Ad
هذه المقالة هي الجزء 10 من 10 في سلسلة مقدمة عن البورصة وكيفية الاستثمار فيها

تؤثر الأزمات الاقتصادية في سوق الأسهم بنفس الكيفية التي تؤثر بها سوق الأسهم في الاقتصاد. ينبغي فهم تقلبات الاقتصاد للخروج بأقل الخسائر. عندما ينزلق الاقتصاد نحو الركود، من الطبيعي أن يقلق المستثمرون حيال هبوط أسعار الأسهم وتأثير ذلك في محافظهم الاستثمارية. في الوقت عينه، قد تقرأ تقارير عن انخفاض أسعار الوحدات السكنية، وارتفاع أصوات البطالة، وربما تقلص الناتج الاقتصادي. ولكن ما علاقة البناء وتقلص الإنتاج بمحفظة أعمالك؟ وبغض النظر عن كل هذه المخاطر، كيف يؤثر الركود عليك بصفتك مستثمرًا؟

فكرة عامة حول دورة الأعمال

 تتعلق هذه الأعراض السابق ذكرها بجزء أكبرمن الصورة، بتلك القوة التي تحدد قوة الاقتصاد وتشير إلى ما إذا كنا في فترة ركود (Recession) أو توسع (Expansion). لفهم حالة الاقتصاد في وقت معين وكيف يؤثر ذلك في سوق الأسهم، سنستهل حديثنا بمفهوم دورة الأعمال (Business Cycle). تتكون دورة الأعمال من أربع فترات نشاط مختلفة، يمكن أن تستمر كل منها لأشهر أو لسنوات [1].

ما هي دورة الأعمال؟

تشير دورة الأعمال إلى التقلبات في النشاط الاقتصادي التي يمر بها الاقتصاد على مدى زمني محدد. يمكننا القول أنها كالمد والجزر في الاقتصاد.  في مرحلة الذروة، يتسم الاقتصاد بكونه صحيا وآخذا في النمو؛  وغالبًا ما تصل أسعار أسهم الشركات إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. أما خلال مرحلة الركود في دورة الأعمال، ينخفض ​​الدخل وتتبعه العمالة؛ كما تنخفض أسعار الأسهم إذ تكافح الشركات للحفاظ على ربحيتها. تظهر علامة أن الاقتصاد قد دخل مرحلة الحضيض في ارتفاع أسعار الأسهم بعد انخفاض كبير.

١- الذروة  Peak

تحدث حين يكون الاقتصاد بكامل قوته. تكاد البطالة تنعدم، وينمو الناتج المحلي الإجمالي ويزدهر، ويرتفع دخل الفرد حتى يظن أنه لن يشقى بعدها أبدًا. ينعكس كل هذا النشاط الاقتصادي الإيجابي في أسعار الأسهم. إذ ترتفع أسعار الأسهم في شتى الشركات والصناعات إلى أعلى مستوى. وقد تزيد الشركات توزيعات الأرباح لإظهار الدعم للمستثمرين الذين ما فتئوا يشترون الأسهم ويزيدون رأس المال. ولأن السماء لا تمطر ذهبًا، ينتج تضخم (Inflation) وتميل الأسعار إلى الارتفاع. ومع ذلك، فإن معظم الشركات والعمال والمستثمرين يجدون خلاصهم في أوقات الازدهار.

 «كل ما ارتفع آيل إلى سقوط»

٢- الركود  Recession

بعد الانغماس في النمو، يأخذ الدخل إلى جانب العمالة في الانخفاض لأسباب يفنى دونها العادّون.  يمكن أن يكون حدثًا خارجيًا يؤدي إلى الهبوط، مثل احتلال لا قبل لنا به أو صدمة العرض عن طريق الزيادة المفاجئة للمعروض أو نقصانه، أو تصحيحات السوق المفاجئة (Corrections) لتعديل أسعار الأصول، أو انخفاض إنفاق المستهلك بسبب التضخم، ما قد يدفع الشركات إلى تسريح الموظفين. خلال فترة الركود، عادة ما تنخفض أسعار الأسهم. يمكن أن تكون الأسواق متقلبة إذ يتفاعل المستثمرون بسرعة مع أي تلميح بالصحف – سواء كان خبرًا جيدًا أو سيئًا – ويمكن أن يتسبب إيثار السلامة في قيام بعض المستثمرين بسحب أموالهم من سوق الأسهم بالكامل.

 ولأن شركات الأجور تدفع للعمال والأسعار التي يتقاضاها المستهلكون «غير مرنة» أو لا تتغير بتغير الظروف، فإن تقليص الرواتب استجابة شائعة.  يؤدي ارتفاع معدل البطالة إلى خفض الاستهلاكية وبالتالي خلق حلقة مفرغة من الانكماش الاقتصادي (Economic Contraction).  يُعرَّف الركود عمومًا على أنه ربعان متتاليان أو أكثر من الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي. يعرّف المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) الركود بأنه أيّ فترة يحدث فيها «انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي يستشري في الاقتصاد كله ويستمر لأكثر من بضعة أشهر». وقد استخدموا مجموعة متنوعة من العوامل لصياغة التعريف مثل الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف ومبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي.

٣- الحضيض  Through

الحضيض جزء من دورة الأعمال. يتحقق إبان وصول الإنتاج والعمالة إلى أدنى مستوياتها قبل أن تبدأ في الارتفاع مرة أخرى.  في هذه المرحلة، تهدأ حركة الإنفاق والاستثمار على نحو ملحوظ، ما يفضي إلى انخفاض الأسعار والأجور. قد صعب إدراك المرحلة أثناء حدوثها، ولكن يمكن إدراكها بعد الوقوع. إنها النقطة التي ينتقل فيها النشاط التجاري من الانكماش إلى الانتعاش.  من علامات المرحلة – أو إنذار بدُنوها-، ارتفاع أسعار الأسهم بعد انخفاض. تضفي إعادة التوازن الاقتصادي تلك جاذبية على المشتريات في حالة المستهلكين والاستثمارات الجديدة – في العمالة والأصول – في حالة الشركات.

٤- الانتعاش والتوسع  Recovery and Expansion

يشرع الاقتصاد أثناء الانتعاش أو «التوسع» في النمو مرة أخرى، حيث ينفِق المستهلكين أكثر، وتزيد الشركات من إنتاجها، ما يؤدي إلى توظيف المزيد من العمال. كما تظهر المنافسة على العمالة، ما يرفع الأجور ويضع المزيد من الأموال في جيوب العمال والمستهلكين. يسمح ذلك للشركات بفرض مزيد من الرسوم على المنتجات، ما يؤدي إلى حدوث تضخم يبدأ منخفضًا وبطيئًا ولكنه قد يؤدي في النهاية إلى توقف النمو وبدء الدورة مرة أخرى عند ارتفاعه. ومع ذلك، على المدى البعيد، تميل معظم الاقتصادات إلى النمو، إذ تربو كل ذروة عن سابقتها.

لنضع النقاط على الحروف، لن تغني عنك دورة الأعمال شيئًا ما لم تستغلها لتحسين عوائد محفظتك. ما الذي يجب على المستثمر فعله خلال فترة الركود؟ تعتمد الإجابة  على أي نوع من المستثمرين أنت.

النوع الأول

يستفيد النوع الأول من الأزمات عن طريق البيع على المكشوف (Short Selling). ما يعني أنهم يكسبون المال عندما تنخفض أسعار الأسهم ويخسرون الأموال عند ارتفاعها.  يجب على المستثمرين المتمرسين فقط استخدام هذه الطريقة، نظرًا لمخاطرها. والأهم من ذلك هو أن الخسائر الناتجة عن البيع على المكشوف غير محدودة من الناحية النظرية إذ لا يوجد حد واضح لمدى ارتفاع قيمة السهم.

النوع الثاني

مَثل الركود عند جيل آخر من المستثمرين كمثل التخفيضات في محل البقالة المجاور لمنزلك. تُعرف هذه الطريقة باسم الاستثمار في القيمة (Value Investing). ينظر هؤلاء إلى انخفاض سعر السهم بصفته صفقة تنتظر تحصيلها، والمراهنة على أن الاقتصاد سيتحسن في نهاية المطاف. يستفيد المستثمرون في القيمة من الأسواق الهابطة في انتقاء أسهم عالية الجودة بسعر رخيص.

النوع الثالث

الذين يمر عليهم الركود خفيفًا وبلا تخبط.. يعرف المستثمر (تبعًا لإستراتيجية الشراء والاحتفاظ طويلة الأجل) أن المشكلات قصيرة الأجل مجرد صورة على الرسم البياني على مدى 20 إلى 30 عامًا. وأنه لا داعي للمبالغة.

كيف يتصرف المستثمر المبتدئ؟

قلما يمتلك أحدنا رفاهية استباق الزمن بعقود، أو قلبًا من حديد لئلا يحزن عند الخسارة.  الاستثمار في القيمة ليس متاحًا للجميع أيضًا، لأنه يتطلب بحثًا مكثفًا، بينما يتطلب البيع على المكشوف انضباطًا وصرامة أكثر من طريقة الشراء والاحتفاظ. بيت القصيد هو فهم موقفك واختيار الأسلوب الذي يناسبك .إذا شارفت على التقاعد مثلًا، فإن النهج طويل الأمد ليس مناسبًا لك بالتأكيد.  بدلًا من العيش تحت رحمة سوق الأوراق المالية، فكر في التنويع في أصول أخرى مثل سندات الخزينة وصناديق سوق المال وشهادات الإيداع (CDs).

دورة الأعمال غير منزهة عن الخطأ

غالَى واضع نموذج دورة الأعمال في التبسيط. إذ تواجه الاقتصادات أحيانًا ركودًا مزدوجًا. فقد يحدث ركود جديد عقب تعاف قصير. ولا تتمتع جميع الاقتصادات بمسار نمو طويل الأجل. العلاقات بين الإنفاق والأسعار والأجور والإنتاج الموصوفة أعلاه هي أيضًا أبسط من الواقع.  غالبًا ما يكون للحكومات يد في جميع مراحل الدورة.  يمكن أن يؤدي الإفراط في الضرائب أو التنظيم أو طباعة النقود إلى حدوث ركود. في حين أن التحفيز المالي والنقدي يمكن أن يحيل الاقتصاد المنكمش انتعاشًا. أي أن النتائج تخرج عن النص ويحدث انتعاش بدلًا من إعادة التوازن فحسب.

 قد تشعر عند قراءة الأخبار في إحدى فترات الركود بأن الساعة آتية. لكنّ فهم دورة الأعمال يوضح أن فترات الانكماش جزء طبيعي من كل اقتصاد فاعل. عندما يبدأ الاقتصاد في إظهار علامات الركود، يجدر بك وضع استراتيجية للتعامل مع المخاطر بناءً على وضعك المالي.

ما القطاعات التي لا تتأثر بالركود؟

تميل بعض القطاعات إلى الأداء بشكل أفضل من غيرها خلال فترة الركود. على سبيل المثال، عادةً ما تكون الأسهم الدفاعية – مثل السلع الاستهلاكية والرعاية الصحية – أقل تأثرًا بالانكماش الاقتصادي من الأسهم الدورية – مثل الطاقة والصناعة.  وذلك لأن المستهلكين لا يزالون بحاجة إلى شراء الطعام ودفع المال مقابل الرعاية الصحية حتى في الأوقات العصيبة.  قد لا يكونون قادرين على تحمل تكاليف الكماليات مثل السيارات الجديدة أو الإجازات، لكنهم ما زالوا بحاجة إلى الأساسيات.

تميل أسهم القيمة أيضًا إلى التفوق على أسهم النمو (Growth Stocks) خلال فترة الركود، لأن أسهم القيمة ( التي قيمتها في التداول أقل من قيمتها الفعلية) عادة ما تكون أرخص وبالتالي أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن صفقات جيدة. بالرغم من أن أسهم النمو أعلى تكلفة، يمكن أن تكون صفقة رابحة خلال فترة الانكماش الاقتصادي [2].

 في الختام، تعتمد كيفية تصرف الأسهم خلال فترة الركود على القطاع الذي تعمل فيه. تُصنف بعض القطاعات، مثل الرعاية الصحية والمرافق، على أنها دفاعية، لأنها توفر السلع والخدمات الأساسية التي لا يزال الناس بحاجة إليها حتى عندما تكون الظروف الاقتصادية غير مواتية. نتيجة لذلك، تميل هذه القطاعات إلى التفوق في الأداء على السوق خلال فترة الركود. تندرج القطاعات الأخرى، مثل الكماليات تحت التصنيف الدوري.  هذا لأنهم أكثر حساسية للتغيرات في الظروف الاقتصادية. يتمثل الحل في التنويع لأولئك الذين يرغبون في حماية محافظهم من الجانب السلبي المحتمل للانكماش الاقتصادي والذين يترقبون ثمار الانتعاش النهائي.

كيف يؤثر التضخم في سوق الأسهم؟

 لقد رأينا كيف يتسبب التضخم في قيام السلطات النقدية برفع أسعار الفائدة، تغير تلك الزيادة اتجاهات المستثمرين إذ يتركون الأسهم لصالح أدوات الدين، لأن نسبة المخاطرة إلى العائد قد تغيرت. لنفترض أن أدوات الدين قدمت في السابق عوائد بنسبة 6٪ سنويًا، والآن نقدم عائدًا قدره 8٪ سنويًا بسبب الزيادة في أسعار الفائدة. وبافتراض أن عوائد الأسهم ظلت ثابتة عند 15٪ ، فإن هذه البيانات تعني أن نسبة المخاطرة إلى العائد قد انخفضت من 2.5 مرة (15٪ / 6٪) إلى 1.9 مرة (15٪ / 8٪). ما يرجح كفة الاستثمار في أدوات الدين. إذ إن معدل العائد الذي تقدمه مقارنة بمخاطر الاستثمار جعلها خيارًا أفضل من الأسهم.

وعندما نستثمر المزيد من الأموال في أدوات مدرة للدخل الثابت مثل أدوات الدين، نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها، ينخفض ​​الطلب على الأصول ذات المخاطر العالية والتي يحتمل أن تكون ذات عائد مرتفع، مثل الأسهم. وهذا يؤثر سلباً على البورصة [3]. ومع ذلك، من المهم التأكد من أن صافي أسعار الفائدة الحقيقية (وهي العوائد المحققة على الاستثمار بعد احتساب الضرائب والتضخم) إيجابية. إذا كان التضخم أعلى من الفائدة المكتسبة، يجب ألا تستثمر في أدوات الدخل الثابت.

الخلاصة أن زيادة التضخم يزيد الفائدة على القروض، ما يجعل الاقتراض والإنفاق أكثر تكلفة على المؤسسات. مع زيادة تكلفة القروض، تزداد تكلفة رأس المال، الذي يعد بدوره مزيجًا من تكلفة حقوق الملكية والديون [4]. نتيجة لذلك، تنخفض قيمة التدفقات النقدية المتوقعة. وبما أن تقييم الأسهم (حساب قيمتها في نهاية فترة محاسبية معينة) يتم عن طريق خصم التدفقات النقدية المستقبلية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض في تقييم الأسهم وارتفاع معدل الخصم. وأخيرًا تصبح المؤسسات ذات المستويات الأعلى من الديون الأكثر شقاءً.

المصادر

  1. Investopedia
  2. Nasdaq
  3. Thrivent
  4. Forbes

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


اقتصاد

User Avatar

عصماء عصمت

أنقل الأفكار إلى العربية. مهتمة بالأدب واللغويات.


عدد مقالات الكاتب : 14
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : Chaimaebellahsaouia

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق