محتويات المقال :
ميثولوجيا العناكب
ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلته في غرفتك يظن طوال الوقت أنك رفيقه في السكن! “
ذلك السؤال الذي طرحه الروائي الروسي فيدور دوستويفسكي، يعد سؤال فلسفي،و ببراعة يمثل فيه العنكبوت رمز للوداعة والسلام، ولكن هل يمكن أن تدل رمزية العنكبوت على الضعف،و هل ذلك حال العنكبوت طوال الوقت؟ في هذا المقال سنجيب عن هذا السؤال من خلال قصص العناكب في الميثولوجيا والأساطير القديمة، وتحديدًا ميثولوجيا العناكب.
البقاء للعناكب
تعتبر العناكب من أوائل الحيوانات التي عاشت على سطح الأرض، منذ حوالي 300 مليون سنة، و تعتبر أيضاً من الكائنات التي نجحت في النجاة من الانقراض. بداية من عصر الديناصورات حتى يومنا هذا.
تطورت العناكب خلال 400 مليون سنة، بالإضافة إلى ذلك هنالك 40,000 مليون نوع من العناكب، تشغل اليوم أنحاء العالم ، ولايزال العديد منها غير مصنف، أو حتي يقع تحت تسمية علمية.
أليست العناكب جديرة للتعبير عن القوة!
العنكبوت الأم في ميثولوجيا قبائل التشوكاتو
تتجسد شخصية المرأة العنكبوت في صورة امرأة عجوز حكيمة،ذلك في العديد من الأساطيرو الميثولوجيا التي تنسب لقبائل «Navajo- النفاجو» والقبائل «Hopi-الهبو» التي كانت تسكن جنوب غرب أميركا.
من أبرز هذه الأساطير أسطورة قبائل التشوكاتو التي كانت تسكن منطقة الميسيسيبي، فيحكي شعب التشوكاتو أنه في زمن عاشت فيه الحيوانات في ظلام حالك،فلم يكن هنالك نار وحتي الشمس كانت قابعة في الطرف الأخر من الأرض، فعزم الحيوانات على سرقة النار.
في البداية تطوع حيوان الأبوسوم وحاول أن يخفي جزء من النار في شعر ذيله الكثيف، لكنه احترق وهو حتى الأن عاري الذيل، حاول من بعده النسر وحاول أن يخبئها في ريش رأسه، لكنه احترق وسبب حروق على رأسه وأصبحت الآن النسور عارية الاعناق وتمتلك بقع حمراء علي رؤوسها.
من بعدهم حاولت الغربان، وقد كانت بيضاء ذات صوت جميل لكن النار أحرقت ريشها الابيض وأتلفت صوتها العذب، فتدخلت الجدة العنكبوت وشكلت من الطين وعاء لتخفي فيه النار وأحكمت شباكها حول النار.
استطاعت أن تحضرها عبر سحبها طوال الطريق من الشرق، وعندما سألت الحيوانات عن من سيتطوع لحراسة النار، كانوا خائفين منها ورفضو فتطوع الإنسان في النهاية،وبعد ذلك علمته الجدة العنكبوت كيف يتحكم بالنار،وكيف يصنع الأواني الفخارية ويعزل النسيج.
تناولت أساطير لقبائل النفاجو خلق العنكبوت الأم لكل شيء، حيث أنها من نسجت الكون بأسره من شبكها، وتناولت أساطير قبائل الهبو أن العنكبوت آلهة الأرض اشتركت مع آلهة أخرى في خلق حواء و أدم.
ميثولوجيا العناكب في الأساطير اليونانية
تناولت الأساطير و الميثولوجيا اليونانية قصة خلق أول عنكبوت في العالم، من خلال قصة فتاة تدعى أركاني عاشت في آسيا الصغرى.فقد كانت ماهرة في فن الحياكة، ولقيت تعليمها على يد الآلهة أثينا، و ذاعت موهبة اراكاني وروعة منسوجاتها حتى أنها تحدت الآلهة أثينا.
فنسجت أركاني نسيج تهين فيه الآلهة، وتصور فيه مجونهم وحماقتهم، وبالإضافة إلى ذلك إدعت أن منسوجتها تفوق الإله اثينا، غضبت أثينا ومزقت ذلك النسيج، فشعرت أركاني بالخجل من نفسها،وعندما علمت إلى أين قادتها غطرستها شنقت نفسها، ولكن الإله أثينا أشفقت عليها، فحولت الحبل المعلق إلي شبكة واراكاني إلى عنكبوت حتى تغزل لوحتها إلى الأبد، وبالمناسبة أركاني هو مصطلح يطلق على العناكب وهو مستخدم حتى الآن.
الآلهة نيث غزل ونسج القدر
نجد في الأساطير المصرية القديمة رمزية العنكبوت من خلال الإله نيث، والتي تعتبر آلهة الحرب والنسيج ووفقًا للأساطير، كانت الآلهة نيث خالقة العالم وأم الشمس في مصر القديمة، وكانت تصور بامراة تمسك المغزل أو حتى السهام، مما يوحي بقوتها وقدرتها على الصيد، وتذكر بعض النصوص أن الآلهة نيث كانت هي من تغزل الخيوط التي تغلف الممياوات لحمايتها .
وفي الثقافة الشعبية الصينية القديمة، كانت العناكب مصدر احتفال وكانت تجلب الحظ، ويعتقد أنها تجلب السعادة والثروة وكانت الحلي تصنع على أشكال العناكب وذلك لجلب الحظ السعيد، وتظهر العناكب على نطاق واسع في الفن والأدب الصيني والأساطير.
العنكبوت في عيد ميلادها الـ 400 تتحول إلى أنثى!
هل سمعتم يوما عن (الـ joroguma) بالإضافة إلى أن ذلك الاسم يطلق على إحدى أنواع العناكب، إلا أنه أيضا يظهر في العديد من أساطير الفلكلور الياباني، وتتناول الأسطورة أن تلك الأنواع من العناكب تكتسب طاقة سحرية عندما تتم عامها الربعمائة.
تستطيع من خلال طاقتها السحرية التحول إلى امرأة جميلة، وتختلف مغامراتها حسب كل مقاطعة في اليابان، ففي إحدى المرات تغوي مقاتل ساموراي، وتدعوه لمنزلها ثم توقعه في شباكها وتلتهمه، وفي رواية أخرى تبدأ بسقوط فأس إحدى الحطابين قرب شلال تسكنه joroguma، فيرآها الحطاب في صورة امرأة جميلة تسكن الشلال،و تعطيه فأسه الذي سقط في الماء، وتطلب منه ألا يخبر أحد عن مكانها، ظل الحطاب محافظًا على السر، ولكنه في إحدى الأيام ثمل وأفشى السر.
حسنًا لا نعرف ماحدث لذلك المسكين ولكنه لم يعد حتي اليوم!
ميثولوجيا العناكب في الأساطير السلتية
تظهر الآلهة أريانرود في الأساطير السلتية القديمة، وهي آلهة نسج القدر والزمن وأيضا إله الخصوبة والتناسخ، وتعني كلمة أريانودا العجلة الفضية، وذلك لارتباط الإله بالقمر ونجم الشمال وتشير تلك العجلة الفضية إلى تتابع ودوران شهور السنة.
في عام 2008 اكتشف الباحثون معبد من الطوب اللبن في وادي في دولة البيرو، يجسد صور عنكبوت منحوتة، بالإضافة لوجود بعض النقوش والرسومات في عدة كهوف في أستراليا و التي تجسد العناكب، كما تستخدم بعض القبائل طواطم العناكب للحماية وجلب الحظ.
الخاتمة
العنكبوت صورة قوية صمدت منذ أقدم العصور، ذالك المخلوق الذي يعكس ازدواجية ترعبنا وتبهرنا على حد سواء مما يعزز مكانتها في عالمنا كرمز لا ينسي. والأن هل مازالت تظن أن العنكبوت القابع في غرفتك يصلح كرفيق للسكن؟
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :