Ad
هذه المقالة هي الجزء 15 من 18 في سلسلة دليلك لفهم أهم الأجرام والظواهر الفلكية

يعد كسوف الشمس أحد أكثر العروض السماوية دراماتيكية في الطبيعة، ويحدث عندما تصطف الأرض والقمر والشمس في نفس المستوى ويمر القمر بين الأرض والشمس، ويغطي جزئيًا أو كليًا أقرب نجم لنا. في هذا المقال سنتحدث عن كسوف الشمس.

كيف يحدث الكسوف

يحدث عندما يكون القمر بين الأرض والشمس، والقمر يلقي بظلاله على الأرض. يمكن أن يحدث كسوف الشمس فقط في مرحلة المحاق (New moon)، عندما يمر القمر مباشرة بين الشمس والأرض وتسقط ظلاله على سطح الأرض. ولكن ما إذا كان هذا الاصطفاف ينتج كسوفًا كليًا أو جزئيًا أو حلقيًا للشمس يعتمد على عدة عوامل، كل ذلك سوف يتم توضيحه في المقال. منذ أن تشكل القمر منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كان يبتعد تدريجيًا عن الأرض (بحوالي 1.6 بوصة، أو 4 سنتيمترات في السنة). يقع القمر الآن على مسافًة مثالية ليظهر في سمائنا بنفس حجم الشمس تمامًا، وبالتالي يستطيع حجبها. لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا.

أنواع الكسوف الشمسي

الكسوف الكلي للشمس (Total solar eclipse)

إن قطر الشمس يبلغ 864000 ميل. أي أنه أكبر بـ 400 مرة من قطر قمرنا الضئيل، الذي يبلغ قياسه حوالي 2160 ميلًا فقط. لكن القمر أقرب إلى الأرض بحوالي 400 مرة من الشمس (تختلف النسبة لأن كلا المدارين بيضاوي الشكل)، ونتيجة لذلك، عندما تتقاطع المستويات المدارية وتصطف المسافات بشكل مثالي، يمكن أن يظهر المحاق وكأنه يمحي قرص الشمس تمامًا. في المتوسط، يحدث الكسوف الكلي في مكان ما على الأرض كل 18 شهرًا تقريبًا.

يوجد في الواقع نوعان من الظلال: الظل (umbra) هو ذلك الجزء من الظل حيث يتم حجب كل ضوء الشمس. يأخذ الظل شكل مخروط نحيل مظلم. وهو محاط بالظل المشعشع (penumbra)، وهو ظل أفتح على شكل قمع يحجب عنه ضوء الشمس جزئيًا. خلال الكسوف الكلي للشمس، يلقي القمر ظله (umbra) على سطح الأرض. أولئك الذين حالفهم الحظ في وجودهم في المسار المباشر لمنطقة الظل، سوف يرون قرص الشمس يتضاءل إلى هلال بينما يندفع ظل القمر الداكن نحوهم عبر المناظر الطبيعية.

خلال فترة الكلية (totality) القصيرة، عندما تكون الشمس مغطاة بالكامل، يتم الكشف عن الهالة (corona) الجميلة، وهي الغلاف الجوي الخارجي الضعيف للشمس. قد تستمر الكلية لمدة 7 دقائق و 31 ثانية، على الرغم من أن معظم الكسوف الكلي عادة ما يكون أقصر من ذلك بكثير. تعتمد القدرة على مشاهدته بشدة على موقعك ووجود سماء صافية (أو على الأقل غيوم غير مكتملة).

الكسوف الجزئي للشمس (Partial solar eclipse)

يحدث عندما يمر القمر بشكل مباشر تقريبًا بين الشمس والأرض وعندما يكون الشخص الذي يراقب الكسوف في منطقة شبه الظل. في هذه الحالة، يظل جزء من الشمس دائمًا مرئيًا أثناء الكسوف. يعتمد مقدار ما يبقى مرئيًا من الشمس على ظروف محددة. على عكس الكسوف الكلي للشمس، لا يحجب الكسوف الجزئي ضوء الشمس تمامًا، لذلك لا يصبح الوضع مظلمًا بالخارج كما هو الحال أثناء كسوف كلي.

الكسوف الجزئي للشمس

كسوف الشمس الحلقي (Annular solar eclipse)

الكسوف الحلقي، رغم أنه مشهد نادر ومدهش، يختلف كثيرًا عن الكسوف الكلي. ستظلم السماء إلى حد ما، وسوف يكون المشهد نوعًا من الشفق المزيف الغريب حيث أن جزئًا كبيرًا من الشمس لا يزال يظهر. الكسوف الحلقي هو نوع فرعي من الكسوف الجزئي، وليس كليًا. أقصى مدة للكسوف الحلقي هي 12 دقيقة و 30 ثانية.

ومع ذلك، فإنه يشبه الكسوف الكلي حيث يبدو أن القمر يمر مركزيًا عبر الشمس. الفرق هو أن القمر أصغر من أن يغطي قرص الشمس بالكامل. نظرًا لأن القمر يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، يمكن أن تختلف المسافة بين القمر والأرض من 221،457 ميلاً إلى 252712 ميلاً. لكن مخروط الظل المظلم لظل القمر (umbra) يمكن أن يمتد لمسافة لا تزيد عن 235.700 ميل. هذا أقل من متوسط ​​مسافة القمر من الأرض. لذلك إذا كان القمر على مسافة أكبر، فإن طرف الظل (umbra) لا يصل إلى الأرض. خلال مثل هذا الكسوف، يصل ما يسمى بال (antumbra)، وهو استمرار نظري للظل، إلى الأرض ويمكن لأي شخص موجود بداخله أن ينظر إلى ما وراء جانبي الظل ويرى حلقة النار (ring of fire) حول القمر.

ببساطة شديدة نشهد كسوفًا كليًا وحلقيًا لأن المسافة بين الأرض والقمر تختلف. عندما يكون القمر قريبًا من الأرض، يظهر بحجم الشمس ونرى كسوفًا كليًا للشمس. عندما يكون بعيدًا، يبدو أصغر من الشمس ونرى كسوفًا حلقيًا.

الكسوف الشمسي الهجين (Hybrid solar eclipses)

هو نوع من كسوف الشمس الذي يشبه كسوف الشمس الحلقي أو الكسوف الكلي للشمس، اعتمادًا على موقع المراقب على طول مسار الكسوف المركزي. أثناء الكسوف الشمسي الهجين، يجلب انحناء الأرض بعض أجزاء مسار الكسوف إلى ظل القمر (umbra)، وهو الجزء الأكثر قتامة من ظله الذي يخلق كسوفًا كليًا للشمس، بينما تظل المناطق الأخرى خارج نطاق الظل، مما يتسبب في حدوث كسوف حلقي.

الكسوف الشمسي الهجين

كيفية التنبؤ بالكسوف

بالطبع لا يحدث عند كل محاق. وذلك لأن مدار القمر مائل بما يزيد قليلاً عن 5 درجات بالنسبة إلى مدار الأرض حول الشمس. لهذا السبب، عادة ما يمر ظل القمر إما فوق الأرض أو تحتها، لذلك لا يحدث كسوف للشمس. لكن كقاعدة عامة. يحدث على الأقل مرتين كل عام (وأحيانًا ما يصل إلى خمس مرات في السنة). فإن القمر الجديد سيحاذي نفسه تمامًا بطريقة لإحداث كسوف الشمس. تسمى نقطة المحاذاة هذه العقدة (node). اعتمادًا على مدى اقتراب القمر الجديد من العقدة، ستحدد ما إذا كان الكسوفًا مركزيًا أم جزئيًا. وبالطبع، فإن مسافة القمر من الأرض وبدرجة أقل، مسافة الأرض عن الشمس ستحدد في النهاية ما إذا كان الكسوف المركزي كليًا أم حلقيًا أم هجينًا.

ولا تحدث هذه الاصطفافات بشكل عشوائي، لأنه بعد فترة زمنية محددة سيتكرر الكسوف نفسه أو يعود. تُعرف هذه الفترة الزمنية بدورة ساروس (Saros cycle)، وهي معروفة منذ زمن علماء الفلك الكلديون الأوائل منذ حوالي 28 قرنًا. تعني كلمة Saros التكرار وهي تساوي 18 عامًا أو 11 يومًا وثلث (أو يوم أقل أو أكثر اعتمادًا على عدد السنوات الكبيسة التي تدخلت). بعد هذا الفاصل الزمني، تكون المواضع النسبية للشمس والقمر بالنسبة للعقدة هي نفسها تقريبًا كما كانت من قبل. يتسبب ثلث اليوم في الفترة الفاصلة في إزاحة مسار كل خسوف لسلسلة في خط الطول بمقدار ثلث الطريق حول الأرض إلى الغرب بالنسبة إلى سابقتها. على سبيل المثال، في 29 مارس 2006، اجتاح كسوف كلي أجزاء من غرب وشمال إفريقيا ثم عبر جنوب آسيا. وبعد دورة ساروس واحدة. في 8 أبريل 2024. سيتكرر هذا الكسوف، باستثناء بدلاً من إفريقيا وآسيا، سوف يحدث في شمال المكسيك ووسط وشرق الولايات المتحدة والمقاطعات البحرية لكندا.

كسوف الشمس ونظرية النسبية

اعتقد نيوتن أن الجاذبية كانت قوة بين جسمين، لكن نظرية أينشتاين للنسبية العامة لعام 1915م اعتمدت على فكرة أن الجاذبية تسبب انحناء الزمكان. وهذا يعني أن الأجسام الضخمة مثل النجوم تتسبب في انحناء مسار الضوء أثناء مروره بها. والشمس تعتبر جسم ضخم، وفقًا لنظرية أينشتاين، من شأنه أن يحني الضوء من النجوم البعيدة أثناء مروره أمامها. وعادةً ما تكون الشمس شديدة السطوع بحيث لا تلاحظ هذا الضوء. ولكن في الدقائق المظلمة القليلة من حدوث كسوف كلي، يمكنك رؤية النجوم بالقرب من الشمس.

منذ ما يزيد قليلاً عن 100 عام، قام رجل يدعى” آرثر إدينجتون” بإعداد رحلة استكشافية إلى موقعين. ذهب أحد الفريقين إلى جزيرة برينسيبي الواقعة في غرب إفريقيا، وذهب الآخر إلى سوبرال بالبرازيل. أتاح ذلك التقاط صور للكسوف من موقعين قياسات مقارنة لمواقع النجوم لإثبات صحة نظرية أينشتاين.

مشاهدته بالعين المجردة ضار

وفقًا للخبراء، يمكن أن يؤدي مشاهدة الشمس بالعين المجردة أثناء الكسوف إلى حرق شبكية العين، مما يؤدي إلى إتلاف الصور التي يمكن لدماغك مشاهدتها. يمكن أن تسبب هذه الظاهرة، المعروفة باسم “عمى الكسوف”، ضعفًا مؤقتًا أو دائمًا في الرؤية، وفي أسوأ السيناريوهات يمكن أن تؤدي إلى العمى القانوني (إذا كنت أعمى قانونيًا، فإن رؤيتك تكون 20/200 أو أقل في عينك الطبيعية. أو أن مجال رؤيتك أقل من 20 درجة. هذا يعني أنه إذا كان جسم ما على بعد 200 قدم، فعليك الوقوف على بعد 20 قدمًا من أجل رؤيته بوضوح. لكن يمكن لأي شخص يتمتع برؤية طبيعية أن يقف على بعد 200 قدم ويرى هذا الشيء تمامًا.)، مما يؤدي إلى فقدان كبير في الرؤية.

لا توجد أعراض فورية أو ألم مرتبط بالضرر، حيث لا تحتوي شبكية العين على أي مستقبلات للألم، لذلك من الصعب في ذلك الوقت معرفة ما إذا كنت مصابًا بالفعل بعمى الكسوف. إذا نظرت إلى الشمس بدون حماية، فقد تلاحظ على الفور تأثيرًا رائعًا أو وهجًا بالطريقة التي قد تلاحظها من أي جسم لامع  ولكن هذا لا يعني بالضرورة تلف شبكية العين. تبدأ الأعراض عمومًا في الظهور بعد 12 ساعة من مشاهدة الكسوف، عندما يستيقظ الناس في الصباح ويلاحظون أن رؤيتهم قد تغيرت ولا يمكنهم رؤية الوجوه في المرآة، ولا يمكنهم قراءة الصحيفة أو شاشة الهاتف الذكي، ويواجهون مشكلة في النظر إلى لافتات الطرق.

المصادر

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Heba Allah Mahmoud
Author: Heba Allah Mahmoud

اسمي هبة وأعيش في مصر حيث لا زلت طالبة في كلية العلاج الطبيعي بجامعة مصر للعلوم و التكنولوجيا. لدي شغف حقيقي بالعلم حيث أتابع كل ما هو جديد في ساحة العلم. أحلم بأن أعمل في مجال البحث العلمي يومًا ما.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك فضاء

User Avatar

Heba Allah kassem

اسمي هبة وأعيش في مصر حيث لا زلت طالبة في كلية العلاج الطبيعي بجامعة مصر للعلوم و التكنولوجيا. لدي شغف حقيقي بالعلم حيث أتابع كل ما هو جديد في ساحة العلم. أحلم بأن أعمل في مجال البحث العلمي يومًا ما.


عدد مقالات الكاتب : 89
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : Aya Gamal

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *