Ad
هذه المقالة هي الجزء 17 من 18 في سلسلة مقدمة في تغيرات المناخ وتأثيراتها البيئية

من مدن أوروبا التي غمرتها الفيضانات، إلى ضواحي كاليفورنيا المتفحمة بالنيران. ومن دلتا بنغلادش الغارقة بالمياه إلى الجزر التي تواجه ارتفاع منسوب مياه البحار. عواقب وخيمة انطوت على عدم كبح الزيادة في درجات الحرارة العالمية والتكيف مع كوكب أكثر حرارة. فخلال الثلاثين عامًا الماضية كان الهدف المهيمن هو خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. لذلك أضحت خطوات التكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة للحد من المخاطر.[1]

ماذا نعني بمصطلح “التكيف”؟ ولم اختلف عليه المناصرون؟

 يشير مصطلح التكيف مع تغير المناخ إلى أي نشاط يمكن من خلاله تقليل المخاطر والآثار السلبية لتغير المناخ، أو يساعد البشر على التكيف معه. ويتضمن التكيف إجراء تعديلات في قراراتنا وأنشطتنا وتفكيرنا بسبب التغيرات في مناخنا [2].

وفي وقت سابق خلال محادثات المناخ التي عقدت في عام 2002، ظهرت بعض الأحاديث عن حاجتنا إلى التكيف مع تغير المناخ، لكن كان للعديد من النشطاء البيئيين رأي آخر! إذ رأوا أن جهود التكيف مع الظروف المناخية المتطرفة بمثابة استسلام وإلهاء عن الحاجة إلى الحد من الانبعاثات.[3]

لماذا نحن بحاجة إلي التكيف؟

كان التكيف مع المشكلات البيئية محورًا للدراسات الأنثروبولوجية منذ مطلع القرن العشرين. وقد تم تطبيق مصطلح التكيف لأول مرة خلال التسعينات. ويتمثل الهدف الرئيسي للتكيف في رفع قدرتنا على الصمود، والذي بدونه تقل احتمالية نجاتنا ويزيد عدد الضحايا.[4]

يؤدي تغير المناخ إلى زعزعة استقرار المجتمعات واقتصاداتها، مما يقوض جهود التنمية المستدامة ويفاقم التحديات البيئية. وقد شهدت العديد من البلدان تأثيرات محلية وعالمية واسعة النطاق، تصاعدت حدتها ووتيرتها أكثر من أي وقت مضي[5]. فمنذ عام 2008 وحتي اليوم، تم تهجير ما يقرب من 21.5 مليون شخص سنويًا، بسبب المخاطر المفاجئة المرتبطة بالمناخ، كالفيضانات والعواصف وحرائق الغابات والجفاف وتآكل السواحل.

وهناك اتفاق كبير بين العلماء على أن تغير المناخ من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة أعداد النازحين في المستقبل.[6] كما أظهرت نتائج بحثية إلى أن حوالي 132 مليون شخص سيواجهون الفقر المدقع بسبب تغير المناخ بحلول 2030. لذلك يشدد البعض على أهمية التكيف مع الظروف المناخية حتى نتمكن من حماية الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا. [7]

الفئات الأكثر ضعفًا هم الأكثر تأثرًا

مع أن الدعوة إلى التكيف مع التغيرات المناخية واضحة، إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على التكيف. وذلك بسبب عدم وجود موارد لتلبية الاحتياجات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. فعلى سبيل المثال، تُقدَّر تكاليف التكيف التي تحتاجها البلدان النامية بحوالي 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. لكن في الوقت الحالي، تُنفَق ما نسبته 21% فقط من التمويل المتعلق بالمناخ الذي تقدمه البلدان الأكثر ثراءًا لمساعدة الدول النامية على التكيف والقدرة على الصمود، أي حوالي 16.8 مليار دولار سنويًا.

استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية

 حتي نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر الجوية المتطرفة. لذلك توجد العديد من الطرق التي نستطيع من خلالها التكيف مع ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل[8] والتي منها:

1- أنظمة الإنذار المبكر

وهي عبارة عن تقنيات يمكن من خلالها التنبؤ بوقوع العواصف وموجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة. ووفقًا لإحدي التقارير، فإن التحذير بفاصل 24 ساعة فقط يمكن أن يقلل الضرر الناتج بنسبة 30 %! كما أن الاستثمار بقيمة 800 مليون دولار وتزويد البلدان النامية بمثل هذه الأنظمة، ستحمي من خسائر قد تبلغ من 3 إلى 16 مليار دولار سنويًا.

2- البنية التحتية الخضراء

تحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الضعيفة يعني تحسين بنيتها التحتية وتعزيز قدرتها على التكيف. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن البنية التحتية الخضراء والمقاومة للظروف المناخية القاسية قادرة على توفير 4 دولارات من الفوائد مقابل كل دولار واحد من التكلفة.

3- تحسين الإنتاج الزراعي

يمكن أن يساعد الاستثمار في المحاصيل المقاومة للجفاف وتحديث أنظمة الري في حماية المزارع الصغيرة من ارتفاع درجات الحرارة.

4- حماية المانجروف

وهو عبارة عن مجموعة من أشجار المانجروف التي تنمو على طول السواحل لحمايتها. وتعمل أشجار المانغروف على التقليل من آثار العواصف التي تهدد المجتمعات الساحلية. ووفقًا لتقرير اللجنة العالمية المعنية بالتكيف، فإن غابات المانجروف قادرة على حماية حوالي 18 مليون شخص من خطر الفيضانات الساحلية، وتقليل الخسائر التي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار سنويًا.

5- الاستثمار في البنية التحتية للمياه

تشير التقديرات إلى أن حوالي 3.6مليار شخص ليس لديهم ما يكفي من الماء لسد احتياجاتهم خلال شهر واحد من العام. وقد يؤدي عدم اتخاذ التدابير اللازمة إلى تعريض حوالي 1.4 مليار شخص إضافي لنقص المياه بحلول عام 2050. لذلك يمكن أن يؤدي الاستثمار في البنية التحتية للمياه ومجمعات المياه الطبيعية إلى توسيع نطاق الوصول إلى المياه النظيفة. [9]

يبدو أن التكيف مع التغير المناخي أمر لا بد منه في ظل أعباء اقتصادية هائلة تحول من مواجهة التغيرات المناخية. فلنا أن نطرح سؤالنا الأول الذي حاولنا توضيح خلفياته في هذا المقال بقليل من العمق. هل سيصبح التكيف هو الحل؟ أم سيزيد من تعقيد المشكلة كما زعم بعض الناشطين؟ الرأي لك.

المصادر

(3),(1)nationalgeographic
(2)nrcan
(4)globalization and health
(5)wwf
(6) unhcr
(7)world bank
(8)un
(9)grist

Asmaa Wesam
Author: Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة

User Avatar

Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.


عدد مقالات الكاتب : 54
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *