كان العبيد أحد أهم عناصر الاقتصاد في أوروبا ودول العالم الجديد، كما كانوا مصدر تفاخرٍ لدى العرب قديمًا. ولم تختلف الحضارة المصرية القديمة عن تلك الحضارات إذ كان العبيد جزءًا منها أيضًا. ولكن تميز عبيد مصر عن العبيد الذين عاشوا في الحضارات الأخرى، وقد استخدموا لأعمال بسيطة ومرموقة. ولكن كان من الصعب على علماء الأجناس والتاريخ أن يحددوا هوية العبيد في مصر القديمة، وذلك لانتشار أعمال السخرة في العصور الفرعونية كافة.
ازدهرت تجارة العبيد في مصر بعد العصر اليوناني، واستمر ازدهارها على مر العصور الفرعونية. وعلى الرغم من عدم ذكر المصادر التاريخية لأسواقٍ بعينها خاصة ببيع العبيد، إلا أنها أثبتت وجود تجارٍ عملوا في تلك التجارة.
محتويات المقال :
ما هو أصل عبيد مصر القديمة؟
توجد العديد من الروايات التي تحكي عن أصل العبيد في مصر، ولكن أكثرها شيوعًا هي أن العبيد في مصر مختلفوا الأجناس. فقد كانوا إما أسرى حرب، أو مختطفين من دول وممالك مجاورة، أو ديونا تسدد إلى مصر على هيئة عبيد، أو حتى سلعا تباع أثناء مواسم التجارة. إضافة إلى توريث العبودية من جيلٍ لآخر.
يحكى أن تحتمس الثالث قد عاد من حرب ما في كنعان بتسعين ألف أسير، وصار مصيرهم كلهم عبيدًا في مملكته. ولم يكن هذا العدد لجيشٍ بالطبع، فقد كان منهم مدنيون. وهذا يدل على أن عدد العبيد في مصر كان مرتفعًا لدرجة قد تفوق عدد المصريين أنفسهم، خاصةً في فترة التوسعات.
أما العبيد المصريون فقد قَدموا أنفسهم ليكونوا عبيدًا، وذلك لسوء الأوضاع الاقتصادية في بعض العصور الفرعونية، الانتقالية منها خاصةً. كما كان البعض يبيع نفسه وأهله إذا لم يستطع دفع ديونه وضرائبه، كما يجبر البعض على ترك حريته في حال ارتكابه أفعالًا تخالف القانون.
أما معظم العبيد الذين يعملون في المعابد لخدمة الآلهة فقد اختاروا أن يعملوا في تلك المعابد بإرادتهم، لاعتقادات دينية. وهذا بخلاف العمل القسري أو عمل السخرة الذي كان منتشرًا في مصر القديمة، وهؤلاء لم يصنفوا كعبيد على الرغم من سلبهم حريتهم في حال تركهم العمل أو تقاعسهم خلاله.
عموما، معظم العبيد في مصر القديمة كانوا أجانب عنها؛ فمنهم من كان من ليبيا، ومنهم من أخذ من بلاد الشام، إضافة إلى العديد من العبيد المأسورين من بلاد النوبة. كما وجد عبيد من اليونان والأناضول، ومناطق أخرى في البحر الأبيض المتوسط. إذن، تعددت أجناس العبيد في مصر القديمة.
ما هي الأعمال التي عمل بها العبيد في مصر القديمة؟
كانت الأعمال التي قام بها العبيد في مصر القديمة، مشابهة إلى حدٍّ ما لتلك التي قام بها العبيد في الثقافات الأخرى. وقد كان من عمل منهم في المنازل أكثر حظًا ممن عمل في الخارج نظرا لكونها أعمالًا شاقة. وقد عمل العبيد عموما في أعمالٍ مختلفة كالزراعة والبناء والتعدين والترفيه. كما عملوا أيضًا في الجيش الملكي والحكومة في بعض العصور الفرعونية.
كان السيد يقوم بتعليم العبد الحرف المتميزة ليصبح أكثر قيمة عند بيعه أو إهدائه، أو إن أبقى عليه وورّثه لأبنائه. حتى أن بعض العبيد تعلموا اللغة الهيروغليفية ليعملوا كتّابًا، فكان العبد متعلّمًا يستطيع أن يقرأ ويكتب على ورق البردي. أما العبيد الذين عملوا في المنازل فقد كانت أعمالهم تقليدية كالطبخ والتنظيف، والعناية بالأطفال.
وعلى الرغم من وجود بعض الروايات التي تتحدث عن بناء الأهرامات من قبل العبيد، إلا أنها دحضت. فقد وجدت أدلة منقولة عبر جدران المعابد من قبل علماء التاريخ، تحكي عن بناء الأهرامات من قبل الفلاحين المصريين في مواسم كساد الحصاد. كما شارك فيها البناؤون الأحرار المتميزون وعمال السخرة. ولم يكن للعبيد تأثير واضح في اقتصاد مصر الفرعونية، كما كان تأثيرهم في أوروبا ودول العالم الجديد.
كيف اختلف العبيد في مصر القديمة عن العبيد في الثقافات الأخرى؟
لم تختلف حياة العبيد في مصر القديمة كثيرًا عن حياتهم في الثقافات الأخرى من حيث الشقاء والعمل الإجباري القاسي. ولكن، استطاعت بعض فئات العبيد الأجانب الزواج بالمصريات، شريطة أن يتم تحريرهم أولًا. كما استطاع بعض لعبيد التملك وكسب المال لأنفسهم. ورغم ذلك، لم يستطيعوا تحرير أنفسهم إذ لا يتم تحريرهم إلا إذا قام المالك بذلك، وإلا يورثون لأبنائه وأحفاده.
لم يكن العبيد في مصر من جنس واحد، لذلك لم تكن هناك عنصرية عرقية في التعامل مع العبيد، فكما كان هناك الأجانب من جميع البلدان، كان هناك المصريون. واستطاع العبيد أن يرتقوا في المناصب ويعملوا في الحكومة والجيش، وهذا ما حسن وضعهم في مصر. كما أن وضع العبيد في مصر كان في بعض الأحيان أفضل حالًا من وضع الأحرار، من حيث قدرتهم على العيش واكتساب الطعام.
لم يكن هناك سوق للعبيد في مصر، ولكن وجدت سجلات لهم، وقد تكون هناك ضريبة على امتلاك العبيد أيضًا. كان العبيد يورثون، وفي تلك الحالة قد يصبح العبد ملكية مشتركة كقطعة أرض يستطيع ملّاكه بيع حصتهم فيه. وكان العبيد الأطفال في مصر القديمة لا يعملون في الأعمال الشاقة، بل كانت تلك الأعمال محظورة عليهم. وكان على زوجة مالكهم أن تعتني بهؤلاء الأطفال، وتشرف على تغذيتهم بشكل جيد.
آنس المصريين العبيد في بيوتهم، حتى أن السيدة كانت تتبنى أبناء جاريتها من زوجها ليصبحوا أحرارًا وأبناءً لها، بل ويكون لهم نصيب من تركتها. وعلى الرغم من تعذيب بعض العبيد وتعرضهم للعقوبة القانونية جراء سرقتهم للمعابد مثلًا، إلا أن معظمهم عوملوا كشهود ضد سيدهم، ولا تتم معاقبتهم وتعذيبهم كما يحدث للأحرار.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :