Ad

إن خطر جائحة من صنع الإنسان بسبب هروب الوحش المُصنع من المختبر أو بناءه عن طريق الخطأ، ليس أمر افتراضي ولا صعب الحدوث. بالفعل حدثت العديد من حالات الهروب المختبرية مسببة أمراضًا فتاكة بين أفراد العاملين في المختبرات ومن ثم إلى الخارج. من المفارقات أن هذه المختبرات تعمل مع مسببات الأمراض لمنع تفشي المرض الذي تسببت فيه في نهاية المطاف!  فتأتي العواقب المأساوية كنبوءة تحقق ذاتها. سنتناول في هذه المقالة 5 فيروسات وبكتيريا قاتلة طُورت في المختبر، إما عن طريق الخطأ أو بشكل مقصود لأهداف بحثية.

5- الموت الأسود  Black Death

قام فريق من العلماء الألمان والكنديين والأمريكيين بإعادة بناء التسلسل الجيني لواحدة من أسوأ الأوبئة في التاريخ، الموت الأسود. اجتاح الموت الأسود أوروبا بين عامي 1347 و 1351، فقد أصيب ملايين الأوروبيين بمرض غامض أودى بحياة أكثر من 50 مليون شخص. المرض الذي تُسببه عدوى بكتيرية حادة تسمى يرسينيا بيستيس.

قال جوهانس كراوس- Johannes Krause من جامعة توبينغن الألمانية، المؤلف الرئيسي للدراسة:

“اعتقد الناس حرفيًا أنها كانت نهاية العالم.”

Johannes Krause

كما أوضحت كريستين بوس-Kirsten I. Bos الباحث المشارك في الدراسة، أنهم استطاعوا الحصول على الدم المجفف من أسنان أربعة من ضحايا الطاعون في القرن 14، كان الحمض النووي للطاعون البالغ من العمر قرابة 700 عاما في حالة سيئة، متكسرًا ومختلط مع الحمض النووي البشري وبعض البكتيريا الأخرى. لكن بفضل تقنيات جديدة وسلالات الأمراض الحديثة لجذب الحمض النووي الطاعون القديم، تمكن الباحثون من فصل وتنقية وتتبع وتسلسل الطاعون الأسود، لكن،

لماذا يحاول العلماء إعادة الموت الأسود إلى الحياة؟

يمكن اعتبار ذلك بهدف تسوية النقاش العلمي بين أولئك الذين جادلوا بأن السلالات الحديثة من البكتيريا المسببة للطاعون، ينحدر من البديل الأصلي الذي تسبب في الموت الأسود، وأولئك الذين قالوا إن حشرة مختلفة تسببت في الأوبئة في العصور الوسطى. فتثبت هذه الدراسة أن نسخة القرن الرابع عشر من يرسينيا بيستيس متطابقة تقريبًا مع السلالات الأقل ضراوة الموجودة اليوم. عبر عنها كراوس بإنها جدة جميع الأوبئة الموجودة اليوم! من المحتمل أن تساعد دراسة الأصل العلماء على فهم الأمراض المُعدية في العصر الحديث.فالهدف إذًا هو إعادة إنشاء مسببات الأمراض التي تسببت في أوبئة قديمة أخرى. نعلم السؤال الأهم الذي تبادر إلى ذهنك الآن:

هل من الممكن أن يشعل هذا التخليق الجديد موتًا أسود آخر؟

عالم اليوم مختلف تمامًا عن أوروبا في العصور الوسطى، والقفزات والتطورات في الصحة العامة وتحسين الظروف المعيشية من شأنها أن تقلل من انتشار المرض. فحسب ما أكد الباحثون أنه حتى لو نجت نسخة بالخطأ من هذا الوحش القاتل من المختبر (الآمن للغاية) سنكون بخير.

4- Horsepox Virus

ابتكر العلماء في جامعة ألبرتا- UAlberta فيروس Horsepox  وهو فيروس قاتل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالجدري القاتل، لا يؤثر horsepox على البشر فهو قاتل للخيول فقط.. عمل عليه العلماء خلال دراسة استمرت ستة أشهر برعاية شركة الأدوية Tonix Pharmaceuticals، موضحين سبب تخليق الفيروس أنهم أرادوا تطوير لقاحات محسنة للجدري. اشترى الباحثون قطع الحمض النووي عن طريق البريد ورتبوها لتشكيل الفيروس، لم يكن المشروع مكلفًا. فقد تكلفت قطع الحمض النووي المستخدمة لإنشاء الفيروس فقط 100.000دولارًا. عندما كُشف عن الدراسة، تسببت في معضلة آنذاك. إذ أعرب  بعض العلماء عن قلقهم من قيام الحكومات أو حتى الإرهابيين باستغلال المعرفة لإنشاء فيروس الجدري كسلاح بيولوجي.

وفي وقت لاحق، أوضح باحثون في شركة تونيكس أنه كان بإمكانهم استخراج horsepox من مجموعات الخيول البرية بدلاً من تخليقه معمليًا من الصفر. قال العالم القائم على الدراسة ديفيد إيفانز- David Evans، إن فريقه اضطر إلى تجميع قطع الحمض النووي للفيروس لأنهم أرادوا دراسة الفيروس ولم تكن هناك طريقة أخرى للحصول عليه. ثم أشارت الشركة إلى إنهم كانوا سيفعلون ذلك إذا كان لديهم إمكانية الوصول إلى  طبيعية الفيروس. كما أشارت لاحقًا إلى أنها أنتجت لقاح الجدري مع فيروس horsepox المخلق.

قال إيفانز أيضًا إن تقنيات صنع الفيروسات التي طورها فريقه ستفتح مجال فيروسات الجدري وستساعد على تحويلها إلى لقاحات أو علاجات جديدة لأمراض مثل السرطان.

3- فيروس شلل الأطفال Poliovirus

مثل نظرائهم في جامعة ألبرتا، ابتكر العلماء في جامعة ولاية نيويورك فيروسًا اصطناعيا قاتلاًعن طريق شراء قطع الحمض النووي. لكن هذه المرة، هو فيروس شلل الأطفال- Poliovirus، بنفس قوة الفيروس الطبيعي. فقد بنى العلماء الفيروس الذي يسبب شلل الأطفال من الصفر في المختبر.

مرضت الفئران المعرضة لشلل الأطفال الاصطناعي تمامًا كما لو أنها تعرضت لشلل الأطفال الطبيعي. كان شلل الأطفال الذي أنشأه المختبر مثيرا للجدل بين العلماء. وقد أخذ الباحثون الذين أنتجوها رمزها من قواعد البيانات المتاحة لأي شخص تقريبا. مما أثر ذلك خشية باحثون آخرون من أن الأشخاص الذين لديهم دوافع خفية يمكن أن يطورون شلل الأطفال الاصطناعي الخاص بهم، فهو أسهل بكثير من الفيروسات الخطيرة الأخرى مثل الجدري. فالجدري الشفرة الوراثية له تتكون من 185,000 نيوكليوتيدة، في حين أن شلل الأطفال يتكون من 7,741 نيوكليوتيدة فقط. على الرغم من أننا بالفعل على حافة القضاء على شلل الأطفال، يخشى العلماء من أننا سنظل بحاجة إلى التطعيم ضد المرض لأنه يمكن إعادة بناءه من الصفر بسههولة.

2- فيروس Mousepox

قبل عِدة سنوات، أنتج باحثون في الجامعة الوطنية الأسترالية ومنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية- CSIRO، سلالة متحولة قاتلة من Mousepox عن طريق الخطأ! فهو فيروس قاتل ينتمي إلى عائلة  فيروس Horsepox .

كان الباحثون يحاولون تطوير تحديد النسل للفئران في الوقت الذي خلقوا فيه الفيروس عن طريق الخطأ. قاموا بإدخال جين حفز إنشاء إنترلوكين 4 (IL-4) في mousepox الذي حقن في بعض الفئران. طُعمت الفئران ولم يكن من المفترض أن تتضرر من mousepox.بدلاً من أن تُصبح الفئران عقيمة كما توقع الباحثون، تحول الفيروس الضعيف إلى قاتل ودمر أجهزة المناعة لدى الفئران!

الأمر الذي أدى إلى قتلهم في تسعة أيام. كان mousepox الجديد خطيرًا لدرجة أنه كان مقاومًا للتطعيم. كما توفي نصف الفئران الملقحة الأخرى المعرضة mousepox المتحور. كان الباحثون خائفين جدًا من اختراعهم لدرجة عدم رغبتهم في نشر النتائج التي توصلوا إليها. حتى أنهم التقوا بالجيش الأسترالي لتأكيد ما إذا كان النشر آمنا. يخشى العلماء من أن الجدري البشري يمكن أن يتحور ويصبح أكثر فتكًا إذا تم حقنه بـ IL-4. ومع ذلك، فهم غير متأكدين لأنه لم يجربها أحد بعد.

نحن نعلم عزيزي القارئ أنها مجرد مسألة وقت قبل أن يفعلها بعض العلماء.

1- فيروس H1N1

عام 1918، شهد العالم وصول القاتل وباء انفلونزا. إنه فيروس H1N1. وحتى انتهاء الأمر، كان قد حرم ما يصل إلى 100 مليون شخص من حياتهم. تسببت الأنفلونزا في تسرب الدم إلى رئتي الضحايا. أطلقوا الدم من أنوفهم وأفواههم قبل الغرق في الدم داخل رئتيهم.

عندما عادت الأنفلونزا في عام 2009 كانت أقل فتكًا على الرغم من أنها كانت متحورة ومن المفترض أن تكون أكثر فتكًا مما كان ينبغي أن يكون. أخذ العالم يوشيهيرو كاواوكا – Yoshihiro Kawaoka عينات من السلالة المتحولة التي تسببت في وباء عام 2009 واستخدمها لإنشاء سلالة أكثر فتكًا كانت مقاومة للقاحات. هذه السلالة تعتبر مماثلة لتلك التي تسببت في وباء عام 1918. لم يكن كاواوكا يخطط لإنتاج نسخة أكثر فتكwا من الأنفلونزا في ذلك الوقت. أراد فقط إنشاء النسخة الأصلية من الأنفلونزا حتى يتمكن من دراسة كيف تحور وأصبح قادرًا على تجاوز مناعتنا.

المصادر

bbc

nytimes

npr

newscientist

newscientist

ncbi

independent

ncbi

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف

User Avatar

Hagar sa'eed


عدد مقالات الكاتب : 46
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق