Ad

 بالرغم من زيادة الفهم والوعي فيما يتعلق بالتوحد، إلا أن هناك الكثير من الالتباس في فهمه. فمثلًا، يربط الكثير بين التوحد ومستويات الذكاء العليا. ويخلط العديد بين التوحد وصعوبات التعلم، ولكن بتدقيق النظر، تصبح الاختلافات الجذرية بينهما واضحة وضوح الشمس. ويبقى السؤال: هل التوحد صعوبة تعليمية؟ أم هو إعاقة ذهنية؟ هل هناك فرق بينهما؟ وهل يجعل التوحد من المصابين أذكياء كما هو مصور في معظم الأفلام والمسلسلات؟ وكيف يؤثر التوحد على عملية التعلم؟

ما هو التوحد؟

يعرف التوحد، المعروف رسميًا باضطراب طيف التوحد (ASD)، بكونه اضطراب نمو عصبي شائع إلى حد ما، يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة. وطبقًا لمايو كلينك، فإنه عبارة عن حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين، والتعامل معهم، والتواصل معهم اجتماعيًا. ويتسبب في نهاية المطاف في حدوث مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي، في المدرسة والعمل مثلًا. كما يتضمن الاضطراب أنماط محدودة ومتكررة من السلوك[1].

ما هي صعوبة التعلم؟

طبقًا لأدلة MSD الصادر عن شركة الدواء العالمية Merck، تتضمن اضطرابات التعلم عدم القدرة على اكتساب مهارات أو معلومات معينة أو الاحتفاظ بها أو استخدامها على نطاق واسع. وهو ما ينجم عن مشاكل في الانتباه، أو الذاكرة أو التحليل، مما يؤثر في الأداء الدراسي. هناك ثلاثة أنواع شائعة من اضطرابات التعلم هي: اضطراب القراءة، اضطراب عسر الكتابة، اضطراب عسر الحساب [3] [2].

ويعرف د. عبد الحميد ود. صابر في كتابيهما صعوبات التعلم بأنها: “مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات، والتي تتضح في المشكلات الحادة في الاكتساب والاستخدام الخاص بمجالات الاستماع والكلام والقراءة والكتابة ومهارات اللغة والاستدلال وقدرات الحساب. وأن هذه الاضطرابات ترجع إلى وجود خلل في الجهاز العصبي المركزي.” [4] ويمكن أن تتسبب في أن يواجه الشخص مشاكل في بيئة الصف الدراسي التقليدية. [6]‏

ما هي إعاقة التعلم؟

‏إعاقة التعلم -أو ما يعرف شيوعًا بالإعاقة الذهنية أو التأخر العقلي- هي انخفاض القدرة الذهنية (مستوى الذكاء) وصعوبة الأنشطة اليومية مثل المهام المنزلية، أو التعامل المجتمعي اليومي؛ مما يؤثر على الفرد طوال حياته [6]‏. وتظهر الإعاقة الذهنية بشكل كبير في مصابي متلازمة داون مثلًا [7]. يحتاج الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة الذهنية إلى دعم من الآخرين وأحيانا من المعدات للتغلب على العقبات ومشكلات ‏‏الاتصال‏‏ التي تعيق رحلة حياتهم بشكل عام، ورحلة تعلمهم بشكل خاص.

هل يعد التوحد صعوبة تعلم؟ أم إعاقة تعلم؟

بعد تناول تلك المفاهيم الثلاث هنا، نتوصل إلى أن هناك تشابه واختلاف. إذ أنها كلها اضطرابات نمو عصبية وقد تنتج عن مشاكل جينية، وكلها تؤثر-سلبًا معظم الوقت-  على العملية التعليمية عمومًا، ولكن بشكل مختلف.

تؤثر الصعوبات التعليمية على اكتساب المهارات أصلًا، وتظهر بشكل خاص ومحدد في مهارات التعلم مثل القراءة والكتابة، ولا علاقة لها بمستوى الذكاء العام للفرد. أي أنها تتدخل فقط في كيفية تعلم الفرد لبعض المهارات. وهو ما يمثل نسبة ضئيلة من الضرر الذي يمثله اضطراب طيف التوحد، إذ أنه يؤثر على حياة الفرد بشكل عام؛ مما يشمل عملية تعلمه. لأنه يؤثر على كيفية معالجة الدماغ لمحفزات العالم الخارجي ككل [5].

فتكون الإجابة لهذا السؤال: لا، ليس التوحد بصعوبة تعلم ولم يصنّف ضمن الإعاقات الذهنية كذلك. إذ تمثل الإعاقة الذهنية -كما ذكرنا- تدني في مستوى الذكاء العام للفرد، بينما صعوبة التعلم هي صعوبة في القدرة على اكتساب بعض المهارات ولا تعيق الفرد من التعامل في أي ناحية من نواحي الحياة العامة، بينما التوحد هي صعوبة معالجة المعلومات المقدمة فقط. ولا علاقة لاضطراب التوحد بمستوى الذكاء العام للفرد.

كيف يؤثر التوحد على عملية التعلم؟

قد يخطيء العامة تعريف التوحد بكونه صعوبة تعلم كذلك لأنه قد يؤثر على المهارات اللفظية واللغوية سواء سمعًا أو تحدثًا. بالإضافة إلى تأثيره السلبي على المهارات الاجتماعية، والأداء التنفيذي ومهارات التفكير العليا، والتطور العاطفي. ونسرد هنا تفصيل تأثير التوحد على التعلم. [8]

  • ضعف المهارات الاجتماعية والتواصل

قد يسبب اضطراب طيف التوحد (ASD) صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية والاستجابة لها، مما يعقّد من عملية التواصل سواء بين الطالب والمعلم، أو بينه وبين زملائه، إذ يصعب على مصابي التوحد فهم كيفية التفاعل مع الآخرين؛ وهو ما يسبب حالة من الإحباط والارتباك لهم، والتي من شأنها أن تؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي للطالب. كما ويعاني العديد من المصابين بالتوحد للتعبير بدقة عن أفكارهم ومشاعرهم؛ مما يجعل من الصعب عليهم طرح الأسئلة أو المشاركة في المناقشات الصفية.

  • صعوبة معالجة المعلومات

تمتد هذه الصعوبة إلى ما هو أبعد من مجرد قدرتهم على تعلم مواد جديدة. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي التوحد إلى مشاكل في تنظيم الأفكار أو تخطيط المهام أو اتباع الاستراتيجيات وما إلى ذلك؛ مما قد يجعل من الصعب على الطالب مواكبة بيئة الصف الدراسي التقليدية.

  • صعوبات المعالجة الحسية

قد يعاني الطلاب المصابون بالتوحد من حساسية عالية للمشاهد والأصوات، مما يجعل الفصول الدراسية الصاخبة مربكة وتشتت انتباههم عن أنشطة التعلم.

وأخيرا، غالبًا ما يأتي اضطراب طيف التوحد بمستويات أعلى من القلق. ويرتبط القلق هنا بصعوبة التركيز على المهام، ومشكلة في مهارات حل المشكلات، وصعوبة البقاء منظمًا خلال أداء المهمة، وصعوبة الانتقالات بين الأنشطة.

المصادر:

  1. مايو كلينك
  2. أدلة MSD إصدار المُستخدِم
  3. جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن
  4.  صعوبات التعلم
  5. Thriveworks
  6. Mencap.org.uk
  7. Seashell
  8. Applied Behavior Analysis Programs.com

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف علم نفس تعليم

User Avatar

إيمان البحيري

مدرس ومحاضر لغة إنجليزية بمدينة زويل، شغوفة بالتدريس، واللغات، والتصوير الفوتوغرافي.


عدد مقالات الكاتب : 20
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق