Ad

الهلاوس في اضطراب الكرب التالي للصدمة

وجود الهلاوس في اضطراب الكرب التالي للصدمة, لا زال محل الجدل في الدراسات العلمية. ففي الدليل التشخيصي المعتمد عالمًا, لا وجود للهلاوس بين المعايير, بيد أن بعض الدراسات تؤكد وجودها. كما أن الهلاوس مرتبطة أكثر بالأضطرايات التي تسمى بالسايكوسس (مثل شيزوفرينيا) كما قد تظهر في الاكتئاب الحاد. في هذا المقال نستعرض بعض من جوانب اضطراب الكرب التالي للصدمة واحتمالية ظهور الهلاوس لدى المرضى. من الجدير بالذكر هو أن الهلاوس تختلف عن فلاش باك المنتشرة بين مرضى PTSD.

ما هو ااضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)؟

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب يتطور في بعض الأفراد الذين عاشوا تجربة مروعة أو مخيفة أو خطيرة. من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالخوف أثناء وبعد موقف مؤلم. الخوف جزء من استجابة “القتال أو الهروب” في الجسم، التي تساعدنا على تجنب الخطر المحتمل أو التصدي له. قد يعاني الأشخاص من مجموعة متنوعة من التفاعلات بعد التعرض للصدمة، ويتعافى معظمهم من الأعراض الأولية مع مرور الوقت. أما الذين يستمرون في تجربة مشكلات قد يتم تشخيصهم بمرض PTSD.(1).

تم التعرف على اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) في البداية كتشخيص في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) في عام 1980. بدأت مجالات علم الطب النفسي في هذا الوقت تفهم أن العديد من المحاربين القدامى في فيتنام قد تعرضوا لأضرار نفسية وكانوا غير قادرين على التكيف مع الحياة المدنية. لقد واجهت فكرة إضافة PTSD إلى الإطار التشخيصي معارضة في البداية، ليس أقلها لأنها تتنافى مع الطبيعة الغير نظرية للDSM بإدراج مرض له طبيعة سببية محددة وواضحة (الصدمة). ومع ذلك، تطورت فهم عام بأن أعراض نفسية تشبه تلك التي شعر بها المحاربون القدامى في فيتنام قد تنجم عن أي حادث مكثف أو مرعب أو مجهد كان يشكل تهديداً للحياة وخارج النطاق الطبيعي للتجربة اليومية. (2)

أعراض الاضطراب:

لهذا الاضطراب أعراض محتلفة, وتم تقسيمها على أربع فئات: (3)

إعادة التجربة: أفكار وذكريات وصور اقتحامية, كوابيس وأحلام مزعجة وفلاش باك.

التجنب: تجنب الأشياء والأشخاص والأماكن المرتبطة بالحدث الصادم, أو تجنب سردها أو التفكير بها.

السلبية في الاعتقاد والمزاج: فقدان الذاكرة, لوم النفس أو الآخرين, المشاعر السلبية كالخزي, الرعب, الذنب والخوف. صعوبة اختبار المشاعر الإيجابية, الشعور بالإنفصال عن الآخرين, فقدان الرغبة في الأنشطة.

فرط اليقظة: زيادة القلق, صعوبة النوم, ضعف التركيز, التهيج, نوبات الغضب والعصبية, سلوكيات تدميرية والاستجابة المفرطة.

أسباب وعوامل الخطر:

الحادث الصادم هو السبب الرئيسي للاضطراب, بيد أن ليس كل من يتعرض لحادث صادم يطور هذا الاضطراب, فثمة عوامل أخرى: (4)

 قبل الصدمة:

تسهم عوامل في تطوير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) ويمكن تصنيفها إلى عدة فئات. العوامل الطبيعية تشمل المشاكل العاطفية في الطفولة واضطرابات نفسية سابقة. العوامل البيئية تشمل الوضع الاقتصادي المنخفض، والتعليم، والتعرض للصدمة، والمصاعب في الطفولة، والسمات الثقافية، والذكاء المنخفض، والوضعية الأقلياتية، وتاريخ الأمراض النفسية في العائلة. الدعم الاجتماعي قبل تعرض الشخص للصدمة يُعَد واقيًا. العوامل الوراثية والفسيولوجية تشمل الجنس الأنثوي، وسن أصغر عند تعرض البالغين للصدمة، وبعض الصفات الوراثية والفسيولوجية.

أثناء الصدمة:

تلعب العوامل البيئية دورًا كبيرًا في تحديد احتمالية أن يتطور الشخص إلى تطوير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). شدة الصدمة، بما في ذلك عوامل مثل الشدة، والتهديد المتصور للحياة، والأذى الشخصي، والعنف بين الأفراد، والمشاركة كمُرتكب للعمل، وشهادة فظائع، أو المشاركة في المعارك العسكرية حيث يحدث خسائر بين الأعداء، يزيد من احتمالية حدوث PTSD. علاوة على ذلك، تجربة الانفصال خلال وبعد الحدث المؤلم هي عامل خطر إضافي لتطوير PTSD.

بعد الصدمة:

تشمل العوامل الطبيعية تقديرات غير مواتية للحادث المؤلم، وآليات التكيف الغير كافية، وظهور اضطراب الإجهاد الحاد. من ناحية أخرى، تتضمن التأثيرات البيئية التعامل المتكرر مع تذكيرات بالصدمة، وحدوثات متعاقبة لأحداث حياة سلبية، وتدهور مالي أو تدهورات أخرى مرتبطة بالتجربة المؤلمة. ووجود الدعم الاجتماعي، بما في ذلك استقرار وحدات العائلة بالنسبة للأطفال، قد يعمل كعنصر حماية وربما يخفف من العواقب بعد حدث مؤلم.

انتشار الاضطراب:

في عام 2014, هاجم داعش مدينة سنجار في العراق حيث يسكن الإيزيديين وقام بحملة إبادة جماعية. تم قتل أكثر من خمسة آلاف إيزيدي وتم سبي أكثر من 5000 فتاة وأمرأة ايزيدية. تعرضت هؤلاء النساء إلى الاغتصاب والاتجار وتم عرضهن في الأسوق كسبايا. تحررت بعض من النساء والفتيات وحسب الدراسات فأن أكثر من 95% منهن يعانين من اضطراب الكرب التالي للصدمة. هذه النسبة عالية جدا لكن هناك دراسات كثيرة أثبت ذلك. (5)

بالنسبة لانتشار الاضطراب بين عامة السكان في العالم, فأن الشكل التالي يوضح ذلك. (6)

ماذا يحدث للدماغ:

تشير الدراسات على أن اضطراب الكرب التالي للصدمة يحدث تغيرات على مستوى الدماغ ونشاطه. على سبيل المثل فأن نشاط الجبهة الأمامية المسؤولة عن التفكير النقدي والمنطقي يقل, بينما يزداد نشاط amygdala وهذا الجزء مسؤول عن الإنفعالات, لهذا فأن مرضى هذا الأضطراب أكثر حساسية في الاستجابة للمنبهات لا سيما المتعلقة بالحادث الصادم. كما أن حجم هايبوكامبوس (Hippocampus) أقل في المرضى مقارنة مع غيرهم, لذا فأن الذكريات تظل متشظية في الأميكدالا ولا تدخل في الذاكرة الطبيعية أي هايبوكامبوس. (7)

الهلوسات:

بينما لا يعتبر هذا العرض جزءًا من معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لاضطراب ما بعد الصدمة، إلا أن الأبحاث المتزايدة تشير إلى أن الهلوسات قد تكون أكثر انتشارًا مما كان معتقدًا في الأصل بين اضطرابات الطيف التي تتعلق بالصدمة.

وفقُا للدراسات فأن 46% من مرضى اضطراب الكرب التالي للصدمة لديهم هلاوس سمعية أو بصرية.  تقليديًا، تُصنَّف الهلوسات والهذيان كأعراض للاضطراب السايكوسس psychosis. وهذا النوع من الاذطرابات يتميز بعدم قدرة دماغك على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي. ومع ذلك، ليست التجارب المشابهة ضمن اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بالضرورة على نحو كلاسيكي. أجريت دراسة في عام 2005 لفحص انتشار أعراض الاضطراب النفسي بين الأشخاص الذين يعيشون مع PTSD أو تعرضوا للصدمة. وقد وجد الباحثون أن مجموعة متنوعة من أعراض الاضطراب النفسي تم ملاحظتها بين المشاركين. كانت شدة الحدث المؤلم مرتبطة بشدة الأعراض التي يعانون منها. وفيما يتعلق بالهلوسات في PTSD، كانت عادة مرتبطة بتجارب الاعتداء الجنسي. (8)

إقرأ أيضًا ما هي الصدمة الثقافية وكيف تتغلب عليها؟

المصادر:

  1. https://www.nimh.nih.gov/health/topics/post-traumatic-stress-disorder-ptsd
  2. Kring, A. M., Johnson, S. L., Davison, G. C., & Neale, J. M. (2016). Abnormal Psychology (13th ed.). United States of America: United States of America.
  3. Kirkpatrick, H. A., & Heller, G. M. (2014). Post-Traumatic Stress Disorder: Theory and Treatment Update. The International Journal of Psychiatry in Medicine, 47(4), 337–346. https://doi.org/10.2190/PM.47.4.h
  4. American Psychiatric Association (Ed.). (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders: DSM-5 (5th ed). Washington, D.C: American Psychiatric Association. P. 278
  5. Kizilhan, J. I., Friedl, N., Neumann, J., & Traub, L. (2020). Potential trauma events and the psychological consequences for Yazidi women after ISIS captivity. BMC Psychiatry, 20(1), 256. https://doi.org/10.1186/s12888-020-02671-4
  6. Koenen, K. C., Ratanatharathorn, A., Ng, L., McLaughlin, K. A., Bromet, E. J., Stein, D. J., … Kessler, R. C. (2017). Posttraumatic stress disorder in the World Mental Health Surveys. Psychological Medicine, 47(13), 2260–2274. https://doi.org/10.1017/S0033291717000708
  7. Mann SK, Marwaha R. Posttraumatic Stress Disorder. [Updated 2023 Jan 30]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK559129/
  8. https://www.jwatch.org/na51114/2020/03/26/hearing-voices-patients-with-trauma

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم نفس

User Avatar

Jaffer Joqy

تجرف الصيرورة كل كينونة وهي على قيد التكوين؛ الهوية غير ممكنة, ولتفادي ملل جريان الحياة البائس أجد في القراءة والترجمة, الشعر على وجه التحديد, بعض الطمأنينة


عدد مقالات الكاتب : 32
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق