ما هي تقنيات إنتاج الهيدروجين؟

هذه المقالة هي الجزء 17 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

يزداد استخدام الهيدروجين عامًا بعد عام، وأصبح يُنتج بشكل واسع عما كان عليه في تسعينيات القرن الماضي. إلا أنه مؤخرًا أصبح محور اهتمام الدراسات التي تركز على استخدامه كوسيط للطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية في سلسلة محطات إنتاج الطاقة، وأسواق النقل. فما هي تقنيات إنتاج الهيدروجين؟

تواجد الهيدروجين في الطبيعة

بالرغم من توافر الهيدروجين في الكون؛ لتواجده في الطبيعة مقترنًا بعناصر أخرى كالكربون والأوكسجين؛ إلا أن استخدامه بصورته النقية الجزيئية يتطلب خضوع الخام من المواد إلى عمليات إنتاجية قد تكون مكلفة في آن، ومن الصعب تطبيقها على مدى واسع.

أهمية الهيدروجين في الصناعة

بالرغم من إشكالية إنتاج الهيدروجين بصورته الجزيئية، إلا أنه يضل عنصرًا مهمًا لكثير من التطبيقات الصناعية، ويدخل في مجالات عديدة، منها:

استخدامات الهيدروجين في مجال الوقود

الاستخدامات التجارية في معالجة الزيوت الثقيلة والنفط، إما لغرض تنقيتها من الشوائب أو لمعادلة نسبة الكربون في الوقود. وتسمى العملية بهدرجة النفط، بحيث يتم استخدام الهيدروجين لمعالجة النفط الخام كمرحلة من عملية التكرير.
الهدرجة تعرف بأنها تفاعل كيميائي يتم من خلاله إضافة الهيدروجين إلى مركب آخر. عادة ما يستخدم هذا التفاعل لتقليل أو تشبيع المركبات العضوية. 

استخدامات الهيدروجين في الصناعات الغذائية

أيضًا يدخل في الصناعات الغذائية؛ بالأخص في عملية هدرجة الزيوت والدهون المصنعة، وفي معالجة المعادن،  وإنتاج الأمونيا التي تستخدم في عمليات صناعة السماد الزراعي، وغيرها. مثلما ذكرنا مسبقًا، من النقاط التي تؤخذ بعين الإعتبار بل وأهمها على الإطلاق في استراتيجيات استخدام الهيدروجين في انتاج الطاقة هي عدم تواجده بصورته الجزيئية كالنفط، والغاز الطبيعي. فهو ينتج كما تنتج الكهرباء من مواد أولية ذات طاقة كامنة، تتحول هذه الطاقة إلى صورتها الكهربائية باستخدام آليات مختلفة، وذات مراحل متعددة.

تقنيات إنتاج الهيدروجين

الهيدروجين في حالته الجزيئية يمكن إنتاجه من مصادر مختلفة، وبعدة طرق تصنيعية.
في مجال انظمة الطاقة، الهيدروجين يعتبر أفضل ما يمكن إيجاده كوسيط للطاقة، أقرب إلى الكهرباء منها إلى الوقود الأحفوري المستخرج من باطن الارض.
فمن الممكن إنتاجه من أي وقود هيدروكربوني، فالوقود بحد ذاته يحمل جزيئات الهيدروجين في سلسلته الجزيئية. بالإضافة إلى إمكانية إنتاجه من عدة مواد بيولوجية أخرى كالسكر مثلًا، والماء.
عملية فصل الماء والتي تستخدم لاستخراج الهيدروجين تسمى بعملية التحليل الكهربائي، وهي أقدم عملية كهروكيميائية معروفة، وتعتبر أحد أكثر تقنيات إنتاج الهيدروجين التي تخضع للبحوث، والتجارب المعملية.
الهيدروجين بشكل رئيسي ينتج اليوم عبر عملية إصلاح البخار للغاز الطبيعي، لكن أيضًا ينتج عبر عملية تحليل الماء، وكمنتج ثانوي لعمليات صناعية أخرى مثل عملية الكلور القلوي.

عملية إصلاح بخار الميثان 《Steam Methane Reforming》

هي عملية يتم فيها تفاعل الغاز الطبيعي، أو أي بخار لغاز حيوي، أو غاز مرادم مع بخار الماء الذي يمرر في وجود عامل حفاز فلزي بالعادة لإنتاج غاز الإصطناع المكون من الهيدروجين و ثاني أكسيد الكربون.
نسبة إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي تعتبر الأعلى كفاءة بنسبة تصل إلى ٧٢% في وجود درجات حرارة منخفضة بالنسبة لمجال درجات الحرارة المطلوب لإنجاز العملية.
يستعمل الهيدروجين الناتج عن العملية كمادة أولية لخلايا الوقود.
كفاءة العملية من الممكن أن تقل إن كانت مصادر الميثان تتضمن الكبريت، أو أي شوائب. بالتالي هذا يتطلب دخول المادة عملية معالجة أولية، وتنقية لإزالة الشوائب من البخار.
إلى أنه بشكل عام، تنتج هذه العملية غاز إصطناع غني بالهيدروجين بنسبة 70-75%، مع وجود نسب صغيرة من الميثان 2-6%، وأول 7-10%، وثاني أوكسيد الكربون 6-14%.

عملية تغويز الفحم والهيدروكربونات 《Gasification of Coal and Other Hydrocarbons》

يمكن إنتاج الهيدروجين عبر عملية أكسدة جزيئية للفحم، أو أحد مصادر الهيدروكربونات الأخرى، بقايا الزيوت الثقيلة. يتفاعل الوقود الهيدروكربوني مع الأوكسجين بنسبة أقل من النسبة المتكافئة، لإنتاج خليط من أول أكسيد الكربون، والهيدروجين تحت درجات حرارة تتراوح بين ١٢٠٠ إلى ١٣٥٠ درجة مئوية.

عملية التحليل الكهربائي للماء《Electrolysis of Water》

هي عملية فصل جزيئات الماء مباشرة إلى هيدروجين وأوكسجين عبر تمرير تيار كهربائي في خلية كهربائية بوجود عامل حفاز يسمى إلكتروليت.
e- + H2O -> ½ O2 + H2
النوعان الأساسيان لأجهزة التحليل الكهربائية هي:
النوع الأول المسماة بالقلوية عبر إستخدام الإلكتروليت هيدروكسيد البوتاسيوم، والثانية ما تسمى ب PEM  خلية وقود غشاء تبادل البروتون، و التي يستخدم فيها الإلكتروليت الصلب والذي يتكون من غشاء من البوليمر الصلب.
بالعادة يتم الاستفادة بشكل كبير من الأوكسجين المنتج من هذه العملية في عدة مجالات مثل: استخدامه في إثراء المخزون الأوكسجيني للمنازل الخضراء المستخدمة في عمليات إنتاج الغذاء.

تقنية إنتاج الهيدروجين من الغاز الحيويHydrogen from》 Biomass》

تقنيات تحويل الغاز الحيوي من الممكن تقسيمها إلى:
عملية تعتمد بمبدأها على الكيمياء الحرارية، أو الكيمياء الحيوية.
العملية المعتمدة على الكيمياء الحرارية تعتبر أقل تكلفة بسبب عدم تواجده حد حراري، وبالتالي العملية تحدث في درجات حرارة عالية مسببة نمط عالي متردد من التفاعلات. هذه التفاعلات قد تتضمن تفاعلات تغوير، أو تحليل حراري في غياب الأوكسجين، منتجة بذلك بخار غني بالهيدروجين هذا الغاز يسمى بسينجاز.
سينجاز يعتبر خليط من غازي الهيدروجين، وأول أوكسيد الكربون.

تقنية خلايا الوقود عالية الحرارة 《High Temperature Fuel Cells》

تنقسم تقنية خلايا الوقود إلى تصميمين الأول يعتمد على كربونات سائلة MCFC، والثاني يعتمد على الأكاسيد الصلبة SOFC.
التقنية تعمل تحت درجات حرارة عالية، مستخدمة وقود الميثان مباشرة، يحدث داخلها مرحلة التفاعل المسماة بالتشكيل الداخلي، والتي يتنج منها الهيدروجين.
هذه التقنيات لا تحتاج هيدروجين نقي مثل خلايا وقود غشاء تبادل البروتون المذكور سابقًا، وحمض الفسفوريك، ولكن من الممكن أن تعمل مباشرة بالغاز الطبيعي، والغاز الحيوي.
بالإضافة إلى أن هذه الأنظمة من الممكن تصميمها لإنتاج هيدروجين نقي يستخدم كوقود للسيارات.

المصادر:

Summary of Hydrogen Production and Storage Systems.
Geopolitics of the Energy Transformation: The Hydrogen Factor – IRENA

هل يمهد الغاز الطبيعي للاقتصاد الهيدروجيني؟

هذه المقالة هي الجزء 15 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

الاقتصاد الهيدروجيني يقودنا نحو مستقبل أقل سُمْية، فما هو دور الغاز الطبيعي في أخذ الخطوات الأولى نحوه ذلك المستقبل؟ سنعرف ذلك في هذا المقال، ولكن لنبدأ بمعرفة معضلة الوقود الأحفوري والتي قادتنا للهيدروجين الأخضر بالأساس.

معضلة الوقود الأحفوري

لطالما كان البحث عن بديل للوقود الأحفوري الشغل الشاغل لدى السواد الأعظم من الباحثين منذ آواخر القرن العشرين؛ وذلك للدور المحوري للوقود في الاقتصاد تزامناً مع احتياجنا إلى بديلٍ يمكن أن يَحلَّ محلَ الوقود الأحفوري بنفس الكفاءة والوفرة؛ وما قد يؤديه اعتمادنا الهائل عليه من قلق حيال قدرتنا على استمرارية استخدامه لاسيما في ظل التداعيات البيئية التي نتجت عن استهلاكه المُفرط على نطاق واسع.

مما لا شك فيه أن سهولة استخراج ومعالجة الوقود الأحفوري، إضافةً إلى الطاقة العالية التي تمتلكها جزيئاته جعلت منه مصدراً يصعب الاستغناء عنه والحصول على بديل أفضل أو على أقل تقدير مساوٍ له.

وهنا اتجهت الكثير من الدراسات صوب استبدال الوقود الأحفوري بمصادر الطاقة المتجددة، إلا أن جميعها قد فشل في تعويض الأول بالشكل الكامل، باستثناء بديل واحد أثبتَ فعاليته، ويُمكن اعتباره قفزة نوعية متقدمة في مجال الوقود البديل، ألا وهو الوقود الهيدروجيني.

تعقيدات استخدام الهيدروجين كوقود:

في البداية يجب أن نعرف أن استخدام الوقود الهيدروجيني بصورة سلسة ونقية ليس بالأمر الهين بتاتاً. حيثُ من جهة؛ عملية استخراجه تعوزها السهولة التي نجدها عند استخراج الوقود الأحفوري، مالم يتم إيجاد طرائق بديلة ناجعة تمكننا من استخراجه بكميات كبيرة لتغطية احتياج السوق العالمية بالصورة الكافية، قد لا يمكن الركون اليه بديلاً عن الوقود الأحفوري عملياً.

مما لا ريب فيه أن استخدام الهيدروجين كوقود احتراق داخلي يمنحُنا كفاءة عالية – بالنَّظر إلى سرعة احتراقه، وانتشاره؛ وتفاعله العالي؛ وحاجته إلى طاقة بسيطة للاشتعال [1] – ويخفض من نسب الغازات المسببة للاحتباس الحراري؛ على رأسها ثاني أكسيد الكربون. إلا أن احتراق الهيدروجين بوجود الهواء والذي يحتوي على نسبة عالية من غاز النيتروجين يؤدي إلى زيادة عالية في نسبة أكاسيد النيتروجين، والتي تعتبر إلى حد ما أكثر كارثية من أكاسيد الكربون، علاوةً على وجود نواتج أخرى منها؛ بيروكسيدات الهيدروجين، والتي لا تَعرف إلى يومنا هذا أخطارها الجسيمة على المناخ بسبب وجودها بكميات كبيرة. 

الغاز الطبيعي كوسيط:

من هنا أتت الحاجة لحل وسط يؤدي إلى تقليل الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري، وبنفس الوقت الاستفادة من الخصائص التي يتوقع أن يقدمها لنا الهيدروجين كوقود. وهو اللجوء لاستخدام الغاز الطبيعي المضغوط ملقحاً بكميات معيارية من الهيدروجين، مقللاً من سلبيات استخدام كلا منهما على حدة، وفاتحاً بوابة مستقبلية نحو اقتصاد جديد من المحتمل أن يصعد باقتصاد الهيدروجين لمرحلة أكثر وضوحاً [3-2].

 حريٌّ بالذكر، أنه، وتحت الظروف المتكافئة لأي محرك احتراق داخلي، يمكن للمزيج أن يعطي كفاءة أعلى وغازات سمّية أقل مع الوضع بعين الاعتبار أن التحكم بالنسبة المضافة من الهيدروجين ونسبة الهواء إلى الوقود أو ما يسمى بـ[اللمدا]هما العاملان الأساسيان لإعطاء خليط مناسب. حيثُ ينبغي أن تكون النسبة تحديداً 15% هيدروجين بنسبة هواء إلى وقود مساوية لـ 1.4 لأداء أفضل وعوادم أقل، إذ أنهُ لا حاجة عندئذٍ لأي تعديل أو تطوير في أجزاء المحرك، وذلك ما يجعله مصدراً يمكن استخدامه بصورة أسرع في أي محرك تقليدي بإضافاتٍ بسيطة تُعنى بمخزون هيدروجيني وتقنية خلط مبسّطة [4]. 

مما سبق عرضه يسوقنا التطلع إزاء تلك التقنية أنها من المرجح أن تغدو خطوة أولى لمرحلة جديدة يُتَقَبَّلُ فيه الهيدروجين بوصفه بديلاً للوقود في حين استمرار الدراسات على التقنيات المختلفة التي يرجو منها الباحثين والعلماء تسهيل استخدامه دون الحاجة لأي وسيطٍ آخر. مع التنبيه لوجود الومضات الأولية لبداية المجتمع الهيدروجيني في اليابان وبعض الشركات الرائدة في مجال السيارات التي بدأت تتخذ خطوات أكثر عملية وجرأة للتوجه تجاه تقنية الهيدروجين [8-5].

المصادر:

[1] An Introduction to Combustion: Concepts and Applications

[2] Extension of a Lean Operating Limit for Natural Gas Fuelling of a Spark Ignition Engine Using Hydrogen Blending

 [3] Hydrogen Blended Natural Gas of a Operation of a Heavy Duty Turbocharged Lean Burn Spark Ignition Engine

[4] Use of Blends of Hydrogen and Natural Gas in Urban Vehicles in the Transition Towards an Hydrogen Economy

 [5] TOSHIBA 2020, The world´s largest-class hydrogen production

[6] Toyota UK 2020, Toyota to build a hydrogen-powered city of the future 

[7] </Toyota 2020, Hydrogen for All/A Fuel for the Future

[8] <Hyundai 2020, Hyundai’s leading Fuel Cell technology,  

Exit mobile version