Ad

لم يكن اكتشاف أطلال مملكة “إيبلا” حدثاً عادياً في تاريخ سوريا الحديث، فمعرفة مملكة “إيبلا” نقلت سوريا إلى مكانة رفيعة وجعلتها تحتل مركزاً حضارياً متقدماً في الشرق الأدنى جنباً إلى جنب مع بلاد الرافدين وحضارته السومرية ووادي النيل وأهراماته وعصر ملوك

والحقيقة أن الوثائق التي كتبت قبل 4500 سنة غيّرت مفاهيمنا عن أقدم مراحل التاريخ. فقد ظلت “إيبلا” قابعة في أذهان علماء الآثار عشرات السنوات قبل أن يُعرف موقعها، فهي لم تكن قبل عام 1968 سوى اسم موثق في الشواهد الكتابية.

يوجد الكثير منا لا يعلم أين هي مملكة إيبلا فلا بد من التعرف عليها في المقال التالي

موقع مملكة إيبلا

تم اكتشاف مملكة إيبلا على يد بعثة إيطالية برئاسة العالم الآثاري الشاب باولو ماتييه عام 1968 م والحقائق تتضح شيئاً فشيئاً عن التاريخ السوري القديم.
تقع مملكة إيبلا في سورية في المنطقة الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة حلب، في قمة تل مرديخ. وتبعد عنها حوالي 50 كم. وقد ذكرت في العديد من الأماكن التاريخية القديمة مثل الوثائق المسمارية ونصوص سلالة أور الثالثة. كما ذكرت في نصوص تعود للعصر الآشوري القديم. ومع ذلك ظلت مدينة «إيبلا» مجهولة ومنسية بالنسبة لموقعها الجغرافي على الرغم من أهميتها، ودورها الحضاري في المنطقة.

الديانة في إيبلا

كانت ديانة إيبلا متعددة الآلهة، وفي المقام الأول كنعانية. كان دابير هو الإله الراعي للمدينة، ولكن تم أيضًا عبادة دجن وسيبيش وحدد وبالاتو وعشتروت. كانت لغة إيبلا لهجة كنعانية غير معروفة حتى الآن ، وهي أقرب إلى اللغات السامية الشمالية الغربية. ومع ذلك، فإن كتابة الألواح هي بالكتابة المسمارية السومرية، مع أقرب تشابه للألواح من أبي صلابيخ (الآن في العراق). تكشف النصوص أن المعلمين السومريين جاءوا إلى مملكة إيبلا.

ووجود “ إيبلا” بالقرب من أداب يشهد على أن الإبليين ذهبوا إلى سومر أيضًا. تظهر المفردات والمقاطع والمعاجم الجغرافية وتمارين الطلاب التي تم استردادها أن إيبلا كانت مركزًا تعليميًا رئيسيًا. إن اكتمال نصوص إيبلا، والتي في بعض الأحيان تكرر نصوصًا مجزأة من سومر، يعزز بشكل كبير الدراسة الحديثة للغة السومرية[1].

اكتشافات مملكة إيبلا

إن من أهم الاكتشافات التي أوضحت طبيعة حياة الإنسان السوري القديم من حيث الجوانب المختلفة بما فيها السياسية والدينية والثقافية وغيرها، هو اكتشاف مكتبة القصر الملكي في مملكة «إيبلا». فقد قام الملكُ الأكادي «نارام سين» بإضرام النار في المملكة. ولكن المفارقة كانت مدهشة، فتلك النار التي أشعلها شوت الرقم المصنوعة من الطين، هذا مما جعلها تعيش عمراً أطول, والأجمل من هذا أن تلك الرقم كانت بلغة خاصة بمملكة «إيبلا». ومع ذلك لم يتم التأكد من أنّ الموقعَ هو نفسُه موقع «إيبلا» القديمة.

بقيت هذه المملكةُ مجهولةً إلى عام 1968 عندما عُثِر على جذع تمثال من الحجر البازلتي يحمل نقشاً أكّادياً مؤلفاً من سطور عدة. وتذكر الكتابة أن التمثال هو ملك (إيبلا)، وقد ورد اسمها مرتين في النقش. مما أثبت للباحثين أنهم أمام مملكة «إيبلا» التي تسمى المملكة المنسية المنخفضة.

مكتبة إيبلا

المكتبة الملكية لمملكة إيبلا القديمة يُعتقد أنها أقدم مكتبة في العالم. تم اكتشاف المكتبة في الأعوام 1974 – 1976 على يد علماء آثار إيطاليين من جامعة روما لا سابينزا. وقد عثروا على حوالي 2000 قرص كامل يتراوح حجمها من 1 بوصة إلى أكثر من قدم، و4000 جزء من القرص، وأكثر من 10000 شريحة وأجزاء صغيرة. تعد هذه المجموعة من النصوص هي الأكبر التي تم العثور عليها على الإطلاق من الألفية الثالثة قبل الميلاد والتي كان لها الاثر الكبير في تقدم تاريخ الكتابة.

هناك أيضًا أدلة تشير إلى أن الألواح من مكتبة إيبلا قد تم ترتيبها عمدًا وحتى تصنيفها. تم تخزين الألواح الأكبر حجمًا في الأصل على الرفوف، لكنها سقطت عندما تم تدمير القصر. بالإضافة إلى ذلك، تظهر الألواح دليلاً على النسخ المبكر للنصوص إلى اللغات والنصوص الأجنبية، وتصنيفها وفهرستها لتسهيل استرجاعها، وترتيبها حسب الحجم والشكل والمحتوى.

المجتمع والسكان

 كان يسكن المملكة أكثر من 250 ألف شخص في مئات البلدات والقرى. مدينة إيبلا، التي تبلغ مساحتها 140 فدانًا، كان يسكنها ما يزيد عن 40 ألف نسمة، 10% منهم من الموظفين الحكوميين. حيث كان عمل مملكة إيبلا تجاريًا، وكانت الإمبراطورية الإيبالية في المقام الأول إمبراطورية اقتصادية ثقافية وليست عسكرية[2].

مملكة إيبلا وعلاقاتها مع الدول الأخرى

لقد تركزت تجارة مملكة إيبلا مع الجهات الشرقية والشمالية الشرقية أكثر من الغربية والجنوبية، فقد كان أهم طريق تجاري لها هو الذي يتجه إلى الفرات وبخاصة إلى ماري ثم تذهب إلى كيش وسط بلاد الرافدين. وكانت هناك طرق أخرى تذهب إلى إيمار  على الفرات وإلى كركميش، حيث تصدر المنسوجات والمفروشات الصوفية والكتانية، كذلك المنتجات الزراعية ومنها الزيوت والعنب والحبوب. أما أهم وارداتها فكانت المعادن وخاصة معدني الذهب الفضة والقصدير والاحجار الكريمة.

إيبلا في شأنها شأن بلاد الرافدين في افتقارها إلى الثروات الطبيعية التي كانت بحاجة إلى استيرادها. ويمكن القول أن العدد الكبير من النصوص الاقتصادية المتعلقة بالاستيراد والتصدير لمملكة إيبلا مهمة كمثيلتها التي جاءتنا من بلاد آشور في العهد الاشوري القديم (2004-1521 ق.م)[3].

نهاية مملكة ايبلا

هناك رأيان حول نهاية مملكة إيبلا، الرأي الأول يقول إن مملكة أكاد هي التي قضت على مملكة إيبلا على حين يذهب الثاني إلى أن مملكة ماري هي المسؤولة أيضاً عن تدمير وإنهاء مملكة إيبلا.

يعتقد الباحثين ايضًا أنه من ضمن الأسباب الرئيسية التي أدت لنهاية مملكة إيبلا أنها غدت قوة اقتصادية كبيرة بسطت نفوذها على مساحات واسعة وصلت حتى بلاد الرافدين إلى جبال الأمانوس التي  توصف بجبال الفضة لكثرة وجود مناجم الفضة فيها  والتي تتوافر فيها أشجار الأرز والسرو والصنوبر  بكثافة[4].

المصادر:

1_ britannica
2-Royal achives of ebla

4_ worldhistory

المصدر من: elakademiapost.com

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف آثار تاريخ

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 17
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق