Ad

كان العصر العباسي وقتًا للابتكار الكبير والإنجاز الثقافي في العالم الإسلامي، ولا يزال تأثيره واضحًا في العمارة الإسلامية الحديثة اليوم. وكانت مدينة الرافقة من أهم المدن التي تم بناؤها خلال هذا الوقت، وتقع في موقع مدينة الرقّة الحالية في سوريا. ومن خلال استكشاف تاريخ هذه المدينة العباسية وتصميمها، يمكننا الحصول على معرفة أكبر تجاه الإنجازات المذهلة للعصر العباسي وتأثيرها على العمارة والتصميم.

موقع وسبب بناء مدينة الرافقة

في عام 772 م، أمر الخليفة العباسي المنصور ببناء مدينة جديدة تسمى الرافقة بالقرب من الرقّة، وقد كلف ابنه وخليفته المهدي (حكم في الفترة الممتدة بين عاميّ 775-785 م) بالإشراف على بنائها. نُفِّذت الإضافات اللاحقة، مثل الجدار الخارجي ، تحت حكم ابن المهدي، هارون الرشيد (حكم في الفترة 170-93 / 786-809). كان المكان بمثابة مدينة حامية على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية لحماية الأراضي العباسية. كما أنها كانت تقع على مفترق طرق مهمة للقوافل عند التقاء نهر الفرات مع نهر الخابور [1].

تخطيط المدينة وعناصرها الدفاعية

يحمل مخطط المدينة تشابهاً طفيفاً مع مخطط مدينة بغداد العباسية، لكنه يتخذ شكل حدوة حصان مع وجود ضلع مستقيم في الجانب الغربي من المدينة [2]. ويبلغ قطر سور المدينة المحيط بالرفقة حوالي 1300 م. ويبلغ طول هذا الجدار الضخم 5000 متر تقريبًا ، ويحصر بداخله مساحةً تساوي 1.47 كيلومترًا مربعًا [1].

الشكل 1: مخطط مدينة الرافقة [1]

تمّ تحصينالمدينة بطبقات دفاعية متعددة بما في ذلك خندقٌ بعرض 15.9 متر، وجدارٌ خارجيّ وجدارٌ داخليٌّ ضخم يعتمد على أساسات حجرية. وتمت تقوية الجدار الداخلي، المصنوع من القرميد المصنوع من الطين المجفف وطبقة من القرميد المشوي على كلا الجانبين، بواسطة 132 برجًا دائريًا موزعة على مسافات متساوية تقريبًا على طول الجدار (حوالي 25 م إلى 28 م). يبلغ محيط كل برج من 15 مترًا إلى 16 مترًا، ويصل عمقه إلى 5.35 متر. ومن المحتمل أن هذه الأبراج كانت ترتفع إلى 18 مترًا، وقد يكون برجا الزاوية أعلى من البقية. الجدار الخارجي أقل ارتفاعًا وأقل كتلة من الجدار الداخلي. وهو مصنوع من القرميد المجفف بالشمس وليس له أساس حجري [1].

الشكل 2: سور المدينة كما يظهر في الوقت الحالي

مداخل المدينة وباب بغداد

ان سور المدينة في الأصل يحتوي على ثلاثة مداخل: البوابة الجنوبية الغربية الصغيرة (باب الجنان)؛ البوابة الشمالية الضخمة (باب حرّان) والتي يبلغ عرضها 4 أمتار (لا تزال بقايا أعمدة الأبواب الحديدية موجودة)؛ ويقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من سور المدينة، باب بغداد. والذي تمّ بناؤه باستخدام القرميد المشوي الذي تم استخدامه في سور المدينة الخارجي. بافتراض أن واجهة باب بغداد كانت متناظرة، فلا بد أن قياسها 18 م × 14.5 م [1].
تنقسم واجهة باب بغداد بصرياً إلى جزئين: الجزء السفلي الذي يحتوي على ممر قوسيّ الشكل كبير الحجم، بينما الجزء العلوي ، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 4.40 م [1]، يوجد فيه محرابان مزخرفان على جانبي البوابة مع مجموعة من المحاريب الأصغر في الأعلى على طول واجهة الباب. كان هذا الأسلوب من الأساليب الشائعة المستخدمة في القصور الأموية [3].

تشير السمات التزيينية للبوابة، ونقص العناصر الدفاعية، وموقعها في الجدار الخارجي الأضعف، إلى أنه لم يتم تشييدها بسبب مناعتها، ولكن ربما قد تم استخدامها كنموذج استعراضي لحفلات الاستقبال الاحتفالية في المدينة.
تاريخ باب بغداد لا يزال غير واضح. بناءً على العناصر التزيينية المستخدمة فيه، مثل شكل الأقواس المدببة، غير المسجلة قبل القرن العاشر، والتقنيات المستوحاة من الشرق مثل الزخرفة القرميدية، التي تشبه العمارة الإيرانية في القرن الحادي عشر (كما في أبراج خراقان) ، من غير المرجح أن تكون بوابة بغداد أن تكون قد بنيت في وقتٍ أبكر من أوائل القرن العاشر [1].

الشكل 3: ما تبقّى من باب بغداد في الوقت الحالي

قصور المدينة

كان قصر البنات الذي تمّ بناؤه في القرن التاسع مقرًا صيفيًا ترفيهيًا أسسه الخليفة العباسي هارون الرشيد. تتبع بقايا القصر مخططًا معماريًا للمبنى مرتبة حول فناء مركزي كبير به نافورة. ويحتل كل جانب من الفناء إيوان كبير، مما يجعل قصر البنات مثالاً استثنائياً على استخدام المسقط الإيراني ذو الأواوين الأربعة في سوريا. تم بناء القصر من القرميد. [4]
كما تم الكشف عن قصرين عباسيين آخرين في الحفريات الأخيرة خارج أسوار مدينة الرقة القديمة. أحدهما أسسه هارون الرشيد والآخر الخليفة المأمون [4].

مصير مدينة الرافقة العباسية

على الرغم من عظمة المدينة وابتكارها ، لم يتبقَّ سوى القليل من آثار المدينة اليوم، حيث أنه قد تم التخلي عن المدينة في القرن العاشر الميلادي بسبب عدة عوامل سياسية. ومع ذلك ، فإن إرث الرافقة لا يزال حيًا في ابتكارات التخطيط العمراني والتصميم المعماري التي استخدمت بها.

اقرأ أيضاً: مدينة سامرّاء العبّاسية؛ وجوامعها ذات المآذن الملويّة

المصادر

  1.  Museum With No Frontiers – Al-Rafiqa
  2. Archnet – Raqqah
  3. Archnet – The Gate Of Baghdad
  4. Achnet – Qusur Al Raqqa

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


آثار عمارة

User Avatar

Nour Al Barri

Architecture major & amateur artist. I love reading and I am interested in archeology and cultural heritage


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق