Ad

تاريخ العنصرية في امريكا

توالت الممارسات العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ الوهلة الأولى لتأسيسها. وطالت هذه الممارسات العديد من الأعراق والأجناس كالهنود الحمر والأمريكيين ذوي الأصل الياباني والأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي وتنوعت أهدافها ما بين الاستغلال الاقتصادي والسعي لإثبات فكرة سمو العرق الأبيض وتميزه عن سواه من الأعراق. في هذا المقال سنأخذك في جولة تاريخية تتعرف فيها عن نماذج من تاريخ العنصرية في امريكا.

 العنصرية ضد السكان الأصليين

بمجرد وصول المستكشفون الأوربيون لشواطئ أمريكا الشمالية، قام الوافدون الجدد على المنطقة بسلسة أعمال ممنهجة لإخضاع السكان الأصليين وغزو أراضيهم. أعتقد الأوربيون بأن السكان الأصليين متوحشون ووثنيون فسعوا إلى إجبارهم على اعتناق مبادئ الحضارة الأوروبية ونشر التعاليم المسيحية بالقوة. أدت تلك الأعمال إلى إبادات جماعية بحق السكان الأصليين وتهجيرهم من أراضيهم إضافة إلى محاولات القضاء على الإرث الثقافي للسكان الأصليين  فضلاً عن الاستيعاب القسري من خلال مؤسسات مثل المدارس السكنية وإنشاء “المحميات الهندية”. بالإضافة إلى ذلك ، سعوا إلى تكوين صور نمطية من خلال الأعمال السينمائية ووسائل الإعلام على أن السكان الأصليين متوحشون ومتعطشون للدماء وذلك تبريرًا لجرائمهم. وتُعد مجزرة غنادينهوتن من أشهر المجازر التي اُرتكبت بحق الهنود الحمر. فنتيجة للازدراء والعنصرية المتزايدة ضد السكان الأصليين ، أقدمت مجموعة من رجال الميليشيات البيضاء  في عام 1782على قتل 96 من هنود ديلاوير المسيحيين في ولاية  بنسالفينيا، حيث قاموا بضربهم حتى الموت باستخدام مطرقات خشبية وفؤوس. ولكي تتخيل عزيزي القارئ حجم المجازر التي ارتكبت بحق السكان الأصليين يكفي أن تعرف الإحصائية التالية: أصدرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 1500 تصريح لشن الحروب والغارات على الهنود الحمر ونتيجة لذلك تقلص عدد سكان الهنود الحمر مع نهاية آخر حرب في آواخر القرن التاسع عشر إلى 283000 نسمة وذلك من أصل حوالي 5 مليون إلى 15 مليون نسمة من السكان الأصليين الذين كانوا يعيشون في أمريكا الشمالية عندما وصل إليها المستكشف كولومبس عام 1492.

تاريخ العنصرية في امريكا

مجزرة غنادينهوتن عام 1782

جماعة كو كلوكس كلان العنصرية

تأسست جماعة «جماعةكو كلوكس كلان-ku klux klan» -أو ما تُعرف اختصارًا ب«KKK»- إبان الحرب الأهلية الأمريكية التي انتصر فيها الشمال على الجنوب. جاء تأسيس هذه الجماعة كردة فعل على قوانين إلغاء العبودية التي سنتها الحكومة الاتحادية الأمريكية وتمددت لتشمل كل ولاية جنوبية تقريبًا بجلول عام 1870 وأصحبت رمزًا لمقاومة الجنوبيين لسياسات عصر إعادة الإعمار التي تبنها الحزب الجمهوري آنذاك والتي تهدف لتحقيق المساواة السياسية والاقتصادية لذوي البشرة السوداء. وشن أعضاؤها حملات سرية من الترهيب والعنف موجهة ضد الزعماء الجمهوريين البيض والسود على حدٍ سواء. وعلى الرغم من تمرير الكونغرس قانونًا يهدف إلى الحد من إرهاب جماعة كلان، إلا أن الجماعة رأت أن هدفها الأساسي -استعادة سيادة البيض -تحقق من خلال الانتصارات الديمقراطية في المجالس التشريعية للولايات عبر الجنوب في سبعينيات القرن التاسع عشر. بعد فترة من التراجع، أعادت الجماعات البروتستانتية البيضاء إحياء كلان في أوائل القرن العشرين، وأحرقت الصلبان وشهدت مسيرات واستعراضات ومسيرات تدين المهاجرين والكاثوليك واليهود والسود والعمل المنظم. وشهدت حركات الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي ارتفاعًا في العنف من قبل جماعة كو كلوكس كلان ،بما في ذلك قصف المدارس والكنائس السوداء والعنف ضد النشطاء البيض والسود في الجنوب.

تاريخ العنصرية في امريكا

تاريخ العنصرية في امريكا

نشأة جماعة كو كلوكس كلان ونزعتها الدينية المتطرفة

أُعلن عن تأسيس أول فرع لجماعة كو كلوكس كلان عام 1866 في مدينة بولاسكي بولاية تينيسي الأمريكية. ووقف خلف تأسيس الجماعة من يُسمون أنفسهم بالمحاربين القدامى وأعضاء الجيش الكونفدرالي الذين قاتلوا السود في الحرب الأهلية وكانوا يرفضون إعادة توحيد الولايات المتحدة.  وفي صيف عام 1867، التقت الفروع المحلية للجماعة في مؤتمر تنظيمي وأسست ما أطلقوا عليه “إمبراطورية الجنوب غير المرئية”. اختار المؤسسون الجنرال الكونفيدرالي الرائد ناثان بيدفورد فورست كأول زعيم للجماعة وكان يُطلق عليه لقب “المشعوذ العظيم” و يرجع أصل تسمية هذه الجماعة إلى الكلمة اليونانية «kyklos» والتي تعني حلقة أو دائرة. عُرفت الجماعة بطابعها الديني المتشدد حيث كانت تستفتح مؤتمراتها بحرق الصليب ويرتدي أعضاؤها زي الأشباح مع قناع ذي شكل مخروطي حتى يظن السود أن أرواح جنود الكنفدراليين القتلى ظهرت لتنتقم منهم. ومع مرور الوقت خفت بريق هذه الجماعة نتيجة لتضييق الحكومة والقوانين عليهم حتى أتى القسيس «وليام جوزيف سيمونز-William Joseph Simmons» الذي أعاد الحياة إلى جماعة كلان وتضاعف أعداد الجماعة حتى وصلت إلى ذروتها في عشرينيات القرن الماضي بحوالي خمسة مليون عضو وهذا رقم كبير مقارنةً بعدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية في ذالك الوقت. أطلق القسيس جوزيف سيمونز على نفسه لقب المشعوذ الإمبراطوري وألّف كتاب يعتبر بمثابة الكتاب المقدس ُيدعى «كلوران-Kloran» ويحتوي على تشريعات وطقوس خاصة بالجماعة وأيضًا مراسيم الاجتماعات والحفلات.

تاريخ العنصرية في امريكا

طقوس جماعة كو كلوكس كلان

قوانين جون كرو

وهي عبارة عن مجموعة من القوانين الحكومية والمحلية التي شرعت الفصل العنصري. يُعود أصل تسميتها إلى شخصية هزلية متخلفة لتعمم الفكرة بأن كل السود على هذه الشاكلة. استمرت هذه القوانين منذ حقبة ما بعد الحرب الأهلية حتى عام 1968 وكانت تهدف إلى تهميش الأمريكيين ذوي الأصل الأفريقية من خلال حرمانهم من الحق في التصويت أو الوظائف أو الحصول على التعليم أو غيرها الفرص. غالبًا ما واجه أولئك الذين حاولوا تحدي قوانين جيم كرو الاعتقال والغرامات والعقوبات بالسجن والعنف والموت. تعددت أساليب الفصل العنصري في مختلف الولايات الأمريكية إذ كانت بعض الولايات تمنع ركوب ذوي البشرة السوداء مع الأمريكيين البيض في المواصلات العامة وكانت هناك مرافق مخصصة لذوي البشرة السوداء ويمنع عليهم مشاركة البيض المأكل والمشرب ودورات المياه والمدارس. وبعض الولايات خصصت مقطورات محددة من القطار للسود ودور سينما وكراسي انتظار مقسمة على أساس اللون.

الفصل العنصري في دورات المياه

العنصرية ضد الأمريكيين من أصل ياباني

قصف سلاح الجو الياباني ميناء “بيرال هاربور” في هاواي عام 1941 وأعقب ذلك القصف حملات عنصرية ضد الأمريكيين ذوي الأصل الياباني في سيناريو مشابه لما حدث للمسلمين في أمريكا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. أصبح الأمريكيون اليابانيون أهدافًا للمضايقة والتمييز والمراقبة الحكومية باعتبارهم جواسيس للإمبراطور الياباني آنذاك. لم يقف الأمر عند هذا الحد، ففي عام 1942 وقع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أمرًا تنفيذيا يسمح باعتقال الأمريكيين اليابانيين واعتبرهم أعداء للدولة. أُرسل أكثر من نصف 120 ألف أمريكي ياباني إلى المخيمات بالرغم من أنهم ولدوا وترعرعوا في الولايات المتحدة ولم تطأ أقدامهم أبدًا أرض اليابان وكان نصف الذين أرسلوا إلى المخيمات من الأطفال. ووفقًا لتقرير نشرته هيئة نقل الحرب والتي كانت تدير المخيمات عام 1943 أنه تم إيواء الأمريكيين اليابانيين في “ثكنات مغطاة بطبقة من الهيكل البسيط وبدون سباكة أو مرافق للطبخ “. هذه المساكن المكتظة كانت قاتمة ومحاطة بأسلاك شائكة حتى أن الرئيس روزفلت نفسه  أطلق عليهن اسم معسكرات الاعتقال. يمكنك مشاهدة تلك المعسكرات عزيزي القارئ في الموسم الثاني مسلسل «The Terror».

المصادر

history1

history2

history3

washingtonpos

britannica

The Reconstruction Era

legacy

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر سياسة تاريخ

User Avatar

Qaher Naji

درست تخصص هندسة كهربائية والكترونية، حاصل على درجة الماجستير في قسم التحكم الآلي، مهتم بالتكنولوجيا والهندسة.


عدد مقالات الكاتب : 46
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق