Ad

“تاريخ موجز للزمان” ملخص كتاب للعالم ستيفن هوكينج

يعتبر كتاب “تاريخ موجز للزمان” من أشهر كتب شرح الفيزياء لغير المتخصصين، والذي أحدث ضجة كبيرة وقت صدوره، كتب مقدمته العالم كارل ساجان، ويعد كاتبه من أكثر الشخصيات الملهمة والمؤثرة على مستوى العالم، فضلاً عن إسهاماته المتميزة في عالم الفيزياء النظرية على الرغم من التحديات الجسدية التي واجهها معظم سنوات حياته.

يستعرض الكاتب بصورة مبسطة مسيرة النظريات الكبرى عن الزمان والكون ابتداءً من نظريات أرسطو وجاليليو وصولا إلى نيوتن وآينشتاين مضيفًا نظرياته ودراساته الخاصة، ومحاولًا الإجابة عن أكثر الأسئلة المحيرة عن أصل الكون ومحاولات العلماء لإيجاد نظرية موحدة لأهم نظريات القرن العشرين، وخاصة نظريتي النسبية وميكانيكا الكم مهتديًا بالعلم والخيال النشط الخلاق، وفي هذا الملخص نستعرض معكم أهم ما تناوله ستيفن هوكينج في فصول الكتاب آملين أن ننطلق معه في رحلته المثيرة في الكون والزمان.

الفصل الأول: صورتنا عن الكون

تطورت نظرية البشر عن الكون وماهيته على مدار سنوات طويلة بدأت منذ عصر ما قبل الميلاد، حينما طرح أرسطو في كتابه “عن السماوات” حجتين قويتين عن كروية الأرض، وكانت حججه قائمة على ملاحظته لشكل ظل الأرض على القمر عند الخسوف، وكذلك تغير موقع النجم الشمالي بالنسبة للراصد بناء على تغير زمن الرصد، وقبل هذا كان الاعتقاد السائد هو ثبوت ومركزية الأرض لما حولها من كواكب وأجرام سماوية.

أثارت نظرية أرسطو جدلًا كبيراً حتى ظهرت نظرية العالم الشهير نيكولاس كوبرينكس لتدحض نظرية مركزية الأرض، حيث قدم كوبرينكس نموذج يوضح ثبات الشمس في المركز ودوران الأرض وباقي الكواكب حولها في مدارات محددة.

لم تؤخذ نظرية كوبرينكس على محمل الجد بل هوجم بشدة بسببها، حتى بدأ جاليليو برصد السماء ليلًا وملاحظة دوران توابع صغيرة حول المشترى وهو ما يتنافى مع فكرة مركزية الأرض ويدعم نظرية نيكولاس كوبرينكس.

وفي عام 1687 نشر إسحاق نيوتن مؤلفه الشهير “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية” يطرح فيه نظرياته حول كيفية تحرك الأجسام في الزمان والمكان، ولم يكتف بذلك بل وضع أيضا الرياضيات المعقدة اللازمة لتحليل هذه التحركات، كما أنه وضع قانونًا للجاذبية الكونية، واستطاع التخلص من نموذجي بطليموس وكوبرنيكس وكذلك من فكرة أن للكون حد طبيعي وأنه لا متناه.

وبالرغم من كل تلك الدراسات والنظريات، كان الهدف النهائي للعلم هو محاولة إيجاد نظرية وحيدة تصف الكون كله، وحاول الكثير من العلماء بالفعل الوصول لمثل تلك النظرية ولكن الأمر كان معقدًا جدًا، وبدلًا من ذلك قسموا المشكلة إلى عدة أجزاء وابتكروا عددًا من النظريات الجزيئة تصف كل منها ظاهرة معينة في الكون، وفي يومنا هذا يصف العلماء الكون بنظريتين أساسيتين هما النسبية العامة وميكانيكا الكم، وهذا ما سيتطرق إليه الكاتب بالتفصيل في الفصول القادمة.

الفصل الثاني: الزمان والمكان

لم يكن جاليلو ينظر فقط إلى السماء ولكنه كان عالم رياضيات كذلك، يهتم بحركة الأجسام ذات الأوزان المختلفة، فقد استطاع أن يبرهن على زيف نظرية أرسطو التي توضح أن الحالة الطبيعية لأي جسم هي أن يكون ساكنا، وأنه لا يتحرك إلا إذا دفعته قوة أو دافع، وبناء على ذلك فإن الأجسام الثقيلة تسقط أسرع من الخفيفة، لكن ملاحظات جاليليو أثبتت أن عند إسقاط جسمين مختلفين في الوزن دون وجود مقاومة الهواء فإنهما يسقطان بالمعدل نفسه، وقد استخدم نيوتن قياسات جاليليو تلك أساسًا لقوانينه عن الحركة، ولكنه اختلف مع جاليليو في بعض أجزائها.

حيرت فكرة انتشار الضوء العلماء لسنوات طويلة، ولم تظهر نظرية ملائمة لتفسر الظاهرة حتى عام 1865 عندما استطاع العالم البريطاني جيمس ماكسويل توحيد النظريات الجزئية التي تصف قوى الكهرباء والمغناطيسية، وتنبأت نظريته أن موجات الراديو وأشعة الضوء ينبغي أن تنتقل بسرعة ثابتة، ولكن بنا أن نظرية نبتون كانت قد تخلصت من فكرة السكون المطلق للأشياء فكان لابد أن يذكر ما هو الشئ الذي تقاس هذه السرعة الثابتة بالنسبة له، وهكذا افترض العلماء وجود مادة تسمى “الأثير” توجد في كل مكان حتى في الفضاء الهاوي تنتقل من خلالها الموجات.

ولكن في عام 1905 نشرت ورقة بحثية لألبرت أينشتاين، بينت أن فكرة  وجود مادة الأثير لتوضيح ثبات سرعة الضوء غير ضرورية، بشرط أن يكون المرء على استعداد لنبذ فكرة الزمان المطلق، وحينها ظهرت نظرية النسبية كما أطلق عليها لاحقا والتي طورت بشكل ملحوظ أفكارنا عن المكان والزمان، وذكر الكاتب بإسهاب تفاصيل عن الدراسات التي أجراها أينشتاين بعد دحضه لفكرة وجود مادة الأثير، كما ذكر نشأة النظرية النسبية الخاصة والنظرية النسبية العامة، وطرح أينشتاين الثوري الذي يوضح اختلاف الجاذبية عن سائر القوى.

الفصل الثالث: الكون الممتد

ألهمت النجوم التي نراها في السماء الكثيرين للتساؤل عن ماهيتها، وكانت النجوم القريبة المرئية بالنسبة لنا تظهر وكأنها منتشرة عبر سماء الليل، ولكنها في الأصل تتركز في حزمة واحدة نسميها درب التبانة، وفي عام 1750 اقترح بعض العلماء تفسيرا لمظهر درب التبانة الذي يشبه اللولب، وذلك لأن معظم النجوم المرئية تقع في ترتيب وشكل واحد يشبه القرص.

أما صورتنا الحديثة عن الكون يرجع تاريخها إلى عام 1924 حينما اكتشف العالم إدوين هابل أن مجرتنا ليست الوحيدة في الكون، وإنما هناك الكثير من المجرات يقطع بينها قطع فسيحة من الفضاء الخاوي، وكان تحديد المسافة بيننا وبين تلك المجرات تحديًا لهابل فقد كانت بعيدة جدا وتبدو وكأنها ثابتة، فاضطر هابل لاستخدام وسائل غير مباشرة لقياس المسافة بيننا وبين تلك المجرات البعيدة، حيث إن اللمعان الظاهري لأي نجم يعتمد على عاملين، الأول هو قدر الضوء الذي يشع منه ويسمى بالضياء (الكمية الإجمالية للطاقة المنبعثة من نجم أو مجرة لكل وحدة زمنية)، والعامل الثاني هو بعد هذا النجم عنا، وبناء على ذلك فإذا أمكننا معرفة ضياء النجوم في المجرات البعيدة يمكننا حساب المسافة التي تبعدها عنا.

وفي السنوات التي تلت إثباتات هابل لوجود مجرات أخرى، استطاع رصد أطياف تلك المجرات وكان من المفاجئ أنه وجد أن كل المجرات تتحرك مبتعدة عنا، أي أن الكون في حالة تمدد مستمر، وكان هذا الاكتشاف إحدى الثورات الفكرية في القرن العشرين، وبالتالي تضعف فرضية أن الكون استاتيكي ثابت أمام اكتشافات إدوين هابل، ثم جاء الفزيائي الشهير أليكسندر فريدمان ليؤكد نظرية تمدد الكون وافترض أن الكون يبدو متماثلا في أي اتجاه ننظر إليه منه وأن هذا يظهر أيضا إذا راقبنا الكون من مكان آخر، ولذلك يتوقع ألا يكون الكون ثابتا، واستمرت بعد ذلك الأبحاث والدراسات من قبل الكثير من العلماء وكانت كلها تدعم فكرة تمدد الكون الدائم، وتثبت أيضا أن المسافة بين تلك المجرات كانت في يوم ما تساوي صفرا، وعندها كانت كثافة الكون وانحناء الزمكان لا متناهيان.

الفصل الرابع: مبدأ الريبة

كان مذهب الحتمية العلمية الذي حاجج به العالم الفرنسي الماركيز دي لابلاس هو الفرض العلمي القياسي حتى السنوات الأولى من القرن العشرين، حيث اقترح دي لابلاس أن الكون محتم بالكامل وينبغي وجود مجموعة من القوانين التي تسمح بالتنبؤ بأي شيء يحدث في الكون، ولكن سرعان ما تلاشى هذا الفرض أمام الحسابات التي قام بها العالمان لورد رايلي وسير جيمس جينيس، والتي نفت حتمية الكون وأثبتت أن أي جسم ساخن مثل النجوم يجب أن يشع طاقة، وفي عام 1900 اقترح العالم الألماني ماكس بلانك أن الضوء وأشعة إكس وباقي الموجات تبث من الأجسام الساخنة بطريقة ممنهجة وبقدر معين، وتكون في شكل حزمات من الطاقة أطلق عليها اسم “الكمات”، وكل كمة لها قدر معين من الطاقة يرتفع بارتفاع تردد الموجات، وهكذا كلما زاد التردد فإن بث كمة واحدة سيتطلب قدر كبير من الطاقة، لذلك فإن الإشعاع يقل عند الترددات العالية.

وفي عام 1926 قام العالم فرنر هايزنبرج بصياغة مبدأ الريبة، والذي يتوقع أنه إذا حاول المرء التنبؤ بموضع جسيم وسرعته في المستقبل فإنه يجب أن يتمكن من قياس سرعته وموضعه الحاليين، ويمكن فعل ذلك عن طريق تسليط ضوء على الجسم وعندها سوف تتشتت بعض موجات الضوء بواسطة الجسيم وسيدل ذلك على موضعه، ولكن حسب فرضية بلانك فلا يستطيع المرء استخدام قدرا اعتباطيا من الضوء، ولكن يجب أن يستخدم على الأقل كمة واحدة فقط لتجعل الجسيم يضطرب.

وبناء على تلك النظريات قام هايزنبرج وإروين شرودر وبو ديلاك بإعادة صياغة الميكانيكا في نظرية جديدة سميت بمكانيكا الكم، والتي أساسها هو مبدأ الريبة، حيث أن الجسيمات في هذه النظرية لم يعد لديها مواضع وسرعات منفصله واضحة، ولكنها بدلا من ذلك لديها حالة “كم”  وهي كود مكون من الموضع والسرعة، كما أنها لا تتنبأ بنتيجة واحدة محددة لمشاهدة ما ولكنها تتنبأ بعدد من النتائج الممكنة، كما تناول الفصل شرح مبسط لأهم مبادئ النظرية والمفارقات بينها وبين النظرية النسبية العامة لأينشتاين.

الفصل الخامس: الجسيمات الأولية وقوى الطبيعة

استمر الجدل بين العلماء على ماهية المادة، فكان أرسطو يعتقد أن أي مادة في الكون تتكون من أربعة عناصر أولية، التربة والهواء والماء والنار، وأن المادة يمكن تقسيمها إلى ما لا نهاية، أما ديميقريطس فقد توقع أن المادة مكونة من أجزاء أصغر منها أطلق عليها الذرات وافترض أنها لا يمكن تقسيمها لأجزاء أصغر منها، واستمر الجدل بين النظريتين لقرون دون الوصول لأي برهان حقيقي، حتى عام 1803 عندما استطاع جون دالتون التوصل لحقيقة أن المركبات الكيميائية ناتجة من اتحاد أجزاء صغيرة والتي افترض أنها ذرات ديميقريطس بنسب محددة، وفي عام 1905 قدم أينشتاين ورقة بحثية يوضح فيها أن الحركة البراونية (كالحركة العشوائية غير المنتظمة لجسيمات الغبار الصغيرة في أحد السوائل) يمكن تفسير حدوثها كنتيجة لاصطدام السائل بذرات الغبار.

وبرغم زعم ديميقريطس أن الذرات لا يمكن تقسيمها كان هناك بالفعل شكوك على أن الذرات يمكن أن تنقسم لأجزاء أصغر منها، وبالفعل استطاع العالم ج. تومسون اكتشاف جسيم من المادة له شحنة سالبة وأسماه إلكترون، وهذا الإلكترون له أقل من واحد من الألف من كتلة أخف الذرات، وفي عام 1911 استطاع العالم رذرفورد اكتشاف البنية الداخلية للذرات، وكان الاعتقاد في بادئ الأمر أن الذرات تتكون فقط من إلكترونات سالبة وبروتونات موجبة، ولكن تقدم جيمس شادويك  عام 1932 باكتشاف النيترونات متعادلة الشحنة، وكان السائد أن البروتونات والنيترونات هي الجسيمات الأولية للمواد إلا أن التجارب أثبتت وجود جسيمات أصغر سميت بالكواركات.

بعد ذلك بسنوات وبعد الاكتشاف السابق للخاصية الازدواجية للضوء (الموجة/الجسيم) استطاع العلماء توصيف كل شيء في الكون بما في ذلك الضوء والجاذبية، وذلك باعتبارات معينة لبعض الجسيمات اعتمادا على خاصية اللف المغزلي، أي أن تلك الجسيمات وكأنها تدور حول أحد المحاور، وعلى أساس ذلك تم تقسيم كل الجسيمات المعروفة إلى مجموعتين، جسيمات لها لف مغزلي يساوي ½ وجسيمات لفها المغزلي يساوي صفر أو 1 أو 2، وبالتالي تنشأ عنها قوى مختلفة وتخضع تلك الجسيمات لمبدأ الاستبعاد لبولي.

تاريخ موجز للزمان
اللف المغزلي للجسيمات

وبناء على ذلك بالإضافة لما طرحه العالم بول ديراك عام 1928، استطعنا فهم الإلكترونات والجسيمات الأخرى بصورة صحيحة، وتم التوصل إلى أن هناك بعض الجسيمات تحمل قوى معينة، وتم تقسيم تلك القوى إلى أربعة أنواع وذلك حسب شدتها والجسيمات التي تتفاعل معها.

النوع الأول هو قوة الجاذبية وتعتبر قوة شاملة أي أن كل الجسيمات الموجودة في الطبيعة تتأثر بها وذلك حسب كتلتها، وتعتبر قوة الجاذبية أضعف القوى الأربعة، وتتميز أنها تعمل على مسافات كبيرة، أما النوع الثاني فهو القوة الكهرومغناطيسية وهي تتفاعل مع الجسيمات المشحونة فقط مثل الإلكترونات والكواركات، وتعتبر أقوى من قوة الجاذبية بكثير.

النوع الثالث يسمى بالقوة النووية الضعيفة، وهي المسؤولة عن النشاط الإشعاعي وتعمل على كل الجسيمات ذات اللف المغزلي ½  مثل الفوتونات والجرافيتونات، والنوع الرابع والأخير هو القوة النووية القوية وهي المسؤولة عن ارتباط الكواركات معا في البروتونات والنيترونات.

وكالعادة حاول العلماء إيجاد نظرية موحدة تجمع بين القوى وأطلقوا عليها اسم النظرية الموحدة العظمى، والتي تجمع بين الثلاث قوى، النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية، حيث ترتكز على أن القوة النووية القوية تضعف في الطاقات المرتقعة، أما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة فتصبح أقوى في الطاقات المرتفعة، وعند شدة طاقة معينة أطلقوا عليه طاقة التوحيد العظمى تتساوى الثلاث قوى، هكذا افترض العلماء أن الثلاث قوى أوجه مختلفة لقوة واحدة.

الفصل السادس: الثقوب السوداء

يعتبر مصطلح الثقوب السوداء حديثا جدا وقد صاغه العالم جون هويلر عام 1969، أما فكرة الثقوب السوداء فيرجع عمرها إلى مائتي عام على الأقل حينما وجدت نظرية ازدواجية الضوء، حيث يمكن النظر إليه على أنه موجة وجسيم معا، وبما أن الضوء يتكون من جسيمات فمن الطبيعي أن يتأثر بقوة الجاذبية، وأنه ينتقل بسرعة متناهية، وبناء على هذا الفرض كتب العالم جون ميشيل ورقته البحثية التي وضح فيها أن أي نجم له مقدار معين من الضخامة يكون له قوة جذب تحول دون انبعاث أي ضوء منه، بل إنها تعمل على جذب ذلك الضوء إلى داخل النجم، وبالرغم من أننا لا نرى تلك النجوم بسبب عتمتها إلا أننا نشعر بجاذبيتها، وهذه النجوم هي ما يطلق عليها الآن اسم الثقوب السوداء.

ولكي نتمكن  من فهم كيف تتكون الثقوب السوداء يجب أن نطلع على دورة حياة النجوم، حيث تتكون النجوم من كمية كبيرة من الغاز عادة ما يكون الهيدروجين، وبسبب قوة شد جاذبية تلك النجوم فهي تتقلص على نفسها للداخل، ولكن عند انكماشها فإن ذرات الغاز تتصادم ببعضها البعض مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالي تتلاحم ذرات الهيدروجين وتعطي غاز الهيليوم، وتلك الحرارة المنبعثة هي ما تجعل النجم يلمع، بالإضافة إلى ذلك فإنها تسبب ارتفاع ضغط الغاز حتى يصبح الضغط كافيا للتوازن مع شد الجاذبية، وبالتالي يتوقف الغاز عن الانكماش وتظل النجوم مستقرة على حالتها زمنا طويلا.

ولكن في عام 1928 استطاع العالم سبرامنيان تشاندراسيخار التوصل لبعض الحسابات المهمة والتي تعطي تفسيرا أكبر لحياة النجوم، فكما ذكرنا سابقا أن النجوم تظل على حالها بفعل التوازن بين قوة شد جاذبيتها وقوى التنافر بين ذرات الغاز حسب مبدأ الاسبعاد لبولي، ولكن تشاندراسيخار تبين أن هناك حدا لذلك التنافر، بمعنى أنه عند وصول كثافة النجم إلى حد معين فإن التنافر سيكون أقل من شد الجاذبية، حيث أن نجما باردا تزيد كتلته عما يقرب من كتلة الشمس مرة ونصف لن يتمكن من الإبقاء على نفسه ضد قوة شد جاذبيته، ويعرف هذا المقدار من الكتلة بحد تشاندراسيخار، ثم طرح الكاتب في الفصل بعض الدراسات التي أجريت للبحث عن الثقوب السوداء ومحاولة فهمها بصورة أوضح وتفسير ما يحدث للضوء المنبعث منها أو المار بجانبها.

الفصل السابع: الثقوب السوداء ليست جد سوداء

ربما كان هذا الجزء من الصعب فهمه إلى حد ما حيث أنه نظري بحت دون مشاهدات أو دلائل مثبتة تفسر هذه النظريات، وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة حتى الآن عن الثقوب السوداء التي شغلت الكثير من العلماء وعلى رأسهم ستيفين هوكينغ، الذي حاول التوصل إلى تعريف منطقي يصف تلك الثقوب السوداء وبعد مناقشة أفكاره من صديقه  روجر بنروز وصلوا لتعريفها على أنها مجموعة من الأحداث التي لا يمكن الفرار منها، أي أن حد الثقب الأسود (أفق الحدث) يتكون من مسارات  أشعة الضوء في الزمكان (الزمان-المكان) التي أخفقت في الهروب بعيدأ عن الثقب الأسود، كما اكتشف أن مسارات تلك الأشعة لا يمكن أن يقترب أحدها من الآخر، ولذلك فإن مساحة أفق الحدث قد تبقى كما هي أو تزيد بمرور الزمن، ولكن لا يمكنها أن تقل.

تاريخ موجز للزمان
مساحة أفق الحدث

كما تنبأ الكاتب بوجود ما يسمى بالثقوب السوداء البدائية، وهي ذات كتل صغيرة نسبيا وقد تكونت بفعل تقلص بعض مناطق الكون الغير منتظمة، ويفترض أن درجة حرارتها مرتفعة جدا وتبعث إشعاع بمعدل كبير في شكل أشعة إكس وجاما وهي أشعة ذات طول موجي قصير، وبالتالي يمكننا البحث عن الإشعاع الناتج عنها على الرغم من كونه ضعيف لأنها بعيدة جدا، إلا أن مجموع ما يصدر عنها جميعا قد يمكن الكشف عنه.

وتعتبر فرضية الإشعاع الناتج من الثقوب السوداء البدائية هي أول مثال لتنبؤ يعتمد بطريقة جوهرية على كلتا النظريتين، النسبية العامة وميكانيكا الكم، وذلك على الرغم من المعارضة التي لاقتها النظرية وقت نشرها، لأنها زعزعت فكرة راسخة لدى العلماء، فكيف يمكن لثقب أسود أن يشع أي شيء؟

الفصل الثامن؛ أصل ومصير الكون

“هل للكون حقيقة بداية ونهاية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف  تبدوان

كان لابد للكاتب قبل أن يفسر كيفية تأثير ميكانيكا الكم في أصل ومصير الكون أن يشرح تاريخ الكون المقبول بصفة عامة، والذي اعتمد على ما يعرف بنموذج الانفجار الكبير الساخن، يفترض هذا النموذج أنه إذا تمدد الكون فإن أي مادة فيه أو إشعاع يصبح أبرد، فعندما يتضاعف حجم الكون تنخفض حرارته إلى النصف، وهذا يكون له تأثير جوهري على ما فيه من مواد حيث إن نوع الجسيمات التي توجد في الكون يعتمد على درجة حرارته.

كما يفترض أن وقت الانفجار الكبير كان حجم الكون صفرا، أي أنه كان ساخنا على نحو لا متناه، وبعد الانفجار بثانية واحدة هبطت درجة الحرارة إلى عشرة آلاف مليون درجة، وكانت مادة الكون في ذلك الوقت تحتوي على فوتونات وإلكترونات وجسيمات صغيرة تدعى نيوترينو وهي جسيمات خفيفة جدا لا تتأثر إلا بالقوة الضعيفة والجاذبية، بالإضافة إلى مضادات الجسيمات وبعض البروتونات والنيترونات.

وباستمرار تمدد الكون وانخفاض درجة الحرارة تنخفض سرعة تكون الإلكترونات ومضاداتها، وبالتالي فإن معظم الإلكترونات ومضادات الإلكترونات  يفني أحدها الآخر ولا يتبقى إلا عدد قليل، أما جسيمات النيوترينو لا تفنى لأنها لا تتفاعل مع نفسها أو مع الجسيمات الأخرى إلا على نحو ضعيف، وهكذا يفترض العلماء أن تلك الجسيمات مازالت موجودة حتى الآن، وإذا تم رصدها فستخبرنا عن حالة الكون في المراحل المبكرة جدا من تكوينه.

وبعد الانفجار بمائة ثانية تصبح البروتونات والنيترونات غير قادرة على الهرب من جاذبية القوى النووية القوية، وتبدأ بالاتحاد معا وتكوين ذرات الديترويم (هيدروجين ثقيل)، ثم تتحد بعدها بالمزيد من البروتونات والنيترونات لتكون غاز الهيليوم وكميات صغيرة من الليثيوم والبرليوم.

وفي الورقة البحثية التي نشرها العالم جورج جاموف عام 1948 والتي تعرض صورة واضحة عن طور مبكر ساخن للكون، فقد تنبأ أن الإشعاع الناتج من أطوار الكون المبكرة الساخنة جدا لابد أن يكون موجودا حتى يومنا هذا، إلا أن حرارته تكون قد هبطت إلى درجات معدودة فقط فوق الصفر المطلق، وقد تم رصد هذا الإشعاع لاحقا بواسطة بنزياس وويلسون عام 1965.

أما بعد ساعات معدودة من الانفجار الكبير يستمر لكون في تمدده، وتتغير كثافته، ثم بعد ذلك تتكون المجرات والكواكب وباقي مكونات الكون التي نعرفها حتى الآن، ولم يكن شكل كوكب الأرض في الأطوار المبكرة من الكون كما نعرفه الآن، فقد كان ساخنا جدا وبلا أي غلاف جوي، وبمرور الوقت انخفضت درجة حرارته واكتسب غلافا جويا بفعل انبعاث الغازات من الصخور.

ولم تكن النظرية النسبية العامة بذاتها قادرة على تفسير هذه المراحل من الكون، وذلك لأنها تتنبأ بأن الكون بدأ بكثافة لا متناهية عند الانفجار الكبير، وبالتالي فإن النسبية العامة وكل القوانين الفيزيائية الأخرى تنهار عند متفردة الانفجار الكبير، ثم عرض الكاتب بعض الدراسات الشهيرة التي حاولت التنبؤ بالأشكال البدائية للكون، ولكن حتى نتنبأ بما ينبغي أن يكون الكون قد بدأ به، فإن المرء يحتاج إلى قوانين تصلح لبداية الزمان وبما أن كل قوانين العلم المعروفة تنهار عند متفردة البداية، فيمكن أن نفترض أن هناك قوانين جديدة تصلح للمتفردات.

الفصل التاسع: سهم الزمان

تغيرت آراؤنا عن طبيعة الزمان عبر السنين، وكذلك تغير اعتقادنا بأن الزمان مطلق، فبعد صياغة النظرية النسبية كان على العلماء نبذ فكرة أن الزمان مطلق والاقتناع بأنه نسبي، فلو افترضنا وجود ملاحظين في أماكن مختلفة فإن كل ملاحظ سيكون له الزمان الخاص به، أي أن الزمان أصبح مفهوم شخصي منسوب للملاحظ الذي يقيسه.

حاول الكاتب تفسير الزمان من خلال ثلاثة محاور أطلق على كل واحد منها اسم سهم الزمان، وبالتالي فإن هناك على الأقل ثلاثة أسهم مختلفة للزمان، أولا هناك سهم ديناميكي حراري ويعبر عن اتجاه الزمان الذي تزداد عنده الإنتروبيا (الاضطراب)، والثاني السهم النفسي للزمان والذي يعبر عن إحساسنا بمرور الزمن وتذكرنا الدائم للماضي وليس المستقبل، أما الثالث فهو السهم الكوني للزمان وذلك هو اتجاه الزمان الذي يتمدد فيه الكون بدلا من أن ينكمش.

ويخضع السهم الديناميكي الحراري للزمان للقانون الثاني للديناميكا الحرارية، أي أنه يوضح اتجاه الكون الدائم للإنتروبيا، بمعنى أن حالات الكون المضطربة أكثر من الحالات المنتظمة، وقد بينت الدراسات أن السهم النفسي للزمان في جوهره مماثل للسهم الديناميكي الحراري، أي أن السهمين يشيران إلى نفس الاتجاه، كما أن السهم الكوني كذلك يتفق مع السهم الديناميكي الحراري، فاتجاه الكون الدائم لحالة من الاضطراب يتمثل أيضا في تمدده الدائم، وهذا تفسير منطقي لأن الطور المنكمش من الكون غير ملائم لنمو كائنات ذكية لأنه ليس له سهم زمان ديناميكي حراري قوي.

الفصل العاشر: الثقوب الدودية والسفر عبر الزمن

ربما بدت فكرة السفر عبر الزمن خيالية، ولكن من المثير أن الكثير من العلماء قد ناقشوها وقدموا فيها أطروحات مميزة، ومن أشهر النظريات التي ناقشت السفر عبر الزمن  تلك التي طرحها العالم كيرت جودل الذي أمضى سنوات من العمل مع أينشتاين، ففي عام 1919 اكتشف جودل شكل جديد من الزمكان (المكان-الزمان) نتيجة لنظرية النسبية العامة، كما أنه صاغ مبرهنته لعدم الاكتمال التي تشبه نوعا ما مبدأ الريبة، وكان الزمكان الخاص به له خاصية عجيبة حيث يفترض أن الكون كله يدور، مما يرجح أنه إذا انطلق أحدهم بسفينة صاروخية ذات سرعة عالية فإنه يعود للأرض قبل أن ينطلق، وأزعج هذا الاكتشاف أينشتاين لأن النسبية العامة لا تسمح بالسفر عبر الزمن أصلا.

كما أن النسبية العامة تفترض أنه لا يمكن لأي جسم أن تصل سرعته إلى سرعة الضوء، وقد أثبت ذلك بالتجارب المعملية باستخدام معجلات الجسيمات، حيث اكتشفوا أن تلك الجسيمات عند تعجيلها تصل سرعتها إلى 99.99 من سرعة الضوء، ولكن مهما ازداد مقدار تعجيلها فلا تزيد سرعتها عن هذا الحد، ويبدو من هذه التجارب أنه من غير الوارد السفر السريع في الفضاء وكذلك السفر  عبر الزمن إلى الماضي.

وبالرغم من كل تلك التجارب المحبطة لفكرة السفر عبر الزمن، كان هناك أمل حينما ظهر افتراض وجود الثقوب الدودية التي تعتبر بمثابة جسور تصل بين منطقتين مسطحتين تقريبا من نسيج الزمكان وبينهما مسافة كبيرة، وهذا ما طرحه أينشتاين وروزن في ورقتهما البحثية عام 1935، ولكن كان هناك قصور في تلك النظرية حيث أن تلك الثقوب الدودية لا تبقى زمنًا كافيًا لأن تمر خلالها سفينة فضاء.

 وكان هناك بعض الأمل في قوانين ميكانيكا الكم التي استغلها الكثير من العلماء لمحاولة تفسير معضلة السفر عبر الزمن، وهناك الكثير من الأدلة التجريبية على إمكانية حدوث ذلك ومن أشهرها ما يسمى بتأثير كاسيمير، والذي افترض أن الزمكان يمكن أن ينحني بالطريقة التي تسمح بالسفر عبر الزمن، وهكذا فإننا نأمل مع تقدم العلم والتكنولوجيا أن نتمكن من السفر عبر الزمن يوما ما.

الفصل الحادي عشر: توحيد الفيزياء

كما ذكر في الفصول السابقة، كان من الصعب بناء نظرية موحدة لكل شيء في الكون، وقد انفق أينشتاين معظم سنواته الأخيرة في محاولة إيجادها ولكنه لم يستطع لأسباب كثيرة منها عدم إيمانه بحقيقة ميكانيكا الكم، ولكن بعد محاولات كثيرة استطاع العلماء توحيد القوى النووية القوية والضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية في نظريات موحدة كبرى، ولم تكن تلك النظريات مرضية بشكل كبير حيث أنها لا تتضمن قوة الجاذبية.

تاريخ موجز للزمان

وكانت الصعوبة الرئيسية في إيجاد نظرية توحد الجاذبية مع القوى الأخرى هي أن النسبية العامة نظرية كلاسيكية لا تتضمن مبدأ الريبة لميكانيكا الكم، وعند محاولة دمج النسبية العامة بمبدأ الريبة سيكون لدينا فقط كميتان يمكن تعديلها وهما شد الجاذبية وقيمة الثابت الكوني.

وفي ظل الكثير من النظريات التي طرحت في محاولات إيجاد النظرية الموحدة، ظهرت عام 1984 نظريات عرفت بنظريات الوتر، والتي افترضت أن الجسيمات لا تشغل نقطة واحدة في الزمكان وإنما هي أشياء لها بعد واحد فقط مثل وتر رفيع جدا يمكن إهمال سمكه، وقد تكون تلك الأوتار ذات طرفين فتسمى الأوتار المفتوحة أو متصلة بذاتها على شكل حلقة فتسمى الأوتار المغلقة، وأي نقطة تقع على هذه الأوتار يمكن وصفها برقمين أحدهما يعين الزمان والآخر يعين المكان، والأهم في هذه النظرية أن حساباتها تشمل جميع القوى وتوحدها في نظرية واحدة تسمى النظرية الفائقة.

ولكن نظريات الوتر لم تخل من القصور ووجود أجزاء كثيرة منها مبهمة وغير واضحة حتى الآن، وهكذا ما زال العلماء في عملية بحث دائم عن تلك النظرية الشاملة، والتي ما هي إلا الخطوة الأولى لفهمنا الكامل للأحداث من حولنا وكذلك فهم وجودنا نفسه.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


ملخصات كتب

User Avatar

Sara Eissa


عدد مقالات الكاتب : 1
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق