Ad
هذه المقالة هي الجزء 11 من 21 في سلسلة مقدمة في علم النفس

لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟ “ليتني أستطيع التحكم بمشاعري، ليتني أنحيها جانبًا واعتمد على عقلانيتي فقط في الحكم على الأمور”.هل سمعت هذا الكلام من قبل؟ ربما حدثك به صديق أو قلته لنفسك؟ يمكننا الجزم أن أغلبنا بالفعل سمع أو تحدث به. لكن هل التخلص من المشاعر نافع حقًا؟ لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟

لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟

النظرية الخاطئة للمشاعر

لمعرفة الإجابة سأقص عليك أولًا قصة صغيرة:
في الرابع والعشرين من سبتمبر عام 1848، تعرض الشاب «فينياس جايدج-phineas gage» صاحب الخمسة وعشرين عامًا لحادث مروع. عمل جايدج رئيسًا للعمال في منجم، وأثناء تأديته عمله حدث انفجار مفاجئ، أُصيب جايدج على إثره بأنبوب طوله متر تقريبًا دخل من خده الأيسر ليخرج من مؤخرة رأسه “ملطخًا بقطع من مخه” كما أدلى الطبيب المُستدعى إلى مكان الحادث.

المدهش أن جايدج لم يمت بعد هذا الحادث، ولم يفقد حتى الوعي، بل ركب على ظهر دابة حتى وصل إلى المشفى، وهناك تولى الطبيب علاجه حتى استقرت حالته بعد مدة. لو انتهت القصة هنا لقلنا هذا مثال رائع لحسن حظ جايدج وخبرة الطبيب المعالج. لكن لسوء الحظ، لم يحدث هذا.

لاحظ الطبيب تغير سلوك جايدج ووصفه بالطفولي المتقلب. لم يستطع جايدج التحكم في رغباته، وأهمل عمله حتى خسره، وانتهى به الأمر بترك عائلته والالتحاق بسيرك متنقل مع الأنبوب الذي أصابه!
تقدم لنا هذه القصة مثالًا رائعًا عن الفكرة الخاطئة عن المشاعر. التخلص من المشاعر ليس أمرًا جيدًا، والفصل بين العقلانية والمشاعر ليس منطقيًا. فنجد جايدج فقد جزءًا من قدرته الشعورية بسبب الحادث، وترتب على ذلك تأثر نشاطه العقلي بشكل كبير.

حالة فريدة

لفهم ذلك بشكل أوضح، سأقص عليك قصة أخرى.
بطل هذه القصة مريض لعالم الأعصاب «أنطونيو داماسيو-Antonio damasio» يُدعى إليوت. عمل إليوت في شركة تجارية، كان موظفًا ممتازًا وزوجًا مسئولًا. إلى أن أتته بعض نوبات الصداع اكتشف بعدها إصابته بورم في المخ. تم استئصال هذا الورم مع جزء كبير من الفص الأمامي من المخ ومن هنا بدأت المشكلة.

لم تتأثر ذاكرة إليوت بعد العملية، أو إدراكه، أو حتى معدل ذكائه، لكنه فقد القدرة على اتخاذ قرارته. كان إليوت يقضي الظهيرة بأكملها محاولًا إيجاد طريقة لتصنيف ملفات عمله، هل يصنفها حسب التاريخ أو الحجم أو النوع؟ ونتيجة لتأثر أدائه فقد إليوت عمله، كذلك انتهى زواجه سريًعا ولم تتحسن حالته مجددًا.
فقد إليوت جزءًا من مشاعره، لم يستطع التواصل مع ما يجلب له السعادة أو الحزن أو الغضب أو الخوف. عندما عرض عليه طبيبه صورًا تنقل هذه المشاعر، قال إنه يتذكر هذه المشاعر لكنه فقط لم يعد يختبرها. وهو ما وصفه الطبيب “أن تعرف لكن لا تشعر”
نتيجة لهذا الخلل تأثرت قدرات إليوت على اتخاذ القرارات، وهذا مثال آخر على عدم التعارض بين العقلانية والمشاعر. فبدون المشاعر لن نتمكن من فعل أي شيء.
لذا عندما يشكو لك صديقك مشكلته المرة القادمة، صرت تعرف ماذا عليك إخباره!

السؤال الأهم: لماذا؟

والآن بعد أن تعرضنا للنظرة الخاطئة عن المشاعر، دعنا نسرد الرواية الصحيحة لها.
يقول الفيلسوف ويليام جيمس

هناك عدد من الأسئلة تخطر في ذهن عالم النفس فقط. مثل: لماذا نبتسم عندما نشعر بالسعادة؟ لماذا لا نتجهم؟ لماذا لا نستطيع التحدث إلى جمهور كبير كما نتحدث مع صديق؟ ولماذا تثير فتاة معينة مشاعرنا بالكامل؟

وهنا يثير جيمس نقطة هامة، أننا نتعامل مع المشاعر كأنها حقائق مطلقة عن العالم، تحدث لأنها تحدث ولا بديل لذلك. أما التفسير فيكمن في علم النفس التطوري.
يجبرنا علم النفس التطوري على رؤية الأحداث بشكل علمي، أن نبتعد عن كونها طبيعية وغريزية ونتحرك خطوة للوراء لنسأل السؤال الأهم: لماذا؟
لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ ولماذا نكره الخيانة؟
تلك هي التساؤلات الثلاثة الكبري التي سنتعرض لها ونفسرها في مقال اليوم. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نخاف؟

تنقسم المشاعر إلى مشاعر غير اجتماعية مثل الخوف ومشاعر اجتماعية مثل المشاعر تجاه الأقارب، وغير الأقارب.
الخوف شعور أساسي، وعالمي (يشعر به جميع البشر)، وله تعبير وجهي مميز يمكن لكل البشر التعرف عليه، كذلك تمتلكه معظم الفصائل غير البشرية. والسبب وراء تصنيف الخوف تحت بند المشاعر غير الاجتماعية هو أنك يمكنك أن تخاف شخصًا، كذلك يمكنك أن تخاف شيئًا مثل الأماكن المغلقة. وذلك على عكس المشاعر الاجتماعية التي تختص بالبشر فقط.
هناك مثيرات عالمية للخوف مثل: الثعابين والعناكب والعواصف والمرتفعات والظلام والمياه العميقة والحيوانات الضخمة. لكن ما الأمر المشترك بينهم جميعًا؟
الإجابة أن هذه المثيرات كانت مخيفة ومهددة للحياة في بيئة أجدادنا. فشكلت خطرًا على مدار التاريخ التطوري لنا، وانتقلت هذه المعلومات على مر الأجيال. لذا بالمقارنة بالسيارات والأسلحة ومفاتيح الكهرباء -رغم زيادة معدل خطرهم علينا في البيئة الحالية- نجد أننا لا نخافها مثل الثعابين مثلاً، لأنها اختراعات مستحدثة لم تؤثر في تاريخنا التطوري.
هناك دراسة تمت على أطفال نشأوا في ضواحي شيكاغو، سُئلوا عن أكبر مخاوفهم. وجاءت الثعابين والعناكب في المركز الأول، ليس القتل أو الأسلحة أو التعرض لحادث سيارة.
دراسة أخرى تمت على نوع من القردة، نشأت هذه القردة في المعمل فلم تتعرض لهذه المؤثرات قبلًا في الطبيعة. عُرضت عدة مقاطع لمجموعة من القردة ترى ثعبانًا فيظهر عليها الخوف وتبتعد عنه. ثم عُرضت قردة المعمل على ثعبان فأظهرت خوفًا كبيرًا. لكن هذا لم يثبت شيئًا، ربما خوف القردة من الثعابين فطري وريما اكتسبته من رؤية المقاطع، لذا قام العلماء بخطوة إضافية. نجحوا باستخدام تقنيات تعديل الصور والفيديو في عرض عدة مقاطع لقردة تخاف الزهور وتبتعد عنها. وعند تعريض قردة المعمل لنفس المؤثر. لم يظهروا أي خوف.
لذا توصل العلماء أن البشر والرئيسيات على حد سواء لديها النزعة للخوف من الثعابين أو العناكب، لأن تلك الكائنات شكلت خطرًا على أجدادنا، والأفراد الذين خافوها وتجنبوها استطاعوا النجاة والبقاء والتكاثر، وهذا هو الهدف التطوري الذي نسعى له جميعًا. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نحب أطفالنا؟

ذكرنا سابقًا أن المشاعر الاجتماعية تشمل مشاعرك تجاه اقاربك، وغير أقاربك. جميعنا نحب أبنائنا وأخوتنا وآبائنا، لكننا أسلفنا أن علم النفس التطوري يسأل دومًا السؤال: لماذا؟
لماذا تطور البشر ليصبحوا طيبين وعطوفين؟ ما تفسير هذا السلوك الإيثاري؟
يكمن السر هنا في التكاثر وليس البقاء، لا تساعد الطيبة والإيثار والعطف على بقاء الإنسان، فمن المحتمل أن يدفعك الحب إلى التضحية بروحك من أجل ابنك مثلاً. لكنها تساعد على التكاثر وتكرار الجينات، وهذا هو الهدف الأكبر.
تخيل معي اثنين من الحيوانات يحملان جينين مختلفين، أحدهما يجعل الحيوان يهتم بذريته والآخر يجعله يهتم بنفسه فقط. ماذا سيحدث في الجيل التالي؟
سيتفوق الحيوان الذي تطور ليهتم بذريته -من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي- على الحيوان الذي يهتم بنفسه فقط، لأن جيناته ستنتقل وتتكرر عبر الأجيال.
وتعرف هذه النظرية باسم نظرية «الجين الأناني-Selfish gene theory» لصاحبها العالم ريتشارد دوكينز. وتعد واحدة من أشهر النظريات وأكثرها جدلًا في علم بيولوجيا التطور التي شهدها القرن الماضي.

نظرية الجين الأناني

دعنا نتعمق قليلًا في نظرية دوكينز، ولفعل ذلك علينا تبني منظورًا مختلفًا. وهو منظور فيروس نزلة البرد. لماذا نعطس عندما نصاب بالبرد؟
أحد الإجابات أن الجسد يود التخلص من الجراثيم بداخله. لكنها ليست صحيحة تمامًا. تأتي الإجابة الأكثر تشويقًا عند التخلي عن المنظور الأناني (أنا مصاب بنزلة برد)، وتبني منظور فيروس نزلة البرد: تطورت الفيروسات عبر السنين مثل باقي الحيوانات، وجاء تطورها عن طريق البقاء والتكاثر. ووسيلة الفيروس للتكاثر هو جسمك، والتحكم به كي تعطس وتطرده خارجًا لينتشر ويتكاثر.
يستخدم الفيروس جسمك كأداة للتكاثر!
مثال آخر: أحد تأثيرات الأمراض المنتقلة جنسيًا مثل الزهري أنه يزيد الرغبة الجنسية ويدفع الناس إلى الانخراط في المزيد من العمليات الجنسية. هذه هي وسيلة الفيروس في الانتشار.
يوجد الجين الأناني أيضًا في الحيوانات. مثل طفيل «المقوسات-Toxoplasmosis» الذي يعيش في أجساد الفئران، ثم ينتقل إلى أجساد القطط التي تتغذى عليها، ومنه إلى فضلات القطط ثم أجساد الفئران مرة أخرى. الفأر المصاب بداء المقوسات معافٍ تمامًا، باستثناء أمر واحد فقط: يعدل الطفيل مخ الفأر ويجعله أقل خوفًا من القطط، وهذه هي آلية الطفيل لاستخدام جسد الفأر للتكاثر.
إذًا يرى دوكينز أن جسد الحيوان هو وسيلة الجين لصنع جين آخر/التكاثر. لكن ما أهمية هذا في علم النفس؟ وكيف يجيب عن سؤال الطيبة والإيثار؟

تطبيق نظرية الجين الأناني في علم النفس

قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نوضح اثنين من المفاهيم الهامة في علم النفس: «السببية القصوي والمباشرة-Ultimate and proximate causation»
السببية المباشرة: هي تفسير سلوك الحيوان وفقًا لآلياته الداخلية وعوامل الإثارة.
السببية القصوى: هي تفسير سلوك الحيوان وفقًا للتطور، كيف يساهم هذا السلوك في الانتقاء الطبيعي؟
لذا عندما سُئل أحد المفكرين: هل تضحي بحياتك من أجل أخيك؟
أجاب: لا، لكني سأمنحها بكل سرور لثلاثة أخوة، وخمسة من أبناء الأخ، وتسعة من أقارب الدرجة الأولى.
وهو بالطبع يمزح، لا يوجد شخص سوي يحسب هذه الحسابات عند التعامل مع أبنائه أو إخوته. إننا نحبهم لأننا فقط نفعل، نشعر بالسعادة في وجودهم، ونلجأ إليهم وقت الحاجة، نحب منحهم وقتنا ومالنا وربما أرواحنا، دون أن نسأل لماذا. وهذا بالتحديد السبب المباشر للإيثار.
أما الإجابة الأكثر علمية والتي تفسرها نظرية الجين الأناني: هي إجابة المفكر السابقة. نحن نحب أبنائنا وإخواننا وأقاربنا لأننا نتشارك معهم نفس الجينات. وإذا خُير الجين الأناني بين التضحية بالجسد الذي يسكنه، أو موت عدد من إخوته، سيختار التضحية. لأنها صفقة مثالية، حيث يحمل إخوته نفس جيناته، ويضمن بقائهم التكاثر وتكوين عدد أكبر من النسخ. وهذه هي السببية القصوى التي تفسر الإيثار من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي. نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

لماذا نكره الخيانة؟

لم يواجه التطور صعوبة كبيرة في تفسير المشاعر تجاه الأقارب، بما أن التطور مدفوع بقوى تهدف إلى تكرار الجين وتكاثره، فمن المنطقي أن تحب الحيوانات ذريتها وتعتني بها، لأنها حاملة جيناتها. لكن الأمر المحير حقًا هو علاقات البشر والحيوانات بغير أقاربها، كيف تعود هذه العلاقات المعقدة بالفائدة من وجهة نظر الانتقاء الطبيعي؟

تظهر أمثلة كثيرة لهذا النوع من العلاقات في الطبيعة. منها:

  • اعتناء الحيوانات بنظافة بعضها البعض، كما يحدث في القردة فتجدها تزيل الحشرات من أجساد رفاقها.
  • إطلاق صرخات تحذيرية عند اقتراب الخطر، رغم تهديد هذا الفعل لحياة صاحبه.
  • ترعى الحيوانات أطفال أحدها الآخر. ومن وجهة نظر تطورية بحتة، من الأفضل أن تلتهم هذه الحيوانات الأطفال، فهي مصدر البروتين كذلك لا تحمل جيناتها. لكن ما يحدث عكس ذلك.
  • تتشارك الحيوانات الطعام كما يحدث في الخفافيش.

الإيثار المتبادل

تعمل الخفافيش معًا في نظام دقيق، حيث تذهب مجموعة للصيد وجمع الدماء وتعود لتوزيعه على باقي الأفراد. وبهذا تتبع الخفافيش مبدأ «الإيثار المتبادل-Reciprocal alturistim»
بمعنى أن العمل معًا يعود بفائدة أكبر من العمل وحيدًا، أي تفوق المنفعة التكلفة.
فعندما يبدأ أحد الخفافيش بالإيثار يعود الأمر بالفائدة عليه، لأنه سيلتقي مساعدة في المقابل.
لو توقف الأمر عند هذا الحد، لصار التفسير سهلًا. نحن نعطي ونتوقع أن نأخذ في المقابل، أي تفوق المنفعة التكلفة، هذا ليس هدفًا تطوريًا سيئًا، أليس كذلك؟
لكن اللغز لا يتوقف هنا، حيث تظهر مجموعة من الغشاشين أو ما يطلق عليهم علماء الاقتصاد: المنتفعين بالمجان.
تخيل معي اثنين من الجينات، الجين الأول لخفاش يخرج للصيد ويشارك ما يحصل عليه مع باقي الأفراد. والجين الثاني لخفاش لا يخرج للصيد لكنه ينتفع مما يجلبه الآخرون. أيهما أكثر تفوقًا تطوريًا؟
الجين الثاني يحصل على كميات طعام أكبر وعمل أقل، وبالتالي يتفوق بلا شك على الجين الأول.
لكن أين التفسير؟ إذا كانت آليات الغش والانتفاع بالمجان أكثر تفوقًا، فكيف تطورت آليات التعاون وترسخت هكذا؟
تكمن الإجابة في «اكتشاف الغشاشين-Cheaters Detection»
لا يمكن للايثار المتبادل العمل إلا إذا كانت الحيوانات مهيئة مسبقًا لاكتشاف الغشاشين.
لفهم ذلك أكثر، دعني أسرد لك هذه التجربة.
تابع العلماء عشًا للخفافيش، وراقبوا نشاط خفاش معين خرج للصيد ثم عاد بعد فترة حاملًا الدم ليوزعه على رفاقه. لكن العلماء قاموا بطريقة ما بمنع هذا الخفاش من مشاركة الدم مع رفاقه. فماذا حدث؟
عندما خرج أفراد آخرون للصيد وعادوا بالدماء، لم يشاركوه الطعام وتركوه يتضور جوعًا.
ومن هنا نستنتج أن الاختيار الأفضل دائمًا هو التعاون، تعلمت الحيوانات هذا النظام، ونشأ من إيثارها المتبادل علاقات معقدة ومدهشة.
وبالطبع يظهر الإيثار المتبادل في البشر أيضًا، بل ويجادل بعض علماء النفس أن هذه الحساسية تجاه الغشاشين والتركيز على عملية الايثار التبادلي لها دور هام في تطور السلوك الاجتماعي عند البشر.

معضلة السجين

التفسير الكلاسيكي لهذا الرأي يأتي باستخدام «معضلة السجين-Prisoner’s dilemma»
معضلة السجين هي لعبة يستخدمها الباحثون في علم النفس لمعرفة متى يختار البشر التعاون أو الخيانة. لهذه اللعبة صور كثيرة، لكن الشكل الكلاسيكي لها كالتالي:
أنت وصديقك قررتما السطو على بنك لكن قُبض عليكما، فيأتي إليك الضابط ليعرض عليك مجموعة من الخيارات.

  • تخون وتعترف على السجين الثاني، فيُطلق سراحك ويقضي هو مدته في السجن.
لماذا نخاف ؟ لماذا نحب أطفالنا ؟ لماذا نكره الخيانة ؟
معضلة السجين (حقوق الصورة: University of Michigan Heritage Project)
  • تتعاون ولا تشي بالسجين الثاني، بينما هو يشي بك، فيطلق سراحه، وتقضي أنت مدتك في السجن.
  • تتعاونا معًا ولا يشي أحدكما بالآخر، فيطلق سراحكما.
  • تشيا بأحدكما الآخر، فتذهبا كلاكما إلى السجن.


عند تحليل هذه الاختيارات، نجد أن أحسنها هو أن يتعاون كلاكما معًا فلا يُسجن أحد. وأسوأها أن تشيا ببعضكما فيذهب كلاكما إلى السجن.
لكن الاختيار الأسلم في كل مرة هو الخيانة، فأنت لا تضمن تعاون صديقك معك. لذا إذا اخترت الخيانة واختار صديقك التعاون فستخرج حرًا، وإذا اخترت الخيانة وكذلك صديقك فلن ينتهي بك الأمر وحيدًا في السجن.
وبتحليل الاختيارات المختلفة لمعضلة السجين، وجد العلماء أن مشاعرنا تتناظر مع كل اختيار منها:

  • نحب الأشخاص الذين يتعاونون معنا، ونتشجع أن نكون أكثر لطفًا معهم في المستقبل.
  • لا نحب أن يخدعنا أحد، يجعلنا هذا نشعر بالغضب والخيانة، ويحفزنا لتجنبهم في المستقبل.
  • نشعر بالسوء حينما نخون شخص تعاون معنا، ويحفزنا ذلك للتعامل بشكل أفضل في المستقبل.

نظرة في تطور المشاعر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟

والآن بعد أن تعرضنا لسؤال المشاعر وتفاصيله الدقيقة، وتعرفنا على الحالات المؤسفة لاختلال العقل نتيجة فقدان جزء من المشاعر، وفسرنا الرؤية الصحيحة لها، وأجبنا عن الأسئلة الثلاث الأكبر: لماذا نخاف؟ لماذا نحب أطفالنا؟ لماذا نكره الخيانة؟
في المرة القادمة التي تبتسم فيها، أو تتجهم، أو تستمتع بصوت ما، ويزعجك آخر، تذكر ألا تنظر إلى هذه الأمور كأنها حقائق كونية، واسأل نفسك دومًا السؤال الأهم: لماذا؟

اقرأ أيضًا: نظرية مثلث الحب

المصادر

Esraa Ahmed
Author: Esraa Ahmed

إسراء أحمد، مصر. طالبة بالسنة الأخيرة لكلية العلاج الطبيعي، محبة للقراءة والكتابة الإبداعية، مهتمة بمجال الأدب وعلم النفس والصحة النفسية.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر علم نفس

User Avatar

Esraa Ahmed

إسراء أحمد، مصر. طالبة بالسنة الأخيرة لكلية العلاج الطبيعي، محبة للقراءة والكتابة الإبداعية، مهتمة بمجال الأدب وعلم النفس والصحة النفسية.


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *