مايكل أنجلو نحات، ورسام، ومعماري، وحتى شاعر. من أهم شخصيات عصر النهضة وإن لم يكن أهمها على الإطلاق؛ حيث أن إبداعات مايكل أنجلو كانت بمثابة ثورة حقيقية في عصر النهضة، والتاريخ البشري. ولد عام 1475 لعائلة من النبلاء سابقاً؛ حيث في وقت ولادته لم تعد كذلك، وعمل والده بوظائف حكومية مؤقتة متعددة، وكان رافضاً تماما لتعلم مايكل أنجلو للفن؛ حيث كانت مكانة الفنان وقتها ضئيلة ليست على غرار عصرنا الحاضر، وهذا ما تغير شيئا فشيئا في عصر النهضة. ولكن مايكل أقنع والده أخيراً بعد طول عناء بأن يتعلم الفن وهذا ما حدث؛ حيث تتلمذ مايكل أنجلو على يد «دومينيكو غيرلاندايو – Domenico Ghirlandio» أحد أشهر رسامي المدينة آن ذاك وظل ملازم له لمدة عام واستطاع بعد ذلك أن يعمل لصالح أحد النبلاء «لورينزو دي ميديشي- Lorenzo de’medici» المعروف بحبه بأن يحط بالفنانين من كل المجالات ، وجمع أكبر قدر ممكن من التحف بغرض التباهي ولأهدافٍ سياسية. واستطاع أيضا مايكل أنجلو أن يعمل لفترة طويلة لصالح الكنيسة حيث نحت ورسم أبرز أعماله التي سنذكر أمثله منها في ذلك المقال .
محتويات المقال :
أشهر إبداعات مايكل أنجلو (تمثال ديفد) :
أحد أشهر إبداعات مايكل أنجلو استغرق نحته ثلاث سنوات تقريبا من 1501 حتى 1504 نحته في السادس والعشرين من عمره. يبلغ طوله 17 قدم أو 5,16 متر، ويزن 5660 كيلوجرام. تم نحته من قطعة رخام واحده فقط! وهذا يعد أمرً فريداً من نوعه. تقرر وضعه في ساحة «ساحة سيجنورايا- piazza Della signoria» حتى تم نقله بعد 400 عام لمتحف الأكاديمية. ويمثل تمثال ديفد نظرة مايكل أنجلو المميزة للإنسان؛ حيث أنه شبيه بتماثيل آلهة الرومان مما يدل على نظرة مايكل أنجلو عالية القيمة للإنسان التى لطالما ظهرت في الكثير من اعماله مثل تمثال موسى وغيرهم.
يعكس مايكل أنجلو في التمثال القصة الشهيرة لديفد الذي تصدي لجالوت العملاق، وقتله بالحيلة ولكن ما يجعل تمثال ديفد لمايكل أنجلو مميزاً جداً عن غيره هو أنه يعكس اللحظة قبل الهجوم على جالوت وليس كالمعتاد في أعمال باقي النحاتين الذي كانوا يعكسون لحظة ما بعد القتل حيث وقوف ديفد فخوراً بنفسه. ويتجلى في التمثال نظرات الغضب والاستعداد والعروق المنتفضة حتى يعكس اللحظة بكل مقاييسها.
سقف كنيسة سيستين :
يعد سقف كنيسة سيستين أشهر اعمال مايكل أنجلو على الإطلاق الذي استغرغ منه 4 أعوام من العمل معرضاً نفسه لتضحيات مادية وصحية جسيمة، شرع العمل على رسم لوح سقف كنيسة سيستين عام 1508 حتى عام 1512، في بداية الأمر كان يقف على سقالة صنعها لنفسه لكن الأمر كان خطيراً جداً حتى أنه كاد أن يصاب بالعمى عدة مرات نتيجة رزاز الألوان التي يستخدمها، فلذلك قام برسم اللوح على ورق مقوي ثم نسخها على الجدار باستخدام أسلوب قديم معروف وقتها، يسمى «pouncing» حيث كان يتم تثقيب حدود الرسمة واستخدام الكربون لطباعتها على أسطح أخرى وتلوينها، كانت عملية مجهدة وتستغرق الكثير من الوقت ولكنها أقل خطورة. رسم مايكل أنجلو تسع لوحات رئيسية مقتبسة من صفر التكوين في الإنجيل من ضمنهم وأعظمهم على الإطلاق لوحة خلق آدم يحيط بتلك اللوحات التسع لوحات أخرى أقل حركة عن الرسل وعن إناث الأنبياء وكان يعد تجسيد إناث الأنبياء أمر غير معتاد. وبعد الانتهاء من سقف الكنيسة تم استدعاء مايكل أنجلو بعدها بثلاثين عاماً لرسم لوحة الحساب الأخير التي استغرقت خمس أعوام ويظهر فى اللوحة المسيح في المنتصف، ومن حوله العديد من الشخصيات محمولة جميعاً فى سحب بيضاء على خلفية زرقاء وجميعهم خارج حدود الزمان والمكان. وتم انتقاض تلك اللوحة بشدة لكثرة المشاهد العارية بها حتى أن البابا طلب عام 1564 من «دانيال فولتيرا» أن يغطي تلك الصور الفاحشة -على حد تعبيره- وبالفعل قام برسم ما يشبه البناطيل لتلك اللوح ولكن بعضها أزيل فى آخر أعمال التجديدات فى الكنيسة.
قبة القديس بطرس :
آخر أعمال مايكل أنجلو الذى مات قبل أن يراه ينتهي عام 1564، كانت قبة بطرس تحديا بالنسبة له فهو لم يعمل بالمعمار من قبل إلا أنه استوحى الفكرة من قبة «برونلسيكي- Brunelleschi» المصممة في القرن الخامس عشر لكتدرائية سانتا ماريا في فلورنسا. وتتكون القبة من قبتين واحدة داخلية تتحمل الأوزان المحيطة وأخرى خارجية تتكون من مادة عازلة تحميها تغيرات المناخ والحرارة لتضمن حياتها لسنين طويلة.
وبذلك برهن مايكل أنجلو على عبقريته منذ شبابه حتى أصبح أشهر فنانين عصر النهضة فهو الوحيد الذي نشرت سيرته الذاتية وهو لايزال على قيد الحياة بل أن له سيرتين؛ واحدة كتبها جورجيو فاساري التى لم تروق لمايكل أنجلو، فقام بإملاء واحدة لمساعده أسكانيو كونديفي، ولكن الباحثين اليوم يفضلون عمل فاساري فالأخرى تعبر عن رؤية مايكل أنجلو للشخص الذي كان يحلم أن يكون عليه وليس واقعه. ولكن يبقى الأمر المتفق عليه أن إبداعات مايكل أنجلو ستظل الأكثر ثورية في عصر النهضة ولها بالغ التأثير على التاريخ البشري.
مصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :