلين في حل المشاكل عن طريق حل المشاكل بشكل مستقل. هذا لأنه عندما يحاول الأطفال حل المشكلات قبل أن يعرفوا الرياضيات اللازمة للقيام بذلك، فإنهم سوف يبذلون طاقة عقلية كبيرة لتتبع ما يُقصد حله مقابل ما اكتشفوه حتى الآن، لدرجة أنهم عندما يصلون إلى الحل، سيكونون قد نسوا ما فعلوه بالضبط حتى وجدوا الإجابة أخيرًا! إن هناك الكثير من الأبحاث التي تظهر أن التدريس أكثر فاعلية عندما يشرح المعلم المواد بشكل صريح في خطوات صغيرة ومدروسة بعناية، مما يمنح الأطفال الكثير من الفرص للممارسة قبل الانتقال إلى الخطوة الصغيرة التالية. هذا صحيح بشكل خاص في مرحلة اكتساب المعرفة المبكرة للتعلم.

حتى إذا قُسمت مواد الدروس إلى خطوات صغيرة وأُشرك الأطفال في التفكير في الأشياء الصحيحة، فقد يظل المعلمون ممتلكين للخبرة المألوفة. وفي نهاية سلسلة من الدروس حول موضوع معين، يشعر المدرس بثقة معقولة في أن معظم الفصل تعلموا كيفية القيام بأي شيء كانوا يتعلمونه، على سبيل المثال- نظرية الشبكة-. قد يؤدي الأطفال أداءً جيدًا بشكل معقول في تقييم نهاية الوحدة. ومع ذلك، عند إعادة النظر في الموضوع بعد بضعة أسابيع، لا يستطيع الأطفال تذكر كيفية تنفيذ نظرية الشبكة، ليس هذا فحسب، ولكن العديد منهم سينكرون انهم سمعوا بالنظرية من قبل! يمكن أن يترك هذا الموقف المعلمين محبطين ومتسائلين عن مكان الخطأ الذي ارتكبوه.


إذا لم يعد المعلمون النظر في المفاهيم مرة أخرى في وقت لاحق. بعد مرور بعض الوقت على آخر شرح للمفهوم، فمن المحتمل أن لا تكون الذاكرة الدلالية قوية بما يكفي للقيام بالمهمة التي نحتاجها للقيام بها. فنحن بحاجة إلى مضاعفة المرّات التي يتعين فيها على التلاميذ التفكير بجدية حول الأشياء المهمة التي نريدهم أن يتعلموها. فهل نعطي الطلاب فرصًا للتفكير في المفاهيم في بيئة أقل حدة؟ ليس من الصعب تنفيذ نظرية الشبكة في منتصف الدرس حيث يقوم المعلم بوضع نموذج لكيفية تنفيذ طريقة الشبكة. ولكن لبناء ذاكرة دلالية قوية، يحتاج الطلاب إلى فرص للقيام بالأشياء عندما يكون التدريس المحدد لكيفية القيام بها أقل حداثة. كما أنهم بحاجة إلى فرص للقيام بها عندما تكون أقل حدة. على سبيل المثال، لايجب عليك اخبارهم – “لحل هذا الأمر، ستحتاج إلى الضرب، باستخدام نظرية الشبكة”.



في الدروس، يقدم المعلمون جميع أنواع الأفكار والعلامات التي تحمل الأطفال إلى إجابات صحيحة. هذا جيد كخطوة أولى، ولكن ما لم يكن لدى المعلمين أيضًا استراتيجيات تمكن المتعلمين من تجاوز العمل، فقد يتم الاحتفاظ بالقليل على المدى الطويل. يشرح نيكولاس سودرستروم وروبرت بيورك《Nicholas Soderstrom and Robert Bjork explain》في مقالة عام 2015 تتحدث عن وجهات نظر حول علم النفس، الفرق بين الأداء والتعلم. فالأداء هو ما يمكن أن نراه يحدث أثناء التدريس. أمّا التعلم، من ناحية أخرى، هو شيء غير مرئي يدور داخل رؤوس الأطفال. لا يمكننا مراقبة التعلم، يمكننا فقط استنتاجه. من المحبط أن الأداء الحالي هو دليل رهيب لمعرفة ما إذا كان التعلم قد حدث بالفعل أم لا. إن المعلمون والقادة معرضون لخطر الخداع بسبب الأداء الحالي وقد يعتقدون أن التغيير في الذاكرة الدلالية طويلة المدى (المعروف أيضًا بالتعلم) قد حدث.

إنه من غير المألوف أن يختلف الناس مع هذا التأكيد على بناء الذاكرة الدلالية. في بعض الأحيان يجادل الناس “لكنني لا أتذكر أي شيء تعلمته في المدرسة”. عندما يقول الناس هذا، فإن ما يقصدونه عادة هو “ليس لدي ذكريات عرضية قوية لتعلم أشياء معينة في المدرسة”. هذا في الواقع شيء جيد يجب أن يكونوا ممتنين له. لا نريد أن نتذكر السياق جنبًا إلى جنب مع المحتوى، الأمر الذي سيعيق حقًا قدرتنا على التفكير. نحن لا نتذكر الكثير مما تعلمناه في المدرسة، ومع ذلك نحن نعرفه. هذا لأن الذاكرة العرضية للدرس الفعلي قد تلاشت منذ فترة طويلة، في حين أن الذاكرة الدلالية التي تشكلت من خلال التفكير الجاد في المحتوى-وإن كان ربما على مضض في ذلك الوقت- تستمر. هذا هو السبب في أن الناس يعرفون عن المثلثات والأكسجين، آن بولين《ملكة إنجلترا》 والمقالات القصيرة، والأرقام المربعة وبحيرات أوكسبو، وخلط الألوان وليدي ماكبث《شخصية مسرحية. هل يتذكر الناس أنهم تعلموا هذه الأشياء فعلًا؟ ربما لا، لكنهم يعرفونها (أو معظمها) وعلى الرغم من أن الشخص ربما لم يفكر في بحيرات أوكسبو لعقود، إلا أنه عند ذكر الاسم، تأتي الذاكرة بسهولة. هذا هو جمال الذاكرة الدلالية. فهي لاتحتاج أن تكون مرتبطة بفوضى عرضية. كما قال سولومون كينجزنورث《Solomon Kingsnorth》 فلديك “دليل سياحي خاص للكون، يعيش داخل عقلك” متاح على الفور.

إنّ ما تعرفه يشكل ما تراه. أنت أو أنا قد ننظر إلى جبل ونرى فقط … جبلا. بينما قد ينظر الجيولوجي إلى الجبال بشكل مختلف إلى حد ما، أما حين ينظر الدراج المتحمس فقد يرى المرء الجبل كما نراه، ومع ذلك يرى أيضًا التكوينات الصخرية، والآخر يرى نسب التروس. إن امتلاك ذاكرة لغوية مليئة بالثراء هو، كما وضعها إيان ليزلي《Ian Leslie》 في كتاب《Curious》، للوصول إلى “الواقع المعزز، كل شيء تراه يتراكب مع طبقات إضافية من المعنى والإمكانية”.



إذا كنت تعرف نوع الأشياء المذكورة أعلاه -آن بولين والفقرات وبحيرات أكسبو، على سبيل المثال- فأنت تتمتع بامتياز المعرفة. لقد تم منحك فرصًا للتفكير مليًا في الأشياء التي لا تعرفها، وبالتالي لديك مستودع كبير من الذاكرة الدلالية في متناول اليد، متاحة بسهولة وقتما تشاء. ومع ذلك، من السهل للغاية التغاضي عن هذه الميزة والتقليل إلى حد كبير من مقدار ما نعرفه في الواقع ومدى استفادتنا من مدارسنا. لأننا لا نتذكر عملية تعلم ما نعرفه، لا نتذكر الجهد الذي بذل في دراسته. قد نفترض أن الأشياء المهمة التي نعرفها قد تعلمناها بمجرد تركنا المدرسة، دون أن ندرك أن الذكريات الدلالية التي تم الحصول عليها في المدرسة هي التي خلقت الأسس التي تمكنا من البناء عليها بشكل مثمر في وقت لاحق. لو كانت الأمور على خلاف ذلك، لكانت قدرتنا على التفكير قد تقلصت إلى حد كبير. ربما اعتقدت أنه من المهم للغاية الحصول تجارب شيقة ومثيرة عند ذهابنا إلى المدرسة. وفي حين أن ذلك قد يكون ممتعًا، إلا أنه قد يترك لنا إما القدرة على التفكير أو أن نكون مبدعين حقًا، خاصة إذا كان وصولنا إلى المعرفة القوية في المنزل محدودا. قبل أن نقرر فرض أجنداتنا الخاصة على تعليم الأطفال، نحتاج إلى التحقق من ميزة المعرفة لدينا قبل اتخاذ القرارات التي ستحرم الأطفال من نصيبهم العادل من الميراث الثقافي الغني الذي يوفره عالمنا والذي يحق لهم الحصول عليه.

قد تظهر الذاكرة العرضية، للوهلة الأولى، أكثر “إنسانية” من شكلي الذاكرة، ذاكرة الناس والمشاعر والأماكن التي تجعلنا ما نحن عليه. تبدو الذاكرة الدلالية أكثر برودا وأكثر روبوتية. ومع ذلك، فإن قدرتنا المذهلة على تخزين التعلم المكتسب ثقافيًا في ذاكرتنا الدلالية هي التي تجعل النجاح مثل صورة ذهنية. إن الغرض الرئيسي من التعليم هو بناء ذاكرة دلالية قوية،فإذا نظرنا إلى المعرفة التي تراكمت عبر القرون إلى الجيل التالي: كيفية القراءة والكتابة، وكيف تعمل القصص، وكيف يستخدم المنطق الرياضي لحل المشاكل، والعلم بقوته التنبؤية المذهلةمع عدد لا يحصى من المفاهيم والأفكار والممارسات الأخرى. هذا لا يعني أن بناء الذاكرة الدلالية هو الغرض الوحيد من التعليم. فنحن نريد المساعدة في تكوين أطفال متعلمين عاطفيًا ومسؤولين أخلاقيًا أيضا. وسيتضمن ذلك التفكير في نوع الذكريات العرضية التي نحاول أن نبنيها لأطفالنا. إذا تعاملنا مع أطفالنا بلطف واحترام، فسيكون لديهم ذكريات عرضية لتعامل لطيف ومحترم، مما يزيد من احتمال معاملتهم للآخرين بلطف واحترام. وإلى جانب بناء رأس مال ثقافي في الذاكرة الدلالية، يجب بناء رأس مال الاجتماعي وأخلاقي وروحي أيضًا. في حين أن بناء الذاكرة الدلالية سيلعب دورًا مهمًا في ذلك، فإن تطوير الذاكرة العرضية أيضًا مهم، كما هو الحال مع الأبعاد الحيوية للتجربة البشرية، قد يكون تذكر السياق العاطفي أكثر أهمية.


ولا يعني ذلك أنه لا ينبغي التفكير في إنشاء نوع من التجارب التي لا تنسى والتي تحدث في الرحلات والمسرحيات وما إلى ذلك. فمثل هذه الأحداث الخاصة التي تتخلل الروتين اليومي للحياة المدرسية هي مهرجانات “عشاء عيد الميلاد” للعام الدراسي. إنها خاصة لأنها نادرة وضخمة الموارد ومختلفة. وتتناقض مع الألفة اليومية للخبز والزبدة والطبلة في الحياة المدرسية العادية. ولكن الهدف الأساسي هنا هو الخبرة اليومية.



بعض التحذيرات:


عندما نقوم بتعليم الأطفال الذين لديهم خبرة حياتية محدودة والذين لا يملكون ذكريات عرضية غنية. فسيكون الأمر الأكثر أهمية هو تقديم نوع من التجارب الغنية -الرحلات إلى شاطئ البحر، والمسرح والمعارض الفنية- لنرى أولاً الجبال والمدن والغابات. فبالنسبة لكثير من الأطفال، يعد هذا التعرض جزءًا لا يتجزأ من الحياة الأسرية. ولكن بالنسبة لآخرين، فإن الخبرة التي تتجاوز المحلية غير موجودة إلى حد كبير. في هذه الحالة، نحن مدينون للأطفال بمحاولة تقديم أنواع من الخبرة المباشرة التي توسع الآفاق. والأطفال الصغار جدًا، بغض النظر عن خلفيتهم الأسرية، لديهم تجربة حياة أقل ثراءً، لذا يحتاجون إلى تجارب لا تنسى كثيرة كنوع من “الترحيب في العالم”.

من الممكن أيضًا أن تحدث مبالغة في انفصال الذاكرة العرضية عن الدلالية. إن هناك درجة من التداخل بين الاثنتين. إنها ليست مقصورات مقاومة للماء. فعلى سبيل المثال، في إحدى التجارب، طُلب من الأشخاص إدراج أواني المطبخ. أولاً، اعتمد المشاركون على محتويات ذاكرتهم الدلالية، ولكن عندما نفذ الأمر، تحولوا إلى التفكير تحديدًا في مطابخهم الخاصة وتذكر ما كان هناك. عززوا استرجاعهم من الذاكرة الدلالية مع ذكريات عرضية محددة السياق.



إن المشاعر القوية تجعل الأشياء تلتصق بالذاكرة العرضية، مثلما يفعل التجديد. لذا فإن القيام بنوع من الأحداث الأقل روتينية أو المثيرة لاستكمال التعلم حول شيء ما قد يكمل الذاكرة الدلالية. -رحلة في نهاية موضوع كتاب على سبيل المثال. بالعودة إلى المثال المبكر: تدريس الزوايا باستخدام مسدسات الماء، قد يكون القيام بذلك بعد سلسلة من الدروس التقليدية طريقة جيدة لجني فوائد كلا شكلي الذاكرة، كما هو الحال في تجربة العلوم التي تثبت المفهوم الذي تم التعرف عليه. إنه ليس خيارًا ثنائيًا بسيطًا دائمًا عليك العمل بأحدهما فقط. وهذا لا يعني ان أسلوب الذاكرة العرضية “سيئ” أو أقل شأنا. لكن الأمر مختلف. فمن المرجح أن يؤدي البناء المتعمد للذاكرة الدلالية إلى ذاكرة طويلة الأمد ومرنة وقابلة للتحويل من وضع معظم طاقاتك في السلة العرضية، لذلك يجب أن تشكل الجزء الأكبر مما نقضي وقتنا عليه. يمكن أن تساعدنا معرفة شكلي الذاكرة في اتخاذ خيارات أكثر حكمة وإنتاجية.

المصدر: educationnext


كيف يسبب «التوكسوبلازما» تغيرات جينية للذكور؟

كيف يسبب «التوكسوبلازما» تغيرات جينية للذكور؟ تشير آخر الإحصائيات إلى أن ما بين 25 إلى 80 في المائة من سكان العالم مصابون بطفيلي يسمى «Toxoplasma gondii». في معظم الأحيان، يكون المرض الناجم عن العدوى الطفيلية خفيفًا، ولكن يمكن أن يسبب مشاكل أكثر خطورة في الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة والرضع والنساء الحوامل، وقد وجد الباحثون الآن أن الطفيلي يمكن أن يسبب تغيرات جينية في ذكور الفئران تؤثر على التعبير الجيني في نسلهم.

تأثير ععدوى التوكسوبلازما على ذكور الفئران :

كانت هناك تغييرات في وظيفة الدماغ وسلوك الفئران المولودة لذكور الفئران المصابة بمرض التوكسوبلازما (مقارنة بالفئران المولودة لذكور الفئران غير المصابة). يجب التحكم في التعبير الجيني بعناية من قبل الخلايا، وهناك مجموعة متنوعة من الطرق لتنظيم الجينات. واحدة من هذه الطرق هي العلامات اللاجينية – المجموعات الكيميائية التي تعدل الجينوم – حيث تسببت عدوى التوكسوبلازما في تغيرات جينية في الحيوانات المنوية في ذكور الفئران، وهناك أدلة تشير إلى أن هذه الأنواع من التغيرات الجينية في الحيوانات المنوية تنتقل إلى النسل.

هل تنتقل هذه التغييرات الچينية إلى الأجيال اللاحقة؟

وقد ثبت أن عدوى التوكسوبلازما تسبب تغيرات جينية طويلة المدى في مجموعة من الخلايا حول أجسامنا. هذه تغييرات لا تغير التسلسل الجيني للحمض النووي، ولكنها تؤثر على التعبير الجيني – أي أنه يتم تشغيل الجينات أو إيقاف تشغيلها، نظرًا لأن التغييرات الجينية الأخرى في الآباء – مثل تلك التي تسببها الصدمة أو التدخين – يمكن أن تؤثر على أطفالهم، قررنا النظر فيما إذا كانت آثار التغيرات الجينية الناتجة عن عدوى التوكسوبلازما يمكن أيضًا أن تنتقل بين الأجيال القادمة ام لا؟

تأثير العدوى الطفيلية على الحمض النووي الريبيوزي و سلوك الأجيال التالية و كيف يسبب «التوكسوبلازما» تغيرات جينية للذكور؟ :

أظهر نموذج الفأر المستخدم في هذه الدراسة أن هذه التغييرات الجينية كانت لها تأثير، حيث تؤثر هذه التغييرات في مستويات الحمض النووي الريبيوزي الصغيرة على التعبير الجيني، وبالتالي يمكن أن تؤثر على نمو الدماغ وسلوك الأبناء، حتى الجيل التالي للذكور المصابين الأصليين – أظهروا تغييرات في سلوكهم أيضا.

تأثير الأمراض المعدية على البشر:

عادة ما يتم التفكير أكثر في كيفية تأثير الأمراض المعدية لدى النساء على نمو الجنين، ولكن ربما يكون لبعض الإصابات لدى الرجال آثار طويلة المدى على صحة الأجيال اللاحقة. وهذا بالتأكيد شيء مُتبع، كلاهما ينظران إلى ما يحدث في البشر، بما في ذلك النماذج الحيوانية للعدوى بفيروس – SARS-CoV-2 الذي يسبب مرض COVID-19 “.

المصادر : AAAS/Eurekalert, Walter and Eliza Hall Institute, Cell Reports

Exit mobile version