اكتشف العلماء أن حليب الأبقار المصابة بفيروس أنفلونزا الطيور (H5N1) يحتوي على عدد ضخم من الجزيئات الفيروسية. تلك الجزيئات يمكنها البقاء على قيد الحياة لساعات في الحليب المتناثر. يسلط هذا البحث الضوء على احتمال انتقال الفيروس بين الأبقار والحيوانات الأخرى وحتى البشر. وتكشف هذه الدراسة، التي أجراها باحثون بارزون مثل مارتن بير، ودييجو دييل، وسيما لاكداوالا، عن الحقيقة المزعجة حول التهديد الخفي لأنفلونزا الطيور في الحليب.
يأتي البحث في أعقاب اكتشاف فيروس (H5N1) لأول مرة في الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة في شهر مارس الماضي. حيث تأثر أكثر من 80 قطيعًا في تسع ولايات. ويقتصر تفشي المرض حاليًا على الولايات المتحدة، ولكن الآثار العالمية كبيرة، مما يجعله مصدر قلق ملح للصحة العامة.
محتويات المقال :
كيف يصيب فيروس أنفلونزا الطيور الأبقار؟
يرتبط فيروس (H5N1) بمستقبلات محددة على سطح الخلايا، مما يسمح له بالدخول والتكاثر. تستهدف فيروسات الأنفلونزا عادة الجهاز التنفسي، حيث يمكن أن تسبب الالتهاب الرئوي وأعراض الجهاز التنفسي الأخرى. ومع ذلك، في حالة هذا الفيروس، اكتشف العلماء أن له صلة فريدة بالغدد الثديية للأبقار. وهذا يعني أنه عندما تصاب البقرة بالعدوى، يستهدف الفيروس الخلايا المبطنة لغدد الحليب، مما يسبب الالتهاب والتكاثر.
وقد وجد الباحثون أن خلايا البقر لديها وفرة من مستقبلات فيروس (H5N1)، مما يجعلها مضيفًا مثاليًا للفيروس. وهذا يمكن أن يفسر سبب ظهور أعراض تنفسية خفيفة على الأبقار المصابة في كثير من الأحيان، ولكنها تعاني في المقام الأول من التهاب في الغدد الثديية. كما أن قدرة الفيروس على التكاثر في الغدد الثديية تثير مخاوف بشأن سلامة الحليب من الأبقار المصابة.
تاريخ موجز للفيروس
لقد كان الفيروس موجودًا منذ أكثر من قرن من الزمان، وتم الإبلاغ عن أول ظهور له في عام 1878 في إيطاليا. ومنذ ذلك الحين، أصبح يشكل تهديدًا مستمرًا لصحة الحيوان والإنسان، مع الإبلاغ عن حالات تفشي عرضية وحالات عدوى متفرقة في جميع أنحاء العالم.
وفي أوائل القرن العشرين، حدد العلماء الفيروس لأول مرة في الطيور، مما أدى إلى فهم أعمق لانتقاله وتطوير اللقاحات. وشهدت فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تفشيًا كبيرًا للمرض في مزارع الدواجن، مما دفع إلى تطوير تدابير السيطرة لمنع المزيد من الانتشار.
كانت فترة التسعينيات بمثابة نقطة تحول في تاريخ أنفلونزا الطيور، مع ظهور السلالة شديدة الإمراض، (H5N1)، والتي تسببت في تفشي المرض على نطاق واسع في هونغ كونغ. وكانت هذه السلالة مثيرة للقلق بشكل خاص بسبب ارتفاع معدل الوفيات بين البشر وقدرتها على التحور إلى شكل ينتقل بسهولة بين الناس.
الكشف عن الحقيقة المزعجة في الأبقار المصابة
قام دييغو دييل، عالم الفيروسات في جامعة كورنيل، وزملاؤه بفحص حليب الأبقار المصابة بفيروس (H5N1)، ووجدوا كميات مذهلة من الفيروس. تقول سيما لاكداوالا، عالمة فيروسات الأنفلونزا في كلية الطب بجامعة إيموري أنه في الظروف المثالية، لا نحصل على ذلك. يمكن لهذه الوفرة من الفيروس في الحليب أن تفسر سبب العثور على أجزاء فيروس (H5N1) في واحدة من كل خمس عينات لحليب التجزئة.
هذه النتائج لها آثار كبيرة على الصحة العامة. إن وجود مثل هذه الكميات العالية من الفيروس في الحليب يعني أن اختبار الحليب المجمع من جميع أبقار المزرعة من المرجح أن يكشف عن وجود عدد قليل من الأبقار المصابة. وهذا أسهل من اختبار الحيوانات الفردية، ويمكن أن يُعلم العمال بالوقت المناسب للبحث عن الحيوانات المريضة، والتي يمكن بعد ذلك عزلها.
كيف يمكن أن يؤدي الحلب إلى انتشار المرض
تخيل بقرة مصابة واحدة تنتج مئات الملايين من الجزيئات الفيروسية في حليبها. الآن، تخيل أن هذا الحليب ينسكب أثناء عملية الحلب، مما يؤدي إلى تلويث المعدات والأرضيات وربما إصابة الأبقار الأخرى وحتى البشر. هذه هي الحقيقة المثيرة للقلق بشأن تفشي أنفلونزا الطيور في مزارع الألبان الأمريكية.
واكتشف الباحثون أن حليب الأبقار المصابة يحتوي على أعداد مهولة من الجزيئات الفيروسية، التي يمكنها البقاء على قيد الحياة لساعات في الحليب المتناثر. وهذا يعني أن عملية الحلب نفسها يمكن أن تؤدي إلى انتقال الفيروس بين الأبقار، وربما بين البشر. إن الحجم الهائل لجزيئات الفيروس في الحليب صادم. حيث تحتوي بعض العينات على مئات الملايين من الجزيئات المعدية، وهو مستوى أعلى مما يمكن للعلماء زراعته في المختبر.
يمكن أن يكون تقليل التعرض للحليب الخام غير المبستر أمرًا بالغ الأهمية في منع انتقال العدوى. ومع ذلك، فإن عمليات الحلب الضخمة في الولايات المتحدة تجعل من وقف الانتشار تحديًا معقدًا. حيث يتم استخدام نفس معدات الحلب في العديد من الأبقار، مما يوفر للفيروس فرصة كبيرة للانتشار. علاوة على ذلك، فإن عملية الحلب هي عملية فوضوية، حيث غالبًا ما ينسكب الحليب على الأرض، وتطلق المعدات السائل في كل الاتجاهات، مما يعرض العمال للخطر. وتشير البيانات إلى أن الفيروس المعدي يمكن أن يستمر في قطرات الحليب وعلى آلات الحلب لساعات.
احتواء الأزمة
إحدى الخطوات الحاسمة هي تعديل إجراءات الحلب لتقليل مخاطر انتقال العدوى. وقد يشمل ذلك تطهير المعدات عند كل استخدام، وتحسين التهوية، وتوفير معدات الحماية لعمال المزارع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمزارع تنفيذ تدابير للكشف عن الأبقار المصابة في وقت مبكر، مثل الاختبار المجمع للحليب. ويمكن أن يساعد الاختبار المجمع في تحديد الحيوانات المصابة وعزلها قبل انتشار الفيروس. ومن خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكن لصناعة الألبان أن تقلل بشكل كبير من خطر انتقال العدوى وتحمي صحة كل من الحيوانات والبشر.
إن الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف بعيدة المدى. ومن خلال احتواء الأزمة، يمكننا منع انتشار الفيروس إلى الحيوانات والبشر الآخرين، وتجنب العواقب المدمرة على الصحة العامة. ومن خلال بذل جهود متضافرة لتغيير إجراءات الحلب، يمكننا حماية صحة ملايين الأشخاص وحماية سلامة سلاسل الإمدادات الغذائية لدينا.
المصادر:
Huge amounts of bird-flu virus found in raw milk of infected cows / nature
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :