بعد رؤية إيلون ماسك يرسل آلافًا من الأقمار الصناعية إلى مدارات منخفضة حول الأرض، فمن الطبيعي أن نتساءل، لماذا لا نستطيع إطلاق القمامة الخاصة بنا إلى الفضاء أو نحو الشمس؟ تكمن الإجابة في تعقيدات السفر إلى الفضاء ومشكلة القمامة المتراكمة حول مدار الأرض.
قد تبدو فكرة إطلاق النفايات إلى الفضاء حلاً لمشكلة النفايات لدينا، ولكنها تثير أسئلة أكثر من الإجابات. ماذا عن الآثار الأخلاقية لتلويث نظامنا الشمسي؟ ماذا عن مخاطر اصطدام نفاياتنا بالأقمار الصناعية أو حتى العثور على طريقها إلى الأرض؟ الإجابات على هذه الأسئلة معقدة، وقد يكمن الحل في إيجاد طرق بديلة لإدارة نفاياتنا.
محتويات المقال :
مشكلة النفايات العالمية
مشكلة النفايات في العالم ليست مجرد قضية محلية، بل هي أزمة عالمية. على كوكبنا، تتواجد المواد البلاستيكية الدقيقة في كل مكان، وتبلغ مساحة رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادئ ضعف مساحة ولاية تكساس تقريبًا. كما يوجد أكثر من 8 ملايين طن من النفايات البلاستيكية تدخل محيطاتنا كل عام، مما يضر بالحياة البحرية ويلوث السلسلة الغذائية.
لكن المشكلة تتجاوز حدود كوكب الأرض. هناك عشرات الآلاف من الأجسام المعروفة في مدار أرضي منخفض، والعدد يتزايد يوميا. تشكل هذه الأجسام خطرًا جسيمًا على المركبات الفضائية العاملة ومحطة الفضاء الدولية.
وتتفاقم المشكلة بسبب عدم وجود تنظيم دولي بشأن الحطام الفضائي. إنه مجال مجاني للجميع، حيث تقوم الدول والشركات على حد سواء بإطلاق أجسام إلى الفضاء دون خطة واضحة للتخلص منها. ومع استمرارنا في استكشاف الفضاء واستخدامه، فإن مشكلة النفايات الموجودة في المدار سوف تتفاقم ما لم نتخذ تدابير جذرية للحد منها.
ولكن قبل أن نتمكن حتى من التفكير في تنظيف الفضاء، نحتاج إلى فهم نطاق المشكلة وتأثيرها على كوكبنا ومشاريعنا في الكون. والسؤال هو: هل يمكننا أن نلقي بنفاياتنا في غياهب النسيان، أم أننا عالقون في عواقب أفعالنا؟
إطلاق القمامة إلى الفضاء
إن إطلاق النفايات إلى الفضاء يعد مهمة ضخمة وهي أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع. بالنسبة للمبتدئين، ستحتاج إلى صاروخ قادر على حمل حمولة هائلة، ناهيك عن الوقود اللازم للهروب من جاذبية الأرض. نحن نتحدث هنا عن تريليونات الدولارات.
لكن لنفترض أننا نستطيع بطريقة ما جمع كل نفاياتنا وتعبئتها في صاروخ. ستكون العقبة التالية هي إبعادها بما فيه الكفاية عن كوكبنا لتجنب خطر اصطدام قماماتنا بالأقمار الصناعية، ثم عودتها إلى الأرض في نهاية المطاف. نحن نتحدث عن ارتفاع أدنى يبلغ 35,406 كم، وهو إنجاز يتطلب قدرًا هائلاً من الدفع. وحتى لو تمكنا من التغلب على هذه التحديات، فلا يزال أمامنا معضلة أخلاقية تتمثل في تحويل نظامنا الشمسي إلى مكب للقمامة.
ولكن ماذا عن إطلاق قمامتنا ببساطة نحو القمر؟ من المؤكد أنك لا تريد إرسالها حول القمر، لأنها قد تصطدم به، وهذا قد يحوله إلى مكب قمامة. وحتى إطلاقها نحو المريخ قد يأتي بنتائج عكسية في يوم من الأيام. عليك أن تفكر بعد 200 عام من الآن، حيث من الممكن أن نستعمر المريخ. أنت لا تريد أن تكون هناك قمامة بجانب منزلك في المريخ.
إطلاق القمامة نحو الشمس
إن إرسال القمامة إلى الشمس يبدو وكأنه حل محير لمشكلة القمامة المتزايدة لدينا. ولكن، ما مدى إمكانية ذلك حقًا؟ إن الأمر ليس بهذه البساطة مثل إطلاق صاروخ يحمل حمولة من القمامة ومشاهدتها وهي تختفي في أعماق الشمس الحارقة. أولاً، نحتاج إلى جمع كل النفايات من جميع أنحاء العالم، ووضعها في موقع مركزي، ثم وضعها على صاروخ قادر على حمل هذا الحمولة الهائلة. وهذه مجرد البداية.
ويكمن التحدي الحقيقي في الهروب من تأثير الجاذبية الأرضية، الأمر الذي يتطلب قدرا هائلا من الدفع والوقود. نحن نتحدث هنا عن موارد بقيمة تريليونات الدولارات. وحتى في هذه الحالة، سنحتاج إلى التأكد من عدم اصطدام نفاياتنا بالأقمار الصناعية أو غيرها من الحطام الفضائي على طول الطريق، مما يسبب المزيد من المشاكل. وماذا عن التأثير البيئي لهذه الإطلاقات الجماعية والمتكررة على غلافنا الجوي؟ نحن ما زلنا لا نفهم التأثيرات بشكل كامل، ومن المحتمل أن تكون كارثية.
فكرة مستقبلية
قد تبدو فكرة إطلاق القمامة في الشمس وكأنها فكرة بعيدة المنال اليوم، ولكن من يدري ما هي التطورات التكنولوجية التي قد يحملها المستقبل؟ ربما في يوم من الأيام، سيكون لدينا القدرة على إطلاق النفايات نحو الشمس، أو الأفضل من ذلك، إيجاد طرق مبتكرة لإعادة توظيفها وإعادة تدويرها في الفضاء. ولكن في الوقت الحالي، نحتاج إلى التركيز على حلول أكثر عملية وفعالية من حيث التكلفة لمشكلة القمامة لدينا.
المصدر
Why can’t we just launch all of Earth’s garbage into the sun? | popsci
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :