7 طرق لجعل بيئة التعلم ممتعة وجذابة

هذه المقالة هي الجزء 8 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

هل ولّى زمن المحاضرة؟ حيث وقف المعلم وسط الفصل وعيون طلابه منصبة عليه ومنتبهة! سواء أكانوا مشاركين أم لا، فإنهم يميؤون موافقةً على أي شيء وكل شيء يقول! وبالطبع تعلو أصواتهم بـ “نعم” مجيبين على سؤاله “أفهمتم؟”

مع صعود الجيل Z، يكتشف المعلم أن من ظن أن لا صوت لهم، يمتلكون صوتًا يعلو ولا يهدأ حتى يُجاب ويُسمع. ويكتشف أنه مع كل الأدوات المتاحة، بَعُدَ العالم عنهم فقط بضغطة زر. وباتوا يعرفون عن العالم أبعد مما يقدم لهم المنهج الأكاديمي المقتصر على الكتب. ولكنهم يرون العالم من عيون غير عيونهم، ويفهمونه بعقول غير عقولهم. لذلك؛ أصبح واجب المعلم أن يحفز تلك العقول لتشكل منظورها الخاص، ولتندمج في العملية التعليمية كاندماجهم في الأنشطة الترفيهية، وتبقى هذه العملية صعبة على المعلم لما يصاحبها من ملل عند الطلاب.

يتذكر الطلاب المعلومات بشكل أفضل عندما يشاركون في العملية التعليمية، ويتعاظم بداخلهم شغف التعلم وحبه [1]. لذلك نسرد لكم في السطور القادمة 7 طرق لجعل بيئة التعلّم في الصف ممتعة وجذابة.

1. اجعل عملية التعلم تجربة شخصية

اتفقنا سابقًا أن كل طالب فريد في ذاته، بأسلوب تعلمه الحسي، وصعوبات تعلمه إن وجدت، وشخصيته التي شكلتها بيئته وظروف تعلّمه واهتماماته. وإذا استمرت العملية التعليمية متجاهلة كل هذه العوامل، ومتجاهلة احتياجاته في المنهج المُقدَّم، ستظل الفجوة موجودة. مما سيؤدي إلى انفصال الطالب عن البيئة التعليمية وعن المعلم وهو ما نلحظه اليوم بالفعل. لذلك؛ على المعلم احترام ما يعرفه الطالب عما سيقدمه، عاصفًا بذهنه بأسئلة، أولًا ليدلوا الطلاب بما يعرفون، ومضيفًا إليهم الجديد. [4] [1]

2. تواصل لتفاعل أفضل

إن الصف دون مشاركة فعليّة من الطلاب لا يُعد فعّالًا كفاية، ولا يضمن فهمًا تامًا للمادة المقدّمة. لذلك على المعلم أن يشجّع المشاركة الفعالة داخل الصف. وليس الأمر بالعملية المعقدة إطلاقًا. ببساطة، تفاعل مع طلابك، واسألهم لتعرف عنهم أكثر، واسمعهم لتفتح بينكم مجالًا ليعبّروا عن آرائهم بأمان وحرية. فطلابك إذا شعروا بأن آراءهم مسموعة ومفهومة، ستكون عملية التعلم أسهل وأكثر إمتاعًا.

هناك سبع قواعد للتواصل:

  • كن واضحًا: على المعلم أن يكون واضحاً بشأن هدفه المرجو من الصف أو رسالته إلى الطلاب. وذلك من خلال تقليل عدد الأفكار المطروحة، والتأكد من سهولة فهمهم للمعلومة المراد إيصالها عن طريق تقسيمها في صورة وحدات متبوعة بأسئلة تقيمية تتناول كل جزء للتأكد أنهم فهموا ولتحديد مواطن الالتباس. فلا يجب على الطلاب الافتراض وقراءة ما بين السطور، بل أن يستنتجوا بناءً على الأدوات التي قدمها لهم المعلم، فلا يسألهم عما لم يشرحه.
  • كن موجزًا: يجب أن تكون المعلومة المراد إيصالها موجزة. فلا داعي لاستخدام جمل حشوية غير ضرورية ولا لتكرار المعلومة أكثر من مرة، ولا للتعليق على ما تفعله مثل قولك “الآن سأقوم بفتح هذا الجهاز”، ولا حاجة لتكرار ما قاله الطلاب بالفعل، دعهم يأخذون فرصة للاهتمام والاستماع لزملائهم.
  • كن واقعيًا: يجب أن تكون المعلومة واقعية/قابلة للتخيل ومترابطة في تقديمها، ومع ما يمثلها من صور أو تجربة أو إسقاط.
  • لتكن معلوماتك صحيحة: يجب التأكد من صحة المعلومة، وليس علميًا فقط، بل والتحقق من ملاءمة مستوى الخطاب أو المعلومة للطلاب حسب السن والثقافة والمستوى التعليمي والمعرفي لهم.
  • لتكن معلوماتك مترابطة: وذلك من خلال التأكد من ترابط المواضيع التي يتم عرضها في الصف. يجب أن تكون جميع النقاط متصلة وذات صلة بالموضوع الرئيسي.
  • لتكن معلوماتك كاملة: يجب أن تكون المعلومة المراد إيصالها كاملة، أي يجب أن تتضمن كل ما يحتاجه الطلاب لفهم الموضوع. وإن كانوا سيؤدون نشاطًا معينًا، فعليهم معرفة ما يجب عليهم فعله بشكل واضح ومحدد.
  • كن لطيفًا: من صفات المعلم الناجح أن يكون لطيفًا. عليك ألا تستخدم الإهانات الخفية أو العبارات العدوانية السلبية. وكن متعاطفاً مع وجهات نظر طلابك واحتياجاتهم، وتفهم مشاكلهم والصعوبات التي قد تواجههم خلال عملية التعلم.

3. استخدم ما عرفته عنهم لتوصيل المعلومة إليهم

بعد أن عرفت عنهم أكثر، وفهمت ثقافاتهم واهتماماتهم، استخدم هذه الاهتمامات في توصيل المعلومات إليهم. كما عليك أن تستخدم أساليب التعلم الحسية في توصيل هذه المعلومات. استخدم الوسائل الصوتية والمرئية في عرض المحتوى.

واحرص على إضافة عنصر الحركة إلى الصف، إذ يتعلم الطلاب عن طريق الألعاب أو استخدامها في تطبيق ما تعلموه، وذلك طبعًا بالإضافة إلى إشراكهم في عمل التجارب والتطبيق العملي مثلًا. فقد أظهرت الأبحاث أن الحركة يمكن أن تساعد على تحسين الوظائف الإدراكية والذاكرة. [7] [3] [2]

4. قدّر تطورهم

قد يأخذ بعض الطلاب وقتًا أكثر من أقرانهم لفهم المعلومة أو لعمل نشاط ما، وقد يكون ذلك لأنهم يعانون من صعوبة تعلم ما، مثل قصور الانتباه وفرط الحركة، أو عسر الكتابة، أو عسر الحساب، أو غيرها؛ أو فقط لأن المعلومة لم تصلهم بشكل كاف. يُثبط تراجع هؤلاء الطلاب المتأخرين عن زملائهم من حماسهم ورغبتهم في التعلم. ومن الأساليب التي تجعل بيئة الصف ممتعة وجذابة هي أن تشجع طلابك كلما أحرزوا تقدمًا، حتى وإن كان بسيطًا. ولكن احذر أن تمدح أشخاصهم لئلا يأخذهم الغرور، امدح عملهم فقط. وهذا يجعل طلابك مندمجين كليًا معك وفي محتوى الصف وفي عملية التعلم ككل. [4]

5. استخدم التكنولوجيا

لا يستطيع الطلاب في هذا العصر الفكاك من قبضة هواتفهم المحمولة وحواسبهم النقالة. حتى أن بعض المدارس قد ألغت الكتب الورقية واستبدلتها بالتابلت. لذلك سيكون من الأفضل استخدم الشاشات الزرقاء لتعزيز المشاركة بمختلف أشكالها سواء أكنت تدرس أونلاين أو بداخل الفصل نفسه. يتيح موقع Padlet وما على شاكلته فكرة حائط المشاركة؛ إذ يدخل الطلاب بكود الحائط ويدلون بمشاركتهم. تضمن فكرة Padlet للطلاب الخجولين التعبير عن أنفسهم مثلهم مثل الطلاب أصحاب الصوت العالي دون خجل أو وجل.

وإذا كنت من المعلمين الذين يقدمون المحتوى من خلال عروض تقديمية (PowerPoint)، فيمكنك استخدام عروض تفاعلية والتي يوفرها موقع ahaslides. إذ يستطيع الطلاب التفاعل مع المعلم ومع بعضهم البعض من خلال الوجوه التعبيرية والتصويت على الإجابات. حتى أنه يمكنك عمل اختبارات مباشرة لقياس مدى معرفة الطلاب بالدرس الذي تقدمه مثلًا. كما يمكنك تصميم ألعاب خاصة بالصف على موقع Kahoot، بالإضافة إلى الألعاب التعليمية التي يوفرها الموقع مجانًا.

6. عزز التعاون بين الطلاب

تحرر أساليب التعلم الحديثة المعلم من قيود كونه مصدر السلطة والمعلومة الأوحد في الصف. وتؤكد على أهمية التعاون بين الطلاب بنفس قدر التعاون بين الطلاب والمعلم. وكذلك، أصبحت مهارة العمل في مجموعات مهارة أساسية على المعلم غرسها في المتعلمين الصغار والكبار؛ لأنها ستساعدهم لاحقًا في حيواتهم العلمية والعملية، بالإضافة إلى أنها مهارة مطلوبة في أسواق العمل. وبغض النظر عن ذلك، فإن تعزيز التعاون بين الطلاب يجعلهم منخرطين دائمًا في المهام، سواء أكانوا ينجزونها بأنفسهم أو يساعدون الآخرين في إنجازها. [1]

7. اجعل بيئة التعلم إيجابية

لتحقيق النقطة السابقة، عليك أيها المعلم أن تضمن أنّ بيئة التعلم بداخل الصف بيئة إيجابية. وتعني كلمة إيجابية هنا أن تكون بيئة التعلم آمنة وداعمة، حيث يحترم الطلاب بعضهم البعض ويقدرون أنفسهم، وبعضهم، والمعلم. ولهي مسؤولية المعلم خلق هذه البيئة وذلك عن طريق وضع اتفاقية بينه وبين طلابه تحدد سَنن التصرف والتعامل بداخل الصف. وإذا انتهك أحد الطلاب الاتفاقية الموضوعة، فعلى المعلم أن يتعامل مع من أساء التصرف بطريقة آمنة له ولزملائه. فلا يترك الأمر دون تعليق لأن هذا سيهدد الثقة والاحترام بين الطلاب والمعلم. وامدح، على الصعيد الآخر، تصرفات الطلاب الإيجابية وشجعها. [6] [4]

المراجع:

  1. Active learning: Creating excitement in the classroom
  2. Movement and learning
  3. The physical classroom: A guide to active teaching and learning
  4. Teachingutopians
  5. World of Work Project: The 7 C’s of Communication
  6. 13 Ways to Create a Positive Learning Environment in Your Classroom
  7. Does Learning Through Movement Improve Academic Performance in Primary Schoolchildren? A Systematic Review

10 صفات للمعلم الناجح، تعرف عليها

هذه المقالة هي الجزء 1 من 18 في سلسلة مقدمة في التدريس للبالغين

لطالما كان رمز المعلم جليًا في المدارس في جميع الحضارات. فهو صورة أفلاطون في ميدان الأجورا، وصورة شيخ العمود في الجامع يلتف حوله تلاميذه، والمُعلم في المدرسة في العالم الحديث. وإذا دققنا في الصورة، سينبثق في عقولنا هذا السؤال: ما الذي يجذب هؤلاء لهذا؟ ما الذي يجبر الطلاب على الالتفاف حول ذلك المعلم دون ذاك؟ الرغبة في الحصول على العلم، بالطبع! وعلى الرغم من بديهية إجابة السؤال، إلا أن الإجابة أعمق من ذلك بكثير. فهي عدة صفات في المُعلم تجذب طالبي العلم، وتجعل آخرين ينفرون منه. وفي هذا المقال نسرد بعض تلك الصفات التي يجب أن يتحلى بها المُعلم في العالم الحديث أو دعونا نقول صفات للمعلم الناجح.

1- خبيرًا

إن لم يكن المُعلم ما يحمله لقبه، فما الفائدة؟ فمن صفات المعلم الناجح أن يكون مُلمًا ليس فقط بما يُقدم، بل بجوانب ما يقدم. فالعلم وحدة واحدة، وكلٌ يصب في الإناء ذاته بشكل أو بآخر. وشرح المعلم لما يقدمه في سياق وفي علاقة اتصاله بما حوله يمنح الطالب منظورًا واسعًا وشاملًا للعالم. ويزيد ذلك من فضول الطالب لاكتشاف العالم من حوله، ويضع قدميه على ثوابت تساعده في رحلته فيما بعد. 

ولا يكفي معرفة المُعلم بمادته، بل عليه أيضًا أن يعرف كيف يوصّل هذه المعلومة في صورة سهلة سلسة بسيطة يشترك في فهمها المُعلم وطالبه. ولكن كيف سيشتركان فيها دون علاقة تميزها الثقة بينهما؟ هذه هي المهارة الثانية.

2- يعرف كيف يبني علاقة بينه وبين الطالب

يُقال إن المعرفة تتبع الأصالة. في بحث نشرته مجلة National Communication Association، Communication Education، يرى الطلاب امتلاك المعلم لأسلوب يميّز تدريسه شيئًا إيجابيًا. ولكن يبقى السؤال، كيف للمُعلم بناء علاقة بأسلوب أصيل ومميز بينه وبين الطلاب[1]. يقول البروفيسور زاك جانسون من جامعة كاليفورنيا والبروفيسور سارة لابيل من جامعة تشابمان في دراستهما أن على المُعلم استغلال الوقت قبل وبعد الفصل الدراسي للتحدث مع طلابه في حوار تشاركي لتبادل الخبرات. لا يكون ذلك بشكل مُفتعل أو باهتمام زائف، بل بالقدر الذي تسمح به شخصية المُعلم، وهذا هو مفهوم الأصالة بعينه.

عند سؤال الطلاب المشاركين في هذه الدراسة عما يعتبروه أصيلًا في شخصية المعلم، صرحوا قائلين أن من صفات المعلم الناجح أن يكون شغوفًا، ومنتبهًا، وخبيرًا، يشاركهم تفاصيلًا من حياته ويمازحهم، ويعترف بأخطائه إن أخطأ. كما يفضل أن يهتم لأمرهم أكاديميًا وعلى المستوى الإنساني كذلك، كأن يراسلهم ليطمئن عليهم إذا علم بمرضهم. ويشير الباحثين أن الطلاب قد تطرقوا لفكرة التفرّد، وهو أن يعاملهم المُعلم كأفراد مستقلين، يرى كل ما يميز كل واحد منهم، وعمومًا، أن ينظر المُعلم للطالب بمنظور أوسع من دوره في الفصل الدراسي.

3- خفة الظل

قد يبدو ذلك غريبًا، ولكن حس الدعابة ظاهرة إنسانية ترتبط بكل مناحي حياة الإنسان، فهي نوع من أنواع التواصل الإنساني يضحك فيه طرف واحد على الأقل. وهذه الظاهرة توضح مستوى شعور الإنسان بالرضا. في بحث أجرته جاليلوفا جاليلوفنا، أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة بخارى في أوزباكستان، ناقشت جاليلوفنا أهمية حس الدعابة في تدريس اللغات وقدرة الطلاب في اكتساب اللغة، وقوة هذه الصفة في بناء بيئة تعلم ودية آمنة ومناخ دراسي لطيف خالي من الخوف والقلق يساعد على تعزيز القدرات الإبداعية عند الطلاب وتحفيزهم .[2] فإذا استخدم المُعلم الفكاهة وبعض من الـ«الميمز» في العرض التقديمي الخاص به، لتذكر الطلاب ما قد شرح. فاستخدام المألوف بين التلاميذ على مواقع التواصل الاجتماعي يعزز التجربة التعليمية. ففي هذه المرحلة سيضيف المُعلم المرح إلى العملية التعليمية، ويلتقي بالطلاب في باحة من الأفكار المشتركة التي يستخدمها في توصيل ما يرغب.

4- لديه مهارات حل المشكلات

طرأت العديد من التقنيات والتطورات على الفصل الدراسي الحديث، لا سيما في عصر ما بعد الكورونا. ووسط كل هذه التطورات ومحاولات تنفيذها تظهر العديد من المشكلات المفاجئة، سواء أكانت تقنية ومتعلقة بوسائط التعلم كمشاكل الطابعة والكومبيوتر وجهاز العرض والإنترنت، أو في التغير الجذري الذي حدث في عقول الطلاب وتصرفاتهم تجاه بعضهم البعض وتجاه معلميهم. وفي كلتا الحالتين، وجميع الحالات، على المُعلم الناجح أن يتحلى بسرعة البديهة ومهارات حل المشكلات. ونحن لا نعني هنا أن عليه أن يعمل بجميع الوظائف وكل ما ليس في اختصاصه، بل نقترح المعرفة بالشيء؛ لأن انتظار من سيصلحه قد يضيع الكثير من الوقت. كذلك من صفات المعلم الناجح أن يكون مرنًا ويضع دائما خطة بديلة؛ إذ قد تتعطل خطته الأصلية بسبب هذه المشكلات. وبما أننا تطرقنا إلى المشكلات التي قد تطرأ في الصف، فإن أول ما يطرأ عقولنا عند ذكره هو إدارة الصف، وهي المهارة التالية.

5- يمتلك مهارات إدارة الصف

تضم إدارة الصف العديد من المهارات والاستراتيجيات تحتها. وأهم ما يميز هذه المهارة أنها تستبعد تمامًا صفات مثل العضلات المفتولة أو الصوت العالي والجهوري أو اللسان السليط وحب السيطرة. إذ إن هذه ليست بالطريقة الفعالة أو المثلى لإدارة الصف. على العكس تمامًا، لأنها تخلق مناخًا مشحونًا ملئ بالقلق والخوف؛ وذلك يثبط من حماس الطلاب وبالتالي يعرقل سريان العملية التعليمية بسهولة. لكنها تتضمن مهارات عقلية ووظيفية أكثر. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، بدلًا من أن تصرخ على الطلاب ليكفوا عن الحديث حينما تتحدث، عليك أن تشاركهم المناقشة. وبدلًا من أن تنادي عليهم بصوت عالي لتجعلهم ينصتون إليك، قد تكون فكرة أفضل أن تسن نغمة ليجتمعوا عليها، مثل تلك التي اجتمع عليها ثلاثي أضواء المسرح. ولتقليل التشاحن بين الطلاب، قد يعزز التواصل ومشاركة الأفكار العلاقة بينهم بدلًا من إعطاء محاضرة تسرد فيها أهمية احترام الآخر. فبالتواصل يصل الطلاب لهذه المحصّلة تلقائيًا، إذ يدركون بعضهم بشكل أفضل وأعمق من أحكامهم المسبقة. [6]

6- متواصل

في ورقة بحثية قدمها دكتور كليمنت، والسيد رولاند رينسيويغ بمركز التطوير الوظيفي، معهد SRM للعلوم والتكنولوجيا، تشيناي، أجرى دكتور كليمنت استبيان عن أهم الصفات التي على المُعلم أن يتحلى بها. وأتت مهارة التواصل الفعال في المرتبة الثالثة بموافقة 44.7% من المشاركين أن على المُعلم أن يتحلى بمهارات التواصل الفعال. وعلى المُعلم أن يكون خبيرًا في التواصل بالأربع مهارات، القراءة، والسمع، والتحدث والكتابة. كما أن عليه اتقان مهارات توصيل المعلومات وتسهيلها بطرق فعالة. وعليه؛ فمن المهم أن يفهم أن طرق الطلاب في استيعاب الأشياء مختلفة مثل اختلاف طرق تعلمهم. فلا تهم المعلومات طالما احتكرها عقل المُعلم وحده عاجزة عن الوصول لعقول طلابه. ولا يعني التواصل فقط بداخل الصف، بل وكذلك طرق التواصل مع الطلاب على المستوى الشخصي، ومعهم ومع ذويهم إن كانوا قصارًا أو أطفالًا، فيفهم وجهات نظرهم، وأوجه اعتراضهم، فيكون قادرًا على شرح المنطق وراء قرارته المتعلقة بالصف.  [6] [4]

7. يتقبل الاختلاف

كقاعدة عامة، لا فرق بين عربي وأعجمي عند المُعلم. فليس هناك مجال لذلك أصلُا. أولًا: في الدراسة، يساعد المُعلم كل الطلاب بشكل سواء. حتى وباختلاف قدراتهم الفردية في التعلم والتحصيل وإن كان الأذكى هو الأسهل والأكثر تفضيلًا لأنه يساعد المعلم في إنجاز درسه. على المعلم أن يتفهم ذلك الاختلاف العقلي كل التفهم؛ فيشجع المتقدم، ويدفع المتأخر، ويقدم المساعدة عن قرب لأولئك الذي تخلفوا عن زملائهم لأسباب دراسية أو نفسية. ثانيُا، على المستوى الشخصي -وكما ذكرنا سابقًا-يعامل المُعلم طلابه كل فرد على حده، كلٌ بميوله وأفكاره واهتماماته وأحلامه. ولا يحق للمعُلم إصدار الأحكام عليهم تحت أي مسمى؛ إذ قد يسبب ذلك اهتزازًا في نفس الطلاب أو رغباته للارتقاء إلى مستوى تقبلك أو تقبل المجتمع لدرجة تنسيهم أنفسهم. فمهمة المعلم الأساسية هي تقديم الإرشاد، والنصح، إن طلب منه ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

8- ذكي عاطفيًا

يعرّف ماير وسالوفي الذكاء العاطفي بأنه القدرة على إدراك الانفعالات بدقة، وتقويمها والتعبير عنها، والقدرة على فهم الانفعال والمعرفة العاطفية، بما يعزز النمو العاطفي والعقلي للفرد. وقد ربط عبد الناصر غربي في دراسة أجراها بين مستوى الذكاء العاطفي للمعلم والأمن النفسي للطلاب في الصف، إذ إن الأخير نتيجة لحسن استخدام الأول في الصف الدراسي؛ ويضمن التناسب الطردي بين هذين العاملين صف دراسي آمن وفعال ومردود إيجابي في تحصيل الطلاب. [7] [6]

9- مقيّم

إذا ذُكر تحصيل الطلاب، ذكر التقييم والتقويم. فمن صفات المُعلم الناجح أن يكون قادرًا على قياس التقدم ونقاط القوة والضعف لدى طلابه. فقط من خلال تقييم الطلاب بشكل صحيح يمكن للمعلم تقديم المساعدة اللازمة لسد الثغرات في معرفتهم ومساعدتهم على التعلم بشكل أفضل للحاق بأقرانهم. ليس ذلك فقط، بل عليه كذلك أن يتقن عدة طرق للتقييم، ويحوز الذكاء الكافي لإجراء هذا التقييم بما يناسب الطلاب واختلافهم. فقد يفزع البعض من الاختبارات، ويندمج ويستمتع بالمناقشة، على عكس نظيره الذي يعشق إجابة الأسئلة كتابيًا مثلًا. لذا؛ فإن توفير الأداة المناسبة للتقييم عاملًا فعالًا جدًا في الحصول على نتائج دقيقة.

10- مُتعلم

تناولنا فيما سبق صفات المعلم الناجح، ولكن الصفة الوحيدة التي تضمن استمرار هذا النجاح هي استمرار المُعلم في التعلّم. فلا يكف المعلم عن التوسع في مجاله وطرق تدريسه. إذ إن القدرة على التفكير الانعكاسي ونقد ما قد قدمه بحيادية وتقييم نفسه لهي أهم مفاتيح التطور واستمرار النجاح. ففي هذه المرحلة يفكر المُعلم فيما كان فعالًا وما ليكون أكثر فاعلية، فيذكر لنفسه الطرق الأفضل لتدريس النقطة (س) ويبحث عنها، ورد فعل الطلاب في النقطة (ص) ليتجنبه إن كان سلبيًا، أو على النشاط (ع) ويعيده إن كان إيجابيًا ويتجنب أخطاءه في المستقبل. هنا يخلع المعلم رداء الكبرياء ويعترف بأخطائه ليحسنها وليضمن عملية تعليمية أفضل في المستقبل. ويظل المعلم دائما في عملية تعليمية داخليًا وخارجيًا متطورًا ومتطلعًا وباحثًا يعمل ما يقول ويقول ما يعمل ممثلًا في كيانه أكبر قدوة لطلابه.

المصادر

[1] Authentic’ teachers are better at engaging with their students — ScienceDaily
[2] A sense of humor as an essential component of pedagogical optimism
[3] Future Educators
[4] (PDF) Qualities of Effective Teachers: students’ Perspectives (researchgate.net)
[5] What Makes a Successful Teacher? | Northcentral University (ncu.edu)
[6] Skills Needed to Be a Teacher: 25 Helpful Things to Learn (careeraddict.com)
[7] علاقة الذكاء العاطفي للمعلم بالأمن النفسي لتلاميذ الخامسة ابتدائي د/ عبدالناصر غربي (cerist.dz)

Exit mobile version