Ad

شاهد معظمنا تلك الصورة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، لسلحفاة مسكينة ابتلعت كيسًا بلاستيكيًا! أو حتى صورة الطائر المتحلل على ساحل أحد المحيطات، ويبدو أنه قد ابتلع الكثير من قطع البلاستيك. كل تلك الصور وأكثر باتت مألوفة لنا مع ازدياد التلوث البلاستيكي، وزيادة الوعي البيئي خلال هذه الأعوام. يبدو تلوث المحيطات معقولًا بسبب النفايات التي تنتشر على طول السواحل، ولكن هل تعتقدون أن البلاستيك يمكن أن يصل إلى أماكن أبعد على كوكبنا؟ أو هل تظنون أن تلك النفايات البلاستيكية مثل الزجاجات وأكياس البلاستيك وحبال الصيد هي الأشكال الوحيدة من البلاستيك المنتشرة في الطبيعة؟ بالطبع لا! تعرفوا معنا في هذا المقال أنواع النفايات البلاستيكية ومخاطرها.

ما هو البلاستيك؟

أصبح البلاستيك عنصرًا أساسيًا في مختلف الصناعات في العصر الحالي، للأسباب التي نعرفها جميعًا، من مرونة استخدامه وسهولة صناعته. نستعمل الكثير من تلك القطع البلاستيكية يوميًا، سواء من خلال عبوات المياه التي نشتريها، والأكياس البلاستيكية التي نغلف بها طعامنا أو حتى الملابس التي نرتديها. كل تلك الأشياء نستخدمها بصورة مستمرة، ولكن هل تساءلتم عمّا يحدث لها في الطبيعة؟ أو إذا ما كان هذا البلاستيك يتحلل أم يبقى دون تحلل؟ لنعرف الإجابة لا بد أن ندرك مكوناته في البداية.

البلاستيك عبارة عن سلاسل طويلة من البوليمرات -جزيئات كبيرة- والتي تتكون من عناصر مثل الكربون والنيتروجين وغيرها من العناصر، ولكنها صعبة التحلل، ويقدر العلماء المدة الزمنية لِتحللها بمئات السنين. ولكن عندما تتعرض تلك النفايات البلاستيكية للعوامل البيئة من ضغط وحرارة، تتكسر إلى جزيئات أصغر تسمى اللدائن الدقيقة أو (microplastic). (2)

أنواع اللدائن الدقيقة

  1. اللدائن الدقيقة الأولية: والتي تتكون من بوليمرات صغيرة الحجم، وتدخل في الكثير من الصناعات مثل التحضيرات الكيميائية، وأنواع مختلفة من الصناعات البلاستيكية، وهناك نوع أخر من اللدائن الأولية، وهي (الميكروبيدات- microbeds) ،وحجمها أقل من 2 مم، وتتكون من البولي إثلين والبولي بروبين، وتستخدم في المنتجات الطبية والتجميلية. (2)
  2. اللدائن الدقيقة الثانوية: والتي تنتج من تأثير العوامل البيئة، من حرارة وضغط وتحلل مائي للنفايات البلاستيكية. (2)

اللدائن الدقيقة فوق قمة إيفرست، هي الأسوأ، والتي سبّبناها بأنفسنا، لأنها صعبة الجمع مقارنة بالنفايات البلاستيكية العادية. كما أنها تنتشر في كل مكان، مع الأمطار والرياح، في التربة والمحيطات. لكنها وصلت لأبعد من ذلك، بداية من جبال (البرانس-pyrenees) الفرنسية، نهاية (بحديقة سارجاماثا الوطنية-Sagarmāthā National Park) في نيبال، حيث تقع أعلى قمة جبل في العالم، وهي قمة (إفرست- Everest). تقول (إيموجين نابر-Imogen Napper) محققة البلاستيك من جامعة( بلومث-Plymouth)، أنها أثناء تحليلها لعينات من الثلج من أعلى قمة إفرست، لم تكن تتوقع نتيجة بعينها، ولكنها تفاجئت بوجود كميات كبيرة من اللدائن الدقيقة في كل عينة حللتها. (1)

تقول أنها ظنت بأن قمة إيفرست في منأىً عن التلوث البلاستيكي، ولكن من الواضح أن هذا التلوث قد اجتاح كوكبنا. انتشار البلاستيك أمر متوقع مع تطور صناعته وانتشارها في كافة الصناعات، ولكن استيعاب مدى تغلغله في كل موضع من هذا الكوكب، لهو أمر صادم! (1)

على الرغم من أن أقرب مدينة كبيرة لإفرست تبعد عنه بمقدار160 كيلومترًا، إلا أنه ليس خاليًا من البلاستيك، كما أن تحليل الثلج والمياه المحيطة به، سجل أعلى نسبة من اللدائن الدقيقة على الإطلاق! تقريبًا في كل عينة ثلجٍ تم جمعها.

خلال رحلة استكشاف عام 2019، تم العثور على تركيز كبير من تلك اللدائن، أكثر من المجاري المائية بجوار الجبل، وربما ذلك لأن المياه تتحرك بسرعة، كما أن ذوبان الجليد باستمرار، يعمل على تخفيف نسبة التلوث البلاستيكي بها. (1)

مع البحث، اكُتشف أن هناك منطقة تعتبر الأكثر تلوثًا، وذلك لأنها تعتبر معسكرًا للمتسلقين والمغامرين، يقضون فيه وقتًا يصل إلى شهرٍ أو أكثر! ووجد كذلك قطع بلاستيك أصغر من 5 ملليمتر، وكانت مصنوعة من ألياف البوليستر والأكريليك، بالإضافة إلى النايلون. تدخل تلك البوليمرات في صناعة معظم الملابس الخارجية والتي تكون مقاومة للماء، كما تدخل في صناعة الخيام والحبال والأعلام، والتي يستخدمها المتسلقون. كما أن العلماء يقدرون بأن قطعة بسيطة من الملابس البوليستر، يمكنها أن تُطلق مليارًا من اللدائن البلاستيكية الدقيقة سنويًا، وهذا يعني أنه حتى أكثر المتسلقين محافظةً على البيئة، يساهمون في تلويثها بالبلاستيك في نهاية المطاف! (1)

ماذا بعد؟

مع انتشار تلك الحبيبات الدقيقة في كل مكان تقريبًا بداية من أعمق المحيطات وصولًا لأعلى الجبال، وانتشار الأبحاث التي أثبتت دخولها في السلسلة الغذائية للكائنات البحرية، وغيرها من الكائنات؛ ومع تناولنا لتلك الحبيبات من خلال شرب الماء أو تناول الأطعمة المغلفة بالبلاستيك، فالأمر يبدو مقلقًا، وبالأخص لعدم معرفتنا لما يمكن أن تسببه للبشر من أضرار. الأبحاث ما تزال مستمرة في هذا الشأن، ولكن هل يمكن أن يتحول كوكبنا من الكوكب الأزرق إلى الكوكب البلاستيكي؟ أعتقد أن كل تلك التساؤلات ستتضح في المستقبل القريب.

مصادر

  1. Even Mount Everest, The Highest Peak in The World, Cannot Escape Microplastics.
  2. Microplastics in our oceans and marine health.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


صحة بيئة

User Avatar

Nermin Mohamed

طالبة جامعية مهتمة بالكتابة العلمية سواء كانت في المجال الطبي أو في المجالات الأخرى.


عدد مقالات الكاتب : 17
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق