الاضطراب النفسي الجسدي، ما المقصود به؟

من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن الحالات النفسية الجسدية تنشأ من التخيلات أو ترُى على أنها مجرد أوهام في الرأس، ولكن عكس ما هو شائع، الأعراض المرتبطة بهذه الحالة حقيقية وتتطلب علاجًا مثل أي مرض آخر، في هذا المقال سنتعرف على الاضطراب النفسي الجسدي، ما المقصود به وكيف يتجلى كعرض جسدي.

إلى ماذا يشير «الاضطراب النفسي الجسدي-Psychosomatic disorder»؟!

أعراض جسدية حقيقية تنشأ من أو تتأثر بالعقل والعواطف بدلاً من وجود سبب عضوي محدد في الجسم (مثل الإصابة أو العدوى).
بمعنى آخر هو خلل وظيفي أو تلف بنيوي في أعضاء الجسم ينجم عن التنشيط غير المناسب للجهاز العصبي اللاإرادي ويتجلى في الجسم كألم جسدي وأعراض أخرى.

كيف يمكن أن يسبب الإجهاد العقلي مشاكل جسدية؟

يستجيب الجسم للقلق والتوتر بنفس الطريقة التي يتفاعل بها مع الخطر الجسدي، مما يطلق الدماغ هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول في مجرى الدم، والتي تثير بدورها مجموعة من التفاعلات الجسدية، حيث يزداد معدل ضربات القلب ويصبح التنفس أثقل ويتعرق الشخص، ويصبح شاحبًا أيضًا إذ يتحرك الدم بعيدًا عن الجلد باتجاه العضلات لمساعدتها على الاستعداد لحالة “القتال أو الهروب” التي أوجدها القلق.

هناك عنصران للاستجابة للضغوط: الأول هو تصور التحدي أما الثاني فهو استجابة “القتال أو الهروب” والتي عُرفت على أنها: رد فعل الجسم الغريزي على الخطر، وقديمًا كانت تحمي أسلافنا من مخاطر مثل الحيوانات البرية، وعلى الرغم من أننا اليوم لا نواجه الحيوانات البرية عادة، إلا أنهم موجودون على شكل فواتير بطاقات الائتمان أو رئيس عمل متطلب أو عمل مرهق جسديًا، لذلك يبقى جسمنا في حالة من القلق، ومستعدًا لكل طارئ، هذا يعني أن هرمونات الإجهاد ستبقى مرتفعة وفي حالة استعداد.

القلق الأمثل:

في الحالة الطبيعية وبعد زوال التهديد، تعود أجسادنا عادة إلى حالة الراحة، وهذه استجابة تطورية تهدف إلى الحفاظ على سلامة الشخص، كما إنه ليس بالضرورة أمرًا سيئًا، لأنه يساعد على تجنب الخطر أو التعامل معه.
هناك مستوى معينًا من القلق يُعرف باسم” القلق الأمثل ” يمكن أن يكون مفيدًا جدًا في رفع دافع الفرد إلى المستوى الأمثل، بهذه الطريقة، يوفر القلق وقليل من التوتر الطاقة والاهتمام اللازمين لإكمال العديد من المهام اليومية، ولكن الضغط المستمر يعني أن مستويات الكورتيزول والأدرينالين ستكون مرتفعة باستمرار، ونادرًا ما تعود إلى حالة الراحة، ويمكن أن يكون لها تأثير سلبي على أعضاء ووظائف الجسم، والأكثر من ذلك أن القلق والاكتئاب قد يقللان من تحمل للألم، إذ ترتبط أجزاء الدماغ المسؤولة عن استقبال الألم أيضًا بالقلق والاكتئاب.

أهم الأعراض الجسدية للاضطراب النفسي الجسدي:

تشمل العلامات الجسدية الشائعة للتوتر ما يلي:
ارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الجهاز التنفسي، واضطرابات الجهاز الهضمي، والصداع النصفي، وآلام الحوض، والبرود أو العجز الجنسي، وأكزيما وصدفية، والقرحة.

قد تختلف علامات الإجهاد الجسدية بناءً على ما إذا كنت ذكراً أم أنثى، على سبيل المثال، غالبًا ما تُبلغ النساء عن أعراض مثل التعب على الرغم من حصولهن على قسط كافٍ من النوم، والتهيج، وانتفاخ البطن، وتغيرات في فترات الحيض، ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تشمل علامات وأعراض الإجهاد لدى الرجال ألم في الصدر وارتفاع ضغط الدم والتغيرات في الدافع الجنسي.

تختلف أعراض الإجهاد أيضًا حسب العمر، غالبًا ما يُظهر الأطفال الإجهاد من خلال أجسادهم لأنهم لم يطوروا بعد اللغة التي يحتاجونها للتعبير عن مشاعرهم، على سبيل المثال، قد يعاني الطفل الذي يواجه صعوبة في المدرسة من آلام متكررة في المعدة ويطلب البقاء في المنزل. يمكن أن يكون الإجهاد في سنوات المراهقة شديدًا بشكل خاص، خاصةً خلال فترات التكيف الاجتماعي والتحولات الهرمونية، في بعض الأحيان، قد يتم تجاهل علامات التوتر لدى الأشخاص في هذه الفئة العمرية أو تُنسب إلى “قلق المراهقين”.
كبار السن معرضون أيضًا للاكتئاب، لأنهم غالبًا ما يواجهون العديد من المشاكل، مثل العزلة، والفقد والحزن، والمشاكل الصحية المزمنة أو الخطيرة.

العلاج الأفضل لمثل هذه الحالة؟

إن وصمة العار الاجتماعية المنتشرة المرتبطة بالمرض النفسي الجسدي قد تمنع الشخص من طلب العلاج، ومن هنا قد لا يأتي العلاج الفعال دائمًا في الوقت المناسب.
غالبًا ما يكون العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو الأفضل لهذه الحالة، حيث يساعد هذا العلاج المرضى على تعلم طرق جديدة للتعامل مع مشاكلهم وحلها، وبذلك يكتسبون فهمًا أعمق لحالتهم و ظروفهم، مما يمكنهم من وضع أهداف واقعية للحياة وتحديد وتغيير السلوكيات أو الأفكار التي لها آثار سلبية على حياتهم وصحتهم.
يستجيب العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية جسدية لمزيج من العلاج الدوائي والتحليل النفسي والعلاج السلوكي، وفي الحالات الأقل شدة، يمكن للمرضى تعلم كيفية إدارة الإجهاد بدون أدوية.

أخيرًا:

الشخص الذي يتعرض لضغوط ولا يستطيع “التنفيس” عن مشاعره أو يحاول “الاحتفاظ بكل شيء/الكتمان” سيصل في النهاية إلى نقطة الانهيار العاطفي، وقد تظهر كأعراض جسدية أو تؤدي إلى نوبة من الاكتئاب الشديد، وقد يكون الألم النفسي الجسدي والأعراض المرتبطة به هو طريقة الجسم والعقل في مطالبتك بالاهتمام بشيء في حياتك ليس مناسبًا لك.

للمزيد اقرأ حول: القلق أهم أعراضه وكيفية السيطرة عليه

المصادر:

britannica

childrenstreatmentcenter

verywillmind

healthline

داء أديسون: ما هي أهم أسبابه وكيف تتم معالجته؟

إحدى الطرق التي يحافظ بها الجسم على توازنه هي استخدام «رسائل كيميائية-chemical messengers» تسمى «الهرمونات-hormones»، وهي التي تنظم الوظائف المختلفة، تفرز الغدة الكظرية الموجودة فوق الكليتين هرمونات مهمة وضرورية لحياة صحية.
عندما يحدث خلل أو قصور بعمل هذه الغدة، يُصاب المريض بما يُعرف مرض أديسون، وهي حالة نادرة، تصيب واحد فقط من كل 100000 شخص، يمكن أن تحدث للرجال والنساء على حدٍ سواء، يعيش المريض حياة طبيعية في حال المعالجة الصحيحة والالتزام بالعلاج، تابع قراءة المقال التالي للمزيد من التفاصيل عن داء أديسون وكيف تتم معالجته وما هي أهم أسبابه

«داء أديسون-Addison disease»:

في مرض أديسون، لا تنتج الغدد الكظرية ما يكفي من هرمون «الكورتيزول-Cortisol» أو في كثير من الأحيان، هرمون «الألدوستيرون-Aldosterone».
أهم وظيفة للكورتيزول هي مساعدة الجسم على الاستجابة للتوتر، وكما أنه يساعد في تنظيم استخدام الجسم للبروتينات والكربوهيدرات والدهون؛ يساعد في الحفاظ على ضغط الدم ووظيفة القلب والأوعية الدموية، ويتحكم في الالتهاب.
أما يساعد الألدوستيرون الكليتين على تنظيم كمية الملح والماء في الجسم – الطريقة الرئيسية التي تنظم بها حجم الدم وتحافظ على ضغط الدم تحت السيطرة-.

ما هي أعراض داء أديسون؟

  • التعب المزمن وضعف العضلات
  • فقدان الشهية وعدم القدرة على هضم الطعام وفقدان الوزن
  • انخفاض ضغط الدم، والذي ينخفض أكثر عند الوقوف مما يسبب الدوار، وأحياناً لدرجة الإغماء.
  • بقع داكنة ونمش على الجلد، ويكون هذا أكثر وضوحًا في أجزاء الجسم المعرضة للشمس، ولكنه يحدث أيضًا في مناطق غير مكشوفة مثل اللثة، من المرجح أن تظهر البشرة الداكنة بشكل خاص على الجبهة والركبتين والمرفقين أو على طول الندوب وطيات الجلد والتجاعيد (مثل الراحتين).
  • انخفاض في سكر الدم
  • الغثيان والقيء والإسهال
  • عدم القدرة على التعامل مع التوتر والتهيج والاكتئاب عدم تحمل الحرارة أو البرودة
  • اشتهاء الأطعمة المالحة

نظرًا لأن أعراض مرض أديسون تتطور ببطء، فقد لا يتم التعرف عليها حتى يؤدي حدث مرهق جسديًا، مثل مرض آخر أو جراحة أو حادث، إلى تفاقم الأعراض بسرعة، وعندما يحدث هذا، يدخل المريض فيما يُعرف بأزمة أديسون، وتعتبر هذه الأخيرة حالة طبية طارئة لأنها قد تكون قاتلة.

تشمل أعراض أزمة أديسون:

صدمة: عندما لا يحصل الجسم على ما يكفي من تدفق الدم
ألم مفاجئ في أسفل الظهر أو البطن أو الساقين
قيء شديد وإسهال يتبعه جفاف
حمى وضعف وتعب
ضغط دم منخفض وفقدان الوعي
فشل العديد من الأعضاء، بما في ذلك الكلى، إذا تعذر استعادة الدورة الدموية.

ما الذي يسبب داء أديسون؟

تنجم معظم حالات مرض أديسون عن مشكلة في «الغدد الكظرية-Adrenal gland» نفسها وهو ما يسمى بـ (قصور الغدة الكظرية الأولي)، وتشمل الأسباب:

  • أمراض المناعة الذاتية مسؤولة عن 70٪ من مرض أديسون، حيث يحدث هذا عندما يهاجم جهاز المناعة عن طريق الخطأ الغدد الكظرية، هذا الاعتداء المناعي يدمر الطبقة الخارجية من الغدد.
  • يمكن للعدوى طويلة الأمد – مثل السل وفيروس نقص المناعة البشرية وبعض أنواع العدوى الفطرية – أن تضر بالغدد الكظرية.
  • يمكن أن تتسبب الخلايا السرطانية التي تنتشر من أجزاء أخرى من الجسم إلى الغدد الكظرية أيضًا في الإصابة بمرض أديسون.
  • على الرغم من ندرتها، يمكن أن تصاب الغدد الكظرية نتيجة لعدوى بكتيرية.

(قصور الغدة الكظرية الثانوي) الناجم عن مشكلة في الغدة النخامية أو مشكلة في الوطاء، وكلاهما يقع في وسط الدماغ، وهذا النوع يعتبر أقل شيوعًا.
تنتج هذه الغدد هرمونات تعمل كمفتاح ويمكنها تشغيل أو إيقاف إنتاج الهرمونات في باقي الجسم، حيث هرمون الغدة النخامية يسمى ACTH هو المفتاح الذي يقوم بتشغيل إنتاج هرمون الكورتيزول في الغدة الكظرية.
إذا كانت مستويات ACTH منخفضة جدًا، فإن الغدد الكظرية تظل في وضع الإيقاف ولا تفرز الكورتيزول.
سبب آخر لقصور الغدة الكظرية الثانوي هو الاستخدام المطول أو غير السليم لهرمونات الستيرويد مثل بريدنيزون، كما وتشمل الأسباب الأقل شيوعًا أورام الغدة النخامية وتلف الغدة النخامية أثناء الجراحة أو الإشعاع.

من هم الأكثر عرضة للإصابة بداء أديسون؟

مرضى السرطان، وممن يتناول «مضادات التخثر-anticoagulants»، ممن يعاني الالتهابات المزمنة، الخضوع لعملية جراحية (إزالة أي جزء من الغدة الكظرية)، مريض يعاني من أحد أمراض المناعة الذاتية، مثل مرض السكري من النوع 1 أو «مرض جريفز-Grave’s disease».

كيف يتم تشخيص هذا الداء؟

في كثير من الأحيان، يتم اكتشافه لأول مرة من خلال اختبارات الدم الروتينية في المستشفى أو عيادة الطبيب للتحقق من مستويات الصوديوم والبوتاسيوم.
سيتحقق الطبيب أيضًا من وجود فرط تصبغ أو سواد الجلد أو اللثة، وهي علامة على مرض أديسون طويل الأمد.
الطريقة الأكثر تحديدًا لتشخيص الحالة هي قياس مستويات الهرمونات في الدم قبل إعطاء هرمون ACTH وبعده.
الهرمون الموجه لقشر الكظر (ACTH) هو هرمون في الدماغ، عند إطلاقه، يزيد من إفراز الكورتيزول من الغدد الكظرية، ولكن مع مرض أديسون (قصور الغدة الكظرية الأولي) لا تستطيع الغدد الكظرية الاستجابة لتحفيز الهرمون الموجه لقشر الكظر، وتظل مستويات الكورتيزول منخفضة.
يمكن أن يساعد قياس مستويات الكورتيزول و ACTH في تحديد ما إذا كان قصور الغدة الكظرية موجودًا، وإذا كان الأمر كذلك، فهل المشكلة تتعلق بالغدد الكظرية أو الدماغ.
يمكن أن يشمل تقييم مرض أديسون فحصًا بالأشعة المقطعية للغدد الكظرية للبحث عن عدوى أو سرطان أو نزيف في الغدد الكظرية، ويمكن إجراء اختبار السل أيضًا، لأن ما يصل إلى 20٪ من الحالات سببها السل، ومع ذلك، فإن الغالبية هي مناعية ذاتية.

كيف يتم علاج داء أديسون؟

من أجل علاج المرض، سيحتاج الطبيب  معرفة النوع المسؤول عن الحالة، نظرًا لأن مرض أديسون ناجم عن نقص الهرمونات الطبيعية التي تنتجها الغدد الكظرية، فيمكن علاجه عن طريق تعويض تلك الهرمونات، من خلال إعطاء الهيدروكورتيزون، وهو هرمون ستيرويد، وإذا لزم الأمر، يمكن استبدال الألدوستيرون بالستيرويد الصناعي، أسيتات فلودروكورتيزون، ومن المهم الحفاظ على مستوى التوتر منخفضًا، إذ يمكن لأحداث الحياة الكبرى، مثل وفاة شخص عزيز أو أي صدمة أخرى، أن ترفع مستوى التوتر وتؤثر على طريقة الاستجابة للأدوية.

ماذا بعد؟!

يكاد يكون العلاج دائمًا ناجحًا تمامًا، إذ يمكن للأشخاص المصابين بمرض أديسون أن يعيشوا حياة كاملة وطبيعية، ومع ذلك، من المهم حمل سوار تنبيه طبي وبطاقة هوية للطوارئ في جميع الأوقات والاحتفاظ بكمية صغيرة من الأدوية في العمل أو المدرسة، من الضروري معرفة أن فقدان جرعة واحدة يمكن أن يكون خطيرًا.
في المرضى المشتبه في إصابتهم بأزمة أديسون، يمكن إعطاء حقن الملح والسوائل وهرمونات القشرانيات السكرية على الفور حتى قبل تأكيد تشخيص مرض أديسون.

المصادر:

healthline

webmd

اقرأ المزيد حول: Pica أو ما يعرف باضطراب الأكل

Exit mobile version