- العبيد في مصر القديمة
- كيف عاش العبيد في اليونان القديمة وإسبارطة؟
- من هم الغلادياتر وماعلاقتهم بعبيد الرومان؟
- الرق والعبيد عند العرب
- كيف ظهر العبيد؟
- كيف قاوم العبيد العبودية منذ البداية؟
- كيف قامت هاييتي كأول دولة سوداء في الأمريكيتين؟
- تمرد كريول
- ماذا يعني أن تولد في العبودية؟
- هل انتهت العبودية في العصر الحديث؟
استعمر الإسبان جزيرة هيسبانيول وهي أول أرض وطئها كرستوفر كولومبس في عام 1492م. ومن ثم استَعبد الإسبان سكانها الأصليين للعمل في مزارع السكر. كما استقدموا عبيدًا من جزر الكاريبي لأجل العمل القسري في تلك المزارع، والذي تسبب في إبادة معظم السكان الأصليين لتلك الجزيرة. إضافة إلى ذلك، دمرت الأمراض المنتشرة حينها كالحمى الصفراء والجدري ما تبقى من السكان الأصليين في نهاية القرن السادس عشر.
بعد تخلي الإسبان عن الجزيرة، سيطر الفرنسيون عليها وبنوا مستعمراتهم في الأرجاء واستوطن فيها العديد من القراصنة والفقراء البيض. كما استقدموا عبيدًا من إفريقيا قدرت أعدادهم بـ40 ألف عبد سنويًّا. ويرجع ذلك الشره في استيراد العبيد لكون العبيد لا يتمكنون من البقاء أو التكاثر الطبيعي في ظل ظروف العمل القاسية. فاق عدد العبيد عدد المستعمرين الأوروبيين بفارق ملحوظ، وانقسم جراء ذلك مجتمع هاييتي إلى أجناس وأعراق وطبقات مختلفة.
انقسم الهرم السكاني في هاييتي إلى أربع طبقات: الطبقة الأولى والعليا هي للمُلّاك البيض، ومن ثم إلى الأغنياء الأحرار الملونين أو ما يسمون بالمولاتو. والمولاتو هم الأجيال الناتجة من زواج أفريقي أوروبي حيث يعتقهم آباءهم من العبودية. ثم البيض الفقراء وهم عمال في جزيرة هيسبانيول، وأخيرًا الطبقة الأخيرة من نصيب الأغلبية العظمى من السكان وهم العبيد السود.
محتويات المقال :
شرارة ثورة هاييتي
المحاولات الأولى
في نهاية القرن الثامن عشر أخذ صراع العبيد من أجل الاستقلال عن المستعمرين الأوروبيين منحنى أكثر جديّة وخطورة عن ذي قبل. كان للخطابات القومية في طقوس الفودو دور في تحريك المقاومة والنضال. والفودو هي طقوس دينية لجماعات الهاييتي. حيث اجتمع كلٌّ من السكان الأصليين للجزيرة والعبيد الأفارقة تحت لواءٍ واحد، وقد جمعتهم المعاناة والظلم والتعذيب الواقع عليهم.
ولكثرة النزاعات والمناوشات الحاصلة من قبل الملونين والعبيد وغيرهم، قررت السلطة الفرنسية تخفيف الصراعات عن طريق إخماد نار البعض. في محاولة لدمج المجتمع المنقسم في هاييتي قررت السلطة الفرنسية في مايو 1791م منح الأحرار الملونين الأغنياء امتياز الجنسية الفرنسية.
ولكن لم يلبث البيض شهرين حتى تجاهلوا ذلك الامتياز. مما أدى إلى زيادة الاشتباكات بين الأوروبيين والملونين الأحرار لتتحول ساحات هاييتي في هيسبانيول إلى ثورات لآلاف العبيد. ورغم محاولات الأوروبيين بعد ذلك لاسترضاء الأفارقة الأغنياء والأفارقة المنضمين إلى الجيش الفرنسي الجنسية. إلا أن هيسبانيول قد تفرقت وانقسمت إلى فصائل عدة، بعضها كان مدعومًا من قبل السلطات الإسبانية.
توسان لوفيرتور
ترأس توسان لوفيرتور العبد السابق، وأيقونة ثورة هاييتي، والذي قد أصبح قائدًا عسكريًّا في القوات الإسبانية لقيادة العبيد المتمردين عسكريًّا ضد الظلم الفرنسي الواقع عليهم لعقود. استطاع توسان توحيد الفصائل المختلفه للمتمردين العبيد عبر أنحاء الجزيرة، وكان لحنكته وشخصيته دور بارز في ذلك. كما سيطر على أجزاء كبيرة من الجزيرة، بما فيها العاصمة سان دومينغو. ومن ثم قدم عرضًا للتفاوض مع كلًّا من القوات الفرنسية والبريطانية لأجل استقلال هاييتي، مع حفاظهم على ولائهم لفرنسا.
وفي عام 1793م دارت صراعات بين كافة الفصائل. وكانت إسبانيا داعم قوي للقائد لوفيرتور ضد فرنسا لمحاولة إضعافهم في جبهة من جبهات الحرب بينهم. كما أن القوات البريطانية كذلك كانت تسعى لإبطال السيطرة الفرنسية عن طريق التدخل في شؤون هاييتي. وفي عام 1794م قررت السلطات الفرنسية منح العبيد حريتهم كمحاولة لتقليل عدد الخصوم التي تواجههم في تلك الحقبة الزمنية. ونجحت خطتهم، فقد عاد لوفيرتور إلى صف القوات الفرنسية مرة أخرى.
في يناير 1801م سيطر لوفيرتور على الجزء الشرقي من الجزيرة سان دومينغو ونصّب نفسه حاكمًا لها. أعاد الفلاحين المهاجرين للعمل في المزارع المنتهكة من قبل الفرنسيين، كما سمح لهم بتقاسم الأرباح. وشجع كذلك على عودة الملاك الفرنسيين لأراضي هاييتي تحت ولايته. اتسم لوفيرتور بالانضباط العسكري والشدة، لذلك كان يمارس ذلك على العبيد السابقين. ولكن دون جلد أو تعذيب لأحدهم، كما ضمن لأبنائهم الحرية. ولذلك كان محبوبًا ومرحب به من قبل الأفارقة والأوروبيين وكذلك المولاتو.
ما بعد لوفيرتور
إلا أن نابليون بونابارت لم يستسغ كون سان دومينغو مستقلة إلى حد ما بثرواتها والتي كان بحاجة لها من أجل توسيع رقعة حكمه. حيث حرك قواته نحو هيسبانيول لاستردادها كليًّا. تحركت قوة فرنسية في ديسمبر 1801م بقيادة صهر نابليون الجينرال تشارلز لوكلير. ودار بينهما صراع ضارم لعدة أشهر حتى توصلو إلى هدنة في مايو 1802م. لم تستمر الهدنة طويلًا، فقد أخل بها الفرنسيون على الفور. لينتج عن ذلك أسر لوفيرتور في السجون الفرنسية وقد مات داخلها في أبريل 1803م.
بعد أن أسر لوفيرتير استمر أعوانه في النضال ضد نابليون، وأبرزهم جان جاك ديسالين وهنري كريستوف. سرعان ما انضم قادة الملاتو إليهم بعد أن علموا عن نوايا الفرنسيين بتجريد الملونيين من امتيازاتهم وفرض القيود عليهم، وإعادة العبودية كما كانت.
استمرت الثورات والصراعات بين كافة الأطراف، كما كان للأوبئة كذلك دور في إضعاف القوات الفرنسية والقضاء على جنودها. حتى أن الجينرال لوكلير قد قضت عليه الحمى الصفراء في نوفمبر 1802م. وبسبب حاجة فرنسا إلى المال وصعوبة سيطرتها على مستعمراتها كافة نتيجة للثورات المستمرة. اضطرت فرنسا في مايو 1803 لاتمام صفقة لويزيانا وبيعها للولايات المتحدة الأمريكية. وكانت تلك الصفقة بمثابة إشارة إلى نية نابليون بالانسحاب من أمريكا الشمالية.
وفي غضون شهر من إتمام الصفقة ضعف الجانب الفرنسي وزاد تشتت قواته، خاصة بعد اندلاع حرب جديدة بينهم وبين بريطانيا. وفي نوفمبر 1803 كانت هناك نقطة تحول في ثورة العبيد الهاييتية. حيث اندلعت معركة أُطلق عليها معركة فيرتيير. في هذه المعركة، هزم الجيش الهاييتي بقيادة ديسالين القوات الفرنسية بقيادة الجنرال روشامبو، مما مهد الطريق لاستقلال هاييتي.
إعلان استقلال هاييتي
أعطى ديسالين الفرنسيين عشرة أيام لمغادرة الجزيرة، ولكن بسبب مماطلتهم في الإخلاء اضطر إلى تهديدهم بتدمير سفنهم الراسية في الميناء. ولإتمام عملية الإخلاء ساهمت القوات البريطانية في إخراج القوات الفرنسية والمستعمرين ولكن على هيئة سجناء لهم.
أعلنت هاييتي جزيرة مستقلة وتم تسميتها هاييتي نسبة للسكان الأصليين في عام 1804. لتكون أول دولة سوداء مستقلة في الأمريكتين، وأول دولة تحرر نفسها من الاستعمار والاستعباد. صار ذلك الخبر شمعة أمل لكافة العبيد حول العالم، وعلى الرغم من محاولة السلطات الاستعمارية التكتم على تلك الأخبار إلا أنه قد فات الأوان. ليس ذلك وحسب بل ازدهرت التجارة مع جمهورية هاييتي وكانت خيارًا أفضل من التجارة مع المستعمرات الأوروبية.
ولكن على الرغم من استقلال هاييتي إلا أن سكانها عانوا من الفقر المدقع كإرثٍ ورثوه من عبوديتهم. عانت جزيرة هاييتي كذلك من الصراعات الداخلية والحروب الأهلية، و ولم تعترف فرنسا باستقلالها حتى عام 1825م، بعد أن طالبوهم بتعويض ضخم قدره 100 مليون فرنك، مع فترة سداد حتى عام 1887م.
أصبحت جمهورية هاييتي رمزًا عالميًا للنضال ضد العبودية والاستعمار، كما أنها كانت شوكة في مسيرة نابليون. وعلى الرغم من انقساماتها وصراعاتها الداخلية إلا أنها ألهمت العديد من الحركات التحررية في العالم. دافع الهاييتين عن أرضهم وحريتهم، فازدادت عزيمتهم وإصرارهم ليحصلوا أخيرًا على مرادهم.
المصادر:
1- Britannica
2- History
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :