Ad
هذه المقالة هي الجزء 1 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

منذ ما يقرب من مائتي عام، بدأت الثورة الصناعية وبدأت معها الأنشطة البشرية، التى أضافت كميات كبيرة من غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي للأرض[1]،وقد أظهرت سجلات التاريخ الجيولوجي للأرض أن المناخ قد تغير تدريجيًا ومفاجئًا في الماضي، وأن درجات الحرارة العالمية وتركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.[2] لكن هل تعلم أن للأرض مصادر طاقة خاصة بها، وأن هذه المصادر تنظم نظامنا المناخي؟، إذًا فمن أين تأتى طاقة الارض؟.

نظام مناخ الأرض

نظرًا لأن الأرض عبارة عن كرة، فإن كمية هائلة من الطاقة الشمسية تضرب الأرض بين المناطق الاستوائية بينما تلقي كمية أقل من الإشعاع الشمسي في القطبين، وبالتالي يوازن النظام المناخي هذا الفائض والعجز عن طريق نقل الطاقة والحرارة عبر الهواء والبخار في الغلاف الجوي، وعبر المياه في المحيطات.

يتم تحديد حالة مناخ الأرض عن طريق كمية الطاقة المخزنة بواسطة النظام المناخي. بشكل عام، يظل المناخ ثابتًا على مدى فترات طويلة من الزمن إذا ظلت العناصر المختلفة داخل النظام مستقرة. ومع ذلك إذا تغيرت إحدي مكونات النظام، فإن استقرار النظام بأكمله معرض للخطر. ويمكن أن يؤدي إلى سلوك غير معهود ويؤدي إلى طقس غير متوقع، والذى يطلق عليه اسم “تغير المناخ”.

عندما تتغير ميزانية طاقة الأرض يتبعها المناخ، ويُطلق على التغيير في ميزانية الطاقة اسم “التأثير”. بينما عندما يحدث التغيير بسبب شيء ما خارج المكونات الخمسة للنظام المناخي يُطلق عليه اسم “التأثير الخارجي”.[3]

الشمس وطاقة الأرض

عندما نشغل هواتفنا الخلوية، نعلم أن طاقة هذا الهاتف تأتي من الطاقة التي تنتجها البطارية بالداخل، كما أن طاقة الأجهزة كالتلفزيون والكمبيوتر تأتي من مزود الطاقة لدينا، كذلك الشمس فهى بمثابة البطارية لكوكب الارض، إذا أنها تعمل على إشعاع بلايين الأطنان من المادة إلى الفضاء، فتقوم بتسخين أرضنا ومحيطاتنا وغلافنا الجوي.

يؤدي الامتصاص المستمر والانعكاس المستمر لطاقة الشمس إلى خلق توازن طاقة الأرض، والذي يحافظ على متوسط درجة الحرارة لكوكبنا. عندما تمتص الأرض نفس القدر من الطاقة التي تشعها، تكون الطاقة متوازنة ويكون متوسط درجة الحرارة مستقرًا.

لكن إذا امتصت الأرض كل هذا الإشعاع، فلن تكون واقيات الشمس لدينا فعالة فحسب، بل سيصبح كوكبنا محمومًا، ولن تكون الحياة ممكنة.

لحسن الحظ، يتم إرسال كل طاقة الشمس التي تضرب الأرض في النهاية إلى الفضاء. عندما يضرب إشعاع الشمس الأرض، ينعكس حوالي 30٪ على الفور مرة أخرى إلى الفضاء عن طريق السحب، بينما ال 70٪ المتبقية تمتصها الأرض والمحيطات والغلاف الجوي. وهذه هي الطاقة التي تدفئ الأرض وتدفع نظامها المناخي.[4]

مكونات النظام المناخي

الغلاف الجوي ليس نظامًا معزولًا، بل يتفاعل مع المكونات الأخرى لنظام الأرض، كالغلاف الجليدي (الجليد والثلج)، والمحيط الحيوي (الحيوانات والنباتات)، والغلاف الأرضي (التربة)، وبالتالي تشكل كل هذه العناصر معًا النظام المناخي، الذي ترتبط مكوناته وعملياته الفردية ببعضها البعض وتؤثر على بعضها البعض بطرق متنوعة.[5]

وبالتالي فإن الأنظمة الفيزيائية التى تشكل مناخ الأرض هى:

  1. الغلاف الجوي (الهواء)
  2. الغلاف المائي (الماء)
  3. الغلاف الجليدي (الجليد)
  4. الليثوسفير ( طبقة الارض الخارجية)
  5. المحيط الحيوي (الكائنات الحية)

 تعمل هذه الأنظمة على امتصاص الطاقة وانعكاسها بدرجات مختلفة، كما أن لها تأثيرات متفاوتةعلى الطقس والمناخ.

الشمس والأنظمة الفيزيائية الخاصة بمناخ الأرض

1- الغلاف الجوي

عندما تضرب طاقة الشمس الأرض، فإنها تصادف أولاً الغلاف الجوي، الذي يتكون من جزيئات مختلفة تعكس الحرارة وتمتصها. وتعمل غازات الدفيئة (الأوزون وثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء) على امتصاص  الإشعاع القادم من الشمس. عندما تقوم الشمس بتسخين الأسطح الصلبة والسائلة للأرض، يتم نقل بعض هذه الحرارة مرة أخرى إلى الغلاف الجوي من خلال التبخر والحمل الحراري.

خلال عملية التبخر يتم تسخين المياه في بحيراتنا ومحيطاتنا وفي باطن الأرض وتتحول إلى بخار ماء، فتشكل السحب والأمطار، ويسقط المطر فتبرد الأرض مرة أخرى.

 أثناء الحمل الحراري (انتقال الحرارة من خلال الحركة الجزيئية)، يرتفع الهواء الدافئ بينما يسقط الهواء البارد، وهذا يخلق تيارًا تصاعديًا في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى أنظمة الرياح والطقس.

2- المحيط المائي

يعمل ضوء الشمس على تسخين المياه السطحية، مما يؤدي إلى تبخرها في الغلاف الجوي، ومن ثم تتكثف وتعود إلى الأرض مرة أخري على شكل مطر أو ثلج.

يختلف هطول الأمطار عبر الأرض من منطقة لأخري، فعلى سبيل المثال، تتلقى المناطق الاستوائية الرطبة الدافئة ضوءًا مباشرًا وشديدًا أكثر من المناطق القطبية. نظرًا لأن هذه المناطق أقرب إلى المسطحات المائية الأكبر، فإن دورة المياه في هذه المناطق تخلق هطولًا أكبر بكثير من المناطق القطبية و الأكثر جفافاً. ولهذا السبب فنحن نري الأمطار في غابات أمريكا الجنوبية على سبيل المثال أكثر من صحاري كاليفورنيا.

3- الغلاف الجليدي

يعمل  الغلاف الجليدي  على امتصاص الطاقة وانعكاسها بشكل مختلف عن الأسطح الأخرى الموجودة على سطح الأرض. ونظرًا لأن الجليد أخف بكثير من الصخور والتربة  فيعمل على انعكاس المزيد من الطاقة.

لا  يشتمل الغلاف الجليدى على المناطق القطبية فحسب، بل يتشمل أيضًا على الجبال المغطاة بالثلوج والبحيرات المتجمدة خلال أشهر الشتاء.

عندما تنخفض ​​عدد الأسطح المتجمدة عن طريق ذوبان الغطاء الجليدي القطبي فإن كمية الطاقة التى تنعكس إلى الفضاء تصبح أقل. وبالتالي فإن الزيادة الناتجة في بخار الماء في غلافنا الجوي تمتص الحرارة وتحبسها مما يؤدي في النهاية إلى ارتفاع درجة حرارة مناخ الأرض.[6]

4- الليثوسفير 

يتفاعل الغلاف الصخري ” الليثوسفير” مع الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الجليدي للتأثير على الاختلافات في درجات الحرارة على سطح الأرض، فالجبال الشاهقة على سبيل المثال، تكون درجة الحرارة على سطحها أقل بكثير من الوديان أو التلال.[7]

5-المحيط الحيوي (الكائنات الحية) 

 يشتمل المحيط الحيوي على الهواء والمزارع والبشر، ويلعب المحيط الحيوي دورًا رئيسيًا في دورة الكربون وفي تحديد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.[8]

ميزان النظام المناخي

النظام المناخي مدفوع بالطاقة التي يتم تلقيها من الشمس، تنعكس بعض هذه الطاقة مرة أخرى إلى الفضاء، بينما يتم امتصاص الباقي بواسطة الأرض والمحيطات و يُعرف هذا باسم “توازن حرارة الأرض”، وهو ما يحدد درجة حرارة الأرض.

لكن هذا التوازن ليس بهذه البساطة، فقد يحدث أن لا يتلقى خط الاستواء والقطبين نفس الكميات من طاقة الشمس وبالتالي يؤدي هذا التسخين غير المنتظم إلى اختلافات في درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، والتي يعمل الغلاف الجوي والمحيطات على تقليلها عن طريق نقل الحرارة من المناطق المدارية الدافئة إلى الأقطاب الباردة. كما أن بعض الطاقة التي يتم انعكاسها أو انبعاثها من الأرض والمحيطات قد تتأثر بفعل غازات الاحتباس الحراري مما يعمل على حبس بعض الضوء.

التغيرات في ميزان الطاقة

عندما يتغير توازن الطاقة، تتغير كمية الحرارة في النظام المناخي، وبالتالي تتغير عمليات نقل الحرارة. هذه التغيرات لها تأثير محتمل على المناخ الإقليمي والعالمي، ويمكن أن تؤدي أيضًا إلى أحداث مناخية شديدة، ولكن حتى التغييرات الطفيفة في أنماط الطقس العالمية لها عواقب بعيدة المدى.[9]

المراجع

(1)climatehealthconnect.org
(2)americangeosciences
(3)caro
(4),(6)study.com
(5)worldoceanreview
(7)nationalgeographic
(8)nsw
(9)energyeducation

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Asmaa Wesam
Author: Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة جغرافيا

User Avatar

Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.


عدد مقالات الكاتب : 54
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *