Ad

عرفت اليونان بأنها حضارة ذات شأنٍ كبير، تميزت بالثقافة والعمارة والفلسفة وغيرها من العلوم. وعُرفت كذلك بالديموقراطية، ومع ذلك لم تختلف عن باقي الثقافات في إمتلاكهم للعبيد، فقد كان العبيد جزء لا يتجزأ من الأسرة اليونانية. لم يكن هناك حصر لعدد العبيد في اليونان قديمًا، ولكن قدرت نسبتهم بواحدٍ لكل أربعة أحرار.

لا يوجد قدر كاف من الكتابات حول شعور العبيد باعتبارهم عبيدًا في العصر اليوناني، ولكن تناقلت إلينا وجهة نظر الأسياد حول عبيدهم. فالعبيد لدى اليونانيين هم “ممتلكات تستطيع التنفس”، كما وصفهم أرسطو.

أصل العبيد في الثقافة اليونانية

صنف أرسطو العبيد في اليونان إلى قسمين: عبيد بالطبيعة، وعبيد بموجب القانون. وكما أوضح أرسطو فالعبيد في اليونان كانوا إما عبيدًا ورثوا العبودية من أمهاتهم، أو تعسروا في دفع ديونهم مثلًا فأصبحوا عبيدًا لسد ذلك الدين. وكان عبيد الحروب هم الأكثر وفرة، وهم أولئك الذين أسروا في الحرب وذويهم، وقد كانت هنالك حملات عسكرية هدفها الوحيد جلب العبيد إلى اليونان. [1]

قدّر المؤرخ البريطاني بول كاتلدج عدد العبيد في اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد بحوالي 100 ألف عبد. في حين كان تعداد السكان 250 ألف نسمة. كان لكل أسرة متوسط ثلاثة عبيدٍ على الأقل، ينشؤون مع الأسرة وينتقلون بين الأبناء. [1،2]

اعتقد أرسطو أن العبيد بالطبيعة ليسوا كباقي البشر، بل هم من جنسٍ بشري أدنى من غيرهم، أي في أسفل الهرم البشري. وكان اعتقاده نابعًا من كون أجساد العبيد مشوهة، على الرغم من كون تشوه أجسادهم نتيجة لكونهم عبيدًا لا سببًا لذلك. توارثت الأجيال اعتقاد أرسطو هذا، حتى العصر الحديث وتجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي. [1]

ساد الاعتقاد باستحقاق العبيد لما هم عليه من عبودية في تلك الحقبة من الزمن، ولم تكن الحرية تطرأ على بال أسيادهم. ولو فكّر أحدٌ في تحسين وضع العبيد، كان يذهب لمعاملتهم بشكلٍ ألطف، لا لتحريرهم. فقد كانت نظرة اليونانييون للعبيد نظرة استحقاقٍ لعبوديتهم، ولم يكن هذا وصف أرسطو فقط، بل كانت تلك هي النظرة العامة لدى الإغريق. [1]

أعمال العبيد في اليونان

تعامل الأثينيون مع العبيد باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من بيوتهم، فقد كانوا يستقبلونهم بحفلٍ لائق ويقدمون الطعام ترحيبًا بهم. ولكنهم كأي عبيد عملوا في تلك الأعمال التي كان يكرهها العامة، من أعمال شاقة أو مملة أو خطرة. وكان العمل في المحاجر والمناجم أشبه بالإعدام لأولئك العبيد، فقد حُرموا حتى من الشمس والهواء النقي. [2]

ورغم حرمانهم من جميع حقوقهم المدنية، إلا أن العبيد في اليونان عملوا لدى الدولة ككتبة، ومعبدي طرق، وكانوا هم أعلى صنفٍ من العبيد. وبما أن اليونان تميزت بالزراعة، فقد كانوا بحاجة إلى الأيدي العاملة، وعلى خلاف الحضارة المصرية التي كان المزارعون فيها مصريين لا عبيدا. كان أكثر المزارعين في اليونان عبيدًا لا يونانيين. عوملوا بصورة جيدة لكونهم من ثروات مالكهم، كالثروة الحيوانية تمامًا، فأطعموهم وأعتنوا بصحتهم. [2]

وعلى صعيدٍ آخر تميز بعض عبيد اليونان بأعمالٍ مرموقة، كأصحاب المتاجر، وما يسمى اليوم بالمصرفيين، بل في بعض الأحيان كانوا أغنى من أسيادهم مع افتقارهم للحرية. لم يكن العبيد في اليونان سواسية، بل كان منهم من يتكبد العناء للحصول على لقمة العيش، ومنهم من يحصد المال من أعمال أرقى وأيسر من تلك الشاقة. [2]

صَنع العبيد الأسلحة التي استعملها الإغريق في حروبهم، فقد كانوا ينشؤون مصانع للسيوف والدّروع وحدهم. وقد كان لسيلياس الكاتب الشهير مصنع للدروع، يعمل فيه ما يقارب المئة عبدٍ ويزيد. عملوا في إنتاج الأسلحة المعقدة وليس الدروع فقط. [3]

ولكن إن أخطأ العبد في عمله، أو قام بأي عملٍ غير مشروع، فجسده هو ما يتحمل العقوبة أولًا. لذلك فعلى الرغم من تفاوت العبيد في الأعمال، إلا أنهم في العقاب سواسية. [2]

قال ديموستيني رجل الدولة الإغريقي في ذلك: "جسد العبد مسؤول عن كل أفعاله السيئة، في حين أن العقاب البدني هي آخر عقوبة قد تلحق صاحبها الحر".

الهيلوت عبيد إسبارطا

الهيلوت هم فئة من العبيد، عاشت في أراضي إسبارطا اليونانية واقترنوا بأرضها، عمل العديد منهم في الزراعة، وكانوا مملوكين للدولة. كتب الشاعر والفيلسوف الأثيني كريتياس عن حال الناس في إسبارتا: “كان الأحرار أكثر حرية، وكان العبيد عبيدًا أكثر من أي مكانٍ آخر”. [3]

دفع عبيد إسبارتا جزية كبيرة للغاية إلى الدولة حتى تسمح لهم بادخار المال، ومع ذلك صاروا أصحاب مال وأراض. غير أنهم عوملوا كالحيوانات المجبرين على البقاء داخل الأرض، ولم يسمح لهم بالمغادرة خارج حدود المدينة. [2]

وحتى لا ينسى الهيلوت أصلهم، كان سكان إسبارطا يعاملونهم بوحشية من وقتٍ للآخر. حتى أنهم كانوا يُضربون على فترات متباعدة لتذكيرهم بكونهم عبيدًا. أجبر الهيلوت على ارتداء ملابس مهينة لتمييزهم عن الأحرار. وفي بعض الأحيان إذا خاف الإسبرطيون من الهيلوت، كانوا يقتلونهم بدمٍ بارد ولم يكن هنالك عقوبة لذلك. [3،4]

يعتق الهيلوت ليشاركوا في الحروب مع الجيش اليوناني كخدمٍ أو جنود مشاة، ولكن لم يكن المعتق منهم حرًا بشكل كامل. إنّ العبيد في اليونان ليسوا بيضًا وسودا، بل كان هنالك الرمادي كذلك وهم فئة بين الأسبرطيبن الأحرار وبين عبيد الهيلوت. وكانوا متفاوتين في الحقوق والواجبات، وطرق المعيشة، يندرجون بين أحرار وهيلوت إسبارطا. وذلك لأنهم أحرار من أصل عبيد. [3،4]

المصادر:

  1. wondriumdaily.com
  2. .historyextra.com
  3. greekreporter.com
  4. britannica.com

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف علم الإنسان تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : Chaimaebellahsaouia
تدقيق علمي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق