Ad

لطالما سحرت السماء أعيننا، حتى قالت فيروز في أغنيتها: “شايف السما شو بعيدة؟ بعد السما بحبك”، فقد أدهشتنا السماء بنجومها وكواكبها وغموضها.
كانت السماء بعيدة المنال حتى أننا صرنا نقسم ببعدها عنّا، ونستخدم بعدها عنّا ككناية عن الكبر والاتساع، إلا أن العلم ساعدنا على الوصول إليها، لنستكشف ما فيها ونبحر في فضاءها الشاسع.
قرّب العلم السماء من أعيننا ومراصدنا، حتى أننا هبطنا على سطح القمر، والآن حان الوقت لمحطتنا التالية، المريخ، وهذه المرة نحن نخطط للاستقرار عليه.

لماذا نحتاج إلى المريخ؟

يقترب عددنا اليوم من 8 بليون نسمة، لكن الأرض لن تتحملنا لكثير من الوقت، فمواردها محدودة، وأعدادنا في زيادة مستمرة، كما أن كثرة عدد سكان كوكبنا أدى إلى زيادة المصانع وحركة المواصلات لتوفير الخدمات وفرص العمل لهؤلاء السكان، وهذا ما أثقل كاهل كوكبنا، بداية من ثقب الأوزون، مرورًا بالاحتباس الحراري، وصولًا إلى الحيوانات التي انقرضت نتيجة تدمير مواطنها والمد العمراني للبشر على حساب الغابات والمساحات الخضراء، مما أدى بالطبع إلى اختلال النظام البيئي الطبيعي.
أصبح كوكبنا مزدحمًا للغاية، نحتاج إلى كوكب آخر، يبدو كل من المريخ والزهرة خيارين جيدَين، ولكننا سنركز على المريخ، وإذا أردنا الاستقرار عليه فنحن نحتاج إلى تحويله ليناسب حياتنا.

صحراء باردة

يمتلك المريخ غلافًا جويًا رقيقًا للغاية، فالغلاف الجوي السميك للأرض (نسبيًا)، يحتبس أشعة الشمس لبعض الوقت ليرفع من حرارة الكوكب، بينما غلاف المريخ الرقيق يسمح بدخول أشعة الشمس وخروجها دون أي مقاومة تذكر، ودون أي احتفاظ بكمية تذكر من الحرارة، جاعلًا من الكوكب صحراء ميتة بدرجة حرارة تبلغ 60 درجة مئوية تحت الصفر!

ولكن كيف نحل هذه المشكلة؟

يمكننا أن نتعلم الدرس مما يحدث لكوكبنا، فالغازات الدفيئة تزيد من «تأثير البيت الأخضر-greenhouse effect»، والذي بدوره يرفع من درجة حرارة الأرض، فيمكننا أن نلجأ لضخ كميات معقولة من «الكلوروفلوروكربون-CFC» في غلاف المريخ الجوي، والذي سيساعد على احتباس حرارة الشمس داخل غلافه الجوي ليزيد من حرارته.

المجال المغناطيسي

بردت نواة المريخ وتصلبت على مدار بلايين السنين، ونتيجة لهذا الجمود فقد الكوكب مجاله المغناطيسي، لذا فسطحه في عرضة دائمة للإشعاع الكوني ولأشعة الشمس الضارة.
يساعد المجال المغناطيسي للأرض على تشتيت أشعة الشمس الضارة ليحمينا منها، وهذا نتيجة لتدفق المعادن السائلة في نواة الكوكب أثناء دورانه حول محوره.


بالطبع لا يمكننا إعادة تحويل نواة المريخ إلى حالتها السائلة، وهنا يمكننا أن نصنع مولدًا ضخمًا للمجال المغناطيسي بينه وبين والشمس، ليعمل على خلق مجال مغناطيسي يشتت أشعة الشمس الضارة عن سطحه، وهذا بالطبع يحتاج إلى تكنولوجيا بالغة التعقيد ومبالغ طائلة من المال.

الغلاف الجوي للمريخ

نحتاج إلى المزيد من ثاني أكسيد الكربون من أجل النباتات ولزيادة احتفاظ الكوكب بحرارته أيضًا، فكميات الكلوروفلوروكربون التي استخدمناها لن تفي بالغرض.
تتوافر كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في الأملاح المترسبة في قشرة المريخ، ولكننا نحتاج إلى طاقة كبيرة لاستخراج هذه الكمية من ثاني أكسيد الكربون، لذا فسنقوم بإرسال الروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة الخلايا الشمسية باستخدام السيليكون الموجود على سطح الكوكب، وسنغطي مساحات واسعة من سطح المريخ بهذه الخلايا لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل الروبوتات المسئولة عن التعدين واستخراج الصخور التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون.

سنستخدم هذه الطاقة الكبيرة في «التحليل الكهربائي-Electrolysis» لأكاسيد المريخ الصلبة، والذي سيعطينا الأكسجين كمنتج ثانوي، ومن ثم تُستخدم الطاقة على الأملاح من الصخور المستخرجة من قشرة المريخ لتعطي ثاني أكسيد الكربون كمنتج ثانوي، وبهذا سنحصل على ثاني أكسيد الكربون وقليل من الأوكسجين، ومن هنا يمكننا إرسال الطحالب والبكتيريا المعدلة وراثيًا لتزيد من كمية الأوكسجين على الكوكب، فهذه الطريقة هي التي أتت بالأوكسجين إلى كوكبنا.

ولكن كيف نحصل على النيتروجين؟

قد تبدو هذه الفكرة مجنونة ولكننا سنحتاج هنا إلى توجيه النيازك من حزام الكويكبات باتجاه المريخ، وهذا بالطبع سيكون باستخدام أساطيل فضائية كبيرة (وهذه تكنولوجيا لا نملكها حتى الآن)، فهذه النيازك تحتوي على كميات لا بأس بها من النيتروجين، والآن بتنا نمتلك غلافًا جويًا!

الماء على المريخ

بعد أن أصبح لدينا غلاف جوي على المريخ، وبتنا نمتلك ضغطًا جويًا مناسبًا، أصبح بإمكان الماء التواجد في حالته السائلة بصورة مستقرة، ومن هنا يمكننا استخدام الأسلحة النووية، حيث أن المريخ يملك كميات من الماء المتجمد في قطبه الجنوبي، كما اكتُشف وجود كميات من الجليد على بعد أمتار تحت سطح المريخ وهنا ستلعب الأسلحة النووية دورها حيث ستستخدم في إذابة هذا الماء المتجمد، وها هو ذا الماء السائل!

الخلاصة

قد يبدو تحويل المريخ صعب المنال بل حتى مستحيلًا في المستقبل القريب، إلا أن حلم الإنسان القديم بالطيران قد تحقق، فالعلم هو وسيلتنا لتحقيق أحلامنا، وكما قال عالم الفيزياء الروسي «قسطنطين تسيولكوفسكي-Kostantin Tsiolkovsky»: “إن الأرض هي مهد الإنسانية، ولكن المرء لا يمكن أن يعيش في المهد إلى الأبد”.

المصادر

nature
space
nasa
scientificamerican
space
nasa
sciencedirect

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلك فضاء

User Avatar

abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.


عدد مقالات الكاتب : 74
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق