محتويات المقال :
أثر المباني على البيئة
إذا سُئلت يومًا عن أكثر الأشياء الملوثة للبيئية والمستهلكة للموارد، فربما تكون إجابتك هي وسائل المواصلات أو المصانع. وعلى الأغلب فإن المباني سواء كانت مبنى سكنك أو مبنى الشركة التي تعمل بها لن تدخل قائمتك لأكثر الأشياء الملوثة للبيئية. ولكن طبقًا لـ«مجلس المباني الخضراء الأمريكي – U.S. Green Building Council» فإن المباني أحد أكثر الأشياء الملوثة للبيئية والمستهلكة للموارد على الإطلاق. ففي الولايات المتحدة وحدها:
- تستهلك المباني (24-50) % من إجمالي الطاقة المستهلكة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
- تستخدم 72 % من إجمالي الكهرباء في الولايات المتحدة.
- المباني مسئولة عن 38 % من إجمالي كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث في كافة أنحاء الولايات المتحدة. وبهذه النسبة فإنها تأتي في المركز الأول في قائمة المساهمين في انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة تليها وسائل المواصلات.
- تستخدم المباني 14 % من إجمالي المياه المستخدمة في الولايات المتحدة.
- تنتج 30 % من إجمالي النفايات في الولايات المتحدة ما يعادل 160 مليون طن من النفايات سنويًا.
- تستهلك 40 % من المواد الخام المستخدمة في الولايات المتحدة [1]
الاستدامة
نظرًا للأهمية التي يوليها العالم للتغيرات المناخية التي تحدث اليوم، هناك الكثير من المحاولات لتقليل آثار ملوثات البيئة – فعلى سبيل المثال إن جائزة نوبل للفيزياء عام 2021 تم منحها للعلماء المساهمين في فهم أسباب التغير المناخي-. وهناك تاريخ طويل لمحاولات المعماريين لتقليل أثر قطاع الإنشاءات على البيئة، مما جعل مصطلح مثل «الاستدامة – Sustainability» أحد أكثر المصطلحات استخدامًا اليوم في مجال العمارة.
الفرق بين البناء المستدام والمباني الخضراء
يمكن تعريف بـ «البناء المستدام – Sustainable construction» على أنه بناء وتشغيل بيئة صحية معتمدة على كفاءة الموارد والتصميم المراعي للبيئة. [2] أما «المباني الخضراء – Green Buildings» فهي المباني التي تم بناءها باستخدام مبادئ ومنهجيات البناء المستدام. أي أن البناء المستدام يُعنى بالجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمبنى من المنظور المجتمعي. أما المباني الخضراء فهو المبنى القائم بالفعل. [1]
بعض الحلول التي تقدمها المباني الخضراء
1- حلول لمشاكل الطاقة والبيئة
يمكن استغلال شكل المبنى وتوجيهه وكتلته والاستفادة منهم في تقليل كمية الإضاءة والطاقة التي يحتاجها المبنى. فعلى سبيل المثال تستخدم «مدرسة سميث المتوسطة – Smith middle school» في أمريكا نظام إضاءة يعتمد على ضوء الشمس بالكامل كما بالصورة رقم [1].
كما يستخدم أحد مباني «جامعة نوتينجهام -University of Nottingham» الهواء الجوي في تهوية المبنى بالكامل دون الحاجة إلى أي نظام تكييف عن طريق عمل تصميم يعمل على توجيه الهواء الجوي داخل المبنى كما موضح في الصورة رقم [2].
بالإضافة إلى استغلال شكل المبنى وتوجيهه وكتلته يمكن أيضًا توليد الكهرباء المستخدمة للمبنى من الطاقة النظيفة. فيمكن استخدام ألواح الطاقة الشمسية في انتاج كافة الكهرباء التي قد يحتاجها المبنى. [2] فقد بيّن الباحثون أنه يمكن إنتاج كافة الكهرباء التي يحتاجها مبنى مكون من طابق واحد عن طريق تغطية السطح الخاص بالمبنى بألواح طاقة شمسية بالكامل.[3] على سبيل المثال يستخدم المقر الرئيسي لشركة فيسبوك كهرباء نظيفة بالكامل معتمداً على ألواح طاقة شمسية منتشرة على سطح المبنى بالكامل.
كما يمكن أيضًا إنتاج الكهرباء من مصادر أخرى غير الطاقة الشمسية، ففي الصورة رقم [3] يستخدم مركز التجارة العالمي في مدينة المنامة بدولة البحرين ثلاث توربينات بقطر 29 متر لإنتاج 15% من الطاقة التي يحتاجها المبنى بالكامل. [2]
2- حلول لمشكلة المياه
يمكن محاولة حل مشكلة المياه في المباني الخضراء بعدة طرق. فيمكن عمل نظام لتجميع ومعالجة مياه الأمطار التي تهبط في حدود المبنى واستخدامها فيما بعد لري النباتات المجاورة. كما يمكن إنشاء نظام طبيعي لمعالجة مياه الصرف باستخدام أنواع معينة من النباتات فقط فيما يعرف بـ«الأراضي المبتلة – wet lands». ولكن لعل أهم استراتيجية يمكن استخدامها لتقليل كمية المياه المستخدمة هي «التركيبات منخفضة التدفق – low flow fixtures». تعد التركيبات منخفضة التدفق هي تركيبات صحية مثل المراحيض والمباول الأحواض التي تقلل تدفق المياه أثناء استخدامها. فالمراحيض على سبيل المثال تستهلك نصف ما يستهلكه أي مبنى من المياه تقريبًا. ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يتم استهلاك 18.2 مليار لتر من المياه يوميًا لدفق مياه المراحيض. فإذا ما تم استبدال كافة أنواع المراحيض في الولايات المتحدة بنوع آخر منخفض التدفق، والتي تعمل بنفس الكفاءة، فيمكن توفير 25000 لتر من المياه لكل شخص يوميًا. [2]
3- حلول لمشكلة النفايات
تحاول المباني الخضراء عموما استهلاك أقل قدر ممكن من المواد الخام الجديدة، فيما يعرف بعمل «دائرة مغلقة – closed loop» للموارد. يحاول مفهوم الدائرة المغلقة جعل الموارد مستخدمة دائمًا عن طريق إعادة الاستخدام أو إعادة التدوير بدلاً من التخلص منها كنفايات في دورة حياة المبنى، أو عندما يكون هناك هالك للمنتج. ولكن وعلى عكس المعتقد الشائع فإن إعادة التدوير ليست الحل الأمثل دائمًا بالنسبة لمخلفات مواد البناء، نتيجة ما سينتج عنه من انبعاثات للغازات الدفيئة. ولكن إعادة الاستخدام لا يتطلب دخول المواد في دورة صناعية جديدة. فيمكن استخدام هالك الطوب والسراميك والخرسانة والركام والبلاط في انتاج طبقة أساسات للطرق، كما يمكن استخدامها في انتاج خرسانات جديدة خضراء. لذلك فيمكن تقليل 160 طن من النفايات سنويًا في الولايات المتحدة وحدها إذا ما تم إعادة استخدام هالك مواد البناء. [2]
المصادر:
[1] LEED Core Concepts Guide
[2] Sustainable Construction: Green Building Design and Delivery
[3] Assessment of the Technical Potential for Achieving Net Zero-Energy Buildings in the Commercial Sector
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :