الشفق القطبي، ظاهرة مضيئة في الغلاف الجوي العلوي للأرض تحدث بشكل أساسي في خطوط العرض العالية لنصفي الكرة الأرضية؛ يسمى الشفق القطبي في نصف الكرة الشمالي باسم (aurora borealis) أو (aurora polaris) أو الأضواء الشمالية (northern lights)، وفي نصف الكرة الجنوبي يطلق عليها اسم (aurora australis) أو الأضواء الجنوبية (southern lights). في هذا المقال سوف نتعرف على الشفق القطبي، ألوان السماء الرائعة.
محتويات المقال :
يبدأ النشاط الذي يخلق الشفق القطبي من الشمس. لأنها عبارة عن كرة من الغازات فائقة السخونة تتكون من جزيئات مشحونة كهربائيًا تسمى الأيونات. هذه الأيونات، التي تتدفق باستمرار من سطح الشمس، تسمى الرياح الشمسية (solar wind). عندما تقترب الرياح الشمسية من الأرض، فإنها تلتقي بالمجال المغناطيسي للأرض. فبدون هذا المجال المغناطيسي الذي يحمي الكوكب، فإن الرياح الشمسية ستدفع الغلاف الجوي الهش للأرض، وتقضي على الحياة بأكملها. حيث يحجب الغلاف المغناطيسي معظم الرياح الشمسية، وتواصل الأيونات، التي يتم دفعها للسفر حول الكوكب، الذهاب لمسافات أبعد في النظام الشمسي. يمكن مشاهدة الفيديو الذي يشرح هذه العملية عبر هذا الرابط
على الرغم من أن الغلاف المغناطيسي يحجب معظم الرياح الشمسية، إلا أن بعض الأيونات تصبح محاصرة لفترة وجيزة في مناطق احتجاز على شكل حلقة حول الكوكب. تتمركز هذه المناطق، في منطقة من الغلاف الجوي تسمى الأيونوسفير، حول القطبين المغناطيسيين للأرض. تحدد الأقطاب المغناطيسية الأرضية المحور المائل للحقل المغناطيسي للأرض. وهي تقع على بعد حوالي 1300 كيلومتر (800 ميل) من القطبين الجغرافيين، لكنها تتحرك ببطء.
في الأيونوسفير، تتصادم أيونات الرياح الشمسية مع ذرات الأكسجين والنيتروجين من الغلاف الجوي للأرض. تتسبب الطاقة المنبعثة خلال هذه الاصطدامات في ظهور هالة ملونة متوهجة حول القطبين تسمى الشفق القطبي. يحدث معظم الشفق القطبي على ارتفاع 97-1000 كيلومتر (60-620 ميلًا) فوق سطح الأرض. ويحدث الشفق القطبي الأكثر نشاطًا عندما تكون الرياح الشمسية في أقوى حالاتها. عادة ما تكون الرياح الشمسية ثابتة إلى حد ما، لكن الطقس الشمسي، أي تبادل سخونة وبرودة أجزاء مختلفة من الشمس، يمكن أن يتغير يوميًا.
غالبًا ما يقاس الطقس الشمسي بالبقع الشمسية. البقع الشمسية والتي هي أبرد جزء من الشمس وتظهر على شكل نقاط داكنة على سطحها الأبيض الساخن. وترتبط الانفجارات الشمسية (Solar flare) والانبعاثات الكتلية الإكليلية (coronal mass ejections) بالبقع الشمسية. حيث أن الانفجارات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية هي انفجارات مفاجئة وإضافية للطاقة في الرياح الشمسية. يتم تتبع نشاط البقع الشمسية على مدار 11 عامًا. ويكون الشفق القطبي الساطع والمتسق أكثر وضوحًا خلال ذروة نشاط البقع الشمسية. وقد يحدث بعض النشاط المتزايد في الرياح الشمسية خلال كل اعتدال شمسي (equinox). تعرف هذه التقلبات المنتظمة بالعواصف المغناطيسية (magnetic storms). يمكن أن تؤدي العواصف المغناطيسية إلى ظهور الشفق القطبي في خطوط العرض الوسطى خلال فترة الاعتدال الربيعي والخريفي. يمكن أن تتداخل العواصف المغناطيسية والشفق القطبي النشط أحيانًا مع الاتصالات. حيث يمكنهم تعطيل إشارات الراديو والرادار، كما يمكن للعواصف المغناطيسية الشديدة أن تعطل أقمار الاتصالات.
على الرغم من أن عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي هو من صاغ اسم الشفق القطبي (aurora borealis) في عام 1619م. نسبة إلى أورورا (Aurora) إلهة الفجر الرومانية وبورياس (Boreas) إله الرياح الشمالية اليوناني. فقد كان أول تسجيل محتمل للأضواء الشمالية في رسمة كهف قديمة عمرها 30000 عام في فرنسا. منذ ذلك الوقت، تعجبت الحضارات في جميع أنحاء العالم من هذه الظاهرة السماوية، ونُسبت جميع أنواع الأساطير إلى هذه الأضواء الراقصة. وتشير إحدى أساطير الإنويت في أمريكا الشمالية إلى أن الأضواء الشمالية هي أرواح تلعب الكرة برأس حيوان الفظ، بينما اعتقد الفايكنج أن هذه الظاهرة كانت ضوءًا ينعكس من درع الفالكيري (العذارى الخارقات اللواتي يجلبن المحاربين إلى الحياة الآخرة).
وقد ذكر علماء الفلك الأوائل أيضًا الأضواء الشمالية في سجلاتهم. حيث سجل عالم فلك ملكي في عهد ملك بابل نبوخذ نصر الثاني تقريره عن هذه الظاهرة على لوح يرجع تاريخه إلى عام 567 قبل الميلاد، بينما لاحظ تقرير صيني من عام 193 قبل الميلاد ظاهرة الشفق القطبي، وفقًا لوكالة ناسا. لم يتم وضع النظريات العلمية حول الأضواء الشمالية حتى مطلع القرن العشرين. عندما اقترح العالم النرويجي كريستيان بيركلاند أن الإلكترونات المنبعثة من البقع الشمسية تنتج أضواء الغلاف الجوي بعد اصطدامها بالمجال المغناطيسي للأرض. أثبتت النظرية في النهاية أنها صحيحة، ولكن بعد فترة طويلة من وفاة بيركلاند.
تختلف ألوان الشفق القطبي اعتمادًا على الارتفاع ونوع الذرات المعنية. إذا اصطدمت الأيونات بذرات الأكسجين عاليًا في الغلاف الجوي، ينتج عن التفاعل توهج أحمر، وهو شفق قطبي غير معتاد. إن اللون الأكثر شيوعًا هو اللون الأخضر المائل للأصفر، والذي يحدث عندما تصطدم الأيونات بالأكسجين على ارتفاعات منخفضة. وينتج الضوء المحمر والمزرق الذي يظهر غالبًا في الحواف السفلية للشفق عن طريق تصادم الأيونات بذرات النيتروجين. كما يمكن أن تنتج الأيونات التي تصطدم بذرات الهيدروجين والهيليوم شفقًا أزرق وأرجوانيًا، على الرغم من أن أعيننا نادرًا ما تكتشف هذا الجزء من الطيف الكهرومغناطيسي.
بالإضافة إلى الأرض، فإن الكواكب الأخرى في النظام الشمسي التي لها أغلفة جوية ومجالات مغناطيسية كبيرة، مثل كوكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون، تظهر نشاطًا شفقيًا على نطاق واسع. كما تم رصد الشفق القطبي على قمر المشتري آيو (Io)، حيث يتم إنتاجها من خلال تفاعل الغلاف الجوي لآيو مع المجال المغناطيسي القوي للمشتري.
أفضل مكان لمشاهدة الأضواء الشمالية هو أي وجهة في المنطقة الشفقية، وهي المنطقة الواقعة ضمن نصف قطر يبلغ حوالي 1.550 ميلاً (2500 كيلومتر) من القطب الشمالي، وفقًا لمرصد ترومسو الجيوفيزيائي. هذا هو المكان الذي يحدث فيه الشفق القطبي بشكل متكرر، على الرغم من أن الظاهرة يمكن أن تزحف جنوبًا خلال العواصف الشمسية القوية بشكل خاص. عندما تكون داخل المنطقة، من الأفضل أن تكون بعيدًا عن أضواء المدينة قدر الإمكان لزيادة الرؤية. لكن من الصعب جدًا الوصول إلى وسط البرية في القطب الشمالي، حتى مع وجود مرشد، لذلك من الأفضل أن تذهب إلى وجهة ذات بنية تحتية قوية مثل فيربانكس في ألاسكا ويلونايف في كندا وسفالبارد في النرويج ومنتزه Abisko الوطني في السويد وروفانيمي في فنلندا وإلى حد كبير في أي مكان في أيسلندا.
أفضل وقت في السنة لمشاهدة الأضواء الشمالية فهو بين سبتمبر وأبريل، عندما تصبح السماء مظلمة بما يكفي لرؤية الشفق القطبي لأن المناطق الشمالية تشهد شمس منتصف الليل (midnight sun)، وهي ظاهرة تحدث في الصيف وتؤدي إلى 24 ساعة من ضوء النهار. تحدث معظم الأحداث عادة بين الساعة 9 مساءً و 3 صباحًا، وفقًا للمعهد الجيوفيزيائي بجامعة ألاسكا فيربانكس. ضع في اعتبارك مراحل القمر، حيث قد يملأ القمر الكامل الساطع سماء الليل بالضوء. وتحقق من تنبؤات الطقس المحلية أيضًا، لأنك لن تكون قادرًا على مشاهدة الشفق القطبي من خلال السحب.
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…