لماذا تسبب المخدرات الإدمان؟

إدمان المخدرات هى حالة مرضية مزمنة تتميز بفقدان السيطرة على السلوك، ناتجة عن استعمال مواد مخدرة بصفة مستمرة؛ بحيث يصبح الإنسان معتمدًا عليها نفسياً وجسدياً، بل ويحتاج إلى زيادة الجرعة من وقت لآخر ليحصل على الأثر نفسه دائمًا. يؤثر الإدمان على أي شخص بغض النظر عن العمر، أو الجنس، أو الخلفية الاجتماعية.

ما مدى خطورة الإدمان ؟

تعد مشكلة المخدرات حاليًّا من أكبر المشكلات التي تعانيها دول العالم وتسعى جاهدة لمحاربتها؛ لما لها من أضرار جسيمة على النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، قد توفي 75,000 شخص في الولايات المتحدة بسبب العوامل المرتبطة بالإدمان في عام 2019. وهذا يمثل زيادة بنسبة 12٪ عن عام 2018. ويعتبر مخدرات الأفيون أكبر عامل مساهم في الوفيات الناجمة عن الإدمان، حيث تسبب في وفاة 47,000 شخص. تبع ذلك الكحول (28,000 وفاة) والمخدرات غير المشروعة (11,000 وفاة). [1]

ما هى المخدرات؟

المخدرات هي أي مادة كيميائية تؤثر على العقل والسلوك. ويمكن أن تكون المخدرات طبيعية أو اصطناعية، ويمكن أن تكون قانونية أو غير قانونية . وتنقسم إلى عدة فئات سنتناول كلاً منها بالتفصيل في المقالات القادمة ومنها:

  • المنشطات: تزيد هذه الأدوية من النشاط واليقظة، ويمكن أن تجعل المستخدم يشعر بمزيد من الثقة، وتشمل الكافيين والأمفيتامينات والكوكايين والنيكوتين
  • المسكنات: تبطئ هذه الأدوية الجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن تسبب الاسترخاء والنعاس. وتشمل الكحول والبنزوديازيبينات والباربيتورات والمنومات.
  • المهلوسات: يمكن أن تسبب هذه الأدوية تشوهات عميقة في تصورات الشخص للواقع. وتشمل الكيتامين والميسكالين والسيلوسيبين والقنب عالي الفعالية.
  • المواد الأفيونية: تستخدم هذه الأدوية لتسكين الآلام ويمكن أن تسبب النشوة. وتشمل الهيروين والمورفين والفنتانيل والأوكسيكودون والهيدروكودون والهيدرومورفون والميبيريدين [2]

لماذا تسبب المخدرات الإدمان؟

تسبب المخدرات الإدمان لأنها تؤثر على نظام المكافأة في الدماغ وهو نظام في الدماغ ينظم الاستجابات للمكافآت، يتضمن هذا النظام مجموعة متنوعة من الهياكل الدماغية، بما في ذلك اللوزة والفص الجبهي والقشرة الحوفية. عندما يتعرض الشخص لمكافأة، مثل الطعام أو الجنس أو المخدرات، فإن نظام المكافأة يطلق الدوبامين، وهو مادة كيميائية ترتبط بالشعور بالمتعة. عندما يتعاطى الشخص المخدرات، فإن المخدرات تتفاعل مع نظام المكافأة وتطلق كميات كبيرة من الدوبامين. مما يؤدي إلى الشعور بالمتعة الشديدة. يمكن أن يؤدي هذا الشعور بالمتعة إلى رغبة قوية في تعاطي المخدرات مرة أخرى.

يتغير نظام المكافأة مع استمرار تعاطي المخدرات؛ بحيث تصبح الخلايا العصبية أقل حساسية للدوبامين. هذا يعني أن الشخص يحتاج إلى تناول المزيد من المخدرات للحصول على نفس الشعور بالمتعة. فيؤدي هذا إلى تفاقم الإدمان وجعل التعافي أكثر صعوبة.                          

وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض المخدرات تسبب تغييرات في هيكل الدماغ ووظائفه، مما يؤدي إلى زيادة الرغبة في استخدام المخدرات. ويصبح الاستخدام المتكرر للمخدرات سلوكاً عادياً في حياة الشخص بمرور الوقت، ويصعب عليه التوقف عنه، حتى في حالة وجود آثار سلبية على صحته وحياته الاجتماعية والعملية. [3]

ما هى أعراض الإدمان؟

يمكن أن تختلف أعراض الإدمان اعتمادًا على المادة التي يتم تعاطيها والفرد. ومع ذلك، هناك علامات وأعراض شائعة قد تشير إلى أن الشخص يعاني من الإدمان. فيما يلي بعض أعراض الإدمان:

الأعراض السلوكية:

  • التغيير في الموقف العام بدون سبب محدد
  • التغيب عن المدرسة أو العمل
  • انخفاض في الأداء في العمل أو المدرسة
  • عدم الوفاء بالأدوار أو المسؤوليات
  • فرط النشاط أو الخمول
  • تغيير في الأنشطة أو الهوايات
  • تغيير في الأصدقاء أو الدائرة الاجتماعية
  • الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر
  • ضعف التنسيق

الأعراض الجسدية:

  • عيون حمراء كالدم
  • تغيرات في الشهية أو الوزن
  • التغييرات في أنماط النوم
  • سوء النظافة أو المظهر
  • كلام غير واضح
  • نزيف أنفي متكرر
  • علامات الإبر أو علامات المسار (في حالة تعاطي المخدرات عن طريق الوريد)

الأعراض النفسية:

  • تقلب المزاج أو التهيج
  • القلق أو الاكتئاب
  • عدم وجود الدافع أو الاهتمام بالأنشطة التي سبق الاستمتاع بها
  • مشاكل في الذاكرة أو صعوبة في التركيز
  • زيادة السرية أو الكذب بشأن تعاطي المخدرات
  • الصعوبات المالية أو اقتراض الأموال لدعم عادة المخدرات

أعراض الانسحاب:

  • استفراغ و غثيان
  • الرغبة الشديدة في تناول الدواء
  • التعرق أو القشعريرة
  • الكوابيس
  • الذعر أو القلق
  • النوبات (في الحالات الشديدة)
  • الوفاة في (الحالات الشديدة ) [4]

كيفية علاج الإدمان؟

يمكن أن يكون علاج الإدمان عملية معقدة تتطلب اتباع نهج شامل. فيما يلي بعض الطرق الشائعة المستخدمة لعلاج الإدمان:

  • الأدوية: يمكن استخدام الأدوية للتحكم في أعراض الانسحاب وتقليل الضيق وعلاج اضطرابات الصحة العقلية المتزامنة. يعتمد نوع الدواء المستخدم على المادة التي يتم إساءة استخدامها والاحتياجات الفريدة للفرد.
  • العلاجات السلوكية: يمكن أن تساعد العلاجات السلوكية، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)  والمقابلات التحفيزية الأفراد على تطوير مهارات التأقلم والاستراتيجيات لمنع الانتكاس.
  • مجموعات الدعم: يمكن لمجموعات الدعم ، مثل Alcoholics Anonymous (AA) و Narcotics Anonymous (NA) ، أن توفر للأفراد إحساسًا بالانتماء للمجتمع والدعم أثناء عملية التعافي. يمكن لهذه المجموعات أيضًا أن توفر للأفراد مساحة آمنة لمشاركة تجاربهم مع الآخرين الذين مروا بتجارب مماثلة.
  • برامج علاج المرضى الداخليين والخارجيين: يمكن أن توفر برامج العلاج للأفراد بيئة منظمة للتركيز على تعافيهم. تقدم برامج المرضى الداخليين رعاية ودعم على مدار 24 ساعة، بينما تسمح برامج العيادات الخارجية للأفراد بتلقي العلاج أثناء إقامتهم في المنزل.
  • المناهج الشاملة: يمكن للمناهج الشاملة، مثل تأمل اليقظة واليوجا، أن تساعد الأفراد في إدارة التوتر وتحسين سلوكهم أثناء عملية التعافي.[5]

من المهم ملاحظة أنه لا يوجد مسار واحد يناسب الجميع لعلاج الإدمان، ويجب أن يكون العلاج مصممًا لتلبية الاحتياجات الفردية للفرد. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعافي هو عملية تستمر مدى الحياة، وقد يكون الدعم والعلاج المستمر ضروريين للحفاظ على المجتمع.

المصادر

ما هي النواقل العصبية وما أنواعها وكيف تعمل؟

النواقل العصبية هي مواد كيميائية تقوم بنقل الإشارات العصبية بين الخلايا العصبية في الجهاز العصبي، وتشارك في مجموعة واسعة من العمليات الفسيولوجية، بما في ذلك الحركة والمزاج والإدراك.

ما هي أهم النواقل العصبية وما وظائفها؟

يعرف العلماء ما لا يقل عن 100 ناقل عصبي ولكل منها وظيفتها الفريدة في الجسم، كما يعتقد العلماء أن هناك العديد من الناقلات لم يتم اكتشافها بعد. فيما يلي بعض أهم النواقل العصبية ووظائفها:

الأسيتيل كولين

هو ناقل عصبي يلعب دورًا أساسياً في عمل الجهاز العصبي. يشارك في حركة العضلات والتعلم والذاكرة وعمل الجهاز العصبي اللاإرادي.  يتم إطلاق الأسيتيل كولين بواسطة الخلايا العصبية الحركية في الحبل الشوكي ويرتبط بالمستقبلات الموجودة في خلايا العضلات، مما يؤدي إلى تقلص العضلات. يشارك الأسيتيل كولين في الدماغ في تكوين الذاكرة وتقوية الروابط بين الخلايا العصبية. يمكن أن تؤدي الاضطرابات الوظيفية لأستيل كولين إلى اضطرابات عصبية ونفسية، وتستخدم الأدوية التي تؤثر على وظيفة الأستيل كولين لعلاج هذه الاضطرابات.

الدوبامين

 هو ناقل عصبي يلعب دورًا أساسياً في تنظيم الحركة والشعور بالإثارة والتحفيز والتعلم والذاكرة والتركيز. يتم إنتاج الدوبامين في الجسم من خلال تحويل الفينيلالانين إلى الدوبامين في الدماغ. ويعمل الدوبامين عن طريق الارتباط بمستقبلات الدوبامين في الدماغ لتنظيم الحركة والشعور بالتحفيز والتعلم والذاكرة والتركيز. ويعتبر الدوبامين هامًا للحفاظ على صحة الجهاز العصبي، وقد يؤدي اضطراب التوازن في نشاط الدوبامين إلى اضطرابات مثل مرض باركنسون وفرط الحركة والإدمان والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية. وتستخدم بعض الأدوية التي تعمل على زيادة أو تثبيط نشاط الدوبامين لعلاج هذه الأمراض.

حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA)

 هو ناقل عصبي يلعب دوراً أساسياً في تثبيط نشاط الخلايا العصبية الأخرى في الدماغ. يعتبر حمض جاما أمينوبوتيريك من الوسائل المهمة للنوم والتغلب على القلق، وتستخدم الأدوية التي تزيد من نشاط GABA لعلاج القلق واضطرابات الصرع. إذ يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات GABA في الدماغ إلى اضطرابات القلق والأرق والتشنجات واضطرابات الصرع وغيرها من الاضطرابات العصبية.

الغلوتامات

 هي مادة كيميائية مثيرة تعمل كناقل عصبي محفز في الجهاز العصبي المركزي. تلعب الغلوتامات دورًا مهماً في العملية التعلمية والذاكرة والتحكم في الحركة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات الغلوتامات في الدماغ إلى اضطرابات مثل الصرع وجلطات الدماغ ومرض الزهايمر وغيرها من الاضطرابات العصبية. وتستخدم بعض الأدوية التي تعمل على تثبيط أو تحفيز نشاط الغلوتامات لعلاج هذه الاضطرابات.

النوبنفرين

هو ناقل عصبي ينتمي إلى مجموعة الكاتيكولامينات، يلعب دورًا مهمًا في تنظيم وظائف الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي الطرفي، ويساهم في تحفيز نظام الاستجابة للقلق والتوتر والاكتئاب. يستخدم النوبنفرين كدواء لعلاج اضطراب فرط الحركة ونوبات الذعر والاكتئاب، لكن يمكن أن يتسبب استخدامه في آثار جانبية مثل الصداع والدوخة والقلق والارتجاف وغيرها من الأعراض الجانبية الأخرى.

الأندورفين

 هو هرمون وناقل عصبي ينتج بشكل طبيعي في الجسم، ويعمل على تخفيف الألم والتسبب في الشعور بالراحة والسعادة. يعمل الأندورفين عن طريق الارتباط بمستقبلات الألم في الدماغ، مما يؤدي إلى تقليل الإحساس بالألم. يعزز الأندورفين أيضًا الشعور بالسعادة والراحة ويمكن أن يؤدي إلى تحسين المزاج والتخفيف من القلق والتوتر. يتم إفراز الأندورفين بشكل طبيعي في الجسم خلال التمارين الرياضية الشديدة، كما يساعد على تخفيض الإجهاد وتحسين الصحة العامة. يمكن أن يرتبط نقص الأندورفين ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.

السيروتونين

هو ناقل عصبي يلعب دورًا أساسياً في التحكم بالمزاج والشعور بالسعادة والاسترخاء والتحكم بالشهية والنوم والوظائف الجنسية. ينتَج السيروتونين في الجسم من خلال تحويل حمض التربتوفان إلى السيروتونين في الدماغ. يعمل السيروتونين عن طريق الارتباط بمستقبلات السيروتونين في الدماغ لتنظيم الشعور بالسعادة والاسترخاء والشهية والنوم والوظائف الجنسية. ويعتبر هامًا للحفاظ على صحة الجهاز العصبي، وقد يؤدي نقص السيروتونين في الجسم إلى الاكتئاب والقلق والأرق والقلق الاجتماعي وغيرها من الاضطرابات النفسية. تستخدم بعض الأدوية التي تعمل على زيادة نشاط السيروتونين لعلاج هذه الأمراض.

كيف تعمل النواقل العصبية ؟

تعمل النواقل العصبية عن طريق نقل الإشارات أو الرسائل بين الخلايا العصبية أو من الخلايا العصبية إلى الخلايا المستهدفة، مثل خلايا العضلات أو الغدد. تتضمن هذه العملية عدة خطوات:

 1. التصنيع: يتم تصنيع الناقلات العصبية في جسم الخلية العصبية أو نهايات المحور.  يتم الحصول على اللبنات الأساسية للناقلات العصبية من الطعام الذي نأكله ويتم نقلها إلى الخلايا العصبية.

 2. التخزين: بمجرد تصنيعها، يتم تخزين الناقلات العصبية في حويصلات موجودة في نهايات المحاور العصبية.

 3. الإطلاق: عندما يصل جهد الفعل إلى نهاية المحور، فإنه يؤدي إلى إطلاق النواقل العصبية من الحويصلات إلى الشق المشبكي، وهو فجوة صغيرة بين نهاية المحور والخلية المستهدفة.

 4. الارتباط: ترتبط الناقلات العصبية المنبعثة بالمستقبلات الموجودة على غشاء الخلية المستهدفة. تكون تلك المستقبلات خاصة بالناقل العصبي، وكل مستقبل يمكن أن يسبب استجابات مختلفة في الخلية المستهدفة.

 5. الاستجابة: يمكن أن تكون الخلية المستهدفة إما مثارة أو مثبطة اعتمادًا على نوع الناقل العصبي والمستقبلات التي يرتبط بها. تزيد الناقلات العصبية المستثيرة من احتمالية حدوث فعل محتمل في الخلية المستهدفة، بينما تقلل الناقلات العصبية المثبطة من احتمال حدوث فعل محتمل.

 6. الإزالة: بعد أن يرسل الناقل العصبي إشاراته، يجب إزالته من الشق المشبكي لمنع التحفيز المستمر للخلية المستهدفة. يمكن أن تحدث هذه الإزالة من خلال إعادة الامتصاص، حيث يتم إرجاع الناقل العصبي مرة أخرى إلى الحويصلات الموجودة في نهايات المحاور العصبية لإعادة استخدامه، أو يتم تحليلها بواسطة الإنزيمات الموجودة في الشق المشبكي.

  تعتبر عملية انتقال الناقل العصبي معقدة وتنطوي على عدة خطوات، لكنها ضرورية لعمل الجهاز العصبي.

ماذا يحدث إذا حدث خلل فى النواقل العصبية؟

إذا كان هناك خلل في الناقلات العصبية في الدماغ، يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من مشاكل الصحة العقلية والجسدية. تقوم الناقلات العصبية بوظائف مختلفة في الدماغ كما رأينا، ويمكن أن يؤثر عدم التوازن في أي منها على مزاج الشخص وسلوكه وأدائه الإدراكي.

 على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي عدم توازن السيروتونين إلى الاكتئاب والقلق واضطرابات النوم. ويمكن أن يؤدي عدم توازن الدوبامين إلى حالات مثل مرض باركنسون والفصام والإدمان. ويمكن أن يؤدي عدم توازن النوربينفرين إلى حالات مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

 يمكن أن يؤثر عدم التوازن في الناقلات العصبية أيضًا على الصحة البدنية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي عدم توازن الأسيتيل كولين إلى ضعف العضلات ومشاكل الحركة.

 قد يشمل علاج عدم توازن النواقل العصبية الأدوية التي تؤثر على إنتاج أو إعادة امتصاص نواقل عصبية معينة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد التغييرات في نمط الحياة مثل التمارين الرياضية والنظام الغذائي الصحي في دعم مستويات الناقل العصبي الصحي.

المصادر

  1. https://my.clevelandclinic.org/health/articles/22513-neurotransmitters
  2. https://www.medicalnewstoday.com/articles/326649#dopamine

الشلل الرعاش «باركنسون»

ما هو الشلل الرعاش «باركنسون»؟

الشلل الرعاش أو مرض باركنسون (PD) هو اضطراب عصبي تدريجي يتميز بعدد كبير من السمات الحركية وغير الحركية التي يمكن أن تؤثر على الوظيفة العضوية بدرجات متفاوتة.

وصف العالم الإنكليزي «جيمس باركينسون-James Parkinson» الداء لأول مرة عام 1817 في مقالته التي شرح فيها ستّ حالات مختلفة من المرض الذي سُمي باسمه فيما بعد.

أسباب الشلل الرعاش «باركنسون»

لاحقًا تبين أنّ الشلل الرعاش يرتبط بشكل مباشر بتموّت خلايا عصبية في منطقة من الدماغ مسؤولة عن إنتاج ناقل الدوبامين. وهو مادة كيميائية مسؤولة عن تنسيق التقلصات العضلية وتوجيهها نحو حركة هادفة، ومع الأسف إنّ السبب الأساسي لتموّت هذه الخلايا مازال مجهولًا حتى الآن ولكن يعتقد أن بعض الحالات تعود لعوامل وراثية أو لتوليفة من العوامل الوراثية والمؤثرات البيئية.(1)

يرتبط الشلل الرعاش بتموت الخلايا المسؤولة عن نقل الدوبامين

الشلل الرعاش هو مرض مزمن(chronic) أي يستمر لفترة طويلة من الزمن، وهو مرض متقدم (progressive) مما يعني أن أعراضه تزداد سوءًا بمرور الوقت.

أعراض الشلل الرعاش «باركنسون»

تختلف شدة الأعراض من شخص لآخر. فعلى الرغم من أن بعض الأشخاص يصابون بإعاقة شديدة، إلا أن البعض الآخر لا يعانون إلا من اضطرابات حركية طفيفة.

الارتعاشات هو العرض الرئيسي لبعض الأفراد، لكنه قد يكون بالنسبة للآخرين مجرد شكوى بسيطة و تكون الأعراض الأخرى أكثر إزعاجًا. حاليًا لايمكن التنبؤ بالأعراض التي من الممكن أن تؤثر على الفرد.
عادة ما يصيب الأشخاص بعمر 70 عامًا ولكن يمكن أن يحدث في وقت أبكر. تتأثر النساء أكثر بمرض الشلل الرعاش باركينسون.(2)

نظرًا لعدم وجود اختبار خاص بالكشف عن مرض الشلل الرعاش، يلجأ الأطباء إلى تشخيصه بناء على أعراضه الرئيسة الأربعة وهي:(1)


1-بطء الحركة Bradykinesia


يعتبر بطء الحركة من أكثر العلامات المميزة لداء باركنسون على الرغم من أنها تلاحظ في اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب.
يشمل هذا العرض صعوبات في التخطيط والبدء والتنفيذ للحركات بالإضافة إلى تراجع القدر على أداء المهام الدقيقة مثل استخدام الأدوات.
هناك مظاهر أخرى لبطء الحركة مثل فقدان الحركات العفوية والإيماءات وسيلان اللعاب بسبب ضعف البلع، بالإضافة إلى الصوت الرتيب وانخفاض حركة تأرجح الذراع أثناء المشي. يعتمد بطء الحركة مثل معظم أعراض باركنسون الأخرى على الحالة النفسية للمريض.

فقد يتمكن بعض المرضى من القيام بحركات سريعة مثل التقاط الكرة بعد تعرضهم لمحفّز قوي. وتفترض هذه الظاهرة«مفارقة الحركة-kinesia paradoxica»أنّ مرضى باركنسون يمتلكون برامج حركية سليمة لكنهم غير قادرين على استخدامها بدون وجود محفز خارجي مثل الضوضاء أو الموسيقا العالية.


2_الارتعاشات Tremors

الارتعاشات من أكثر أعراض مرض الشلل الرعاش


«ارتعاشات الراحة-Rest tremors» هي أكثر أعراض الباركنسون شيوعًا ويمكن كشفها بسهولة.

تكون اهتزازات أحادية الجانب وبتردد مابين 4 إلى 6 هرتز، و غالبًا ما تكون واضحة في اليدين ويمكن أن تشمل الاهتزازات الشفاه والفك والساقين.

تختفي ارتعاشات الرحة أثناء العمل والنوم. تختلف الراحة بين المرضى وتبعًا لمراحل تطور المرضالمرض، فقد أفادت إحدى الدراسات أن 69% من مصابي باركنسون عانوا من ارتعاشات الراحة في بداية المرض، وأنّ 9%من المرضى تخلصوا منها في مرحلة متأخرة منه فيما لم يعاني 11%من ارتعاشات الراحة أبدًا.

وقد أظهرت الدراسات السريرية المرضية أنّ مجموعة من الخلايا العصبية الفرعية من الدماغ المتوسط تكون متنكّسة لدى مرضى باركنسون المصابين بارتعاشات الراحة، فيما تكون سليمة لدى المرضى غير المصابين بالارتعاشات.


3_التصلب العضلي Rigidity


تتقلص العضلات بشدة وتصبح أكثر مقاومة مايؤدي إلى تقليص نطاق حركة مفاصل الطرفين العلويين والطرفين السفليين(الثني والبسط والدوران حول المفصل). وقد يصيب التصلب عضلات الرقبة والكتف والورك إضافة إلى عضلات الرسغ والكاحل.
قد يتراقق التصلب العضلي مع الألم، وألم الكتف هو أحد المظاهر الأولية الأكثر شيوعًا لدى مرضى باركنسون على الرغم من أنه قد يُشخّص بشكل خاطئ على أنه التهاب في المفصل أو التهاب الجراب أو إصابة الكفّة المدورة.

4_اختلال التوازن الموضعيPostural instability


يعتبر اختلال التوازن الموضعي مظهرًا من مظاهر المراحل المتأخرة من باركنسون، وعادة ما يحدث بعد ظهور العلامات السريرية الأخرى.

يخضع المريض لاختبار السحب لاختبار هذا العرض بحيث ُيسحب بسرعة من كتفيه للخلف أو للأمام فإذا تراجع المريض أكثر من خطوتين أو لم يبدي استجابة للسحب فذلك يزيد من احتمالية تشخيصه بالمرض.


يُعد اختلال التوازن الموضعي السبب الأكثر شيوعًا للسقوط لدى مرضى باركنسون كما يساهم بزيادة مخاطر كسور الورك.
هناك عوامل أخرى قد تؤثر أيضًا في حدوث اختلال التوازن الموضعي لدى مرضى باركنسون. ومن هذه العوامل: أعراض باركنسون الأخرى وانخفاض ضغط الدم الانتصابي( الذي يحدث عند الانتقال من وضعية الجلوس أو الاستلقاء إلى وضعية الوقوف) بالإضافة إلى التغيرات الحسية المرتبطة بالعمر كما أنّ الشعور بالخوف من السقوط قد يزيد من عجز المرضى على التوازن والاستقرار.

علاج الشلل الرعاش «باركنسون»


في الوقت الراهن لايوجد أي علاج كامل لمرض الشلل الرعاش باركنسون. ولكن مع ذلك هناك عديد من الأدوية المستخدمة لتخفيف أعراض المرض ومن الأدوية الأكثر استخدامًا دواء «ليفودوبا-Levodopa»الذي يصنف ضمن فئة الأدوية المسماة بعوامل الجهاز العصبي المركزي.

آلية عمل الليفودوبا

تمتص خلايا الدماغ العصبية دواء ليفودوبا وتحوله إلى الناقل العصبي الدوبامين الذي تؤدي زيادة مستوياته إلى تحسين المشاكل الحركية لدى المريض.

لا يعطى دواء ليفودوبا بمفرده، إنما يعطى معه دواء آخر اسمه «كاربيدوبا-Carpidopa»، الذي يمنع دواء ليفودوبا من التحول إلى الدوبامين قبل وصوله إلى الدماغ، كما يخفف من آثار ليفودوبا الجانبية مثل الإرهاق والدوار والغثيان.

مع بداية العلاج بدواء ليفودوبا يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في الأعراض، لكن آثاره يمكن أن تكون أقل استمرارية على مدى السنوات التالية. فمع فقدان مزيد من الخلايا العصبية يقل عدد الخلايا التي تمتص الدواء هذا ما يعني أننا قد نحتاج لزيادة الجرعة مع بداية العلاج بدواء ليفودوبا يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في الأعراض.لكن آثاره يمكن أن تكون أقل استمرارية على مدى السنوات التالية، فمع فقدان مزيد من الخلايا العصبية يقل عدد الخلايا التي تمتص الدواء هذا ما يعني أننا قد نحتاج لزيادة الجرعة من فترة لأخرى.

على الرغم من أن ليفودوبا يساعد معظم الأشخاص المصابين بشلل الرعاش، لكن لا يستجيب الجميع للدواء بشكل متساوٍ.

للدواء تأثير ملحوظ على أعراض مثل بطء الحركة والتصلب العضلي، لكنه أقل فعالية بالنسبة للارتعاشات، كما أنه قد لا يكون له تأثير على مشاكل التوازن والأعراض الأخرى على الإطلاق.

علاج الشلل الرعاش جراحياً

يتم علاج معظم المصابين بمرض باركنسون بالأدوية ، مع ذلك تستخدم في بعض الحالات نوع من الجراحة يسمى التحفيز العميق للدماغ. يتضمن التحفيز العميق للدماغ زرع مولد نبضات جراحي مشابه لجهاز تنظيم ضربات القلب في دار الصدر. يتم توصيل المولد بسلك أو سلكين رفيعين مزروعين تحت الجلد، ويتم إدخالهما بدقة في مناطق محددة في الدماغ. ينتج المولد تيار كهربائي منخفض الشدة يمر عبر الأسلاك ليحفز الأجزاء المتضررة من الدماغ.

على الرغم من أن الجراحة لا تعالج مرض باركنسون، إلا أنها يمكن أن تخفف الأعراض لدى بعض المرضى.

يشهد مجال علم الأعصاب تقدمًا كبيرًا من حيث تطوير تقنيات الكشف عن الأمراض العصبية التنكسية.

كما يطمح العلماء لإيجاد تقنيات علاجية تنهي معاناة المرضى، ولكن إلى ذلك الحين لا بُدّ لنا أن نساعد المرضى في التكيف مع أعراض الشلل الرعاش ليكونوا قادرين على المشاركة الفاعلة في مجتمعاتهم.(1) (3)

مصادر:

١_ jnnp.bmj
٢_ ninds.nih
٣_ nhs

Exit mobile version