ما هي استراتيجيات إدارة الفصل؟

هذه المقالة هي الجزء 9 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

أتعرف هذا الفصل الذي يعلو فيه صراخ المعلمة، وصوت “خرزانة” المعلم، والكثير من أصوات الطلاب المرحة أحيانًا، والغاضبة أحيانًا، والمتمردة أحيانًا أخرى؟ تحتاج بيئة التعلم هذه إلى استراتيجيات إدارة الفصل.

تعتبر إدارة الفصل مفتاحًا لنجاح الطلاب وتحقيق أهداف التعلم بشكل كامل. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة “ناغويا” في اليابان، فإن إدارة الفصل الفعالة تؤدي إلى تحسين النتائج التعليمية وزيادة مستوى الرضا لدى الطلاب؛ وبالتالي مستوى التحصيل. ولا يؤثر ضعف هذه المهارات على تجربة الطلاب فقط، بل وتزيد من الضغط على المعلم وتصيبه بالاحتراق النفسي المهني. [4] [1]

إدارة الفصل هي عملية تنظيمية أساسية في الحصول على بيئة تعلم ممتعة وفعالة. وتعتمد استراتيجيات إدارة الفصل على ثلاث محاور جوهرية: المعلم، والطالب، والفصل حيث تحدث تجربة التعلم. وتشمل تلك المحاور في ظلها مهارات مثل: إدارة الوقت، وتحديد الأهداف، والتفاعل مع الطلاب، والتحكم في السلوكيات، وتحقيق التواصل الفعال مع الطلاب [3]

هناك العديد من السلوكيات السلبية التي تتفاقم وتهدد بيئة التعلم إذا ما تم التحكم فيها، ومن بين هذه السلوكيات:

  • التشتيت وعدم التركيز وهو ما يؤثر على باقي الطلاب.
  • المحادثات الجانبية.
  • مقاطعة الآخرين/المعلم.
  • التأخر في الحضور أو الانصراف.
  • الإساءة إلى الآخرين والتنمر حتى وإن كان على سبيل المداعبة.
  • استخدام الهاتف الذكي دون إذن.
  • العدوانية والتمرد: إذ يمكن أن يؤدي هذا السلوك إلى تعريض الطلاب والمعلمين للخطر.

لذلك تظهر الحاجة إلى مهارات إدارة الفصل. ولكن ما هي الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الفصل؟ وكيف نفرضها بطريقة ممتعة بما يجعل بيئة التعلم مريحة وإيجابية للطلاب؟

تتضمن إدارة الفصل أيضًا القدرة على التعامل مع السلوكيات السلبية التي قد تؤثر على تجربة التعلم للطلاب.

أولًا: استراتيجيات إدارة الفصل

هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن للمعلمين استخدامها لإدارة الصف بشكل فعال، ومن بين هذه الاستراتيجيات:

تحديد القواعد والتوقعات

 بمشاركة الطلاب، يضع المعلم قواعد الفصل والتوقعات والمعايير التي يجب على الطلاب الالتزام بها، ويجب توضيح هذه القواعد والتوقعات بشكل محدد بما يشمل مكافآت الالتزام بها وعقوبات انتهاكها. وقد تشمل: الالتزام بالوقت، وأداء المهام المطلوبة، وطريقة التصرف بداخل الفصل، والالتزام بالمشاركة الفعالة، وسياسة استخدام الهاتف الذكي، ومستوى الضوضاء المسموح بها داخل الفصل، وهكذا. تثبيت هذا الدستور المتفق عليه أمام الطلاب في جدارية مثلًا، أو توزيعها عليهم ليبقوها في دفاترهم، أو كعقد يوقعه كل الطلاب في الفصل بالإضافة للمعلم، يجعلهم في حالة دائمة من التذكير، كما يبعث فيهم شعور المسؤولية عن تصرفاتهم.

إنشاء بيئة إيجابية وآمنة

 على المعلم –بمساعدة طلابه- إنشاء بيئة إيجابية ومتعاونة في الصف، وتشجيع التعاون والتفاعل الإيجابي بين الطلاب. يمكن تحقيق ذلك بالثناء على التصرفات الإيجابية التي اتبعوها ضمن الاتفاقية مثلًا، باستخدام الجوائز المعنوية والمادية لتحفيز الطلاب. كما يمكن منحهم حق اختيار اللعبة في الدرس القادم أو ما شابه.

كذلك على المعلم التواصل مع الطلاب العدوانين والمتنمرين فرديًا لمعالجة السلوك السلبي الذي صدر منهم، وذلك بعد تطبيق العقاب المتفق عليه مسبقًا. وأن يتجنب معاقبة الفصل بأكمله بإثم الفرد؛ فيكون تطبيق دستور الفصل بطريقة متزنة ومنصفة، ويناسب حالة الفصل واحتياجات الطلاب، وبطريقة تشجع الغيرة والمشاركة الإيجابية في العملية التعليمية. ويمكن أن يكون العقاب هو الإيقاف المؤقت عن المشاركة مع زملائه. فوفقًا لدراسة أجرتها جامعة “أوهايو” في الولايات المتحدة، يمكن لاستخدام التوجيه الواضح للسلوك أن يساعد في تحسين السلوكيات السلبية للطلاب  [2].

وعن اللغة التي يستخدمها المعلم مع الطلاب أصحاب التصرفات السلبية، فيجب أن تكون لغة ودودة غير هجومية. فمثلًا يقول: «يا “فلان”، هل لديك سؤال؟»، بدلًا من أن تقول «توقف يا فلان عن التحدث وإزعاج الآخرين». وتقول «هل تحتاج بعضًا من المساعدة في التركيز؟» بدلًا من أن تقول «توقف عن الممازحة بينما أتكلم!». مثل هذه اللغة تضمن لك نقد التصرف السيء دون إضرار بالعلاقة الإيجابية بينكما.

شجّع المبادرة

قد يظن بعض المعلمين أنهم إذا سمحوا للطلاب بأخذ بعض المساحة من مساحة إدارتهم للفصل فإن ذلك يهدد موقعهم كأصحاب سلطة. ولكن هذا المفهوم مغلوط تمامًا. فمثلًا إذا شرح المعلم درسًا وطلب من الطلاب قراءة جزء معين وشرحه للآخرين، فإن هذا يحفّز الطلاب للمشاركة أكثر أولًا. وبعد أن تمدح حسن صنيعهم، يتلقوا كذلك الدعم من زملائهم ثانيًا؛ فيعزز هذا من ثقتهم بأنفسهم وهو ما يشجع بدوره التفاعل الإيجابي كما ذكرنا في النقطة السابقة.

مواقع الجلوس في الفصل

هناك العديد من طرق الجلوس في الفصل. وعلى المعلم أن يضمن أن الطريقة التي يستخدمها تضمن تواصل ومشاركة بين الطلاب بما يسمح لهم العمل في مجموعات أو في ثنائيات. ثم يمكنك كذلك تعيين مهام أو مشاريع جماعية، بما لهم بتطبيق قواعد الاستماع الفعال والمناقشة في محتوى الدرس والتعبير عما فهموه بالأسلوب الذي يرونه مناسب.

استخدم التكنولوجيا

ذكرنا سابقًا أن هناك العديد من أساليب التعلم الحسية والشخصية، وصعوبات التعلم، مثل قصور الانتباه وفرط الحركة، التي قد تحتاج إلى تعديل في خطة الدرس الخاصة بالمعلم بما يناسب كل الحالات. لذلك؛ على المعلم استخدام التكنولوجيا بما يساعد الطلاب ولتكييف خطة الدرس بما يلائم احتياجاتهم.

استمع لطلابك

حاول أن تجري مقابلات مع الطلاب غير المشاركين أكاديميًا أو مع الذي يظهرون سلوكيات معارضة أو متحدية لتجربة تعلمهم. تساعد هذه المقابلات المعلم في معرفة كيف يدير الفصل بشكل يخدم طلابه ويعزز تجربة تعلمهم. وقد تتضمن أسئلة المقابلات بعضًا من:

  • ما الذي يساعدك لتستطيع التركيز أكثر؟
  • كيف تفضل العمل؟ ولماذا؟
  • مع من تفضل العمل وترى نتائج أكثر عن العمل معهم؟
  • ما هي أكثر أنواع الدروس تفضيلًا لديه؟
  • ما هي الأنشطة التي يفضلها؟
  • ما هي التدريبات التي تساعده في تذكر الأفكار الأساسية في الدرس؟

ولتطبيق هذه الاستراتيجيات، هناك بعض الألعاب التي من شأنها ضمان تطبيق القواعد لطريقة ممتعة وجذابة للطلاب. نسرد منها البعض على سبيل المثال، وليس الحصر.

ثانيًا: ألعاب لإدارة الفصل

سايمون يقول

 يمكن تكييف هذه اللعبة الكلاسيكية لتعزيز قواعد الصف والتوقعات. على سبيل المثال، بعد أن ينتهي المعلم من شرح جزء ما، ويعرف أن هناك من لديه سؤال ملح، يمكن للمعلم أن يقول “سايمون يقول: ارفع يدك إذا كنت تريد التحدث” لتعزيز القاعدة الخاصة برفع الأيدي قبل الحديث مثلًا عوضًا عن المقاطعة.

إشارة حمراء، إشارة خضراء

يمكن استخدام هذه اللعبة لتعزيز اتباع التوجيهات. فمثلًا إن أراد المعلم تغيير شكل جلوس الطلاب، ويريد أن يفعل ذلك بسرعة، فيمكن أن يطلب منهم تغيير مقاعدهم بالشكل المرغوب، يبدأ الطلاب تحريك المقاعد عند قوله “إشارة خضراء”، وعليهم أن ينتهوا قبل أن يقول إشارة حمراء. وليكن الفرق بين الإشارتين 10 ثوان. والفريق الذي لم ينته من تعديل المقاعد قبل الإشارة الحمراء هو الخاسر. يمكن تكييف اللعبة لتعزيز قواعد الصف الأخرى أيضًا، كتحديد أوقات المناقشة مثلًا.

أعرف شخصًا…

تهدف هذه اللعبة لتعميق العلاقات بين الطلاب عن طريق فهمهم للأشياء التي يحبونها والأشياء التي تضايقهم مثلًا وذلك تأهيلًا لهم للعمل في مجموعات لاحقًا. تسير اللعبة كالتالي: يحضر المعلم هذه الأسئلة المقترحة أدناه في ورق مطبوع، وعلى الطلاب التحدث لبعضهم البعض كأنهم في حفلة، وعليهم كتابة أسماء من أجابوا الأسئلة بجانب كل سؤال.

يمكن أن تتضمن الأسئلة مفاهيم مثل:

  • …… (يكتب اسم زميله الذي أجاب بالموافقة)…….     يتضايق من الصوت العال.
  • …… (يكتب اسم زميله الذي أجاب بالموافقة)……   يحب العمل في مجموعات.
  • …… (يكتب اسم زميله الذي أجاب بالموافقة)…… سريع الكتابة.
  • …… (يكتب اسم زميله الذي أجاب بالموافقة)……  ماهر في الرسم.
  • …… (يكتب اسم زميله الذي أجاب بالموافقة)…… يحب المناقشة كلاميًا ولا يحب الكتابة كثيرًا.

يشارك الطلاب المعلومات التي جمعوها عن بعضهم البعض مع باقي الفصل ومع معلمهم. وهو ما يساعد الجميع في رؤية عقول الآخرين بشكل يحفز التعاون الإيجابي والممتع في الفصل.

المراجع

  1. The impact of effective classroom management on students’ academic achievements. International Journal of Education and Social Science
  2. Classroom instruction that works: Research-based strategies for increasing student achievement. ASCD.
  3. 20 Classroom Management Strategies and Techniques
  4.  TeachThought Staff
  5. Education World
  6. WeAreTeachers Staff
  7. The effect of interactive teaching mode on college English teaching. Journal of Language Teaching and Research.

نُشرت بواسطة

Eman Elbehiry

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.

اترك تعليقإلغاء الرد

Exit mobile version