علماء يتمكنون من عكس شيخوخة الخلايا جزئيًا!


يخطو الإنسان خطواته باتجاه الشيخوخة في كل مرة تتكاثر فيها خلية داخل جسمه. ويرجع هذا جزئيًا إلى تآكل أجسام تدعى التيلوميرات. تغطي أطراف الكروموسومات بالطريقة التي تغطي بها الأطراف البلاستيكية قمة رباط الحذاء. حاول علماء جامعة تل أبيب عكس آلية عمل هذه الأجسام بهدف عكس شيخوخة الخلايا البشرية، فهل يتمكنون من ذلك؟

كيف يؤثر تآكل التيلوميرات على الشيخوخة؟

تنسخ التيلوميرات أنفسها مع بقية الكروموسوم في كل عملية تكاثر للخلية. ومع ذلك، في كل مرة تفشل أجزاء صغيرة من الشيفرة في طرف التسلسل في أن تستنسخ وتظهر في النسخة الجديدة، تاركةً الكروموسوم الحديث أقصر قليلًا من سابقه.

وكما هو الأمر فيما يخص رباط الحذاء، حيث إن خسارة الغطاء البلاستيكي يفقد رباط الحذاء تماسكه. بالمثل، فإن التيلوميرات الأقصر تعرض تسلسلات الكروموسوم أسفلها لخطر حدوث طفرات خطيرة بشكل أكبر.

تتزامن هذه الطفرات مع التغيرات التي تجعلنا أكثر عرضة لمجموعة من الأمراض المرتبطة بتقدم العمر. وهي أمراض كثيرة ومنها السرطان.

ليس تقلص التيلوميرات السبب الوحيد في عملية الشيخوخة. ولكن ثمة علاقة مهمة بين طول التيلومير والصحة يحرص الباحثون على إجراء المزيد من البحث عنها. ذلك أنه حسب الطبيب شاير افريتي من جامعة تل أبيب، وهو قائد الدراسة، “التيلوميرات الأطول ترتبط بأداء خلوي أفضل”. كما أنه ثمة طرق عديدة من شأنها أن تسرع تآكل التيلوميرات لدينا. منها الفشل في الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الكثير من الطعام الجاهز، وحتى الإنجاب.

التيلومير

كيف استطاع الباحثون إطالة التيلومير؟


أعلن العلماء في جامعة تل أبيب أنهم تمكنوا من عكس عملية تآكل التيلومير. ونجحوا في إطالته عبر الأكسجين عالي الضغط ، وذلك في دراسة صغيرة شملت 26 مشاركًا. جلس المشاركون في غرفة الأكسجين عالي الضغط لمدة خمس جلسات في 90 دقيقة لكل منها في الأسبوع على مدار ثلاثة أشهر. ونتيجة لذلك، تمت إطالة بعض التيلوميرات في خلايا المشاركين بنسبة تصل إلى 20 بالمائة. بالإضافة إلى ظهور تحسن في الأنسجة نفسها. كما أظهرت عينة أصغر من المشاركين انخفاضًا في عدد الخلايا التائية الشائخة، وهي جزء مهم من الجهاز المناعي.

كيف جاءت فكرة عكس الشيخوخة عبر الأكسجين؟

صرح إفراتي قائد التجربة أن الإلهام قد جاء بعد تجربة أجرتها وكالة ناسا، إذ أرسلت واحدًا من توأمين في مهمة إلى الفضاء الخارجي وبقي الآخر على الأرض، فأظهرت التجربة اختلافًا كبيرًا في طول التيلومير بينهما، وهنا أدرك فريق الدراسة أن التغييرات في البيئة الخارجية قد تؤثر على التغييرات الخلوية الأساسية.

مدى أهمية الاكتشاف وقابلية تطبيقه


ليست هذه المرة الأولى التي نسمع فيها عن علماء يتمكنون من تحقيق تقدم في عكس اتجاه الشيخوخة، فقد أجريت أبحاث في التعديل الجيني للفئران بهدف إطالة التيلومير وأظهرت نتائج واعدة. كما بحثت أخرى في خلايا الأمعاء التي تنفذ هذه العملية طبيعيا عبر إنزيم يدعى التيلوميريز، لكن أيا من الأبحاث السابقة لم يترجم إلى علاجات مجربة في أرض الواقع.

وفيما يخص هذا الاكتشاف الجديد. صرح قائد الدراسة أنه في حال ثبوت فاعلية الأكسجين عالي الضغط، سيكون هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات من أجل تحسين البروتوكول العلاجي المحدد لكل فرد.

وعلى الرغم من أهمية تقلص التيلومير في الشيخوخة، فإن فشل عملياتنا الحيوية مع التقدم في العمر هو بلا شك مسألة معقدة تنطوي على أكثر بكثير من مجرد قطع مفقودة من الكروموسومات.

كما أن إعادة تنشيط الإنزيم تيلوميراز هو أيضًا خدعة تستخدمها السرطانات لضمان استمرارها في النمو، ما يجعل هذا المجال أمرًا نحتاج إلى فهمه بشكل أفضل قبل الخوض فيه.

دواء قاتل للخلايا البشرية الميتة ؟

دواء قاتل للخلايا البشرية الميتة ؟

 

لا تموت جميع خلايانا، فبعضها يبقى كخلايا مُسنّة هرمة غير قابلة للإنقسام لكنها تُبقي قدرتها على إنتاج إشارات كيميائية تلعب دوراً هاماً في المعركة ضد الشيخوخة، فماذا لو توصلنا إلى دواء قاتل للخلايا البشرية الميتة ؟

 

الشيخوخة والخلايا الميتة.

 

يقول الباحث Nicolas Musi من جامعة Texas في مدينة Austin لمجلة MIT Technology Review “يُعتقد أن هذه الخلايا والمواد التي تنتجها متضمنة في عملية الشيخوخة، وإزالة هذه الخلايا سيعزز الصحة ويمنع الأمراض المصاحبة للشيخوخة”.

إعتماداً على النتائج المبكرة للتجربة، ربما يكون هناك ما هو مميز في هذه النظرية.

في كانون الثاني، نشر Musi وزملائه نتائج التجربة التي تم فيها علاج 14 مريض يعانون من التلّيف الرئوي مجهول السبب بعلاج مشترك، أعتقد الباحثون أنه قادر على التخلص من الخلايا المُسنّة.

خلال فترة العلاج التي استمرت 3 أسابيع، تناول المرضى 9 جرعات من علاج اللوكيميا، حيث تناولوا علاج مشترك من Dasatinib و Quercetin

في نهاية التجربة، سجّل المرضى قدرة على السير بشكل أكبر من قبل، وكما أظهرت العلامات الحيوية الأخرى تحسناً ملحوظاً بدون أي أعراض جانبية خطرة.

 

المؤتمر الصحفي

 

في مؤتمر صحفي، قال الباحث Jamie Justice ” على الرغم من كونها خطوة صغيرة، إلا أن هذه الدراسة أحرزت تقدما مفاجئاً مهماً في الكيفية التي يمكن من خلالها علاج الأمراض المتعلقة بالشيخوخة كالتلّيف الرئوي، فلقد توجهنا علاجياً إلى علاقة حيوية أساسية للتقدم في العمر متضمنة في التليف الرئوي، اظهرت الدراسة نتائج مبكرة لكنها مبشّرة لأول مرة لدى البشر”.

من الصعب الآن القول بأن العلاج المشترك فعّال كعلاج يقلل الأمراض المصاحبة للشيخوخة، لكن الباحثون مستمرون في طريق إيجاد الإجابة، حيث أنه تم بالفعل تجربة العلاج على 15 مريض رئة أخرين و20 مريض يعانون من أمراض الكلى المزمنة.

قال الباحث James Kirkland لمجلة MIT Technology Review ” إذا لاحطنا وجود علامات فعالية، ولم نلحظ وجود أي أعراض جانبية خطرة، سنسعى بكل جهدنا للوصول لحياة بشرية أقل تهديداً، بالطبع إذا سار كل شيء على ما يُرام”.

 

المصدر

Exit mobile version