Ad
هذه المقالة هي الجزء 7 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

عانت الأندلس أشد المعاناة في فترة حكم ملوك الطوائف بسبب الفرقة والتناحر بين حكامها. أدى ذلك إلى زعزعة استقرار الأندلس واحتضارها أمام الدولة المسيحية، مما أدى إلى استنجاد شعبها بيوسف بن تاشفين ليتصدى للجيوش المسيحية. حكمت المرابطون دولتهم في شمال أفريقيا، وامتدت حدودها حتى وصلت الأندلس، وكانت معترفة بالدولة العباسية مستقلة بحكمها.

حاول يوسف بن تاشفين في البداية توحيد ملوك الطوائف. ولكن بعد موقعة الزلاقة لم يتغير شيء من تناحر ونزاع بين ملوك الطوائف. لذا قرر يوسف بن تاشفين أن يضم الأندلس لحكم المرابطين، التابع لقيادته في المغرب.

توحيد المرابطون للأندلس

دخل يوسف بن تاشفين الأندلس أول الأمر بدعوة من ملوك الطوائف، هزم فيها ألفونسو السادس عام 1086م في حقول الزلاقة. لكنه لم يستغل ذلك وعاد إلى المغرب لانشغاله ببعض الأمور فيها. استمر ملوك الطوائف بالتناحر، وإضعاف أنفسهم أمام جيوش قشتالة، كما استمروا في استعانتهم باليهود في الأعمال الإدارية لدويلاتهم.
[1]

وفي عام 1090م، عاد يوسف بن تاشفين إلى الأندلس، عازمًا على ضم دويلاتها واحدة تلو الأخرى. إذ أفتاه كبار رجال الدين الإسلامي في جواز محاربته لملوك الطوائف، وتوحيد الأندلسيين تحت حكم المرابطين الإسلامي. أطاح يوسف بملوك الطوائف واحدًا تلو الآخر، فضم أراضيهم جميعًا تحت رايته، ما عدا سرقسطة.

حاول ملوك الطوائف الاستنجاد بألفونسو السادس، ولكن وضعه لم يسمح له بالوقوف معهم ضد يوسف بن تاشفين. ومن الغريب أن الوضع انتهى بالمعتمد وعبدالله في المنفى في المغرب، وقد كانوا بالأمس هم من دعوا يوسف لمآزرتهم. [1,2]

لم يتمكّن المرابطين من استعادة طليطلة، ولكنهم استعادوا فالينسيا وكان لذلك أثرًا إيجابيًّا بين الأندلسيين والمسلمين. عاد للأندلس استقرارها إلى حدٍّ ما كما كانت في عهد عبدالرحمن الداخل، ولكن مع بعض التغييرات. كان من أبرز التغيرات التي حدثت للأندلس، أنها لم تعد مستقلة كما كانت في عهد الداخل، وأصبحت تابعة لحكم مراكش. كذلك لم يكن لديها القوة والنفوذ للتوسع ومواجهة الجيوش المسيحية حيث شاءت. [2]

وعد المرابطون بتخفيض الضرائب التي كانت على الأندلسيين في سابق عهدها، واستنكروا دفع الجزية للقوة المسيحية. كذلك ضيقوا الحياة على غير المسلمين في أعمالهم المرموقة، أدى ذلك إلى هجرة غير المسلمين إلى شمال الأندلس. كان المرابطون ذوي رأي صارم في تعاليم الدين الإسلامي، التي كانت قد خفتت شيئًا فشيئًا في فترة ملوك الطوائف في الأندلس. [2]

صراعات المرابطين والدولة المسيحية

بدأت الصراعات بين المرابطين والدولة المسيحية في شبه الجزيرة الإيبيرية، قبل أن تنضم الأندلس إلى حكم المرابطين. كان ذلك في عام 1085م عندما استعاد المسيحيون طليطلة، وقد كانت ذات أهمية كبيرة، نظرًا لموقعها الجغرافي وسط الأندلس. شجع ذلك دخول المرابطين، وانتصارهم في موقعة الزلاقة، ومع ذلك لم يستعيدوا طليطلة. وعندما حكم المرابطون الأندلس استنكروا دفع المال إلى الدولة المسيحية، لذلك منعوها، مما أثار الضغينة تجاه دولة المرابطين.

[2]

كانت إحدى المواجهات بين المرابطين والدولة القشتالية المسيحية في مدينة فالينسيا، حيث واجهوا القائد العسكري رودريغو دياث دي بيبار. وقد لقب رودريغو بالسّيد من قبل العرب الذين كانوا يعيشون تحت حكمه. أسفرت مواجهته الأولى عن هزيمة المرابطين، وكانت تلك هي الهزيمة الوحيدة لهم على يد السّيد في عام 1094م. كان رودريغو قائدًا عسكريًّا ماهرًا، وكان ذو معرفة بالمرابطين وخططهم العسكرية، مما مكنه من هزيمتهم رغم قلة عدد جيشه. ظلت فالنسيا بعد وفاة رودريغو تحت حكم قواته، حتى استعادها القائد يوسف بن علي في عام 1110م.

[1,3]

استمرت الهجمات المسيحية على الحدود الإسلامية الإسبانية، ونتج عن ذلك سقوط سرقسطة على يد ألفونسو الأول و ألفونسو السابع. كان سقوط سرقسطة في أيدي الدولة المسيحية القشتالية بمساعدة الفرنسيين في عام 1118م. توالت الخسائر على علي بن يوسف فخسر لشبونه على يد أفونسو الأول ملك البرتغال، نتيجة لخسارته في معركة أوريكي.

[4]

سقوط دولة المرابطين ودور الدولة الموحدة

على الرغم من المحاولات الفرنسية لإثارة روح القتال واستعادة الأراضي المسيحية في الأندلس، إلا أن تلك المحاولات لم تكن كافية. فقد عاش المسلمون المغاربة والمسيحيون جيرانًا لعقودٍ عدة، كانت بين لطفٍ وفضل تارة، وحرب ونزاع تارة أخرى. فلم تكن الاستجابة المسيحية في الأندلس على القدر المتوقع من فرنسا، واستنكرت الدولة الفرنسية ذلك اللطف فيما بينهم.

مع بداية صعود نجم الدولة الموحدة، استنجد المرابطون بالمرتزقة المسيحيين لنجدتهم من زحف الدولة الموحدة على أراضي دولة المرابطين. وكان ذلك من سخرية التاريخ، أن يتكرر ما حدث مع ملوك الطوائف. فبعد أن استنكروا طلب مساعدة المسيحيين بالأمس، غدت أمرًا لابد منه تحت الغطاء السياسي لا الديني. أثار استعانة المرابطين بالجنود المسيحيين، استنكار شعب الأندلس الذي وجد في فعلهم هذا تناقضًا مع مصداقيتهم.

[2]

لم يكن للمرابطين شعبية بين الأندلسيين، فقد حنثوا وعدهم بعدم رفع الضرائب. فقد اضطروا إلى رفع الضرائب نتيجة للضغط العسكري الخارجي وحاجتهم للدعم المسيحي. كذلك لم يكن المسؤولين يعدلون بين الشعب، بل كان هم كل ذي منصب منصبه. كذلك كان لصرامة حكم المرابطين، وتشددهم في بعض التعاليم الدينية تغافلًا عن ثقافة الأندلسيين واعتيادهم على الرفاهية. لم يستسغ الأندلسيين بربر الصحراء الذين استعانت بهم دولة المرابطين لحماية الأراضي في الأندلس، أو نهب خيراتها كما حدث. [1,2]

فقدت الأندلس مدنها واحدة تلو الأخرى بعد وفاة علي بن يوسف، فقد كان الموحدون أكثر قوة وشعبية من ابنه تاشفين. وفي عام 1146م مات تاشفين بن علي أثناء محاولته الفرار بفرسه، بعد هزيمته على يد الموحدين في وهران. وفي عام 1147م استطاع الموحدون دخول مراكش، وسقطت بذلك دولة المرابطين، على الرغم من مقاومة بعض سادتها.

وعلى الجانب الآخر استطاعت الدولة المسيحية استغلال الثغرات في حكم المرابطين، استطاعوا أن يبرحوا المرابطين أرضًا. حتى أنهم استعادوا قرطبة بشكل مؤقت، ثم استعادوا ألمرية، إلى أن وصل الموحدون أراضي الأندلس وبدأوا فيها عهدًا جديدًا. [1,2,3]

المصادر:

New world encyclopedia
Spain then and now
Britannica

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق