Ad

ما هي سلبيات وإيجابيات النظام النباتي؟ وما علاقته بالتغيرات المناخية؟

هنالك العديد من الأسئلة التي قد يطرحها الفرد عند السماع بأن أكثر من مليون شخص على الكوكب قد امتنع عن تناول المواد الحيوانية بجميع أشكالها. ما السبب الذي قد يدفعهم لذلك بل والتمسك به خلال حياتهم اليومية؟ قبل الشروع في الجواب قد يلزمنا التعرف أولا عن النباتية كمفهوم وأنواع كل من فروعها على حدة.

ماهي النباتية وأنواعها؟

ما هي سلبيات وإيجابيات النظام النباتي؟ وما علاقته بالتغيرات المناخية؟

المجتمع النباتي-The Vegan Society عبارة عن مؤسسة غير حكومية في بريمنغهام ببريطانيا. تم تأسيسها سنة 1944 من طرف ناشط في حقوق الحيوانات يدعى دونالد واتسون. وتعتبر أقدم مؤسسة للنظام النباتي في العالم. يعرف هذا المجتمع النباتية-Veganism بكونها أسلوب حياة يحاول إقصاء جميع أشكال الاستغلال والعنف تجاه الحيوانات، واستخدام طرق بديلة تحرر الحيوانات لصالح البشر والحيوانات، والبيئة. (1)

كما ينقسم النباتيين إلى قسمين اثنين، الأول يتبنى النباتية الصرفة-Vegan والثاني النباتية-Vegetarian.

النباتية الصرفة تعنى الكف عن تناول واستعمال جميع منتجات الحيوانات بما في ذلك العسل واللباس المصنع من جلد الحيوانات أو الحرير. بينما يمتنع النباتي عن تناول المنتجات التي تتطلب ذبح (قتل) الحيوانات (اللحوم، الأسماك…) بينما يستطيع تناول الحليب والأجبان والبيض والعسل…

قد تنقسم النباتية بدورها Vegetarianism إلى فروع ثانوية تختلف حسب بعض المنتجات التي قد يتناولها كل منهم على حدة، لكن أبرز هاته الفروع هي نباتية الأسماك-Pescetarianism والتي تمتاز بجميع مميزات النباتية الصرفة (Vegan)، أي الامتناع عن المنتجات الحيوانية بجميع أشكالها واللباس الجلدي لكن يسمح بتناول الأسماك والمأكولات البحرية.

بعد تبسيط بعض المفاهيم الأساسية في موضوع النباتية، يجب الإشارة إلى أن هذا المقال بصدد معالجة النباتية الصرفة veganism فقط دون الأنواع الأخرى التي تختلف دوافعها هي الأخرى.

خلص استطلاع رأي في بريطانيا سنة 2016 إلى أن عدد النباتيين قد ازداد في البلاد بنسبة 360 في المائة خلال العقد الماضي فقط. ستقودنا هذه المعطيات للتساؤل التالي:

ما الأسباب التي تدفع شخص ما لتبني النظام الغذائي الصرف؟

تتعدد وتختلف هذه الأسباب بحسب كل شخص لكن عموما يمكن تصنيفها في المجالات التالية: المجال البيئي أو الصحي أو المجال الزراعي-الحيواني وكذلك الأخلاقي.

الأسباب الأخلاقية: المعاملة السيئة للحيوانات

يعتبر العديد من النباتيين أمر التورط والمساهمة في استغلال الحيوانات السبب الرئيسي لقرارهم، بينما يؤمن البعض أن لجميع الكائنات الحية الحق في الحياة وأن القتل من أجل الاستهلاك هو أمر خاطئ. يجدر الإشارة إلى أن بعض النباتيين يعارضون الزراعة الحيوانية بالذات (أو تربية الحيوانات)، حيث يتم تربية الحيوانات من أجل استهلاكها أو لإنتاج الأجبان والألبان. (2)

  1. ماذا يحدث داخل المزارع الحيوانية؟

حسب موقع Compassion in World Farming، تتعرض معظم الأبقار للحمل القسري (أو الإخصاب القسري)، حيث تحقن بالحيوانات المنوية المخزنة في حقن ضخمة. كنتيجة لهذه الإجراءات، تضاعفت إنتاجية الأبقار للحليب خلال 40 سنة الماضية. ففي المملكة المتحدة، تنتج البقرة الواحدة ما يعادل 22 لتر كمعدل يومي بينما يتم إنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية 30 لتر يوميا للبقرة الواحدة. (4) (3)

وذكر المصدر نفسه أن الأبقار التي تتمتع بحياة طبيعية وصحية تعيش لأكثر من 20 سنة، بينما تتعرض للذبح تلك الموجودة في مزارع تربية الحيوانات بعد ثلاث أو أربع سنوات (أو بعد إرضاعها لثلاث أو أربع مرات) لأن إنتاجيتها من الأجبان والألبان تنخفض أو أنها عقيمة بشكل مزمن أو تعرضت لجروح سببت العرج لها. (4) (3)

الأسباب البيئة: الحفاظ على البيئة والحد من التغيرات المناخية

يعتبر عامل الحفاظ على البيئة من السلوكيات البشرية التي تحفز النباتيين للتمسك بالنظام النباتي الصرف. وذلك لأن الزراعة الحيوانية من أهم مسببات التغيرات المناخية وانقراض بعض الأنواع من الحيوانات وإزالة الغابات والقضاء على الجوع، واستنزاف مصائد الأسماك. (5)

كيف ذلك؟

انطلاقا من وزارة الزراعة الأمريكية – United States Department of Agriculture، تسبب بعض الممارسات مثل استخدام الأراضي لرعي المواشي وإدارة الأسمدة الطبيعية وتخصيب التربة على انبعاث الغازات الدفيئة كالميثان CH4 الصادر عن روث الأبقار وأكسيد النيتروس. (6)

وحسب المصدر عينه، تساهم الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها بما يعادل 6 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة، أما على المستوى العالمي، فالمجال الزراعي مسؤول عن 30 في المائة من مجموع الغازات الدفيئة المنبعثة. لذلك يرى المسؤولون في الوزارة ضرورة تقليص هذه الانبعاثات من خلال تطبيق بعض الممارسات كغرس الأشجار والأعشاب الدائمة في الأراضي الزراعية ومنح فترة راحة للتربة … (6)

كما وجدت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة Food and Agriculture Organization, سنة 2006 أن 18 في المائة من الغازات الدفيئة المنبعثة تعزى مباشرة للإنتاجات الحيوانية، وهذه النسبة تفوق مجموع الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل بأكمله. ومن المرتقب أن تزداد الانبعاثات الناتجة عن الزراعة بالنظر لارتفاع الدخل والتوسع الحضري ما سيساهم في زيادة استهلاك اللحوم والألبان. ومن المتوقع أن يساهم الطلب المتزايد على الزراعة الحيوانية في زيادة مساهمتها بالغازات الدفيئة المنبعثة وذلك بنسبة 80 في المائة تقريبا. (5)

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن 75 في المائة من مصائد الأسماك في العالم إما مستغلة أو استنفدت. (5)

حسب بيانات البنك الدولي-World Bank، فالزراعة الحيوانية مسؤولة عن ما يقارب 90 في المائة من جرف منطقة الأمازون البرازيلية. كما أن هذه الزراعة هي المستهلك الأول للمياه العذبة، حيث تستهلك 208 تريليون لتر سنويا (55 تريليون جالون). وللتبسيط فإنتاج كل رطل من لحم البقر يتطلب 18900 لتر من المياه. (7)

الأسباب الصحية: دور النظام الغذائي النباتي على الصحة

يتبع العديد من الأشخاص النظام النباتي لفوائده الصحية. بالرغم أن هناك من يقول أن هذا النظام لا يوفر جميع العناصر الغذائية الضرورية كالبروتين وفيتامين B12 إلا أن الجمعية البريطانية للحمية الغذائية ترى أن النظام الغذائي النباتي الذي تم تخطيطه جيدا صحي ويناسب جميع المراحل العمرية. تشمل مصادر البروتينات للنباتيين العدس والفاصوليا والحمص والقطاني والمكسرات, والتوفو. أما فيتامين ب 12 فموجود في الحليب النباتي (الصويا، اللوز…) أو بعض حبوب الإفطار إلا أن الجمعية تنصح بتناوله كمكمل غذائي لتفادي أية مشاكل. (8)

وفي دراسة جديدة من جامعة نورثويسترن الطبية وجامعة كورنويل، اكتشف الباحثون علاقة إيجابية بين اللحوم الحمراء والمصنعة وأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن نسبة الوفاة تتراوح بين 3 و7 في المائة لدى مستهلكي اللحوم مرتين في الأسبوع. وحسب الدراسة نفسها، فالمأكولات البحرية ليست لها علاقة بالأمراض القلبية أو الوفاة. (9)

سلبيات النباتية

في ظل جميع مميزات النباتية، هناك الكثير من القلق بسبب الفجوات في هذه النظم الغذائية والتي دفعت العديد من العناوين ترجح أنها قد تسبب تراجعا في نمو الدماغ وقد تتلف الجهاز العصبي.

نصحت الجمعية الألمانية للتغذية كل من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والمراهقين بعدم اتباع الأنظمة النباتية. كما قررت الأكاديمية الملكية للطب في بلجيكا أن النظام النباتي غير مناسب للأطفال وستتم إدانة الأباء الذين يفرضون هذا النظام على أبنائهم. (10)

أجريت دراسة على 550 تلميذ في مدارس كينية، حيث تم إطعامهم حسب مجموعات بثلاثة أنواع من الحساء، الأول باللحوم والثاني بالحليب والثالث بالزيت (أو دون أي حساء) كوجبة خفيفة لمدة 7 فصول دراسية. يذكر أن هؤلاء الأطفال كانوا نباتيين قبل بداية الدراسة بسبب ظروفهم المادية. في نهاية الدراسة، لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين تم إطعامهم الحساء باللحوم قد تفوقوا على المجموعات الأخرى وأبلوا جيدا في الاختبار. أعلن الفريق أن النتائج تثير المزيد من التساؤلات حول تأثير الانظمة النباتية على تطور الدماغ، كما أشاروا إلى أنه يجب إجراء دراسات أخرى حول الموضوع والتأكد إن كانت النتائج تنطبق على الأطفال في البلدان المتقدمة أيضا. (10)

أما في دراسة أخرى، قادتها تامي تونغ باحثة في مجال علم وبائيات التغذية في جامعة أكسفورد، وجدت أن النباتيين يتمتعون بقلب سليم لكن معرضون للإصابة بسكتة دماغية أكثر بنسبة 20 في المائة من مستهلكي اللحوم. وقد يكون السبب لهذه النتائج انخفاض مستويات الكوليسترول الكلي في الدم أو عدم تناول ما يكفي من الفيتامينات. كما ورد عن الدراسة أن خطر الإصابة بالنسبة لنباتيي الأسماك يبدو منخفضا مقارنة بأولئك الذين يتبنون النباتية الصرفة. (11)

إذن ماهو النظام الأصح؟

تتنوع أقسام النظام النباتي فكل نوع يمتاز بدوافعه المختلفة وإمكانياته الغذائية، كما أن الأسباب التي تدفع شخص ما لتبني هذا النظم جد مختلفة من شخص لآخر. كما أن العالم شاهد تطورا كبيرا لتوفير المنتجات كاللحوم النباتية والألبان غير الحيوانية والتي تحترم هذا النظام المتبنى من فئة كبيرة من الاشخاص من مختلف الفئات العمرية. وبما أن هذا الموضوع يتغير ويتطور بسرعة فهناك حاجة ماسة للمزيد من البيانات, إلا أن الدراسات المتاحة والبيانات جد قليلة ولا تشمل عينة كبيرة من الأشخاص لإثبات إن كانت النباتية قد تؤثر على الصحة الجسدية والعقلية للإنسان. ومن جهة أخرى يستلزم الأمر جهود عالمية لإيجاد بدائل مستدامة لكيفية تربية الحيوانات لتقليص الانبعاثات الدفيئة.

المصادر:

The Vegan Society 1

BBC Radio 2

CIWF 3

Forbes 4

VJL.EDU 5

USDA 6

World Bank 7

BDA.UK 8

Cornell University 9

10 BBC Future

BMJ 11

اقرأ أيضا تأثير الأنظمة النباتية على القلب والدماغ

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة صحة بيئة

User Avatar

Naaima BEN KADOUR


عدد مقالات الكاتب : 45
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق