هل سبق أن سألك صديق لك عن نوع شخصيتك؟ هل هو INFJ أم ENFJ؟ أو هل قمت بنفسك بإجراء اختبار لمعرفة شخصيتك؟ في الحقيقة، يُجري العديد من الأشخاص اختبارات الشخصية للتعرف على أنفسهم. بالطبع، تعكس الاختبارات ما نفكر فيه حول أنفسنا لكن النتائج يمكن أن تعطي منظورًا فريدًا لسماتنا.
محتويات المقال :
ما هي شروط اختبار الشخصية؟
يجب على الاختبار ليكون جيدًا أن يأخذ بعين الاعتبار كل جوانب الشخصية من أفكار، ومشاعر، وسلوكيات أو أفعال. وبالتالي ينظر في سمات الشخص الثابتة إلى حد ما. ويتم حساب النتائج من خلال مقارنة نتائج سماتنا مع نتائج سمات الآخرين.
هناك مجموعة من استبيانات الشخصية المتاحة، ويمكن تصنيفها إلى درجات. إذ إن بعضها سخيف كاختبارات الإنترنت التي تستنتج أن كل شخص قوي، وانطوائي. هناك استبيانات أخرى تم تطويرها وبيعها كأدوات لمساعدة الأشخاص في توظيف المرشح المناسب، أو في العثور على الحب. يؤخذ بعضها على محمل الجد إلا أن أغلبها يميل لكونه علمًا زائفًا أكثر من كونه علمًا حقيقيًا.
بدأت استبيانات الشخصية في التطور منذ حوالي قرن من الزمان عندما طرحت الأسئلة حول تفكير الفرد وسلوكه خلال الحرب العالمية الأولى. وكانت الاختبارات تهدف لدراسة ماهية الشخصية ومشاكلها، ومشاكل الصحة العقلية. ولكن الأهم من ذلك بالنسبة للجيش الأمريكي هو استخدام الاستبيانات للتخلص من الجنود الذين لم يكونوا مناسبين لقيادة الطائرات العسكرية.
إلا أن مشكلة جميع التقييمات تقريبًا في ذلك الوقت أنها كانت مبنية على الانطباعات الشخصية. ومن ثم سرعان ما بدأ الناس في طرح أسئلة حول هل يقيسون حقًا ما يعتقدون أنهم يقيسونه؟ ما مدى موثوقية هذه الاستنتاجات، وهل هي صالحة؟ أما السؤال الّذي يهمنا الآن فهو هل هناك اختبار شخصية يمكننا الوثوق به في الوقت الحالي؟ دعونا نلقي نظرة أولًا على كيف يُقيّم العلماء اختبارات علم النفس بصفة عامة. [1]
موثوقية اختبار الشخصية وصلاحيته
غالبًا ما يصف أخصائيو القياس النفسي الذين يطورون وينشرون الاختبارات النفسية جودة الاختبار بمصطلحي الموثوقية والصلاحية.
مقياس الموثوقية
تشير “الموثوقية- reliability” إلى اتساق درجات الاختبار من قياس إلى آخر على افتراض أن السمة لا تتغير. أي أن نتيجة الاختبار ستكون متطابقة، أو متشابهة بنسبة كبيرة إذا أجرينا الاختبار مرة أخرى. مثلًا، إذا أجريت اختبارًا وتبين أنك شخصية تميل للانطوائية، فيجب أن تكون هذه نفس النتيجة إذا أجريت نفس الاختبار مرة أخرى في وقت آخر.
قد تنجم التناقضات عن الأشخاص الذين يغيرون مزاجهم، أو غير المتأكدين تمامًا من أنفسهم، أو اللذين يتشتت انتباههم عند إجراء الاختبار على سبيل المثال. ويمكن لأخصائيي القياس النفسي تقييم موثوقية الاختبار من خلال مطالبة العديد من الأشخاص بأخذه مرتين خلال فترة قصيرة. عادة ما يكون الارتباط بين الدرجات بين 0.80 و 0.90. هذا الذي يفسره علماء القياس النفسي على النحو التالي: 80 في المائة إلى 90 في المائة من التوافق في درجات اختبار الأشخاص يجعل الاختبار موثوق. [2]
تشير “الصلاحية- validity” إلى الدرجة التي يقيس بها الاختبار ما يفترض أن يقيسه. وكذلك قابلية تطبيق نتائج الاختبار على أرض الواقع. مثال: إذا عرفنا شخصيتك من نتائج هذا الاختبار، هل يمكننا التنبؤ بما ستفعله لاحقًا؟
مقياس الصلاحية
حاليًا، لدينا طرق قليلة لقياس سمات الشخصية دون اختبارات الشخصية، لذا لا يوجد معيار يمكن مقارنة نتائج الاختبار به. لذلك يتم تقييم الصلاحية بشكل غير مباشر. على سبيل المثال؛ يمكننا مقارنة درجات اختبار الأشخاص بعشرات الاختبارات الأخرى التي يُفترض أنها تقيس الصفة نفسها. أو يمكن مقارنتها بتقييمات أشخاص آخرين مثل الأصدقاء أو الشركاء لنفس الصفة. كلما كانت درجات الأشخاص أكثر تشابهًا بغض النظر عن الاختبار المحدد الذي يجرونه زاد تصديقنا بأن الدرجات تقول شيئًا صحيحًا عن سمات الأشخاص.
بالطبع، يجب ألا تتوقع أن تتطابق معلوماتك مع ما يصرح به صديقك أو شريكك عنك. لكن التحقق من صحة رأيك الخاص بمقارنة رأي شخص آخر غالبًا ما يكون من بين أكثر الطرق المباشِرَة للتحقق من الواقع. إلى جانب ذلك، يكون الآخرون في بعض الأحيان في وضع أفضل لتقييم شخصيتنا، ورؤيتنا في سياق أوسع بعيدًا عن رغبتنا في المبالغة في ادّعاء السمات المرغوبة. [2]
باختصار ما تعنيه الصلاحية والموثوقية يشبه إلى حد ما عندما لا تكون متأكدًا من تشخيص الطبيب، فيتم تشجيعك على طلب رأي ثانٍ. فتفكر في مدى احتمالية أن أحصل على رأي ثانٍ مماثل؟ بالنسبة لاختبارات الشخصية هذا الرأي الثاني هو رأيك ولكن في وقت مختلف. أي أنك تجري الاختبار نفسه ولكن في أوقات مختلفة وهذه هي الموثوقية. أما الصلاحية فالرأي الآخر يكون إما رأيك ولكن عن طريق اختبار آخر أو رأي شخص آخر عنك.
مؤشر مايرز بريجز- MBTI
ماهو مؤشر مايرز بريجز- MBTI؟
هل سمعت من قبل بأن كل شخص لديه نوع شخصية يمكن تعيينها عن طريق اختبار يخبرك ما إذا كنت INFJ مثلًا. هذا هو بالضبط ما يفعله مؤشر مايرز بريجز. وضعت كاثرين كوك بريجز هذا المؤشر بمساعدة ابنتها في عشرينات القرن الماضي، واعتمدت فيه على أفكار كارل يونغ عالم النفس المشهور في ذاك الوقت.
يقسم هذا الاستبيان الأشخاص إلى 16 “نوعًا” مختلفًا عن طريق إجراء اختبار يتم فيه قياس مجموعة من السمات الشخصية. وغالبًا ما يقترح التقييم بعض الأزواج المهنية أو الرومانسية. [3] وعلى الرغم من شيوع هذا المؤشر إلا أن لعلماء النفس رأي آخر. حيث يعتبرونه واحدًا من أسوء اختبارات الشخصية الموجودة، وذلك لعدة أسباب. كونه يُعطي معلومات خاطئة “أشياء زائفة” على حد تعبير أحد الباحثين. وكذلك سوء صياغة الأسئلة وكونها محيرة للكثيرين. أما الأهم من ذلك فهو أن هذا الاختبار غير موثوق.
مساوئ مؤشر مايرز بريجز- MBTI
كما ذكرنا سابقًا، ليكون الاختبار موثوقًا يجب أن يعطي نتائج متقاربة أو متطابقة عند إعادته [1]. ولكن بالنسبة لمؤشر مايرز، تقول الدراسات إن 50% من الناس يتغير نوع شخصيتهم حسب هذا الاختبار إذا أُجري وتمت إعادته بعد 5 أسابيع. ولكن تتحسن الموثوقية إذا كان قياس السمات بنسبة مئوية بدلا من التصنيف. أي أن نقول مثلًا إنك 70% منفتح على التجارب الجديدة و20% لست كذلك بدلا من القول بأنك إنسان منفتح.
بالنسبة للصلاحية، يمكن لمؤشر مايزر التنبؤ بأجوبة الناس في الاستبيانات الأخرى، ولكن لا يمكنه التنبؤ بما ستفعله في الحياة الحقيقية. [4]
السمات الخمسة الكبرى- The big five
ما هو اختبار السمات الخمسة الكبرى- The big five؟
من بين كل اختبارات الشخصية، نجا نموذج واحد خلال القرن العشرين. ويحظى بشعبية كبيرة بين الأكاديميين اليوم، ويسمى السمات الشخصية الخمسة الكبرى. وقد طوّر على مدار ثلاثة عقود بدءًا من عام 1961 في قاعدة بروكس الجوية. منذ ذلك الحين وحتى التسعينيات، ساعد العديد من علماء النفس بما في ذلك لويس غولدبرغ ووارن نورمان وبول كوستا وروبرت ماكراي في تطوير هذا النموذج إلى شكله الحديث.
عند تطوير نموذج السمات الشخصية الخمسة الكبرى، حاول علماء النفس تجنب المزالق التي كانت موجودة في النماذج السابقة. كاختيار معايير تعتمد أساسًا على الحدس. بدلاً من ذلك اتخذ نموذج Big 5 مسارًا شاملاً من خلال تجميع كل كلمة يمكن اعتبارها سمة شخصية وإنشاء أسئلة بسيطة ومباشرة عنها. على سبيل المثال على مقياس من 1 إلى 5 هل أنت شخصية اجتماعية؟ هل لديك طبيعة متسامحة؟ استنادًا إلى كيفية إجابة الأشخاص على الاستطلاعات الأولية استخدم الباحثون طرقًا إحصائية لتجميع السمات التي بدت وكأنها تتجمع معًا (مثل “ثرثارة” و “اجتماعية”) في خمس فئات أساسية: الانبساط، والضمير، والقبول، والعصابية، والانفتاح على التجربة. [1]
مقارنة السمات الخمسة الكبرى- The big five بالاختبارات الأخرى
هناك نموذج آخر يحظى باهتمام الأكاديميين كذلك، وهو نموذج HEXACO لبنية الشخصية. وأنشئ في عام 2000. وهو يشبه الاختبار السابق لكنه يضيف فئة إضافية هي: الصدق والتواضع.
مفتاح طراز Big 5 هو بساطته. إنه لا يصنف أي شخص في “نوع” بل يخبرهم فقط أين يقعون في سلسلة متصلة من سمات الشخصية. لا توجد حيل ولا مفاجآت يمكن الكشف عنها. هذا يعني أن اختبارات الشخصية يمكنها فقط إخبارك بما تخبرها به. لن تتعلم أي شيء لم تكن تعرفه بالفعل عن نفسك، وترتبط دقته بالكامل بمدى صدقك وتأملك لذاتك في إجاباتك.
إن نموذج the big five لديه موثوقية وصلاحية أفضل بكثير من MBTI. إذ تماثل النتائج فيه بعضها. كما يمكنها التنبؤ إلى درجة معقولة بما قد تفعله لاحقًا. كل هذه العوامل جعلت العلماء يعتمدون على هذا المؤشر لعدة سنوات. [1]
مصادر
1. Scientificamerican
2. Psychologytoday
3. 16personalities
4. Psychologytoday
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :