حوار مع بيل غيتس حول سياق تنبؤاته لفيروس كورونا قبل 5 سنوات ومستلزمات اللقاح: فيما يلي تأتي بعض النقاط المهمة لحوار بيل غيتس وتريفر نواه حول تنبؤات بيل غيتس لفيروس كورونا المستجد سنة 2015 وكيفية السيطرة على الجائحة في انتظار التوصل للقاح كامل.
تريفر نواه: بيل غيتس، قمت بالتنبؤ سنة 2015 من خلال حديث لك في TEDx بالكثير مما يحدث اليوم ما تسبب في اندلاع الكثير من العنواين لنظريات المؤامرة مثل “اختراع بيل غيتس فيروس كورونا المستجد لإثبات صحة كلامه”. هل كان حديثك عن فيروس كورونا المستجد بالذات أم مجرد فرضية تحققت؟
بيل غيتس: لم تكن لدي أدنى فكرة في ذلك الوقت أن الأمر يتعلق بفيروس كورونا المستجد أو أنه سيضرب في أواخر سنة 2019، بل كان حديثي يستهدف تشجيع الحكومات على الإستثمار في المجال الصحي للتصدي للفيروسات والتحكم في عدد الإصابات. لست في موقف لأقول “أترون لقد أخبرتكم!”. للأسف كان من الواضح أن الفيروسات هي أكبر مهدد للبشرية وقد تتسبب في مقتل الملايين لكن لم يتم استخدام طوال هذه المدة للإستعداد لتجهيز مراكز للكشف ومصانع للقاحات. لقد قامت مجلة New England Journal Of Medicine بتنبؤات أكثر دقة من تلك التي أفدت بها في حديثي لكن لم يتم أخد ذلك بعين الاعتبار، لذلك نعاني حاليا ويستغرقنا الأمر الكثير من الوقت للتصدي للفيروس.
نواه: كيف يعقل أنك شخص غير حكومي وكنت على علم بما قد يحصل، في حين أن المنظمات والحكومات التي من واجبها حماية الأشخاص لم تقم بالكثير؟ هل كانوا على علم بالأمر أم قاموا بتجاهله؟ أعلم أنك تتواصل مع مجموعة من المنظمات كمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، فمالذي حصل؟
بيل: هنالك الكثير من الأفراد الذين كانوا قلقين أيضا كالدكتور أنتوني فاوتشي والذي شاهد العديد من الأوبئة. لقد حالفنا الحظ في عدة أوبئة مثل إيبولا، زيكا، سارس، وميرس لأنها لا تتناقل بسرعة ولا تستهدف الجهاز التنفسي. خلال حديثي في TED Talk، أكدت في ذلك الوقت على هذا النوع من الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي وتتناقل بسرعة في ظل إمكانيات التنقل والسفر بين بلدان العالم. وقلت في حديثي “هذا ما يبقيني مستيقظا في الليل، ويقلقني أكثر من اندلاع الحرب”. كان من اللازم إجراء تجارب ومحاكاة لمثل هذه السيناريوهات لمعرفة كيف يمكن التواصل مع القطاع الخاص للحصول على الأجهزة التنفسية وأجهزة الكشف وأي شكل من أشكال الحجر الصحي يجدر بنا تطبيقه. أما في حالنا اليوم فقد أصبحنا فجأة نواجه فيروسا على أرض الواقع دون إجراء تجارب وتحضيرات سابقة. كما ترى فالأمر مختلف عما يحدث في حالة اندلاع حرب حيث يتم إجراء سابقا 20 محاكاة لعدة أنواع من التهديدات الممكنة إلى جانب التداريب العسكرية وتوفير الخدمات اللوجستية.
(الدكتور أنتوني فاوتشي: مختص في علم المناعة، ومدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وعضو في فريق عمل البيت الأبيض المعني بجائحة فيروس كورونا.)
نواه: أنت في مركز مثير للإهتمام ويمكن اعتبارك مختص في هذا المجال بفضل أعمالك الخيرية حيث أحد أهدافك القضاء على الملاريا في العالم بشكل عام وفي افريقيا بشكل خاص كما أنك تعمل مع مختصين في الأمراض المعدية. نحن الآن في عز جائحة فيروس كورونا المستجد، في نظرك مالذي يجب القيام به للمضي قدما في ظل الإستجابة المتأخرة من طرف القادة؟
بيل غيتس: في الوقت الراهن فالآليات الأساسية هي تغيير سلوكاتنا، التباعد الإجتماعي (والذي يقصد به البقاء في المنزل قدر المستطاع) والتشخيص على نطاق واسع لعزل المختلطين بحاملي الفيروس والتحكم في أعداد المصابين. تقوم مؤسستنا (مؤسسة بيل وميلندا غيتس) بنمدجة الوضع الحالي ووضع توقعات للمستقبل، كما نعمل على إيجاد علاج (عقار) فعال في الوقت الحالي بغية تقليص عدد الوفيات ونأمل أن ترخص بعض العقارات في الستة شهور القادمة لكن الحل الوحيد الذي سيمكننا من العودة لممارسة حياتنا الطبيعية والجلوس في الملاعب إلى جانب العديد من الأشخاص دون قلق هو إيجاد لقاح فعال وتوزيعه على جميع بلدان العالم وليس احتكاره من أجل مواطني دولة واحدة، هكذا سنحصل على مناعة واسعة ومنع الفيروس من الانتشار بأعداد كبيرة.
نواه: أصيبت العديد من الدول بالفيروس وتعاملت معه في أوقات مختلفة، فحتى داخل الولايات المتحدة لم تطبق جميع الولايات التباعد الاجتماعي والحجر الصحي في نفس الوقت، بل وأن بعض الولايات لم تطبقه إطلاقا. فالوقت الذي سينجح بلد ما في احتواء الفيروس والسيطرة عليه، قد يكون بلد آخر لم يأخد الأمر على محمل الجد ولم يطبق الإجراءات الصحية على نطاق واسع كالبرازيل، بيلاروس (روسيا البيضاء)، وهنغاريا. حيث قد يسافر شخص ما من البرازيل إلى أحد البلدان الآمنة مثلا، هل من شأن هذا أن يتسبب في تقويض جهود البلدان التي قامت بالإجراءات اللازمة؟
بيل غيتس: للأسف فالبلدان الغنية التي سيطرت على الفيروس لن تسمح للأشخاص من هذه البلدان لدخول أراضيها إلا إذا تم تشخيصهم أو أثبتوا مناعتهم. وهذا سيمنع الكثير من الأفراد من عبور الحدود بشكل كبير خلال السنوات القادمة إلى حين التوصل للقاح كامل وفعال.
نواه: لقد كنت من بين الأوائل الذين تبرعوا بمبلغ كبير لمكافحة الفيروس ومساعدة المتواجدين في الصفوف الأمامية من المجال الطبي للحصول على المعدات اللازمة. وأتذكر أنك في آخر مرة تبرعت أنت وزوجتك مليندا بمبلغ 100 مليون دولار، لكن على ما يبدو فالمبالغ المالية ليست قادرة على تسوية الوضع الحالي، مالذي تأمل تحقيقه في هذه الفترة؟
بيل غيتس: إن نجحنا في إجراء العدد المطلوب من التشخيصات فسيتغير الكثير. تملك مؤسستنا خبرة عميقة في مجال الأوبئة المعدية والكثير من المتخصصين في هذا المجال، لذلك توصلنا لما يجب فعله فيما يخص اللقاح، ومن شأن تبرعاتنا المبكرة أن تسرع شتى العمليات والقرارات. فمثلا خلال عملية تركيب العديد من اللقاحات، يستوجب تمويل سبع لقاحات واعدة مثلا بالرغم من أننا سنختار إثنين في نهاية المطاف وذلك لتفادي ضياع الوقت في مرحلة اختيار اللقاح الوحيد المناسب. وسنعمل على تشييد مصانع ومستلزمات تصنيع جميع اللقاحات السبعة. حسب رأيي ورأي الدكتور فاوتشي فالتوصل للقاح كامل يتطلب 18 شهرا، لذلك فمن الأفضل بدء عمليات تصنيع مختلف اللقاحات. سيكلفنا الأمر هدر بضع مليارات دولار على تصنيع لقاحات لن تستعمل في نهاية الأمر لأن لقاح آخر ربما أثبتت فعاليته.
ويمكن رفع الحضر والحجر الصحي في الصيف وإعادة فتح مقرات العمل…إلخ, لكن سيزال الوضع بعيدا على ما اعتدنا عليه، لأن الجميع سيراوده القلق وقد يتم فرض ارتداء الكمامات. عموما هنالك الكثير من الإجراءات التي يستوجب اتخاذها لتقليل الأضرار قبل تلقيح ساكنة العالم ضد الفيروس. يعد 7 مليار شخص عدد كبير من الطلبات إلا أنه الحل الوحيد والأمثل الذي يجب الوصول إليه لإعادة الأمور لمجاريها.
نواه: بيل غيتس، لقد تنبأت بهذه الجائحة تقريبا قبل 5 سنوات، هل هناك شيء آخر تود أن تحذرنا منه؟ أو هل هناك موضوع آخر يقلقك ويبقيك مستيقظا خلال الليل؟
بيل غيتس: إن فيروس كورونا المستجد وباء تشكل بشكل طبيعي وبالرغم من أنه ليس هينا على الإطلاق إلا أنه يمكن أن تكون أوبئة أخرى أخطر منه ويشمل الأمر فيروسات مصنعة للإرهاب البيولوجي. عموما، أرى أن هذه الجائحة ستغير العالم كثيرا وستمكننا للإستعداد لمختلف الأوبئة مستقبلا.
المصدر: Trevor Noah’s interview on The Daily Social Distancing Show
تصفح أيضا مقالات أخرى عن فيروس كورونا المستجد من هنا
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :