Ad
هذه المقالة هي الجزء 9 من 11 في سلسلة أثر الموسيقى وتطورها

تشكّل الموسيقى واحدًا من أبرز الأوجه الثقافية للمجتمعات، وهي تؤثر وتتأثر بتطوّر هذه المجتمعات وتغيرها. لذلك، يكشف البحث عن تطور أي نوع من الموسيقى مستويات أعمق من البحث في التاريخ والسياسة وعلم الاجتماع. فما هي مراحل تطوّر الموسيقى العربية عبر التاريخ؟ وكيف تأثرت هذه الموسيقى بالأحداث التاريخية من جهة، وبالتبادل الثقافي مع مختلف البقع الجغرافية في العالم من جهة أخرى؟

تعريف الموسيقى العربية

يمكن تعريف الموسيقى العربية عمليًا بكل بساطة بالموسيقى المنتشرة في المناطق المتحدثة باللغة العربية حاليًا، من الخليج مرورًا ببلاد الشام وصولًا إلى المغرب العربي. لكن تعريف الموسيقى العربية يتخذ مفهومًا مختلفًا قي بعديه التاريخي والتقني.

تاريخيًا، يُقصد بالموسيقى العربية الموسيقى التي نشأت في شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام، والتي تطوّرت خلال انتشار الإسلام، وكانت مدارسها مركزة في مكة المكرمة والمدينة المنورة في القرنين السابع والثامن، ومن ثم في بغداد وقرطبا بعد توسع الدولة الإسلامية. وبعد القرن الثالث عشر حتى اليوم، أصبحت منتشرة في مختلف مناطق الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.

من الناحية الموسيقية التقنية، تتميز الموسيقى العربية بأنظمتها النغمية وتقسيمانها الإيقاعية وآلاتها الموسيقية، لذلك تُشمل الموسيقى التركية والفارسية أحيانًا معها كونها تحمل طابعًا شرقيًا مشتركًا.

المراحل التاريخية لتطوّر الموسيقى العربية

تتجذّر أصول الموسيقى العربية، بحسب غالبية المؤرخين، في شعر الجاهلية الذي كان منتشرًا بين القرنين الخامس والسابع بعد الميلاد، بحيث كان الشعراء يلقون الشعر بمرافقة إيقاع بواسطة الطبل، ونغمة بواسطة آلة العود. وكانت حينئذٍ تُعطى النساء ذوات الأصوات الجميلة والمميزة وظيفة حفظ الشعر وغنائه بحسب الأوزان الشعرية، إلى جانب تعلّم العزف على آلة موسيقية كالعود والطبل والربابة وغيرها.

في فترة انتشار الدين الإسلامي في القرن التاسع، ترجم الفيلسوف العربي “إسحاق الكندي” المبادئ والقوانين الموسيقية الإغريقية، وأضاف نظريات موسيقية جديدة، ونشر خمسة عشر مقالًا حول الموسيقى. في أحد مقالاته استخدم كلمة “موسيقى” للمرة الأولى في اللغة العربية، من ثم استُخدمت هذه الكلمة في اللغات الفارسية والتركية والانكليزية وغيرها من اللغات. بين القرنين التاسع والعاشر، نُُشرت للمرة الأولى موسوعة تجمع القصائد والموسيقى. كما نشر “أبو نصر الفارابي” كتابه بعنوان “كتاب الموسيقى الكبير”، الذي يوثّق فيه المقامات الموسيقية العربية التي ما زالت مستخدمة حتى اليوم.

بعد توسّع الدولة الإسلامية، تحوّلت الأندلس في القرن الحادي عشر إلى مركز لتنصنيع الآلات الموسيقية، التي سرعان ما انتشرت في باقي القارة الأوروبية.

في القرن الثالث عشر، كان الموسيقي العربي “صفي الدين الأُرموي” أول من ضبط طريقة تدوين الأنغام وتقسيم الإيقاعات، والتي لم تُعتمد في العالم الغربي حتى القرن العشرين.

الموسيقى في الدولة العثمانية وما بعدها

مع تأسيس الدولة العثمانية وتوسّعها فيما بعد، تفاعلت الموسيقى العربية مع الكثير من الثقافات الموسيقية المختلفة، من الموسيقى التركية إلى الموسيقى الفارسية والبيزنطية والأرمنية وغيرها. وتطوّرت في تلك الفترة الموسيقى وتعدّدت الآلات الموسيقية المستخدمة. كما تعلم الرجال العزف على الآلات الموسيقية كالعود والقانون والناي.

بعد احتلال نابوليون لمصر، نقل العديد من العادات الموسيقية العربية والعثمانية لأوروبا، فانتقل استخدام الآلات الموسيقية المعتمدة في الفرق العثمانية العسكرية (كالبيكولو والسيمبال) إلى الفرق الأوركسترالية الموسيقية الأوروبية.

في القرن العشرين، كانت مصر أولى الدول العربية التي تشهد صعود مفهوم القومية، ممّا ساهم بخلق تيار موسيقي وطني منفرد، وتحوّلت القاهرة إلى مركز للإبداع الموسيقي. وقد كانت “أم كلثوم” في مصر إحدى أبرز وجوه التيار الموسيقي الجديد، تبعتها “فيروز” في لبنان.

بدأت الموسيقى العربية بالتأثر بالتيارات الموسيقية الغربية في الخمسينات والستنيات، ممّا سمح بإستخدام الآلات والإيقاعات الموسيقية الغربية، كما فتح المجال لنشوء العديد من الأنواع الموسيقية العربية كالبوب والروك والجاز والراب والهيب هوب و الإلكترونيك غيرها.

اليوم، تُعد الموسيقى العربية من أكثر الثقافات غنىً وتنوّع، إذ تختلف الموسيقى من منطقة عربية إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى ضمن البلد الواحد. ضف على ذلك تأثر الموسيقى العربية بالأنماط الغربية مما زاد من تنوعها وغناها.

المصادر:
traditionalarabmusic.com
Jstor.org
Insidearabia.com
Zawaya.org

إقرأ أيضًا: تاريخ الموسيقى

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ فنون موسيقى

User Avatar

Riham Hamadeh


عدد مقالات الكاتب : 49
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق