حقن جرثومية داخل الأورام تبدو علاجاً واعداً للسرطان!

قد لا يبدو للوهلة الأولى أن هنالك صلة بين “الجراثيم الحية” و”علاج السرطان”، ولكن يبدو أن بعض الأحياء الدقيقة تملك قدرةً على إعاقة نمو الورم عندما تحقن داخله، وذلك وفقاً لبيانات قدمت للمؤتمر الدولي الرابع للعلاج المناعي للسرطان في 30 أيلول الماضي، والتي بينت استخدام حقن جرثومية داخل الأورام لعلاج بعض أنواع السرطان.

يبدو أن هذه الحقن تنشط استجابة مناعية تستهدف الورم. لا يزال هنالك أسئلة حول أمان هذه الطريقة. لكن بالنظر إلى عدد المرضى الذين تتطور لديهم مقاومة أو عدم استجابة لعلاجات السرطان الحالية، فإن هذه الحقن الجرثومية قد ولدت اهتماماً كافياً بكونها جزء من تجارب سريرية جديدة تجمع بين البكتريا والعلاج المناعي المعمول به.

يحمل البحث أصداء تجربة عمرها أكثر من قرن. في تسعينيات القرن التاسع عشر، بدأ عالم الأورام ويليام كولي بحقن مرضى السرطان المصابين بأورام غير قابلة لإجراء جراحي بمزيج من الجراثيم القاتلة. أبلغ كولي عن نجاح هذه الطريقة وتم بيع «سموم كولي – coley’s toxins» كعلاج للسرطان في الولايات المتحدة حتى الستينات. لكن أطباء آخرين شككوا في نتائج كولي، وتم تخطي هذا العلاج بواسطة العلاجات الكيميائية والشعاعية، والتي أصبحت معيارية في علاج السرطان.

قبل أربع سنوات، أشار فريق كبير من علماء السرطان إلى أن تطبيق حقن جرثومية داخل الأورام قد تكون وسيلة صالحة لعلاج السرطان. قاموا بنشر ورقة في مجلة «Science Translational Medicine» يصفون فيها كيف أن ستة كلاب من أصل ستة عشر كلباً مصاباً بأورام صلبة قد تقلصت الكتل الورمية لديهم أو حتى اختفت عند حقنها بنسخ حية من جراثيم «Clostridium novyi». في هذا التجربة، قام الفريق البحثي بإزالة الجينات المنتجة للسموم من البكتريا الحية. وبتشجيع من تجربة الكلاب، قامت المجموعة بعلاج امرأة تبلغ من العمر 53 عاماً مصابة بـ «ساركوما عضلية ملساء – leiomyosarcoma»، وهو شكل من السرطان الذي يبدأ في العضلات الملساء. تقلّص ورمها أيضاً، رغم أنها سعت بعد ذلك إلى علاج أخر.

هذه المريضة هي الآن الأولى من بين الكثيرين. في عمل سريري إضافي بقيادة عالم الأورام الطبي فيليب جانكو في مركز أندرسون للسرطان بجامعة تكساس في هيوستن، والذي كان جزءاً من الفريق العلمي قبل أربع سنوات، 23 مريضاً يعانون من ساركوما متقدمة أو أورام صلبة أخرى تتراوح من سرطان الثدي إلى سرطان الجلد، حصلوا على حقنة واحدة في أورمهم تحتوي من 10,000 إلى 3 ملايين من أبواغ – وهي شكل خامد من الجراثيم- الكلوستريديوم. فوجئ الفريق البحثي بالتأثيرات المضادة للأورام لهذه الجراثيم. 19 مريضاً، بمن فيهم المرأة الأولى، كانت سرطاناتهم مستقرة، مما يعني أن أورامهم لم تستمر في النمو بعد العلاج.

قال جانكو: “بالرغم من أن الحقن كانت موضعية، إلا أن الجراثيم في بعض الأحيان قللت من نمو الأورام في أماكن أخرى من الجسم كما يظهر التصوير”.

قد تؤدي الاستجابة الالتهابية للأبواغ إلى توليد النشاط المناعي المقاوم للسرطان، كما يتكهن هو وزملاؤه في الفريق. رأى الباحثون في 11 مريضاً أدلة -حمى، ألم، تورم في موضع الحقن- على أن الأبواغ الجرثومية قد نمت، وهذه هي العملية التي تستأنف بها الجراثيم الخامدة تكاثرها النشط.

كانت الاستراتيجية جديدة إلى درجة أن العلماء لم يكونوا متأكدين من أهمية الجرعة، خاصة وأنهم كانوا يأملون بأن تصبح الأبواغ نشطة دفعة واحدة داخل الورم. تبين أن عدد الجراثيم التي تم حقنها كان من اعتبارات السلامة الرئيسية، حيث أن المريضان اللذان تلقيا أعلى جرعة من 6 جرعات تطورت لديهما حالة «غرغرينا gangrene» و«إنتان دم sepsis»، وهي حالة مهددة للحياة.

قال جانكو: “لم نقم بالتعمق في الآليات”. الجراثيم الغير متبوغة حررت أنزيمات متنوعة كانت قادرة على تحطيم الخلايا الورمية، وتماماً كأي غازٍ، حرضت الجهاز المناعي على الدخول في حالة التهابية والتي ربما تستهدف الكتل السرطانية أيضاً. لكن التفاصيل لا تزال غامضة.

إقرأ أيضًا:

مضادات حيوية مكتشفة حديثاً تقتل الجراثيم بآلية جديدة

المصدر: هنا

عقار جديد يهدد معظم أنواع الأورام

 عقار جديد يهدد معظم أنواع الأورام حيث يمكنه علاج مجموعة واسعة من الأورام لاتاحة استخدامها في أوروبا لأول مرة، لا يهتم الدواء غير المحدد بورم بالمكان الذي ينمو فيه السرطان في الجسم طالما أنه يحتوي على خلل وراثي محدد.

قال الأطباء البريطانيون الذين يختبرون العقاقير: “إنه شيء مثير حقًا، إذ أن الدواء لديه القدرة على علاج المزيد من المرضى وخفض الآثار الجانبية”.

يسمى الدواء الذي تمت الموافقة عليه (بالاروتيكتينيب). كانت شارلوت ستيفنسون، البالغة من العمر عامين من بلفاست، واحدة من أوائل المرضى الذين استفادوا من هذا الدواء، تم تشخيصها بـ «الورم الليفي الطفلي-Aggressive infantile fibromatosis»، وهو سرطان في النسيج الضام في الجسم، لقد عولجت بالاروتيكتينيب كجزء من تجربة سريرية في «Royal Marsden Sutton»، في لندن، العام الماضي.

قالت والدتها، إستير: “لقد عرفنا أن خياراتنا كانت محدودة، لذلك قررنا أن نجرب الدواء وسعدنا بذلك، لقد تمكنا من مشاهدة شارلوت تتطور وتنمو بمعدل سريع، لتعويض الوقت الضائع في العديد من الطرق، كانت مذهلة لنا جميعا مع طاقتها وحماسها للحياة، يمكنها الآن أن تتمتع بحياة طبيعية نسبيًا، والأهم من ذلك، أن الدواء كان له تأثير لا يصدق على الورم”.

كان سبب ورم شارلوت خللًا وراثيًا يعرف باسم اندماج الجينات NTRK، حيث تم دمج جزء من الحمض النووي الخاص بها عن طريق الخطأ مع جزء آخر والتغيير في المخطط لجسمها أدى إلى نمو سرطانها، لكن اندماج الجينات NTRK ليست خاصة بـ «sarcoma-أورام النسيج الضام»، فهي تظهر أيضًا في بعض أنواع أمراض المخ والكلى والغدة الدرقية وسرطانات أخرى.

قالت الدكتورة جوليا تشيشولم، مستشارة سرطان الأطفال في مستشفى رويال مارسدن، لهيئة الإذاعة البريطانية: “إنه شيء مثير حقًا، الدواء فعال في مجموعة من السرطانات، ولا يقتصر على نوع واحد، طفرات NTRK نادرة نسبيًا، لكن هناك علاجات مستهدفة أخرى قيد التطوير.

الدواء الجديد يمثل الابتعاد عن علاج سرطان الثدي أو سرطان الأمعاء أو سرطان الرئة إذ يركز على الطب الدقيق الذي يستفيد من التركيب الجيني لورم كل مريض.

وقالت الدكتورة تشيشولم لبي بي سي: “الجمال هو أنه يستهدف الشذوذ، هناك عدد من المسارات الكيميائية الحيوية الشائعة في العديد من أنواع الأورام المختلفة، أعتقد أن هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور، وهذا يتعلق بنتائج أفضل، وعلاج المزيد من المرضى وإنتاج علاجات لطيفة مع آثار جانبية مخفضة”.

لا يعني قرار المنظمين الأوروبيين أنه سيكون متاحًا على الفور للمرضى في بريطانيا، لكن في وقت سابق من هذا العام، وصفت هيئة التأمين الصحي NHS البريطانية الأدوية غير المحددة بورم بأنها طفرة جديدة ومثيرة في السرطان، وقالت: “إن الاستعدادات جارية لضمان وصول المرضى إليها”.

وقال سيمون ستيفنز، الرئيس التنفيذي لشركة NHS البريطانية في ذلك الوقت: “إن الفوائد التي تعود على المرضى – وخاصة الأطفال – من القدرة على علاج أنواع مختلفة من السرطانات بعقار واحد هي ضخمة محتملة، حيث تساعدهم على أن يعيشوا حياة أطول وأكثر صحة”.

وقال البروفيسور تشارلز سوانتون، كبير الأطباء في أبحاث السرطان في بريطانيا: “إن الأدوية مثيرة”.
وأضاف: “ستحتاج NHS إلى التأكد من توفر الاختبارات الجينومية الصحيحة في جميع أنحاء البلاد لتحديد المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا، لذا من الجيد أن تفكر NHS بالفعل في كيفية توصيل هذا إلى مرضى السرطان في أقرب وقت ممكن.”

وقال الدكتور بريندون غراي، من شركة باير، شركة الأدوية التي طورت لاروتريكتينيب: “كأول دواء لا يعتمد على الورم في أوروبا، يمثل لاروتيكتينيب تحولًا حقيقيًا في علاج السرطان”.

المصدر: https://bbc.in/2mwcG6E

Exit mobile version