Ad
هذه المقالة هي الجزء 8 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

“التحدي البيئي الأكبر في عصرنا” هكذا وُصِف التصحر الذي يعد مشكلة عالمية. على الرغم من أن المصطلح قد يعيد إلى الأذهان الكثبان الرملية التي تجتاحها الرياح في الصحراء، إلا أن المشكلة  تتجاوز أولئك الذين يعيشون في صحاري العالم وحولها، مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش أكثر من ملياري شخص حول العالم.

 سوء إدارة الأراضي والاستخدام غير المستدام للمياه العذبة والتغيرات المناخية كل هذه العوامل أدت إلى تفاقم الأوضاع في المناطق التي تعاني من ندرة المياه حول العالم.[1]

تعريف التصحر

وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1994 يعرف التصحر بأنه” تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، الناتج عن عوامل مختلفة بما في ذلك التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.

تُعرف المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة  باسم “الأراضي الجافة”. هذه المناطق تتلقي القليل نسبيًا من الأمطار أو الثلوج كل عام.[2]

أين يحدث التصحر؟

ينتشر خطر التصحر على نطاق واسع ويمتد إلى أكثر من 100 دولة، ويصيب بعض أفقر السكان وأكثرهم ضعفاً. ووفقًا لأطلس التصحر العالمي التابع للمفوضية الأوروبية، فإن أكثر من 75% من مساحة الأرض متدهورة بالفعل، ويمكن أن يتدهور أكثر من 90 % بحلول عام 2050.

  وتشير إحدي الدراسات إلى أنه من المحتمل أن تشهد منطقة البحر المتوسط تحولًا جذريًا مع ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين. ووجدت دراسة أخري أن ارتفاع درجات الحرارة قد يؤدي إلى جفاف ما يصل إلى 30% من سطح الأرض.[3]

الأسباب المباشرة للتصحر

يمكن تقسيم الأسباب المباشرة للتصحر إلى الأسباب المتعلقة  بكيفية إدارة الأرض، وتلك المتعلقة بالمناخ. تشمل الأولي العديد من العوامل كالرعي الجائر والإفراط في زراعة المحاصيل، وسبل الري غير المناسبة،  بينما تشمل الثانية التقلبات المناخية والاحترار العالمي الناتج عن انبعاثات الدفيئة التى يسببها الإنسان.[4]

1-الرعي الجائر

يحدث التصحر عادة في المراعي، وغالبًا ما تبدًا عملية تلف التربة وفقدانها بسبب نشاط حيوانات الرعي. فوجودها بداخل الأراضي المزروعة يمكن أن يعوق نمو النباتات بشكل كبير، مع انخفاض الأنسجة القادرة على التمثيل الغذائي. وفي كثير من الأحيان يمكن أن تؤدي الحركة المتكررة لقطعان الماشية إلى ضغط التربة مما يعوق حركة نموالنباتات.

2- سبل الري غير المناسبة

السبب الرئيسي لانخفاض الإنتاجية الزراعية هو تراكم الأملاح في التربة.فهناك فرق بين مياه الأمطار والمياه المستخدمة للري. المياه المستخدمة للري هي نتيجة الجريان السطحي من هطول الأمطار. يتسرب الجريان السطحي عبر التربة ويجمع الكثير من الأملاح التى يواجهها، أن لم يجد طريقه إلى الأنهار أو إلى طبقات المياه الجوفية.

عند استخدامه لري المحاصيل، تتبخر المياه وتترك ورائها الكثير من الأملاح التي تم جمعها. يمكن لهذه العملية أن تحول الأراضي المنتجة إلى مسطحات ملحية قاحلة.

توجد معظم الأراضي الزراعية المتدهورة بسبب الملوحة في آسيا وجنوب غرب أمريكا الشمالية، والتي تمثل حوالى 75 و 15% من الإجمالي العالمي، فعلى سبيل المثال فقد العراق أكثر من 70% من أراضيه بسبب الأملا التى جعلتها غير صالحة للزراعة.[5]

ويتسبب تآكل التربة بسبب المياه في خسائر عالمية تصل إلى نحو 42 مليون طن من النيتروجين و 26 مليون طن من الفوسفور كل عام.

3- التعرية

تعتبر التعرية التى تعني التكسير التدريجي للتربة والصخور وإزالتها إحدى العوامل الأساسية للتصحر، ويحدث هذا عادة عن طريق بعض الأنشطة الطبيعية كالرياح والأمطار والأمواج، وفي بعض الأحيان تتسبب الأنشطة البشرية في حدوث التعرية.[6]

التصحر والتغيرات المناخية

تحتوي تربة الأراضي الجافة على أكثر من ربع مخزون الكربون العضوي في العالم. قد يؤدي التصحر  إلى إطلاق كميات كبيرة من الكربون في الغلاف الجوي العالمي. وتشير التقديرات إلى أن الأراضى الجافة تطلق كميات من الكربون تقدر بنحو 300 مليون طن نتيجة للتصحر كل عام.

 قد يؤثر تغير المناخ سلبًا على التنوع البيولوجي ويزيد من حدة التصحر بسبب زيادة التبخر والنتح والانخفاض المحتمل في هطول الأمطار في الأراضي الجافة.[7]

يمكن أن تؤثر الظواهر الجوية المتطرفة  من الاحترار العالمي وغيره على أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى حدوث التصحر. فإنخفاض الأمطار أو كثافتها من الممكن أن يؤدي إلى جفاف التربة وبالتالى تصبح أكثر عرضة للتآكل [8].

وتقدر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أننا نفقد حوالي 12 مليون هكتار من الأراضي المنتجة كل عام وذلك بسبب التصحر والجفاف.[9]

تأثير التصحر على صحة الإنسان

للتصحر العديد من الآثار المحتملة على صحة الإنسان وتشمل:

1-مخاطر سوء التغذية الناتجة عن انخفاض إمدادات الغذاء والماء.

2- الأمراض التي تنقلها المياه والأغذية الناتجة عن سوء النظافة، ونقص موارد المياه النظيفة.

3- قد تتسبب هجرة السكان في انتشار الأمراض المعدية.

4- أمراض الجهاز التنفسي التي يسببها الغبار الجوي الناجم عن التعرية بفعل الرياح وملوثات الهواء الأخرى.[10].

وتعتبر زيادة العواصف الترابية المرتبطة بالتصحر سببًا لاعتلال الصحة  ويمكن أن تسبب العديد من الأمراض كالحمى والسعال والتهاب العيون، فعلى سبيل المثال تسبب الغبار المنبعث من منطقة شرق آسيا  في الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي في أماكن بعيدة مثل أمريكا الشمالية، وأثر على الشعاب المرجانية في منطقة البحر الكاريبي.[11]

كيف نكافح التصحر؟

في عام 1994، أنشأت الأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة التصحروذلك بالتعاون مع 122 دولة، والتي تضمنت التعاون مع المزارعين لحماية أراضيهم الصالحة للزراعة، وإصلاح الأراضي المتدهورة، وإدارة إمدادات المياه بشكل أكثر فعالية.

كما أنشأت الأمم المتحدة لمكافحة التصحر مبادرة الجدار الأخضر العظيم، وهي مبادرة لاستصلاح حوالى 100 مليون هكتار من الأراضى المتدهورة، في قارة إفريقيا عبر 20 دولة بحلول عام 2030.[12]

تتضمن بعض التقنيات التي قد تساعد في التخفيف من عواقب التصحر في الأراضي الزراعية في الآتي:

1-مصائد الملح: والتي تمنع الأملاح من الوصول إلى سطح التربة وتساعد أيضًا على منع فقدان الماء.

2- تحسينات الري: تتضمن هذه التقنية تغيرات في تصميم أنظمة الري لمنع المياه من التجمع أو التبخر بسهولة من التربة.

3- تناوب المحاصيل:  والذي يتضمن تنوع زراعة المحاصيل على نفس قطعة الأرض على مدار المواسم الزراعية المختلفة، مما يساعد في الحفاظ علي إنتاجية التربة.

4- الرعي الدوراني: ويتضمن التنقل إلى مناطق الرعي المختلفة، حتي لا تتسبب الماشية في أضرار دائمة للنباتات والتربة.

5- مصدات الرياح: وهي عبارة عن مجموعة من الأشجار التي يتم زراعتها على طول الأراضى الزراعية، وتستخدم في المقام الأول لإبطاء تآكل التربة الناتج عن الرياح ولكن يمكن استخدامها لمنع زحف الكثبان الرملية.[13]

المراجع

(1)climate-diplomacy

(2)(4),,(6),(8)carbonbrief

(3),(12)nationalgeographic

(5),(13)britannica

(7)greenfacts

(9)unccd

(10)who

(11)greenfact

image source:premiumtimesng

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة

User Avatar

Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.


عدد مقالات الكاتب : 44
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق