إنسان الغاب يفاجئ العلماء باستخدام النباتات الطبية في علاج الجروح

في الغابات المطيرة الكثيفة في إندونيسيا، ألقى اكتشاف رائع ضوءًا جديدًا على عالم التطبيب الذاتي الحيواني المذهل. كشفت دراسة حديثة، نشرت في مجلة Scientific Reports، أن إنسان الغاب، مثل البشر والشمبانزي، يستخدم النباتات لعلاج جروحه. هذا الاكتشاف الرائد له آثار مهمة على فهمنا لسلوك الحيوان وتطور الطب البشري.

أشرفت على الدراسة عالمة الرئيسيات إيزابيل لومر من معهد ماكس بلانك، التي لاحظت، مع زملائها، السلوك المذهل لذكر إنسان الغاب السومطري يُدعى راكوس. لوحظ أن راكوس يستخدم نباتًا طبيًا، يدعى أكار كونينج (فيبراوريا تينكتوريا)، لعلاج جرح مفتوح في وجهه. قام بجمع الأوراق ومضغها ووضع اللب على جرحه عدة مرات، مما يدل على فهم واضح للخصائص العلاجية للنبات. تمت الملاحظة في 25 يونيو 2022، في متنزه جونونج ليوسر الوطني، بإندونيسيا. تم إجراء البحث في الغابات المطيرة بإندونيسيا، حيث يتجول إنسان الغاب بحرية.

تفتح هذه الملاحظة الرائعة آفاقًا جديدة لفهم العلاج الذاتي للحيوانات وتطور الطب البشري. في الأقسام التالية، سوف نتعمق أكثر في العالم الرائع للشفاء الذاتي للحيوانات، ونستكشف المفاهيم العلمية والتاريخ وراء هذا الاكتشاف الرائد.

الصيدلة القديمة للرئيسيات

في العالم القديم، لم يكن البشر هم الوحيدون الذين يبحثون في خزانة الأدوية الطبيعية للعثور على علاجات لأمراضهم. كما أن أبناء عمومتنا من الرئيسيات يستخدمون العالم الطبيعي لتهدئة آلامهم وأمراضهم. من اللب المر لنبات فيرنونيا أميجدالينا لعلاج عدوى الديدان لدى الشمبانزي إلى الخلطات غير المعروفة التي يستخدمها إنسان الغاب، فإن استخدام النباتات كدواء هو سلوك يعود إلى ملايين السنين.

أحد الجوانب الأكثر روعة في العلاج الذاتي لدى الرئيسيات هو تنوع النباتات والمواد المستخدمة. في الكونغو، على سبيل المثال، لوحظ أن الشمبانزي يستخدم لحاء شجرة Ancistrocladus korupensis لعلاج الالتهابات الطفيلية. وفي أجزاء أخرى من أفريقيا، يستخدم الشمبانزي أوراق نبات Aspilia pluriiseta لدرء البعوض المسبب للملاريا. وتستمر قائمة النباتات الطبية التي تستخدمها الرئيسيات، حيث يقوم كل نوع بتطوير دستور الأدوية الخاص به على مدى ملايين السنين من التطور.

ولكن ما الذي يدفع هذه المخلوقات الذكية لاستكشاف محيطها لأغراض طبية؟ هل هي التجربة والخطأ، أم أن هناك فهمًا أعمق للعالم الطبيعي الذي يلعب دوره؟ يعتقد العلماء أن العديد من أنواع الرئيسيات قد طورت فهمًا فطريًا للنباتات التي يجب استخدامها للأغراض الطبية. غالبًا من خلال الملاحظة والتجريب. ويتم بعد ذلك تمرير هذه المعرفة عبر الأجيال، مما يسمح للأنواع بالتكيف والازدهار في بيئاتها.

بطبيعة الحال، لا يقتصر استخدام النباتات الطبية على الرئيسيات فقط. وقد لوحظ أن العديد من أنواع الحيوانات، من الطيور إلى الحشرات، تستخدم النباتات لعلاج الأمراض المختلفة. ومع ذلك، فإن التعقيد في العلاج الذاتي للرئيسيات، كما رأينا في حالة إنسان الغاب راكوس، يميز هذه المخلوقات الذكية عن غيرها من الحيوانات.

الكشف عن أسرار شفاء الجروح لدى إنسان الغاب

راكوس، ذكر إنسان الغاب السومطري، تمت ملاحظته وهو يستخدم نباتًا طبيًا، أكار كونينج (فيبراوريا تينكتوريا)، لعلاج جرح مفتوح في وجهه. ولكن ما الذي يجعل هذا السلوك مميزًا للغاية، وما هي الأسرار التي يمكننا كشفها حول قدرات شفاء الجروح لدى هذه المخلوقات الذكية؟

لفهم سلوك راكوس، نحتاج إلى الخوض في عالم كيمياء النبات الرائع. وقد تم توثيق الخصائص الطبية لأكار كونينغ بشكل جيد في الطب التقليدي، حيث تم استخدامه لعلاج الجروح والسكري والدوسنتاريا والملاريا. كشف تحليل التركيب الكيميائي للنبات عن خصائص مضادة للبكتيريا، ومضادة للالتهابات، ومضادة للفطريات، ومضادة للأكسدة – وهو مزيج قوي من عوامل الشفاء.

من المحتمل أن يكون راكوس قد اكتشف تأثيرات أكار كونينج في تخفيف الألم بالصدفة أثناء تناول النبات. وربما لاحظ أن النبات خفف من الانزعاج الناتج عن الجرح، مما دفعه إلى تكرار السلوك عدة مرات. تعتبر عملية الاكتشاف هذه أمرًا بالغ الأهمية في فهم أصول التطبيب الذاتي عند الحيوانات.

يثير سلوك راكوس أيضًا تساؤلات حول تعلم ونقل المعرفة المتعلقة بشفاء الجروح لدى إنسان الغاب. هل تعلم هذا السلوك من والدته أو من أعضاء المجموعة الآخرين، أم أنه اكتشفه بشكل مستقل؟ نظرًا لأن إنسان الغاب يتفرق عن مجموعات ولادته بمجرد وصوله إلى مرحلة النضج، فمن الممكن أن يكون راكوس قد أحضر معه هذه المعرفة من مجموعته الأصلية.

من الألم إلى الراحة: رحلة راكوس إلى الشفاء الذاتي

كان راكوس، إنسان الغاب واسع الحيلة، يتعامل مع جرح مفتوح مؤلم في وجهه، نتيجة معركة شرسة مع ذكر آخر. قاده بحثه عن الإغاثة إلى اكتشاف الخصائص العلاجية لنبات أكار كونينغ، وهو نبات طبي موطنه الغابات المطيرة الإندونيسية. لكن كيف تمكن راكوس، بذكائه وطبيعته الغريزية، من تجاوز تعقيدات التئام الجروح، وماذا يمكننا أن نتعلم من رحلته الرائعة؟

عندما قام راكوس بوضع لب أكار كونينج على جرحه، أظهر فهمًا واضحًا لخصائص النبات المسكنة والمضادة للبكتيريا. ومن خلال التطبيقات المتكررة، تمكن من تخفيف الألم والانزعاج المرتبط بإصابته. يثير هذا السلوك المتعمد تساؤلات حول المعرفة الفطرية لإنسان الغاب بطب النبات وقدرته على التكيف مع المواقف الجديدة.

ما الذي دفع راكوس للبحث عن أكار كونينج على وجه التحديد؟ هل كانت رائحة النبات القوية النفاذة، أم طعمه المرير، هو الذي ربما يشير إلى خصائصه الطبية؟ ربما لاحظ راكوس أن إنسان الغاب الآخر يستخدم النبات لأغراض مماثلة. مهما كان السبب، فإن تصرفات راكوس تُظهر مستوى من الوعي الذاتي وقدرات حل المشكلات لا تقل عن كونها رائعة.

كشف جذور الطب البشري

بينما نتعمق أكثر في عالم التطبيب الذاتي الحيواني الرائع، نبدأ في الكشف عن العلاقات المعقدة بين البشر والحيوانات والعالم الطبيعي. إن اكتشاف سلوك راكوس في علاج الجروح هو أكثر من مجرد حكاية رائعة – إنه نافذة على تطور الطب البشري.

يثير استخدام نباتات إنسان الغاب والرئيسيات الأخرى للنباتات الطبية تساؤلات مهمة حول أصول الطب البشري. إذا كانت القردة العليا مثل إنسان الغاب، والشمبانزي، والغوريلا تستخدم النباتات لعلاج أمراضها لملايين السنين، فمن أين تعلم البشر هذا السلوك؟ هل اكتشفنا النباتات الطبية بشكل مستقل، أم أننا تعلمنا من أبناء عمومتنا الرئيسيات؟

قد تكمن الإجابة في تاريخنا التطوري المشترك. لقد اختلف البشر والقردة العليا عن سلف مشترك منذ حوالي 6-8 ملايين سنة. خلال هذا الوقت، من المحتمل أن أسلافنا عاشوا على مقربة من بعضهم البعض، وتبادلوا المعرفة والسلوكيات. من الممكن أن يكون البشر الأوائل قد تعلموا عن النباتات الطبية من خلال مراقبة وتقليد سلوكيات أبناء عمومتهم من الرئيسيات.

الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف عميقة. إذا تعلم البشر في الواقع عن النباتات الطبية من القردة العليا، فهذا يعني أن فهمنا للطب البشري يرتبط بشكل أساسي بالعالم الطبيعي وتراثنا الرئيسي. وهذا يتحدى نظرتنا التقليدية للطب البشري باعتباره اختراعًا بشريًا بحتًا، مما يسلط الضوء على أهمية الترابط بين البشر والعالم الطبيعي.

نُشرت بواسطة

Elakademiapost

الأكاديمية هي مبادرة تطوعية غير ربحية تهدف إلى نشر العلم في المجتمع العربي من أجل غدٍ أفضل.

اترك تعليقإلغاء الرد

Exit mobile version