Ad

عندما تخطر ببالنا كلمة العبيد، تتبادر إلى أذهاننا صور بشعة عن استعباد عرق بشري لعرق آخر لم يمتلك القوة لحماية حريته. سفنٌ مبحرة من قارة إفريقيا إلى الأمريكتين ، مكدسة بالأفارقة المقيدين بالسلاسل ومسلوبي الحياة.. وقد تخطر في أذهاننا كذلك صورة للشاعر الجاهلي عنترة بن شداد، الذي ألهمت قصته الكتاب والمخرجينالذين تطرقت أعمالهم إلى قضاية العبودية في شبه الجزيرة العربية. فهل تساءلت يومًا كيف ظهر العبيد؟ وكيف سلبت حريتهم ؟ وما سبب ظهور العبودية؟

سبب ظهور العبيد

ظهر العبيد مع ظهور الثورة الاقتصاديةوالزراعية التي سادت العالم في القرن السابع عشر الميلادي، والتي كانت تنتج عددا من السلع الأساسية كالسكر، والتبغ، والقطن. انتشرت زراعة وصناعة هذه السلع في مناطق معينة فانتشر السكر في جزر الكاريبي، والقطن والتبغ في جنوب أمريكا. احتاجت تلك المزروعات إلى الأيدي العاملة لتحصدها وتحولها إلى منتجات يمكن الاستفادة منها، بدلا من صورتها الأولية.

عمل الأوربيون الفقراء لدى الحكومات والنبلاء الذين امتلكوا تلك الصناعات، ولكنهم كانوا ضعيفي البنية، سريعي المرض. فلم تكن لديهم القدرة على مواصلة العمل لفتراتٍ طويلة. ولذلك كان على الحكومات والنبلاء أن يبحثوا عن حلٍّ آخر أكثر فعالية يدر عليهم أرباحا أكثر،ويساهم في تطور العالم وانتقاله إلى حقبة زمنية مليئة بالإنجازات.

استخدم رجال الأعمال الأفارقة كعمالة رخيصة، تمتلك قوة وقدرة أكبر على العمل لفترات طويلة بخلاف غيرهم من الأوروبيين الفقراء. ومن هنا كانت بداية ظهور العبيد. فعملوا في حصاد السكر، وتنظيف القطن من البذور، و في مزارع التبغ والأرز وغيرها من الأعمال الشاقة دون راحة. مما أدى إلى هلاكهم نتيجة الإجهاد المتواصل.

نستنتج أن العبيد ظهروا لاستمرار تطور البشرية، والمساهمة في خلق   العالم الجديد، على الرغم مما تعرضوا له من ظلمٍ ووحشية. فلولاهم لما كان للتجارة أن تزدهر كما ازدهرت في القرن الثامن عشر. وما كانت الدول العظمى  لتصبح في مقدمة سلم الاقتصاد، فهم من قاد العالم أجمع.

كيف تحول العبيد إلى تجارة؟

لم يتوقف الأمر على كون الأفارقة عمالة سهلة الطلب، بل تحول العبيد إلى تجارة مربحة لكل من عمل بها. فكان التجار يحضرون آلاف العبيد بالإكراه على متن السفن من إفريقيا إلى البلاد التي تحتاج العمالة السهلةكالأمريكتين. يباع الرجال  ليباشروا العمل الشاق فور وصولهم. واعتبر الأطفال السلعة الأخف وزنًا مما سهل نقلها فأدرت  ربحًا هائلًا على تجار العبيد. أما النساء فكنّ كمنجم متنقل لقدرتهن على الحمل وإنتاج المزيد من العبيد لبيعهم لاحقًا. حتى أن الأسياد قد اغتصبوهن وباعوا أطفالهم بكل بساطة، لأن الابن يرث الحرية أو العبودية من أمه.

كان اختطاف العبيد أمرا شائعا في الحقبة الزمنية بين القرن السابع عشر والثامن عشر. ويذكر بعض المؤرخون أنه تم  استعباد من ستة  إلى سبعة  مليون  إنسان في القرن الثامن عشر ونقلهم إلى أمريكا. وكان لذلك أثر سلبي على القارة السمراء، فقد افتقرت إلى الثروة البشرية التي كانت تمتلكها. لكن، لم يكن الأمر اختطافًا فقط، بل كان تبادل سلع كالأسلحة أو القهوة والسكر ببعض البشر. كما وجدت مفاوضات بين التجار وسكان تلك المناطق الأفريقية، لمحاولة نقل أكبر عدد ممكن إلى العالم الجديد.

وُجد  العمل الجبري منذ بدء الخليقة، وكانت تجارة البشر موجودة بالفعل عبر البحر الأبيض المتوسط. ولكنها لم تقترن  بعرقٍ معين، حتى بدأت التجارة عبر المحيط الأطلسي في مطلع القرن الخامس عشر، فتحولت من مجرد عمل جبري إلى عبودية مقرونة بالعرق الإفريقي. وفي مطلع القرن التاسع عشر وبعد أن حظر الكونجرس الأمريكي التجارة الدولية للعبيد، إلا أن التجارة المحلية استمرت وازدهرت حتى أن أعدادهم كانت بالملايين.

دور العبيد في العالم الجديد

في القرن الخامس عشر الميلادي انقسم العالم بموجب قرار الكنيسة الرومانية إلى قسمين رئيسيين؛ قسم تترأسه البرتغال وقسم تترأسه إسبانيا. امتلكت البرتغال امتياز التجارة في غرب إفريقيا، وكانت تجارة العبيد هي إحدى تلك العمليات التجارية. أما إسبانيا فامتلكت امتياز اكتشاف  الأمريكتين، أو كما يطلق عليهما “العالم الجديد”.

بعد أن استعمرت إسبانيا العالم الجديد، احتاجت إلى الأيدي العاملة التي ستساعدها في بسط سلطتها على تلك الأراضي. رفضت الملكة القشتالية إيزابيلا أن تستعبد السكان الأصليين، باعتبارهم رعايا إسبان. فاتجهت إلى البرتغال وعقدت صفقة لاستيراد العبيد من غرب إفريقيا. لم تكن إسبانيا وحدها من سعت إلى استيراد العبيد، بل كانت جميع الدول الطامحة إلى  الثروة واكتشاف المزيد من الأراضي والثروات على وفاق مع البرتغال لكونها المورد الأساسي للعبيد حول العالم.

كان للعبيد دورٌ أساسي ورئيسي في اكتساب الدول المال والسلطة، بالإضافة إلى النفوذ والقدرة على تحديد مصير العالم أجمع. أصبح لدول أوروبا القومية والكنيسة الرومانية مكانة كبيرة بين أقرانهم في العالم، كما ارتقت جزر الكاريبي أكثر وأكثر إلى جوارالأمريكتين.

 كان كل من راوده حلم الخلود والبقاء يسعى خلف  تحويل الأحرار إلى عبيد. والتحكم ليس فقط في الثروة الحيوانية والنباتية، ولا حتى الذهب والأحجار الكريمة، بل في البشر فلا يرفضُ لهمأمر ولا يعترض عليهم أحد. ولكن لم يكن العبيد بذلك الاستسلام ، بل كانوا يقاومون ويحاربون لأجل استعادة حريتهم وحياتهم وعائلاتهم، وآدميتهم التي سرقت عنوة.

المصادر:

1- History

2- NY Times

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق