القرصنة البيولوجية Biohacking، ما هي؟ وما مميزاتها ومخاطرها؟

يسعى الإنسان منذ الأزل إلى تحسين قدراته الذهنية والجسدية بمختلف الوسائل. وقد أدت التطورات الحديثة في مختلف المجالات وسهولة التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى ظهور مجتمع من الهواة يهدف إلى استخدام التكنولوجيات المختلفة في تحسين قدراتهم. وقد ازدادت شهرة ما يعرف بالقرصنة البيولوجية خصوصاً مع اكتشاف كريسبر CRISPR. حيث أدى اكتشاف أداة التعديل الوراثي تلك- الرخيصة نسبياً- إلى زيادة كبيرة في عدد الهواة في مجال التعديل الجيني. وإلى سعيهم إلى تطبيق تلك المعرفة في تطوير منتجات تساعد في تحسين قدرات الفرد العقلية والبدنية وربما تعالج الأمراض المستعصية. فما هي القرصنة البيولوجية؟ ولماذا تثير قلق لدى كثير من العلماء والمتخصصين؟ وما الآمال التي تحملها للبشرية؟

تعريف القرصنة البيولوجية:

يمكن تعريف القرصنة البيولوجية بشكل عام على أنها أي محاولة لتحسين قدرات الفرد الذهنية أو الجسدية. وهذا التعريف واسع جداً. فوفقاً لهذا التعريف قد تكون أنت عزيزي القاريء قرصاناً بيولوجياً بذهابك للصالة الرياضية للتمرين أو إدخالك تغييرات في نظامك الغذائي أو حتى شربك للقهوة لزيادة انتباهك.
وبشكل خاص يمكن تعريف القرصنة البيولوجية على أنها إجراء تجارب وأبحاث على النفس (بتناول مواد كيميائية، أو تعديل جيني، أو تعديل غذائي، أو زراعة شرائح إلكترونية أو مواد تحت الجلد، أو تركيب أجهزة بالجسم) بهدف تطوير القدرات الجسة أو الذهنية أو بهدف علاج الأمراض وذلك بواسطة هواة في الأغلب أو متخصصين ولكن خارج الإطار التقليدي للأبحاث. كذلك يشمل التعديل وراثيًا في الكائنت الحية بواسطة هواة بهدف تطوير قدراتها لتعود بالنفع على الفرد. وفي بعض الأحيان يكون الهدف هو فقط تغيير في الشكل الظاهري للفرد مثل تغيير لون القزحية. [2، 3]

أنواع القرصنة البيولوجية:

النيوتريجينوميكس (التغذية الجينومية) Nutrigenomics:

في هذا النوع يقوم الفرد بإحداث تغييرات في بعض نواحي صحته البدنية والذهنية عن طريق القيام بتغييرات في العادات الغذائية بشكل تدريجي. وذلك بناءا على دراسة تفاعل الجينوم الخاص بالفرد مع المغذيات المختلفة. [3]

النيوتريجينوميكس هي أحد انواع القرصنة البيولوجية. [4]

جرايندرز Grinders:

يسعى هذا النوع إلى تطوير القدرات البدنية أو الذهنية للفرد عن طريق استخدام الأدوات التكنولوجية مثل الشرائح والأطراف الإلكترونية وبعض الحقن الكيميائية. [3]

قم بهِ بنفسك أو بيولوجيا الهواة Do it yourself biology:

هذا النوع يعتبر أكثرهم إثارة للجدل والقلق. حيث يقوم فيه الهواة باستخدام معلومات وتقنيات يزودهم بها المختصون ليقوموا بتجارب على أنفسهم. ويشمل ذلك تجارب تعديل جيني أو استخدام أدوية لم تختبر بعد. وقد ازدادت شهرة هذا النوع خصوصاً بعد اكتشاف تقنية كريسبر وتسهيلها عملية التعديل الجيني. [3]

فاعلية القرصنة البيولوجية:

إلى أي مدى تبدو تلك الوسائل فاعلة فعلاً في تحسين القدرات البشرية أو مواجهة الأمراض. وأي مسافة قطعت هذه الوسائل حقاً على طريق الوصول إلى الإنسان السوبرمان؟! [3]

فاعلية النيوتريجينوميكس (التغذية الجينومية): 

في الواقع فإن التغذية الجينومية لها عديد من الفوائد مثلاً:
1- عن طريق معرفة استعداد الفرد الوراثي لأمراض معينة وتجنب الأغذية التي تحفز الإصابة بهذه الأمراض يمكن الوقاية منها.

2- بعض الأغذية تؤثر على ميكروبات الأمعاء. من ثم يمكن وفقاً لبعض الدراسات عن طريق تعديل النظام الغذائي بشكل يحافظ على توزيع سليم لها تحسين وظائف الأمعاء والصحة النفسية للفرد في بعض الأحيان.

3- بعض الأنظمة الغذائية تساعد على تنظيم ضغط الدم والسكري. وكذلك خفض الوزن. مما له عظيم الأثر على صحة الفرد النفسية والجسدية.

ولكن يجدر الإشارة إلى أن كثير من العلماء يرون أن الاعتماد على هذه الوسائل وحدها غير كاف لإحداث تغييرات جسدية ونفسية حقيقية. [3]

فاعلية بيولوجيا الهواة والجريندرز:

بعض هذه التعديلات قد أثبت نجاحاً ما. لكن إلى أي مدى يمكن توسيع نطاق هذه التطبيقات؟ وما هي مخاطرها؟ لا يزال ذلك محل جدل واسع.


على سبيل المثال:

قام أحد الهواة بحقن نفسه بمادة الكلورين إي 6 Chlorin e6 في عينيه. ذلك بهدف تحسين قدرات الرؤية الليلية لديه. حيث تستطيع هذه المادة زيادة حساسية بعض الخلايا المسئولة عن الرؤية في العين. ومن ثم تستجيب للأضواء شديدة الخفوت. وقد نجح هذا الشخص في تبين أجساد أناس يتحركون في غابات شديدة العتمة. ولكن إلى أي مدى قد تتسبب تلك المادة في آثار جانبية على الجسم؟ لم يتم تبين ذلك بعد.

أيضاً قام بعض الجريندرز بزرع شرائح تحديد الهوية بموجات الراديو Radio Frequency Identification Chips بأجسامهم. مكنتهم هذه الشرائح من الدخول إلى أماكن تتطلب تصريح أمني مثل بعض المستشفيات. وقد يسبب هذا تهديد أمني خطير ناهيك عن المخاطر الصحية الغير معروفة من إلتهابات أو سرطانات أو خلافه. [3]

فوائد القرصنة البيولوجية:

مما لا شك فيه أن بعض وسائل القرصنة البيولوجية آمنة بل ومفيدة. فمثلاً:

1- تعديل نظامك الغذائي قد يساعدك على الوصول لوزن صحي ويقيك من السمنة وتوابعها. 

2- كذلك الحد من بعض الأغذية التي تزيد الالتهابات في الجسم قد يساعد على تقليل التهابات العظام وآلامها.

3- قد يؤثر نقص بعض الفيتامينات (ب12 على سبيل المثال) على كفاءتك الذهنية والجسدية. مراقبة مستواها في الدم يساعدك على متابعة مدى فاعلية المكملات أو المغذيات التي تتناولها لتعويض النقص في هذه الفيتامينات.

4- الصيام المتقطع Intermittent fasting له عديد من الفوائد وفقاً لكثير من الدراسات التي وجدت أنه يحافظ على مستوى الانسولين بالدم منخفضاً. ومن ثم يساعد الجسم على حرق الدهون. كما يساعد على إصلاح الأنسجة التالفة في الجسم والوقاية من أمراض كالسرطان والسكري.

ولكن القاعدة العامة هي أن تتم استشارة الطبيب قبل اللجوء لمثل تلك الأساليب فقد تختلف أضرارها وفوائدها حسب الحالة الصحية للفرد. [3]

5- تطوير أجهزة تقيس الوظائف الحيوية للجسد أو تطوير البرمجيات التي تساعد في متابعة قراءاتها كما هو الحال في مشروع نايت سكوت والذي سنتحدث عنه تفصيلياً بالأسفل. [7]

6- يرى البعض أن بعض المنتجات التكنولوجية المقبولة والآمنة قد تسبب ضغطاً على شركات الأدوية والتكنووجيا العملاقة من أجل توفير منتجاتها بأسعار أرخص نسبياً. [7]

7- يرى البعض أن الاتجاه التقليدي في العلم والبيروقراطية والنظام الهرمي والضغوط داخل المجتمع الأكاديمي مثل ضغوط نشر الأبحاث والتمويل يحولوا دون التقدم بمعدلات أسرع. ويجعلوا البحث يحيد عن شغفه ويقل إبداعه. لذا فهم يرون أن في القرصنة البيولوجية وسيلة للثورة على تلك المنظومة. [7]

8- كذلك يرى الكثيرون أن توفير أدوات التكنولوجيا والابتكار بأسعار رخيصة نسبياً قد يتيح للباحثين الأكاديميين في الدول النامية الفرصة لأداء تجاربهم في ظلة ندرة الموارد وغياب التمويل الكاف. [7]

اعتراضات على القرصنة البيولوجية:

تتمحور الخلافات حول القرصنة البيولوجية في أمانها وخطورة بعض أنواعها على السلم العام. حيث قد يتسبب توفير أدوات التكنولوجيا المعقدة للهواة لاستخدامها في التجارب في وصوصلها للإرهابيين وعناصر العصابات. كذلك معظم الشرائح التي تزرع تحت الجلد وكثير من تقنيات التعديل الوراثي والكيماويت المستخدمة في تطور قدرات الجسد أو العقل لم يتم التأكد من سلامتها بشكل كامل. [7]

وقام قرصان بيولوجي مؤسس شركة أسّيندنس بيوميديكال (الارتقاء للطب الحيوي) Ascendence biomedical بزعم امتلاك شركته علاجات فيروس نقص المناعة المكتسب وفيروس الهربس. وقام بتجربة علاج الهربس المزعوم على نفسه في أحد التجمعات للقراصنة البيولوجيين. بينما قام بمساعدة مريض بفيروس نقص المناعة المكتسب على تجربة علاجه المزعوم لفيروس نقص المناعة وذلك قبل أن يتم إجراء تجارب كافية على الحيوانات. ولكن جاءت نتائج هذا المريض مخيبة للآمال. حيث زاد انتشار الفيروس في جسده بشكل عنيف.
وقد تعرض هذا القرصان البيولوجي لنقد من مختلف الجهات المتخصصة وأيضاً من بعض أفراد مجتمع القراصنة البيولوجيين. حيث وصف جوسيه زينار Josiah Zayner أحد رواد القرصنة البيولوجية تجارب هذه الشركة بأنها سخيفة وأنه لا يمكن الزعم بأن مركبات ما علاجية دو تجارب وبيانات واضحة. جدير بالذكر أن جوزيه اشتهر بحقن نفسه بتركيبة تعديل جيني علناً في أحد التجمعات الخاصة بالقراصنة البيولوجيين. وكانت الهدف من التركيبة زيادة كتلته العضلية. [8]

أمثلة حية على القرصنة البيولوجية:

مشروع نايت سكاوت Nightscout

كان هناك طفل مصاب بالسكري من النوع الأول. اشترى له والداه جهاز مراقبة متواصلة لمستويات السكر Continuous Glucose Monitoring Device. وذلك حتى يتمكنا من مراقبة التغيرات في مستويات السكر بدمه. لكن المشكلة أنهما لم يكن بوسعهما مراقبة تلك المستويات وهو بالمدرسة. ولأن والده مهندس برمجيات قام هذا الوالد بتطوير برنامج يرسل قراءات الجهاز بشكل متواصل إلى موقع تخزين على فضاء الإنترنت. وبالتالي يتمكن هذا الوالد من متابعة مستويات السكر بدم ابنه حتى وهو بالمدرسة. بعد أن قام الوالد بمشاركة قصته على مواقع التواصل نصحه البعض بمشاركة كود البرنامج.
بالفعل قام بطرح الكود على الانترنت ليتم تطويره بشكل مستمر من كل من لديه خبرة بالبرمجة. وقد أضاف له البعض تعديلات مثل ربطه بتطبيقات هاتفية معينة، إضافة إمكانية حساب السعرات المطلوبة أو كميات الكربوهيدرات المسموحة وفقاً لمستويات السكر، إضافة إمكانية حساب جرعات الأنسولين المطلوبة، وإضافة تنبيهات في حالارتفع او انخفض مستوى السكر بشكل خطر. [7]

قرصان بيولوجي يتم تغريمه لزراعة شريحة تذكرة سفره تحت جلده

أحد هؤلاء القراصنة البيولوجيين قام بنزع شريحة من كارت سفر وتغليفها ببلاستيك خاص. ثم قام بزراعتها تحت جلده. ورغم أن ماسحات الكروت تمكنت من قراءة الشريحة إلا أنه تم تغريمه على فعلته. [9]

شرائح تحت الجلد تعمل عمل المفاتيح

تتضمن الشرائح الإلكترونية التي يزرعها القراصنة البيولوجيون تحت الجلد كما ذكرنا سابقاً: شرائح قادرة على فتح الأبواب المصممة بحيث يكون ملحق بها أجهزة تقرأ هذه الشرائح  (بعض هذه الشرائح يتم تصميمه بحيث يحمل عدة أرقام كل منها مخصص لباب وذلك بدلاً من أن تحتاج شريحة لكل باب)، مغناطيسات حساسة صغيرة، وحتى بعض المصابيح الصغيرة التي تضيء تحت الجلد.

آمال جرافسترا مؤسس شركة أشياء خطرة Dangerous things تقوم شركته بتصميم العديد من تلك الشرائح. بعضها قادر على فتح الأبواب كما ذكرنا. كما تبيع شركته الأدوات التي يمكن للفرد العادي استخدامها في تصميم تلك الشرائح بأسعار زهيدة نسبياً.

بسعر يتراوح بين 40 وحتى 100 دولار يطرح القرصان البيولوجي امال جرافسترا Amal Graafstra الأدوات اللازمة لزراعة أجهزة تعريفية تحت جلدك. هذه الشرائح يمكن تصميمها بحيث تكون قادرة على أن تحل محل المفاتيح. كما أنه بإمكانها فتح أجهزة الأندرويد بمجرد لمسها. هذه الشرائح الصغيرة لا تحمل بطاريات ولا يتم توصيلها بشاحن. فهي تحصل على طاقتها من الجهاز الذي يتم توصيلها به. [10، 11]
يوضح الشكل التالي حجم هذه الأجهزة والذي يقل عن حجم عقلة الإصبع.

مؤسسة بحثية عسكرية تتابع القرصنة البيولوجية

أهم الجهات الرسمية المهتمة بابداعات القراصنة البيولوجيين ومتابعة لهم هي داربا DARPA. وتلك هي وكالة مشاريع الدفاع البحثية المتقدمة بجيش الولايات المتحدة The US military’s Defense Advanced Research Projects Agency. وهي تتابع منتجات القراصنة البيولوجيين بشغف. جدير بالذكر أن الأبحاث الخاصة بهذه الوكالة كانت السبب في خروج منتجات مثل السيارات ذاتية القيادة والجي بي إس والمنتج الذي تتابعنا عبره الآن عزيزي القارئ؛ الإنترنت. [8]

مقترحات لتقليل مخاطر القرصنة البيولوجية

1- تشجيع إدراج مشاريع القراصنة البيولوجيين تحت إشراف المؤسسات الاكاديمية بحيث يسهل متابعتها من المختصين.

2- كذلك تمكين القراصنة البيوليجيين من استخدام الأجهزة المعقدة والامكانيات التي تتوفر فقط بالمعامل الأكاديمية ومن ثم يكونوا أيضاً تحت أعين المختصين.

3- تمكين القراصنة البيولوجيين من تسجيل تجاربهم بطريقة رسمية قبل إجراءها.

في النهاية أخبرنا أنت عزيزي القاريء برأيك في تلك الحركة وهل تؤيد استمرارها بشكل مطلق أم بقيود؟ وما من وجهة نظرك القيود التي تراها مناسبة لتجنب الجانب السيء منها؟

المصادر:

  1. الصورة البارزة للمقال:
    Meet the Las Vegas biohackers who are trying to supercharge their bodies – Las Vegas Sun Newspaper
  2. Biohacking | Definition of Biohacking by Merriam-Webster
  3. Biohacking: Definition, Safety, and Top 11 Hacks for Beginners (healthline.com)
  4. How does nutrigenomics complement personalised nutrition?—podcast | Vitafoods Insights
  5. Half Human Half Cyborg ( More Coming Soon ) on Behance
  6. Intellia Presents First Data Supporting CRISPR/Cas9 HAE Gene Therapy Candidate (angioedemanews.com)
  7. Do-it-yourself (DiY) science: The proliferation, relevance and concerns – ScienceDirect
  8. Why I injected myself with an untested gene therapy – BBC News
  9. Biohacker fined for travel card implant – BBC News
  10. Bodyhackers: Bold, inspiring and terrifying – BBC News
  11. Amal Graafstra Sells a Kit so Anyone Can Be a Biohacker (businessinsider.com)

أيهما جاء أولًا: الدجاجة أم البيضة؟


من أكثر الأسئلة الجدلية، والقديمة قدم الحضارة الإغريقية نفسها. من قديم الأزل والإنسان يسأل عن أصل الأشياء. أرسطو نفسه سأل عن أصل الدجاجة، وقال إن الدجاجة والبيضة كليهما أزلي

. أما عن سؤالنا، فليس بالجديد أيضًا؛ فالفيلسوف اليوناني بلوتارخ طرح هذه المعضلة في وقت كان الفلاسفة فيه مشغولين بأصل الكون. تكمن المعضلة في أن البيضة تأتي من الدجاجة، والدجاجة تأتي من البيضة! كأننا في دائرة مفرغة، ولكن بالطبع أحدهما جاء أولًا، صحيح؟

من أين أتى الدجاج؟

علميًا، تطور الدجاج من الديناصورات. بداية من نوع من الديناصورات يسمى Proceratosaurus ووصولًا إلى دجاج الأدغال الأحمر Gallus gallus (Red jungle fowl)، ثم الدجاج المنزلي والمعروف باسم gallus gallus domestics (Chicken).

كان يعتقد أن تدجين الدجاج بدأ في حضارة وادي السند من 2000 سنة قبل الميلاد [1]، إلى أن ظهرت دراسة تعيد تدجين الدجاج إلى 6000 سنة قبل الميلاد. اعتمدت الدراسة على أدلة أثرية وُجدت في الصين، وجنوب آسيا، وأوروبا، وكذلك أدلة لها علاقة بالمناخ القديم في الصين. [2]

مع تطور العلم، وبالتحديد علم الأحياء الجزيئية، تأكد العلماء ممن انحدار الدجاج المنزلي gallus gallus domestics من دجاج الأدغال الأحمر [3].

انتشر الدجاج من موطنه الأصلي، وهو حضارة وادي السند في جنوب آسيا، إلى غرب وشرق القارة الآسيوية في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. وبحلول القرن الثامن الميلادي، وصل الدجاج إلى أوروبا عن طريق الفينيقيين.

كان الدجاج يستخدم قديمًا في الكثير من الاحتفالات والشعائر مثل وضعه في المدافن والتماثيل الطينية كما استخدمه الصينيون. أما الآن فالدجاج مختلف تمامًا؛ حيث يوجد بأشكال وأحجام مختلفة، وألوان جذابة ومتنوعة، كما أن صفاته تتناسب مع إنتاجه للبيض واللحوم. [4]

هل السؤال صحيح؟

“من أتى أولًا: الدجاجة أم البيضة؟” لا أريد أن أخيب آمالك، ولكن لا حاجة إلى أن تكلف نفسك عناء قراءة هذا المقال لكي تجيب على هذا السؤال! فأنت بالفعل من المفترض أن تكون استنتجت الجواب من الفقرة الأولى. فالديناصورات ما هي إلا أسلافًا للدجاج كما ذكرنا.

الطيور الحديثة مثل الدجاج تطورت من ديناصورات آكلة لحوم، والحلقة الوسيطة بينهما، مثل الآركيوبتركس، عاشت في العصر الجوراسي. وتخبرنا الحفريات أن أسلاف الطيور الحديثة عاشت في العصر الطباشيري. ما يعني أن الطيور جاءت بعد الديناصورات بفترة طويلة جدًا. [6]

الحفريات الأقدم لبيض الديناصورات تعود إلى 190 مليون سنة مضت، وحفريات الآركيوبتركس والتي تعتبر حفريات أقدم طائر معروف ومعترف به في الوسط العلمي، تعود إلى 150 مليون سنة مضت. [5]

بالعودة إلى السؤال العام: البيضة أم الدجاجة؟ نجد أن البيض في العموم ظهر قبل حوالي 340 مليون سنة مضت، وأول سلالة من الدجاج المعروف حاليًا ظهرت من حوالي 58 ألف سنة مضت.[3]

وبناءً على ما سبق، فالبيضة جاءت أولًا، ولكن هذه الإجابة ليست عن سؤالنا المقصود، بل هي مجرد إجابة على السؤال العام: البيضة أم الدجاج أولًا؟ بالتأكيد البيضة. فالديناصورات كانت تبيض، مثلها مثل الزواحف حاليًا. السؤال الصحيح يجب أن يُعنى ببيض الدجاج.

أيهما جاء أولًا: الدجاجة أم بيضة الدجاجة؟

بعدما طرح الفيلسوف اليوناني بلوتارخ هذا السؤال، حاول القساوسة مثل أوغسطينوس الإجابة عليه من خلال الكتاب المقدس. ووفقًا لسفر التكوين، فإن الدجاجة جاءت أولًا.

ومع تطور العلم ظهر فريقان، كل منهما بأدلة مختلفة. الفريق الأول سنسميه “فريق البيضة”، والثاني “فريق الدجاجة”:

فريق البيضة جاءت أولًا:

هذا الفريق يعتمد بشكل أساسي على نظرية التطور، فتطوريًا البيضة جاءت أولًا. وكما نشر الكاتب العلمي لدى هيئة الإذاعة البريطانية BBC، لويس فيلازون، مقالًا يستند فيه إلى أدلة تطورية لتدعيم موقفه، يوضح فيها قصة السلف المشترك وأن التغيرات الجينية التي تحدث في الحمض النووي لأجيال اللاحقة تؤدي في الغالب إلى بعض الخصائص المفيدة للكائن ليتكيف مع بيئته، وهذا ما يسمى بالانتخاب الطبيعي Natural Selection. [7]

من حوالي 10 آلاف سنة مضت كان يعيش سلف الدجاج الحالي، وهو دجاج الأدغال الأحمر Red Jungle Fowl، الذي ذكرناه سابقًا، في إندونيسيا. ومع تزاوج ذكر هذا السلف بالأنثى تنتج البويضة المخصبة أو الزيجوت ومع حدوث الطفرات التي تحدثنا عنها نتج الجيل الجديد وهي الدجاج الأبيض الذي نعرفه اليوم. [7]

فريق الدجاجة جاءت أولًا:

أما عن هذا الفريق، فيرى أن الدجاجة جاءت أولًا، وبالطبع يدعم موقفه بالأدلة العلمية. فبعد مقال لويس فيلازون، قام باحثون من جامعتي شيفلد و ورويك برفض تفسير الكاتب العلمي؛ حيث استخدموا حاسوباً خارقاً وقاموا بتطبيق آلية تسمى بال metadynamics ليروا مكونات البيضة، فاكتشفوا وجود بروتين يسمى ovocledidin-17 (OV-17) ويعمل هذا البروتين على تسريع عملية تكوين قشرة البيضة. وعلى هذا الأساس استنتجوا أن الدجاجة جاءت أولًا، لأن هذا البروتين مصدره الدجاج. [7]

وضح العلماء أن الطيور التي تبيض لا تستخدم بالضرورة نفس البروتين وهذا سبب سرعة تكون قشرة البيض عند الدجاج بنسبة أعلى من الطيور.

هذا ملخص القصة، فلا يوجد جواب نهائي على هذا السؤال الذي حير العلماء من أيام أرسطو. مجرد عرض وجهات النظر وعليك أنت أن تقرر عزيزي القارئ، ولن تلام إذا رجحت فريق على الآخر، فكلاهما تحدث بالعلم.

المصادر

  1. Google Scholar
  2. Food and Agriculture Organization. The State of the World’s Animal Genetic Resources for Food and Agriculture. (Rome, 2007)
  3. Australian Academy of Science
  4. Nature
  5. TIME
  6. BIGTHINK
  7. The University of Melbourne

فرصة لإجراء دراسات ما بعد الدكتوراة بيولوجي جامعة Lund بالسويد

فرصة لإجراء دراسات ما بعد الدكتوراة بيولوجي جامعة Lund بالسويد

تتناول فرصة ما بعد الدكتوراة بيولوجي جامعة Lund بالسويد مشروع بحثي لدراسة مقارنة لآلية النظر وعمل العين في أنواع مختلفة من الفراشات التي تعيش في ظروف بيئية مختلفة. يهدف المشروع البحثي للإجابة عن التساؤل المتعلق بتطور الأعين لدي الفراشات ومدي استجابتها للمؤثرات البيئية.

يتضمن المشروع البحثي قيام الباحث بإجراء دراسات علي أعين الفراشات بإستخدام تقنية micro-Computed Tomography.

تفاصيل

سينضم المُرشح الناجح إلى مشروع INVISMO (برئاسة Emily Baird، جامعة ستوكهولم) تحت إشراف مشترك مع PI Niklas Wahlberg. سيقوم المرشح الناجح بإجراء دراسة مقارنة للرؤية في الفراشات التي تعيش في بيئات مختلفة، من الغابات المغلقة إلى المروج المفتوحة. سيتم تنفيذ العمل مع الباحثين في مشروع INVISMO، ومجموعة علم الأحياء النظامية في قسم علم الأحياء في جامعة لوند، بالإضافة إلى شبكة واسعة من الزملاء الدوليين.

واجبات العمل

الواجبات الرئيسية التي ينطوي عليها منصب ما بعد الدكتوراة هي إجراء البحوث. يمكن أيضًا تضمين التدريس ، ولكن بما لا يزيد عن 20٪ من ساعات العمل. يجب أن يتضمن المنصب فرصة لمدة ثلاثة أسابيع من التدريب في التدريس لطلاب التعليم العالي والتعلم.

سيشمل مشروع ما بعد الدكتوراة توليد وتحليل صور التصوير المقطعي المحوسب لعيون الفراشة من مجموعة واسعة من الأنواع التي تعيش في بيئات مختلفة حول العالم.

سيتم تحليل البيانات التي الناتجة في إطار “الأشكال الجينية المقارنة – a comparative phylogenetic framework”، باستخدام الفرضيات الظاهرية الجينية الحالية، للتحقق مما إذا كان تطور رؤية الفراشة مقيدًا بالتطوير، أو ما إذا كانت الرؤية قابلة للتطور ويمكن أن تتطور بسرعة استجابة للتغيرات في البيئة.

يُتوقع من المرشح الناجح إجراء تحليلات مقارنة وتحليلات محتملة لـ “ديناميكيات التنويع – diversification dynamics”، باستخدام أحدث الخوارزميات والبرامج. يُفضل الخبرة في هذه التقنيات.

متطلبات التأهل

  • يتطلب التعيين في منصب ما بعد الدكتوراة أن يكون المتقدم حاصلًا على درجة الدكتوراة، أو درجة دولية تُعادل درجة الدكتوراة، ضمن توصيف الوظيفة، ولم يتخطى أكثر من ثلاث سنوات منذ آخر موعد لتقديم الطلبات.
  • في ظروف خاصة، يُمكن قبول درجات الدكتوراة منذ في فترة أكبر.
  • يجب أن يكون لدى المرشحين اهتمام كبير بالنظرية التطورية العامة وإظهار القدرة على العمل بشكل مستقل وفي فرق مع باحثين آخرين، بما في ذلك طلاب الدكتوراة والماجستير في الإشراف.

متطلبات إضافية

إجادة اللغة الإنجليزية تحدثًا وكتابةً إجادة كبيرة
الخبرة والمهارات في المجالات التالية ضرورية: التحليلات المقارنة للتطور – سجل حافل بالنشر في المجلات العلمية المعترف بها دوليًا.

سيتم إعطاء الكفاءة العلمية والقدرة على تطوير وتنفيذ بحث عالي الجودة في مجال الموضوع اهتمامًا خاصًا في تقييم المرشح.

لمزيد من المعلومات حول المتطلبات وشروط التقديم يُرجي زيارة هذا الرابط آخر ميعاد للتقديم: ٢٨ مايو ٢٠٢١.

تعرف على أهم الاختبارات الدولية اللازمة للدراسة في الخارج من هنا

كيف تؤثر الإضاءة على مزاجك؟

كيف تؤثر الإضاءة على مزاجك؟

من المحتمل جدًا أنك تقرأ هذا المقال في غرفتك مع وجود الإضاءة بجانبك. بالنسبة لمعظم الناس، تستلزم الحياة العصرية قضاء معظم اليوم في غرف مغلقة، جالسين مستغرقين في مجموعة من الإضاءات الاصطناعية والطبيعية. رغم أن الضوء الاصطناعي قد أتاح للبشرية إمكانيات لا تُحصى، فقد تسبب أيضًا في حدوث بعض الارتباكات في أجسامنا التي تطورت منذ آلاف السنين للاستجابة لمنبهات ضوء الشمس في النهار والظلام في الليل. تدعى هذه الاستجابة للضوء الطبيعي بدورة الساعة البيولوجية، تتأثر الساعة البيولوجية بشكل أساسي باستقبال الضوء، بالإضافة لدرجة الحرارة وغيرها من المحفزات التي تلعب أيضًا دورًا في هذه العملية.

توجد لدينا جميعًا ساعة طبيعية داخلية وهي جزء من الدماغ يسمى (ما تحت المهاد – hypothalamus) ومرتبطة بمستقبلات الضوء الموجودة في جميع أنحاء الجسم (مثل شبكية العين). هذه المستقبلات مسؤولة عن مزامنة الساعة الداخلية لدينا مع الضوء الذي نمتصه خلال اليوم. يعد فهم الدورة اليومية أمر ضروري، لأنه يؤثر على الجسم البشري ويؤثر على النوم والمزاج واليقظة والهضم والتحكم في درجة الحرارة وحتى عمليات تجديد الخلايا. تظهر الأبحاث أن وجود كمية كافية من الضوء يحسن مستويات الحالة المزاجية والطاقة، في حين أن الإضاءة السيئة تساهم في الاكتئاب وأوجه القصور الأخرى في الجسم. كما تؤثر كمية ونوع الإضاءة بشكل مباشر على التركيز والشهية والمزاج والعديد من جوانب الحياة اليومية.

ولكن كيف يمكن أن يكون لدينا دورة يومية صحية إذا قضينا معظم وقتنا في بيئات مغمورة بالضوء الصناعي؟ أو إذا كان آخر شيء نقوم به قبل النوم وأول شيء نفعله عندما نستيقظ هو فحص هواتفنا؟ كيف يمكن للمهندسين المعماريين استخدام الإضاءة لتعزيز الساعة البيولوجية الصحية، وبالتالي، جعل حياتنا صحية أكثر؟

يوصي الباحثون بمحاكاة دورات ضوء النهار الطبيعي باستخدام المصابيح الصناعية. حيث يُنصح باستخدام مصابيح أكثر إشراقًا وأقوى في الصباح وخلال النهار، في حين يُنصح باستخدام مصابيح خافتة لليل. يمكن أن تتسبب الإعدادات المعاكسة لذلك في إرباك إيقاع الساعة البيولوجية، أو تغيير مواعيد النوم لدينا، أو تؤدي إلى انخفاض طاقتنا طوال اليوم. أظهرت دراسة من جامعة تورنتو أهمية قوة الضوء في اتخاذ القرارات، حيث أظهرت أن الأضواء الساطعة تكثف من رد فعلنا العاطفي الأولي للمحفزات وأن آثاره يمكن أن تكون إيجابية وسلبية على حد سواء.

درجة حرارة الضوء

تؤثر درجة حرارة لون الضوء بشكل كبير على جسم الإنسان. وعادةً ما يتم تقديرها بالكلفن (K)، فكلما ارتفعت درجة حرارة الضوء، كان الضوء أكثر إشراقًا وبرودة ويميل للأزرق. في هذه الحالة، لا يشير “دافئ” و “بارد” إلى الحرارة المادية الفعلية للمصباح، ولكن إلى لون الضوء. الأنوار الدافئة تجعل البيئة تشعرك بمزيد من الترحيب والاسترخاء. في حين أن الأضواء الباردة تجعل البيئة أكثر تحفيزًا، فهي تجعلنا نشعر بمزيد من اليقظة والتركيز، ويمكن أن تزيد من مستويات الإنتاجية.

ويُعتقد أيضًا أن الضوء الأزرق يقلل من مستويات هرمون الميلاتونين المرتبط بالنوم، مما يجعلنا نشعر بمزيد من اليقظة. وتنبعث من خلال شاشات أجهزة الكمبيوتر والهاتف المحمول كثيرًا من الضوء الأزرق. بحيث يمكن لفحص البريد الإلكتروني الأخير قبل النوم أن يجعل نومنا أقل راحة. ولكن عند استخدام الضوء الأزرق البارد بذكاء، يمكن أن يكون مثاليًا للمساحات التي يحتاج فيها العقل إلى العمل بأقصى سرعة، مثل غرف الاجتماعات والمطابخ الصناعية وحتى المصانع، حيث يكون المتوقع التركيز العالي والانتباه.

تتوافق الإضاءات الصفراء مع فترة الغسق أو الفجر، وهي أوقات يكون فيها الجسم عمومًا أكثر استرخاءًا. هذا أمر منطقي، إذا اعتقدنا أنه حتى وقت قريب لم يكن يتعرض البشر لأضواء عالية الشدة في الليل، ولكن ببساطة كان الليل لضوء القمر والنار. ولذا تميل الإضاءة الضعيفة وغير المباشرة والدافئة إلى جعل البيئات أكثر هدوءًا وراحة. وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يكون اختيارًا جيدًا لبيئة عمل تتطلب الكفاءة والإنتاجية، إلا أنه قد يكون مفيدًا جدًا لمطعم أو منطقة استراحة أو غرفة نوم.

الإضاءة الطبيعية

يتفق الخبراء على أن الاستفادة من أشعة الشمس أثناء النهار، وتجنب التعرض المباشر للضوء البارد أو الأزرق في وقت النوم. يمكن أن يحسن نوعية النوم ويؤثر إيجابًا على رفاهية الناس وإنتاجيتهم. وعلى الرغم من أنه من المستحيل التحكم في إضاءة جميع البيئات والفراغات التي نعيش بها، فإن إدراك تأثيرات الإضاءة على أجسامنا، يمكن أن يجعلنا نفكر مرتين في بعض الخيارات التي نتخذها بدون أي تردد، سواء كان ذلك شراء هذا المصباح الذي يوجد عليه تخفيض كبير، أو حتى مجرد التحقق من هاتفنا آخر مرة قبل النوم.

 

المصدر: مقال Eduardo Souza من موقع ArchDaily

Exit mobile version