Ad

هل عانى الفايكنج من انتشار الأوبئة أيضًا ؟

الجدري في العصر الحديث انتشر الجدري في الماضي من شخص إلى الآخر عن طريق قطرات الرذاذ المحملة  بالفيروس، وقتل ما يقرب من ثلث المصابين به وترك ثلث آخر بعد أن أصابه بالعمى أو أصابه بندوب لم تختفي أبدًا. مات أكثر من 300 مليون شخص بسببه فقط في القرن العشرين قبل أن يتم القضاء عليه بشكل نهائي عام 1980 بعدما بذل العالم كله جهد كبير في الحصول على لقاح مناسب. ويعتبر أول مرض بشري في التاريخ يتم القضاء عليه بالكامل ! أما الآن، فقد قام فريق من العلماء حول العالم بترتيب الجينوم (التتابع الجيني الكامل) الخاص بسلالة جديدة من فيروس الجدري،  بعد استخراجها من أسنان جماجم محاربين الفايكنج من مواقع عديدة في شمال أوروبا. في نظرك، هل عانى الفايكنج من انتشار الأوبئة أيضًا ؟ كما نعاني نحن اليوم من انتشار وباء كوفيد 19 ؟

هل حقًا عانى الفايكنج من الجدري ؟

يقول البروفسور« Eske Willerslev »مؤلف الدراسة: “لقد اكتشفنا سلالات جديدة من الجدري في أسنان الهياكل العظمية للفايكنج ووجدنا أن تركيبهم الجيني مختلف عن الجدري الحديث الذي قضى عليه في القرن العشرين. وقد كنا نعلم بالفعل أن الفايكنج تنقلوا باستمرار في أوروبا وما بعدها، والآن نعلم أنهم كانوا مصابين بالجدري. وهذا يشبه ما حدث هذا العام حيث أدى تنقل الناس بسرعة إلى انتشار كوفيد 19 بشكل كبير حول العالم كما أدى الفايكنج إلى انتشار وباء الجدري بشكل كبير نتيجة تنقلهم. إلا أنهم كانوا يستعملون السفن بدلًا من الطائرات.

“تعد المعلومات الجينية التي استطعنا استخراجها من هذه الهياكل العظمية والتي يبلغ عمرها 1400 عام مهمة جدًا لأنها تساعدنا على معرفة التاريخ التطوري لفيروس الفاريولا الذي سبب الجدري.”

التصورات السابقة عن فيروس الجدري

في مطلع القرن العشرين، تم القضاء على الجدري في معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة ولكن ظل موجودًا لفترة في أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية. وقامت منظمة الصحة العالمية ببدء برنامج للقضاء عليه عام 1967 عن طريق تتبع ما يحدث بين الناس من اتصال جسدي أو حملات للتوعية والتواصل مع الناس بخصوص هذا المرض. ولكن يرجع الفضل في القضاء على المرض بالكامل إلى المصل الذي تم اكتشافه عام 1980.

يعتقد المؤرخين أن الجدري ربما كان موجودًا منذ 10 آلاف عام قبل الميلاد ولكن لم يكن هناك دليل حتى الآن يؤكد أن المرض كان موجودًا قبل القرن السابع عشر. وتظل الطريقة التي أصاب بها الفيروس البشر لأول مرة غير معروفة حتى الآن ولكن يعتقد (بالضبط كفيروس كورونا) أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر.

يقول بروفسور « Martin Sikora »من جامعة كوبنهاجن: “يظل التتابع الزمني الذي انتشر من خلاله الجدري غير واضح ولكن عن طريق ترتيب التتابع الجيني لأول سلالة من الفيروس القاتل، فقد أثبتنا ولأول مرة أن الجدري كان موجودًا في عصر الفايكنج.

ومع أننا لا ندرك ما إذا كانت هذه السلالة من الفيروس قاتلة وسببت موت أفراد الفايكنج الذين عثر في هياكلهم العظمية على سلالات الفيروس، إلا أننا ندرك أن هؤلاء الأفراد بالتأكيد ماتوا وكان فيروس الجدري في مجرى دمائهم. ومن المحتمل أيضًا أنه كانت هناك أوبئة أخرى قبل ذلك الوقت ولم يكتشف العلماء أدلة بعد على وجودها.” وجد فريق الباحثين فيروس الجدري في 11 موقع دفن يعود تاريخها إلى عصر الفايكنج في الدنمارك والنرويج وروسيا وكذلك المملكة المتحدة.

هل يتشابه الجدري في عصر الفايكنج مع الجدري في عصرنا ؟

يقول « Dr Lasse Vinner »، عالم فيروسات، :فهم التركيب الجيني لهذا الفيروس سيساعدنا في فهم تطوره وتطور الفيروسات الآخرى ويضيف الكثير إلى معرفتنا مما سيساعدنا على قتال الأمراض الفيروسية المنتشرة.

تظهر النسخة الأكثر قدمًا للفيروس أكثر تقاربًا من ناحية الجينات إلى مجموعة الفيروسات « poxviruses » والتي تصيب الحيوانات أمثال « camelpox » التي تصيب الجمال، و« taterapox » التي تصيب الجربوع. فلا تتشابه هذه النسخ القديمة كثيرًا مع النسخ الحديثة للفيروس التي تطور. نحن لا نعرف كيف تطور الفيروس في عصر الفايكنج ــ فيمكن أنه كان تركيبه الجيني مختلف كثيرًا عن السلالات الحديثة التي قتلت وشوهت مئات الملايين من البشر.”

يقول « Dr Terry Jones »:”يوجد هناك الكثير من الألغاز حول « poxviruses ». وعثورنا على فيروس الجدري المنتمي لتلك الجماعة من الفيروسات بتركيب جيني مختلف في عصر الفايكنج لهو حدث مميز حقًا. فلم يتوقع أحد أبدًا أن هذه السلالات من الجدري كانت موجودة. فقد اعتقدنا لمدة طويلة أن فيروس الجدري كان موجودًا في غربي أوروبا وجنوبها تقريبًا في عام 600م.

وقد أثبتنا كذلك أن الفيروس كان منتشر بشكل كبير في شمالي أوروبا. وقد اعتقد قديمًا أن الحملات الصليبية العائدة أو أحداث أخرى كانت هي السبب في جلب الجدري إلى أوروبا، ولكن لا يمكن لتلك النظريات أن تكون صحيحة. وعلى الرغم من أن قياسنا لتاريخ الأمراض يكون غامضًا في معظم الأحيان، فإن هذا الاكتشاف يجعل وجود الجدري أقدم بحوالي ألف عام.”

تقول « Dr Barbara Mühlemann »:”تمتلك تلك السلالات العتيقة من الفيروس أحماضًا نووية تختلف كثيرًا عن النسخ الأحدث . يوجد هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها أن يتطور الفيروس ويتحور لكي يصبح أكثر أو أقل خطرًا. ويعد هذا لمحة مهمة إلى الخطوات التي تطور بها فيروس فاريولا ليصل لشكله الحالي.”

بماذا يمكن أن تفيدنا تلك الدراسة ؟

ويضيف د/جونز: “معرفة الماضي تحمينا في الحاضر، عندما ينقرض حيوان أو نبات، فهو لا يعود مرة أخرى إلى الوجود، ولكن يمكن أن تحدث الطفرات ويمكن للفيروسات أن تتحور حول بقايا الحيوانات والتي تعتبر مستودع طبيعي لنشوء الفيروس مما يؤدي إلى ظهور « Zoonosis ».”

وتعرف ظاهرة  Zoonosis بأنها انتشار الأمراض المعدية نتيجة انتقال الكائن المسبب للمرض من الحيوان إلى الانسان.

ويلخص « Willerslev » قائلًا: “تم القضاء على الجدري ولكن يمكن أن تظهر سلالة جديدة من بقايا الحيوانات غدًا. فما نعرفه اليوم في 2020 عن الفيروسات والكائنات المسببة للأمراض والتي تؤثر على الانسان يعد نظرة خاطفة على الأوبئة التي أمرضت الناس على مر التاريخ.”

اعداد: طاهر إسماعيل

المصدر

Sciencedaily

Nytimes

انظر أيضًا

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء تاريخ طب

User Avatar

Taher Ismael


عدد مقالات الكاتب : 7
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق