- الأنفاس الأخيرة لبني أمية وسقوط الدولة الأموية
- كيف وصل العرب إسبانيا؟
- رحلة طارق بن زياد: بين الحقائق والخرافات
- شارل مارتل المطرقة الذي غير التاريخ العربي والأوروبي للأبد!
- عبد الرحمن الداخل من أميرٍ هارب إلى حاكم الأندلس
- ملوك الطوائف مرحلة ما بعد الخلافة الأموية في الأندلس
- المرابطون في الأندلس ما بين توحيد الأندلس وسقوطها
- من هو يوسف بن تاشفين وكيف استعاد الأندلس في الوقت المناسب؟
- رودريجو المحارب مرتزق أم بطل قومي؟
- الدولة الموحدة من توحيد الأندلس إلى نهاية الحكم الإسلامي
- المورسكيون في الأندلس رحلة المعاناة والبحث عن الاستقرار
- ما هي محاكم التفتيش الإسبانية وكيف حكمت؟
- كيف أثر لسان العرب في الثقافة الإسبانية؟
- كيف تأثر الغرب بعمارة الحضارة الإسلامية؟
عرف القائد والمحارب «رودريجو دياز» دي فيفار بمهارته العسكرية المتميزة، والتي ورثها من والده المحارب. حيث ورث منه النبل، ولكنه عرف بكونه ارستقراطيًا بسبب عائلة والدته. نشأ السيّد رودريجو في بلاطٍ ملكي مما أورثه حب السلطة والمال. وتنقل في خدمة حكام قشتالة وليون ومن ثم حكام المسلمين، فلم يقف أمامه أي عائق في حملاته العسكرية، حتى وصل به الأمر لأن يستقل بذاته حتى وفاته.
اشتهر المحارب و السيّد رودريجو بعد وفاته وكتبت فيه الأشعار وبالغوا في وصفه كلقبه العربي “السيّد”. كما ألفت مسرحية تحكي عن بطولاته وشخصيته القوية. أصبح المحارب رودريجو بطلًا شعبيًّا لإسبانيا، وتحول تاريخه من مرتزق يسعى لخدمة من يدفع أكثر إلى المحارب و البطل الشعبي المساند للقضية المسيحية.
محتويات المقال :
بدايات المحارب رودريجو العسكرية
نشأ رودريجو في بلاط الأمير «سانشو الثاني»، حيث تعلم الفروسية وأساليب القتال، كما تلقى التعاليم الدينية للكتاب المقدس، إضافة إلى اللغة العربية. وبعد أن أصبح سانشو ملكًا على قشتالة عام 1065م، أصبح رودريجو قائدًا عسكريًّا للقوات الملكية. وبالتالي مسؤولًا عن تدريب وتجهيز جنود الملك. وبقي في خدمة سانشو حتى اغتيل هذا الأخير أثناء حصار زامورا بعد عدة صراعات مع شقيقه «ألفونسو ليون». لم يكن لسانشو ورثة، لذلك لم يكن هناك من يمنع ألفونسو من وراثة الحكم.
ذكر بعض المؤرخين أن رودريجو لم يكن مؤيدًّا لحملات سانشو ضد أخيه ألفونسو، ولكن لم يكن هناك ما يؤكد صحة ذلك. خاصة أن رودريجو كان ذو دور فعال في حملات سانشو تلك الموجهة ضد ألفونسو. وبعد أن مات سانشو انتقل رودريجو إلى خدمة ألفونسو السادس. وبالرغم من تقربه من البلاط الملكي، إلا أنه تراجع في رتبته العسكرية. وكان من أبرز الأحداث التي خاضها رودريجو في فترة خدمته لألفونسو، هي معركته ضد نافرارا في عام 1076م، وكان لذلك الانتصار الفضل في ضم العديد من المقاطعات إلى قشتالة.
ولكن لم تكن مهمة رودريجو الوحيدة هي القتال، بل كان جمع الأموال من ضرائب وجزية هي إحدى أبرز مهامه. وقد تورط في إحدى المرات التي ذهب فيها لجمع الجزية في معركة صغيرة استمرت ثلاث ساعات بين إشبيلية وغرناطة. أطلق على تلك المعركة «معركة قبرة» والتي اتحد فيها رودريجو مع المعتمد بن عباد أحد ملوك الطوائف، والتي انتصر فيها وحصل على الغنائم الوافرة. ولكنه اضطر أن يقبض على أحد أفراد عائلة سانشو الرابع، وتفاخر بأسره بل وأخذ الفدية من أهله. مما أدى إلى استنكار المحيطين به لفعلته.
قاد رودريجو حملة عسكرية إلى مملكة طليطلة، ولم يكن ألفونسو على علمٍ بذلك الانتقام، فكانت تلك بداية النهاية لرودريجو مع ألفونسو. في عام 1081م قام ألفونسو بعد ذلك بنفي رودريجو، ليرضي حاكم طليطلة القادر لكونه حليفًا له.
رودريجو وعلاقته بالحكام المسلمين
اضطر رودريجو إلى البحث عن حليفٍ قوي، فكان المعتمد هو ذاك الحليف. وكان لسمعة رودريجو أثر واضح في ترحيب ملوك الطوائف به والاستعانة بخبراته. فقد كانت سمعته تلمع في ساحات المعارك، وهو الذي عرف بأنه لم يخسر معركة قط. كما كان على علمٍ بالثقافة الإسلامية واللغة العربية، فأعانه ذلك على الوصول إلى الحكام المسلمين.
لم يلبث رودريجو وقتًا طويلًا مع المعتمد حتى مات وانقسمت مملكته بين أبناءه، فتحالف رودريجو مع ابنه المأمون. وأصبح قائدًا عسكريًا للجنود المسلمين والمسيحيين الذين أحضرهم معه. وكما تحالف المأمون مع رودريجو، تحالف أخوه مع بعض القادة المسيحيين، وكانت بين الإخوة حروب على السلطة ساعد فيها رودريجو المأمون على الحفاظ على حكمه.
توالت انتصارات رودريجو في كنف المأمون، حيث ساعده على تدمير أراغون والاستيلاء على ثرواتها. ومن أشهر انتصاراته تلك التي فاز فيها على ملك أراغون «سانشو» عام 1084م. وقد كان سانشو متحدًا مع أخ المأمون في تلك المرحلة. نتيجة لذلك، حظي رودريجو بمكافآت ثمينة من الحكام المسلمين التابع لهم.
دور السيّد رودريجو في فترة حكم المرابطين
في عام 1086م ظهر المرابطون في ساحات الأندلس، قادمين لتصحيح وضع ملوك الطوائف على يد القائد العسكري يوسف بن تاشفين. وكانت من ضمن معاركهم تلك التي كانت ضد ألفونسو السادس؛ معركة الزلاقة التي فاز فيها جيش المرابطين. واضطر ألفونسو حينها لاستدعاء القائد العسكري رودريجو. فلم تكن مهمته الأساسية هي الحرب تلك المرة، بل كان تركيزه هو الحفاظ على استقرار فالنسيا، التي ثار شعبها في تلك الفترة ضد ألفونسو. وبعد أن تم الصلح بينهم عاد رودريجو أدراجه، فحكمته أملت عليه أن ينسحب من معارك المرابطين الذين أتوا من الصحراء بحماسة دينية، لاستعادة التحكم والسيطرة على أراضي الأندلس.
وفي عام 1089م عاد المرابطون مرة أخرى إلى الأندلس. ولكن رودريجو لم يستطع اللحاق بهم وقطع الطريق عليهم فاتهم بالخيانة، ولم تفلح أعذاره في الشفاعة له. لذلك استقل بنفسه، وقام بجمع الجزية من العديد من ملوك الطوائف. وواجه الحايب بن المعتمد الذي واجهه سابقًا تحت لواء أخيه المأمون.
كان رودريجو يحصّل الجزية من حاكمها القادر، حتى خلعه أهلها بمساعدة المرابطين. فاستشاط رودريجو غضبًا وواجه حاكمها الجديد، وسيطر على فالنسيا لحسابه، وفرض سيطرته عليها عام 1094م، جاعلاً منها أرضه. وحظي كذلك بولاء شعبها له طوعًا أو كرهًا. وواجه في تلك الفترة المرابطين مراتٍ عدة، وكان ينجح في النهاية في الحفاظ على أرضه. ورغم ذلك تعرض في إحدى المعارك لجراح حرجة، حاول فيها طلب الهدنة ليستعيد قوته.
معركة كوارتي
أرسل يوسف بن تاشفين جيشًا ليستعيد فالنسيا، وحاصر فيها المدينة لعشرة أيام، حتى قرر رودريجو أخيرًا المواجهة. واستخدم رودريجو تكتيكًا خطيرًا، حيث قسم جيشه إلى قسمين؛ أحدهم يواجه جيش المرابطين، والآخر يغير على معسكرهم. ونجحت الخطة، وهزم جيش المرابطين. ليس ذلك وحسب، بل حصل على الغنائم الوافرة والكنوز نتيجة انتصاره. وكانت تلك المعركة خسارة كبيرة للمرابطين، فقد استطاع رودريجو حينها تهدئة تقدم المرابطين في أراضي الأندلس.؟ رودريجو ضد المرابطين. فأرسل ابنه دييغو في حملة ضدهم، ولكنها أسفرت عن هزيمة لجيش رودريجو وألفونسو كذلك.
كان من توابع تلك المعركة أنه في إحدى الحملات التي أرسلها رودريجو ضد المرابطين، أرسل ابنه دييغو. ولكن أسفرت تلك الحملة عن هزيمة لجيش رودريجو وألفونسو. كما أسفرت عن مقتل ابنه الوحيد دييغو في عام 1097 م، مما أصاب رودريجو بالحسرة والحزن الشديد على فقيده. ولكن ذلك لم يمنع رودريغو من مواصلة حملاته ضد المرابطين، وكان أشهرها تلك التي كانت في عام 1098 م، والتي استسلم فيها المرابطين، بعد أن حاولوا طلب الدعم من حكام إسبانيا والذين خشوا مواجهة رودريجو.
كيف انتهت حياة السيد رودريجو؟
توفي رودريجو في عام 1099م، كان لمقتل ابنه تأثير كبير على نفسه. وبعد وفاته بوقت قصير عاد المرابطون مرة أخرى للسيطرة على فالنسيا. فدافع ألفونسو السادس بنفسه عنها ولكنه لم يفلح. وتم نقل جثة رودريجو إلى قشتالة وأعيد دفنها في دير سان بيدرو دي كاردينا، وسقطت فالنسيا تحت حكم المرابطين.
غالى الناس في تعظيم رودريجو بعد وفاته، فرفعوه لمنزلة السيد النبيل. حتى ألفت فيه الأشعار كقصيدة السيد El cantar de mío” “Cid. وألفت كذلك مسرحية تحكي عن بطولاته، وكيف كان بطلًا يهابه الجميع. وتحول رودريجو من مرتزق سعى إلى جمع المال وفق كثير من الروايات إلى بطل أسطوري لإسبانيا.
المصادر:
1- Rodrigo Diaz de Vivar – Warfare History Network
2- El Cid – Conquest of Valencia | Britannica
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :